أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 984

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.

(199)
الطعن رقم 1333 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) استئناف. دعوى جنائية. دعوى مدنية. "استئنافها". حكم. "قوة الأمر المقضي". تهريب. جمارك. دخان.
( أ ) جواز استئناف المدعي بالحقوق المدنية الحكم الصادر فيما يختص بحقوقه المدنية وحدها. ما دام التعويض المطالب به يزيد عن النصاب النهائي للقاضي الجزئي.
(ب) حيازة الحكم في الدعوى الجنائية قوة الأمر المقضي. لا تؤثر في حق المدعي بالحقوق المدنية في استئناف الحكم بالنسبة إلى حقوقه المدنية وحدها.
1 - تجيز المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية للمدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر من المحكمة الجزئية في المخالفات والجنح فيما يختص بحقوقه المدنية وحدها إن كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً وحقه في ذلك قائم لأنه مستقل عن حق النيابة العامة وعن حق المتهم لا يقيده إلا النصاب.
2 - إن الدعويين - الجنائية والمدنية - وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد، إلا أن الموضوع في كل منهما يختلف عنه في الأخرى مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم النهائي، ومن ثم فإنه متى رفع المدعي بالحقوق المدنية استئنافه كان على المحكمة الاستئنافية أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه، وصحة نسبته إليه لترتب على ذلك آثاره القانونية غير مقيدة في ذلك بقضاء محكمة أول درجة، ولا يمنع من هذا كون الحكم في الدعوى الجنائية قد حاز قوة الأمر المقضي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم في يوم 10/ 11/ 1965 بدائرة مركز المنزلة: المتهمين الثلاثة: قاموا بتهريب التبغ المبين بالمحضر على نحو ما هو وارد بالأوراق مخالفين بذلك القانون. المتهم الأول: فض الأختام المبينة بالمحضر والموضوعة على حرز التبغ المضبوط بمعرفة مفتش إنتاج الجمارك. وطلبت معاقبتهم بأحكام القانونين رقمي 74 لسنة 1933 و92 لسنة 1964. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 546 ج على سبيل التعويض. ومحكمة المنزلة الجزئية قضت حضورياً ببراءة كل المتهمين مما أسند إليهم ورفض الدعوى المدنية فاستأنفت المدعية بالحق المدني هذا الحكم ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياًً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعية بالحق المدني مصروفات الدعوى المدنية ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن السيد/ وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مصلحة الجمارك تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف الصادر ببراءة المطعون ضدهم ورفض الدعوى المدنية قبلهم، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أسس قضاءه على ما قال به من أن الحكم الصادر بالبراءة قد صار نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي بعدم استئناف النيابة العامة له، وأن الحكم بالتعويض يقتضي ثبوت الواقعة وصحة إسنادها إلى المتهم. وما دامت محكمة أول درجة قضت نهائياً بالبراءة لعدم ثبوت التهمة، فلا تملك المحكمة الاستئنافية الحكم بالتعويض على المتهم مع أن هذه المحكمة - وهي بصدد نظر الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية فيما يختص بحقوقه - ملزمة بمقتضى القانون أن تتحرى ثبوت الواقعة، وصحة نسبتها إلى المستأنف عليه، غير مقيدة في ذلك بقضاء البراءة الصادر من محكمة أول درجة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون واجب النقض.
وحيث إن مفاد ما قاله الحكم المطعون فيه أن محكمة ثاني درجة اعتبرت الحكم الابتدائي حائزاً لقوة الشيء المقضي فيه بعدم استئناف النيابة له بحيث يمتنع عليها وهي في سبيل الفصل في الدعوى المدنية المستأنفة أمامها أن تتصدى لبحث عناصر الجريمة ومدى خطأ المجني عليه لتقدير التعويض عن الضرر الذي أصابه، وهذا القول ينطوي على خطأ في تطبيق القانون - ذلك أن المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز للمدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر من المحكمة الجزئية في المخالفات والجنح فيما يختص بحقوقه المدنية وحدها، إن كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائياً وحقه في ذلك قائم لأنه مستقل عن حق النيابة العامة وعن حق المتهم لا يقيده إلا النصاب..، ومتى رفع استئنافه كان على المحكمة الاستئنافية أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه، وصحة نسبته إليه لترتب على ذلك آثاره القانونية غير مقيدة في ذلك بقضاء محكمة أول درجة، ولا يمنع من هذا كون الحكم في الدعوى الجنائية قد حاز قوة الأمر المقضي، لأن الدعويين - الجنائية والمدنية - وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد، إلا أن الموضوع في كل منهما يختلف عنه في الأخرى مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم النهائي. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الاستئنافية قضت بما يخالف هذا النظر المقرر في صحيح القانون، وحجبت نفسها بذلك عن نظر الاستئناف المرفوع من المدعية بالحقوق المدنية في موضوعه، فإن حكمها يكون واجب النقض والإحالة في خصوص الدعوى المدنية.