أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 44 - صـ 592

جلسة 10 من يونيه سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعة حسين نواب رئيس المحكمة ومحمد الجابري.

(233)
الطعن رقم 1469 لسنة 55 القضائية

(1) قانون "سريان القانون". عقد. نظام عام.
القانون. سريانه كأصل على الوقائع التالية لنفاذه ما لم يقض برجعية أثره. أحكامه المتعلقة بالنظام العام. سريانها على العقود التي أبرمت قبل نفاذه ما دامت آثارها سارية في ظله.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "تحديد الأجرة". حكم "الطعن في الحكم: الأحكام غير الجائز الطعن فيها". نقض "حالات الطعن".
(2) القواعد الموضوعية والإجرائية المتعلقة بتقدير الأجرة الواردة في القانون 136 لسنة 1981. سريانها على الأماكن المرخص في إقامتها أو المنشأة بعد العمل بأحكامه في 31/ 7/ 1981. م 5 من القانون المذكور. مؤداه. القواعد الموضوعية بتقدير الأجرة الواردة في قوانين سابقة والقواعد الإجرائية المتعلقة بطرق الطعن في الأحكام الواردة في القانون 49 لسنة 1977. استمرار سريانها على الأماكن غير الخاضعة لأحكام تقدير الأجرة الواردة بالقانون 136 لسنة 1981. علة ذلك.
(3) ثبوت رفع دعوى النزاع بعد العمل بالقانون 136 لسنة 1981 وتعلق الطعن بعقار أنشئ قبل العمل بأحكام القانون المذكور. عدم جواز الطعن على الحكم المطعون فيه بأي وجه من أوجه الطعن. المادتان 18، 20 ق 49 لسنة 1977.
1 - إذ كان المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. وكان الأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً تخضع لسلطانه الآثار المستقبلة للمراكز القانونية الخاصة إلا في العقود فتخضع للقانون القديم الذي أبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل به ما لم يتجه قصد الشارع صراحة أو دلالة إلى ما يخالف ذلك.
2 - لئن كان القانون رقم 136 لسنة 1981 قد أورد أحكاماً موضوعية وأخرى إجرائية لتقدير الأجرة منها ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة منه متعلقاً بجواز الطعن في الأحكام الصادر فيها إلا أنه لما كانت تلك القواعد تسري على الأماكن الخاضعة لحكمه وهي بصريح نص الفقرة الأولى من المادة الأولى التي رخص في إقامتها أو المنشأة بعد العمل بأحكامه في 31/ 7/ 1981 فإن مؤدى ذلك أن القواعد الموضوعية المتعلقة بتقدير الأجرة الواردة في قوانين سابقة والقواعد الإجرائية المتعلقة بطرق الطعن في الأحكام الصادرة فيها والتي انتظمها القانون رقم 49 لسنة 1977 لا زالت سارية واجبة الإعمال بالنسبة للأماكن التي لا تخضع في تقدير أجرتها للقواعد الموضوعية والإجرائية الواردة في القانون رقم 136 لسنة 1981 يؤكد ذلك أن المشرع في المادتين الثانية والثالثة منه بعد أن وضع قواعد تقدير الأجرة وكيفية احتسابها استهداء بالتقارير السنوية الصادرة عن اللجان المشكلة بقرار من المحافظ المختص أوجب في المادة الرابعة على مالك العقار تحديد الأجرة وفقاً للضوابط والمعايير والدراسات المشار إليها سلفاً فإن أبرم عقد الإيجار قبل إتمام البناء، وحددت فيه الأجرة بصفة مبدئية كان على مالك المبنى إخطار المستأجر بالأجرة المحددة للمكان وفقاً لأحكام هذا القانون خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إتمام البناء وبشرط ألا تجاوز الأجرة المبدئية إلا بمقدار الخمس ثم اتبع ذلك في الفقرة الأولى من المادة الخامسة منه أن للمستأجر إذا رأى أن الأجرة التي حددها المالك تزيد على الحدود المنصوص عليها في المواد السابقة عليها جاز له خلال تسعين يوماً من تاريخ التعاقد أو من تاريخ الإخطار أو من تاريخ شغله المكان أن يطلب من لجنة تحديد الأجرة المختصة القيام بتحديد أجرة المكان وأضافت فقرتها الثانية أن "ويكون الطعن على قرارات هذه اللجان أمام المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها المكان المؤجر......" ثم بينت فقرتها الأخيرة أنه "ولا تسري على هذه الطعون أحكام المادتين 18، 20 من القانون 49 لسنة 1977"، كل تلك النصوص المتتابعة تنبئ عن أن المشرع كان يعني بها الأماكن التي رخص في إقامتها أو تنشأ بعد العمل بأحكامه، أما الأماكن التي لم يرخص في إقامتها أو لم تنشأ بعد العمل بأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 فلا تخضع للأحكام الواردة في هذا القانون الأخير وإنما تحكمها النصوص الأخرى الواردة في القوانين السابقة عليه كل في نطاق سريان أحكامه.
3 - إذ كانت القواعد الواردة بالقانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن قواعد تحديد الأجرة وطرق الطعن في الأحكام لا تزال سارية لم يتناولها الإلغاء بنص صريح في القانون رقم 136 لسنة 1981 وكانت دعوى النزاع قد أقيمت بتاريخ 30/ 1/ 1983 بعد العمل بأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 إلا أن الطعن تعلق بعقار النزاع وقد أنشئ قبل العمل بالقانون - حسبما هو ثابت من تقرير الخبير المودع ملف محكمة أول درجة - ومن ثم فإن أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 تكون هي الواجبة التطبيق، ولما كانت المادة 18 منه قد نصت على أن يكون الطعن على قرارات لجان تحديد الأجرة أمام المحاكم الابتدائية، ونصت المادة/ 20 منه على عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة المشار إليها في المادة 18 إلا للخطأ في تطبيق القانون وعلى أن يكون حكم محكمة الاستئناف غير قابل للطعن فيه بأي وجه من أوجه الطعن ومن ثم يكون الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه غير جائز.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم وآخرين الدعوى رقم 1309 لسنة 1983 مدني شمال القاهرة الابتدائية طعناً على قرار لجنة تقدير الإيجارات المبين بالصحيفة طالباً الحكم بتعديل القيمة الإيجارية بالزيادة. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتعديل القيمة الإيجارية لوحدات ذلك العقار بالزيادة على النحو المبين بالمنطوق. استأنف الطاعنون والمطعون ضدهما الأخيرين هذا الحكم بالاستئناف رقم 4328 لسنة 101 ق القاهرة. وبتاريخ 13/ 3/ 1985 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم جواز الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيث إن المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تتعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. وكان الأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً تخضع لسلطانه الآثار المستقبلة للمراكز القانونية الخاصة إلا في العقود فتخضع للقانون القديم الذي أبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل به ما لم يتجه قصد الشارع صراحة أو دلالة إلى ما يخالف ذلك. وأنه ولئن كان القانون رقم 136 لسنة 1981 قد أورد أحكاماً موضوعية وأخرى إجرائية لتقدير الأجرة منها ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة منه متعلقاً بجواز الطعن في الأحكام الصادر فيها إلا أنه لما كانت تلك القواعد تسري على الأماكن الخاضعة لحكمه وهي بصريح نص الفقرة الأولى من المادة الأولى التي رخص في إقامتها أو المنشأة بعد العمل بأحكامه في 31/ 7/ 1981 فإن مؤدى ذلك أن القواعد الموضوعية المتعلقة بتقدير الأجرة الواردة في قوانين سابقة والقواعد الإجرائية المتعلقة بطرق الطعن في الأحكام الصادرة فيها والتي انتظمها القانون رقم 49 لسنة 1977 لا زالت سارية واجبة الإعمال بالنسبة للأماكن التي لا تخضع في تقدير أجرتها للقواعد الموضوعية والإجرائية الواردة في القانون رقم 136 لسنة 1981 يؤكد ذلك أن المشرع في المادتين الثانية والثالثة منه بعد أن وضع قواعد تقدير الأجرة وكيفية احتسابها استهداء بالتقارير السنوية الصادرة عن اللجان المشكلة بقرار من المحافظ المختص أوجب في المادة الرابعة على مالك العقار تحديد الأجرة وفقاً للضوابط والمعايير والدراسات المشار إليها سلفاً فإن أبرم عقد الإيجار قبل إتمام البناء، وحددت فيه الأجرة بصفة مبدئية، كان على مالك المبنى إخطار المستأجر بالأجرة المحددة للمكان وفقاً لأحكام هذا القانون خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إتمام البناء وبشرط ألا تجاوز الأجرة المبدئية إلا بمقدار الخمس ثم اتبع ذلك في الفقرة الأولى من المادة الخامسة منه أن للمستأجر إذا رأى أن الأجرة التي حددها المالك تزيد على الحدود المنصوص عليها في المواد السابقة عليها جاز له خلال تسعين يوماً من تاريخ التعاقد أو من تاريخ الإخطار أو من تاريخ شغله المكان أن يطلب من لجنة تحديد الأجرة المختصة القيام بتحديد أجرة المكان وأضافت فقرتها الثانية أن "ويكون الطعن على قرارات هذه اللجان أمام المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها المكان المؤجر....." ثم بينت فقرتها الأخيرة أنه "ولا تسري على هذه الطعون أحكام المادتين 18، 20 من القانون 49 لسنة 1977"، كل تلك النصوص المتتابعة تنبئ عن أن المشرع كان يعني بها الأماكن التي رخص في إقامتها أو تنشأ بعد العمل بأحكامه، أما الأماكن التي لم يرخص في إقامتها أو لم تنشأ بعد العمل بأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 فلا تخضع للأحكام الواردة في هذا القانون الأخير وإنما تحكمها النصوص الأخرى الواردة في القوانين السابقة عليه كل في نطاق سريان أحكامه، ولما كانت القواعد الواردة بالقانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن قواعد تحديد الأجرة وطرق الطعن في الأحكام لا تزال سارية لم يتناولها الإلغاء بنص صريح في القانون رقم 136 لسنة 1981 وكانت دعوى النزاع قد أقيمت بتاريخ 30/ 1/ 1983 بعد العمل بأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 إلا أن الطعن تعلق بعقار النزاع وقد أنشئ قبل العمل بالقانون - حسبما هو ثابت من تقرير الخبير المودع ملف محكمة أول درجة - ومن ثم فإن أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 تكون هي الواجبة التطبيق، ولما كانت المادة 18 منه قد نصت على أن يكون الطعن على قرارات لجان تحديد الأجرة أمام المحاكم الابتدائية، ونصت المادة 20 منه على عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة المشار إليها في المادة 18 إلا للخطأ في تطبيق القانون، وعلى أن يكون حكم محكمة الاستئناف غير قابل للطعن فيه بأي وجه من أوجه الطعن، ومن ثم يكون الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه غير جائز.