أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 328

جلسة 27 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة، مصطفى صالح سليم، إبراهيم زغو ومحمد لبيب المرصفي.

(73)
الطعن رقم 230 لسنة 52 القضائية

ارتفاق.
قيود البناء الاتفاقية. ماهيتها. حقوق ارتفاق متبادلة لفائدة جميع العقارات التي تقادم في حي معين. مخالفة بعض الملاك لها. أثره. تحلل باقي الملاك من الالتزام بها.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قيود بناء الاتفاقية تعتبر حقوق ارتفاق متبادلة مقرره لفائدة جميع العقارات التي تقام في حي معين إذ يترتب عليها أن تصبح كل قطعة من الأرض مرتفقاً بها لمنفعة جميع القطع الأخرى التي في نفس الحي بحيث إذا خالفها الملاك أصبح الآخرون في حل من الالتزام بها لانتفاء سبب هذا الالتزام أو المحكمة منه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 6640 سنة 1978 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفته، قال شرحاً لها أنه يمتلك قطعة الأرض رقم 111 أ بشارع رقم 9 بالمعادي مبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى ميراثاً عن والده وأن الطاعن اشترى العقار رقم 111 بشارع رقم 9 بالمعادي وهو ملاصق لأرضه من الناحية الغربية، وكان العقار الأخير مملوكاً لوالد المطعون ضده الأول وباعه إلى.... الذي باعه بدوره إلى الطاعن، وقد شيد والد المطعون ضده الأول بناءه مراعياً في ذلك الشروط الأساسية للبناء التي وضعتها شركة المعادي للتنمية والتعمير (التي يمثلها المطعون ضده الثاني)، وعندما باعه إلى.... نص في عقد البيع على حقوق ارتفاق متبادلة بينه وبين العقار الآخر المجاور له (الذي آل بالميراث إلى المطعون ضده الأول)، وأضاف المطعون ضده الأول أن الطاعن قام ببناء "دكاكين" أحدهما من الناحية البحرية والأخرى من الناحية القبلية وذلك في المنطقة الحرة من ملكه التي يتعين تركها فضاء لمصلحة العقارات الأخرى المجاورة طبقاً للنظام المعمول به لدى الشركة المطعون ضدها الثانية صاحبة التقسيم في المنطقة جميعها ولما كان هذا البناء قد أقيم المخالفة لشروط العقد المبرم بين مورث المطعون ضده الأول وبين المشتري منه... والذي باعه بدوره إلى الطاعن، ومن ثم فإن المطعون ضده الأول يطلب الحكم على الطاعن في مواجهة المطعون ضده الثاني بصفته بإزالة المباني الجديدة (الدكانين). وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وقدم تقريره قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بجلسة 16/ 11/ 1980 بإزالة المباني الجديدة (الدكانين). استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 5849 سنة 97 ق، ومحكمة استئناف القاهرة قضت بجلسة 31/ 12/ 1981 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بطلب إعادة الدعوى إلى مكتب الخبراء لإثبات قيام محلات ودكاكين عديدة في عقارات أخرى مماثلة ذكر منها واحد وعشرون حالة على سبيل المثال، ليؤكد عدم تطبيق اشتراطات الشركة المطعون ضدها الثانية وانتهاء القيود وحقوق الارتفاق التي فرضتها الشركة المذكورة على المشترين منها، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل تحقيق هذا الدفاع الجوهري الذي إن صح يتغير به وجه الرأي في الدعوى بما يعيبه بالقصور في التسبيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قيود البناء الاتفاقية تعتبر حقوق ارتفاق متبادلة مقرره لفائدة جميع العقارات التي تقام في حي معين إذ يترتب عليها أن تصبح كل قطعة من الأرض مرتفقاً بها لمنفعة جميع القطع الأخرى التي في نفس الحي بحيث إذا خالفها الملاك أصبح الآخرون في حل من الالتزام أو الحكمة منه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإزالة "الدكانين" موضوع النزاع على سند من أن الطاعن خالف الشروط التي وضعتها الشركة المطعون ضدها الثانية بإنشاء حقوق ارتفاق على الأراضي المبيعة منها إلى المشترين، وإذ كان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بطلب إعادة المأمورية إلى الخبير لإثبات قيام حالات مماثلة وإقامة دكاكين في الشارع من ذات الحي على المسافات الحرة التي يتعين تركها خالية ولم تتخذ بالنسبة لها أي إجراءات، بما يدل على إنهاء وزوال كافة القيود والاشتراطات التي فرضتها الشركة المطعون ضدها الثانية وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بقوله "لا محل لإعادة الدعوى إلى الخبير لإثبات حالات مماثلة ولم تتخذ بشأنها أي إجراءات، ذلك أن كلاً وشأنه إذا ما اعتدى على حق من حقوقه" - لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه لا يصح رداً على هذا الدفاع الجوهري المبدى من الطاعن والذي يترتب على تحقيقه - إن صح - تغيير وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون قد عاره القصور المبطل الذي يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة.