أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 44 - صـ 605

جلسة 10 من يونيه سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعة حسين نواب رئيس المحكمة ومحمد الجابري،

(235)
الطعن رقم 2950 لسنة 57 القضائية

(1 - 2) إيجار "إيجار الأماكن: تكرار التأخير في الوفاء بالأجرة". دعوى "نظر الدعوى: شطب الدعوى". قضاء مستعجل.
(1) التكليف بالوفاء بالأجرة. غير لازم لقبول دعوى الإخلاء لتكرار امتناع المستأجر أو تأخره في الوفاء بها. م 18/ ب ق 136 لسنة 1981.
(2) تكرار امتناع المستأجر أو تأخره في الوفاء بالأجرة المستحقة عليه. شرطه. سبق إقامة دعوى موضوعية بالإخلاء أو دعوى مستعجلة بالطرد وتحقق المحكمة من توقية الحكم بالإخلاء بسداد الأجرة المستحقة عليه والمصروفات والأتعاب. التكرار لغة. المقصود به. وجوب أن تكون الدعاوى السابقة من دعاوى الإخلاء لعدم سداد الأجرة. مؤداه. دعاوى المطالبة بالأجرة وأوامر الأداء. لا تتوافر بها واقعة التكرار.
(3) ثبوت تكرار امتناع المستأجر أو تأخره عن الوفاء بالأجرة المستحقة. عدم استلزام صدور حكم نهائي بالضرورة في الدعوى السابقة. مؤداه. قرار شطب الدعوى يتحقق به التكرار. شرطه. تسجيل المحكمة قبل إصدار قرارها بالشطب توقي المستأجر الحكم بالإخلاء بسداده الأجرة المستحقة عليه والمصاريف والأتعاب وقبولها من المؤجر. علة ذلك. ورود قرار الشطب مجرداً وخلو الأوراق ومحاضر الجلسات مما يفيد ذلك. عدم اعتباره سابقة للتكرار.
1 - النص في المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر يدل على أن التكليف بالوفاء بالأجرة المستحقة على المستأجر ولئن كان القانون قد استلزمه لقبول دعوى الإخلاء لامتناع المستأجر عن سداد الأجرة أو التأخير فيها إلا أن المشرع لم يستلزم هذا التكليف كشرط لقبول دعوى الإخلاء لتكرار امتناع المستأجر أو تأخره في الوفاء بالأجرة المستحقة عليه.
2 - المقرر وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض أنه يشترط لتوافر حالة التكرار أن يكون التأخير أو الامتناع قد رفعت بشأنه دعوى إخلاء موضوعية أو دعوى طرد مستعجلة يتحقق في أيهما للمحكمة تأخير المستأجر أو امتناعه عن سداد أجرة مستحقة عليه بالفعل وغير متنازع في مقدارها أو شروط استحقاقها ولكنه توقى صدور الحكم بالإخلاء أو تنفيذ حكم الطرد المستعجل بسداد الأجرة المستحقة والمصروفات والأتعاب إذ أن كلمة التكرار لغة تعني أن تكون الدعوى أو الدعاوى السابقة متماثلة مع الدعوى المنظورة أي من دعاوى الإخلاء لعدم سداد الأجرة ويستوي أن تكون قد رفعت أمام القضاء العادي أو القضاء المستعجل ومن ثم يخرج عن هذا المعنى دعاوى المطالبة بالأجرة وأوامر الأداء بالأجرة المستحقة فلا تتوافر بها واقعة التكرار.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض أن ثبوت تكرار امتناع المستأجر أو تأخره في الوفاء بالأجرة المستحقة لا يستلزم بالضرورة أن يصدر في الدعوى السابقة حكم نهائي إذ لم يستلزم المشرع هذا الشرط سواء في القانون رقم 49 لسنة 1977 أو في القانون الحالي 136 لسنة 1981 ومن ثم يكفي لتوافر التكرار أن تتحقق المحكمة - وهي تنظر دعوى الإخلاء للتكرار من أن المستأجر سبق أن تأخر أو امتنع عن سداد أجرة مستحقة عليه بالفعل وغير متنازع في مقدارها وأنه قام بسدادها مع المصاريف والأتعاب لكي يتوقى الحكم بالإخلاء. لما كان ذلك وكان شطب الدعوى لا يعدو أن يكون وعلى ما نصت عليه المادة 82 من قانون المرافعات قرار من القرارات التي تأمر بها المحكمة ولا يعتبر من قبيل الأحكام إلا أنه إذا سجلت المحكمة قبل إصدار قرارها بشطب الدعوى ما يفيد أن هناك أجرة مستحقة على المستأجر ولم ينازع فيها وأنه توقى الحكم بالإخلاء أو الطرد بسداد الأجرة والمصاريف والأتعاب وقبلها منه المؤجر فمن العبث القول بأن يستمر المؤجر في دعواه حتى يحكم فيها إذ أن مآل دعواه هو الرفض إعمالاً لحكم القانون سالف البيان ومن ثم فإن قرار شطب الدعوى على هذا النحو يتحقق به التكرار إذا ما امتنع المستأجر بعد بذلك عن سداد الأجرة أو تأخر في الوفاء بها ولا يعتبر كذلك إذا جاء قرار الشطب مجرداً وخلت الأوراق أو محاضر الجلسات مما يفيد بأن المستأجر تأخر في سداد أجرة مستحقة ولم ينازع فيها وتوقى الحكم بالإخلاء أو الطرد بسدادها مع المصاريف والأتعاب فعندئذ لا تعتبر تلك الدعوى سابقة يتحقق بها التكرار المطلوب للإخلاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه - في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 593 لسنة 1986 مدني أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم باعتبار عقد الإيجار المؤرخ 22/ 7/ 1985 مفسوخاً من تلقاء نفسه والتسليم وإلزامه بأن يدفع له مبلغ 350 جنيه مقابل انتفاعه بالعين المؤجرة واحتياطياً الحكم بانتهاء عقد الإيجار المشار إليه وإخلاء العين المبينة بالصحيفة وإلزامه بدفع مبلغ 223.774 مليمجـ مقابل الأجرة المتأخرة وكذا إلزامه بتعويض قدره 350 جنيه شهرياً من تاريخ صدور الحكم بالإخلاء نهائياً وحتى تمام التسليم وإلزامه في جميع الأحوال بسداد مبلغ 50000 جنيه على سبيل التعويض، وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب العقد سالف البيان استأجر منه المطعون ضده العين محل النزاع بقصد استعمالها "جراج" بأجرة شهرية قدرها 28.520 مليمجـ، ونظراً لتخلفه عن سداد الأجرة فقد أقام عليه الدعوى رقم 2805 لسنة 1984 مستعجل القاهرة وفيها قام بالوفاء بالأجرة المتأخرة ومصروفات الدعوى مما استتبع تركها للشطب، وإذ تكرر تخلفه عن الوفاء بكامل الأجرة المستحقة عليه اعتباراً من أول يونيه سنة 1985 وغيّر وأساء استعمال العين المؤجرة فقد أقام الدعوى. حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 9778 لسنة 103 ق القاهرة. وبتاريخ 25/ 6/ 1987 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بواقعة تكرار التأخير في الوفاء كسبب يبرر إخلاء المطعون ضده من العين المؤجرة عملاً بالمادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 وقدم للتدليل على ذلك صورة رسمية من محضر جلسة 30/ 10/ 1984 في الدعوى رقم 2805 لسنة 1984 مستعجل القاهرة ثابت بها أن المطعون ضده توقى الحكم بالإخلاء بسداده الأجرة المستحقة شاملة مصروفات الدعوى وقد قضى بشطبها، وهو ما تتوافر به حالة التكرار المشار إليها في المادة 18 سالفة البيان إلا أن الحكم المطعون فيه استخلص عدم توافر واقعة تكرار تأخر المطعون ضده في التأخير في سداد الأجرة المستحقة عليه هذا إلى أن الحكم قضى بوجود المبرر للمستأجر المطعون ضده في التأخير في سداد الأجرة بأنه كان يماطل في استلامها منه وأنه كان يعمل خارج البلاد وهي أسباب غير سائغة وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية... (ب) إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده من مصاريف ونفقات فعلية. ولا ينفذ حكم القضاء المستعجل بطرد المستأجر من العين بسبب التأخير في سداد الأجرة إعمالاً للشرط الفاسخ الصريح إذا ما سدد المستأجر الأجرة والمصاريف والأتعاب عند تنفيذ الحكم وبشرط أن يتم التنفيذ في مواجهة المستأجر. فإذا تكرر امتناع المستأجر أو تأخر في الوفاء بالأجرة المستحقة دون مبررات تقدرها المحكمة حكم عليه بالإخلاء أو الطرد بحسب الأحوال" يدل على أن التكليف بالوفاء بالأجرة المستحقة على المستأجر ولئن كان القانون قد استلزامه لقبول دعوى الإخلاء لامتناع المستأجر عن سداد الأجرة أو التأخير فيها إلا أن المشرع لم يستلزم هذا التكليف كشرط لقبول دعوى الإخلاء لتكرار امتناع المستأجر أو تأخره في الوفاء بالأجرة المستحقة عليه ويشترط لتوافر حالة التكرار هذه أن يكون التأخير أو الامتناع قد رفعت بشأنه دعوى إخلاء موضوعية أو دعوى طرد مستعجلة يتحقق في أيهما للمحكمة تأخير المستأجر أو امتناعه عن سداد أجرة مستحقة عليه بالفعل وغير متنازع في مقدارها أو شروط استحقاقها ولكنه توقى صدور الحكم بالإخلاء أو تنفيذ حكم الطرد المستعجل بسداد الأجرة المستحقة والمصروفات والأتعاب إذ أن كلمة التكرار لغة تعني أن تكون الدعوى أو الدعاوى السابقة متماثلة مع الدعوى المنظورة أي من دعاوى الإخلاء لعدم سداد الأجرة ويستوي أن تكون قد رفعت أمام القضاء العادي أو القضاء المستعجل ومن ثم يخرج عن هذا المعنى دعاوى المطالبة بالأجرة وأوامر الأداء بالأجرة المستحقة فلا تتوافر بها واقعة التكرار، وثبوت تكرار امتناع المستأجر أو تأخره في الوفاء بالأجرة المستحقة لا يستلزم بالضرورة أن يصدر في الدعوى السابقة حكم نهائي إذ لم يستلزم المشرع هذا الشرط سواء في القانون رقم 49 لسنة 1977 أو في القانون الحالي 136 لسنة 1981 ومن ثم يكفي لتوافر التكرار أن تتحقق المحكمة - وهي تنظر دعوى الإخلاء للتكرار من أن المستأجر سبق أن تأخر أو امتنع عن سداد أجرة مستحقة عليه بالفعل وغير متنازع في مقدارها وأنه قام بسدادها مع المصاريف والأتعاب لكي يتوقى الحكم بالإخلاء. لما كان ذلك وكان شطب الدعوى لا يعدو أن يكون وعلى ما نصت عليه المادة 82 من قانون المرافعات قرار من القرارات التي تأمر بها المحكمة ولا يعتبر من قبيل الأحكام إلا أنه إذا سجلت المحكمة قبل إصدار قرارها بشطب الدعوى ما يفيد أن هناك أجرة مستحقة على المستأجر ولم ينازع فيها وأنه توقى الحكم بالإخلاء أو الطرد بسداد الأجرة والمصاريف والأتعاب وقبلها منه المؤجر فمن العبث القول بأن يستمر المؤجر في دعواه حتى يحكم فيها إذ أن مآل دعواه هو الرفض إعمالاً لحكم القانون سالف البيان ومن ثم فإن قرار شطب الدعوى على هذا النحو يتحقق به التكرار إذا ما امتنع المستأجر بعد بذلك عن سداد الأجرة أو تأخر في الوفاء بها ولا يعتبر كذلك إذا جاء قرار الشطب مجرداً وخلت الأوراق أو محاضر الجلسات مما يفيد بأن المستأجر تأخر في سداد أجرة مستحقة ولم ينازع فيها وتوقى الحكم بالإخلاء أو الطرد بسدادها مع المصاريف والأتعاب فعندئذ لا تعتبر تلك الدعوى سابقة يتحقق بها التكرار المطلوب للإخلاء. لما كان ذلك وكان يبين من الصورة الرسمية لمحضر جلسة 31/ 7/ 1984 في الدعوى رقم 2805 لسنة 1984 مستعجل جزئي القاهرة المقدمة من الطاعن لمحكمة الموضوع أن المدعى عليه "........" حضر شخصياً أمام المحكمة وأبدى استعداده لسداد المبلغ المدين به كما يبين من محضر جلسة 30/ 10/ 1984 أن المدعى عليه المذكور قدم لمحكمة الموضوع إنذاراً بعرضه الأجرة على المدعي "......." وسدد لوكيله في الجلسة الأجرة التي استحقت بعد رفع الدعوى وحتى أخر أكتوبر سنة 1984 ومصاريف الدعوى وانسحب الطرفان تاركين الدعوى للشطب لسداد المبلغ المطالب به فقررت المحكمة المستعجلة بشطبها، فإن الأثر المترتب على ذلك أن قرار الشطب في الدعوى سالفة البيان يصلح لأن يتخذ أساساً للقول بتوافر التكرار، وإذ قضى الحكم الابتدائي بعدم قبول دعوى الإخلاء للتكرار لعدم حصول التكليف بالوفاء ثم قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف على سند من عدم توافر التكرار في التأخير في سداد الأجرة تأسيساً على ترك الطاعن دعواه الأولى للشطب على أثر قيام المستأجر المطعون ضده بدفع الأجرة المستحقة في الجلسة وإثباته في محضرها في حين أنه لا دخل للطاعن في ترك الدعوى الأولى للشطب بعد أن يكون المطعون ضده المستأجر قد لجأ بالفعل إلى استعمال حقه في توقي الإخلاء أو الطرد في خلالها، فإن الحكم يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه هذا إلى أن الحكم قضى بوجود المبرر لدى المستأجر المطعون ضده في التأخير في سداد الأجرة وأرجع ذلك إلى مماطلة الطاعن له في قبول الأجرة وسفره إلى الخارج وما قرره الحكم على فرض صحته لا يحول دون عرض الأجرة وسفره إلى الخارج وما قرره الحكم على فرض صحته لا يحول دون عرض الأجرة وإيداعها عند حلول ميعاد استحقاقها بخزينة العوايد أو خزينة المحكمة على ما رسمه قانون إيجار الأماكن أو قانون المرافعات مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.