أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1013

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونور الدين عويس، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.

(206)
الطعن رقم 1357 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب. "ضرب أفضى إلى موت".
( أ ) لا حاجة بالحكم إلى التعرض لإصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى.
(ب) لا يعيب الحكم خلوه من بعض تفصيلات في رواية الشاهد لم يكن لها أثر في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها.
(ج) نقض. "المصلحة في الطعن". عقوبة. "تطبيقها". ارتباط. ضرب. "ضرب أفضى إلى موت. ضرب بسيط".
تطبيق الحكم المادة 32 عقوبات ومعاقبة المتهم بعقوبة الجريمة الأشد. لا جدوى مما يثيره المتهم في شأن الجرائم الأخرى المرتبطة. مثال.
(د، هـ، و، ز، ح، ط) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "شهود". "خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تجزئة الشهادة". "سلطتها في تقدير الدليل".
(د) تناقض أقوال شهود الإثبات. لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟
(هـ) تجزئة الشهادة من إطلاقات محكمة الموضوع.
(و) تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني. غير لازم.
(ز) سلطة المحكمة في تقدير أقوال الشاهد؟
(ح) الخطأ في بيان مصدر الدليل لا يضيع أثره.
(ط) عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد عليها.
1 - الأصل أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي الشرعي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن لها.
2 - متى كان الطاعن يسلم في أسباب طعنه أن أقوال الشاهد قد تضمنت الواقعة الجوهرية التي عول عليها الحكم واتخذها سنداً لقضائه وهي واقعة اعتداء الطاعن على المجني عليه بآلة حادة في ظهره محدثاً به الإصابة التي أودت بحياته، فإنه لا يعيب الحكم - بفرض صحة ما يقوله الطاعن - أن تكون رواية الشاهد قد خلت من بعض تفصيلات لم يكن لها أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها.
3 - لا جدوى مما يثيره الطاعن بشأن جريمتي الضرب البسيط المسندتين إليه ما دام الحكم إذ دانه بهاتين الجريمتين وجريمة الضرب المفضي إلى الموت المسندة إليه قد طبق المادة 32 من قانون العقوبات وقضي بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت وفقاً للمادة 236/ 1 من قانون العقوبات.
4 - لا يقدح في سلامة الحكم تناقض رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها، ما دام الثابت من الحكم أنه استخلص أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وما دام أنه لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته.
5 - الأصل أن تجزئة الشهادة من إطلاقات محكمة الموضوع وفي إغفالها سرد بعض الوقائع من أقوال الشهود ما يفيد ضمناً عدم اطمئنانها إلى تلك الوقائع فأطرحتها.
6 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
7 - من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بقول للشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليها وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها.
8 - الخطأ في بيان مصدر الدليل لا يضيع أثره.
9 - لا تلتزم المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 18 مايو سنة 1965 بدائرة بندر جرجا محافظة سوهاج: المتهم الأول - قتل محمد هاشم محمود عمداً بأن طعنه بمطواة عدة طعنات قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخرتين هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر (1) شرع في قتل جبريل قاسم محمود عمداً بأن طعنه بمطواة في أسفل الجهة اليسرى من صدره قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نفذت إلى التجويف البللوري وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج (2) شرع في قتل محمود هاشم محمود الشهير بحربي "المتهم الثاني" عمداً بأن طعنه بآلة حادة عدة طعنات قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. المتهم الثاني - شرع في قتل مصطفى عبد الله حارس عمداً بأن طعنه بسكين في رقبته قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركته بالعلاج. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. وادعى مدنياً هاشم محمود محمد والد المجني عليه الأول وطلب القضاء له قبل المتهم الأول بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. كما ادعى مدنياً مصطفى عبد الله حارس "المجني عليه الأخير" وطلب القضاء له قبل المتهم الثاني بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات سوهاج بعد أن عدلت وصف التهمة بالنسبة إلى المتهم الأول وجعلتها ضرب أفضى إلى موت قضت حضورياً عملاً بالمواد 236/ 1 و241/ 1 و242/ 1 مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول والمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم الثاني (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات لما أسند إليه وإلزامه بأن يدفع إلى المدعي بالحق المدني هاشم محمود محمد مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف المدنية و200 ق أتعاباً للمحاماة. (ثانياً) ببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله وإلزام رافعها المصاريف المدنية و200 ق أتعاباً للمحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه تناقض وقصور في التسبيب وخطأ في الإسناد، وذلك بأنه استند في إدانة الطاعن إلى الدليل القولي المستمد من أقوال والد المجني عليه هاشم محمد وابن عمه جبريل قاسم محمود وإلى الدليل الفني المستمد من تقرير الصفة التشريحية مع ما بينهما من تعارض لأن مؤدى أقوال الشاهدين أن الطاعن لم يطعن المجني عليه إلا طعنة واحدة بينما ثبت من تقرير الصفة التشريحية أنه مصاب بأربعة جروح طعنية وقطعية على الأقل. ثم إن هذين الشاهدين حين سئلا في محضر تحقيق النيابة العامة عن تعليل ذلك التناقض ذهب أولهما إلى القول باحتمال حصول الإصابات من المشاجرة الأولى وقد تكون الإصابات جميعها من الطاعن، وادعى الشاهد الثاني بأن الطاعن طعن المجني عليه طعنتين ثم ما لبث أن قرر أنه لا يعرف سبباً لتعدد الإصابات، وقد اكتفى الحكم بإثبات مضمون قالة الشاهدين ومؤدى تقرير الصفة التشريحية دون أن يعني برفع ما بينها من تناقض، كما عمد إلى إيراد أقوال شهود الإثبات على غير مؤداها وخلافاً للثابت بالأوراق، فأجرى على لسان الشاهد الأول ما يفيد حصول تماسك بين المجني عليه والطاعن مع أنه نفى حصول هذا التماسك بالتحقيقات وبالجلسة فأكد بالتحقيقات أن الطاعن بعد اعتدائه على المجني عليه غادر مكان الحادث ولم يحضر واقعة تماسك ولده الآخر محمود جبريل قاسم مع مصطفى عبد الله حارس وأبناء أخته وقد أسقطت المحكمة هذا الشطر الهام من أقواله مع أنه ينفي دعوى اعتداء الطاعن على الأولين - موضوع الجريمتين الثانية والثالثة اللتين دين بهما. وحصل الحكم شهادة جبريل قاسم بأنه رأى الطاعن ممسكاً بالمجني عليه وأنه طعنه بظهره فوقع بلا حراك ولما عاتبه على فعلته طعنه هو الآخر بالمطواة بينما جاءت قالته بالتحقيقات قاصرة على حدوث تماسك بين المجني عليه والطاعن ثم أطرحه إلى الأمام وأخرج مطواة من جيبه طعنه بها ثم ذهب بالجلسة إلى أنه رأى الطاعن يضرب المجني عليه وهو راقد على الأرض مرتين. ونسب الحكم إلى الشاهد الثالث محمود هاشم أنه قرر في التحقيقات باعتداء الطاعن عليه في حين أنه لم يجزم بوقوع هذا الاعتداء، وأسقط الحكم من أقوال هذا الشاهد ما قرره من أنه رأى مصطفى عبد الله حارس - لا الطاعن - ممسكاً بالمجني عليه وقت اعتداء الطاعن عليه هو - هذا إلى أنه أغفل الرد على ما أثاره الطاعن من أن اتهامه بضرب المجني عليه الأول يقوم على أنه كبير فريقه وأن أقوال عبده جابر وشحاتة محمد - شاهدي والد المجني عليه - صريحة في أنهما لم يشاهدا اعتداء قط من الطاعن على المجني عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ 18/ 5/ 1965 كانت قد حدثت مشاجرة بين كل من هاشم محمود ومن يدعى مصطفى عبد الله حارس وذلك بدائرة مركز جرجا محافظة سوهاج وقد تدخل بعض الأشخاص بين المتشاجرين وتمكنوا من وضع حد لهذه المشاجرة. وبعد ذلك جلس مصطفى عبد الله حارس في مقهى يملكه ومعه شقيقه المتهم سعد عبد الله حارس - الطاعن - بينما جلس هاشم محمود محمد ومعه ابنه المجني عليه محمد هاشم محمود أمام محل عصير قصب يملكه ويجاور في الوقت نفسه مقهى الفريق الآخر. وقد تبادل هاشم محمود محمد مع المتهم حديثاً متعلقاً بالمشاجرة السابقة فسبه المتهم وغضب لذلك المجني عليه محمد هاشم فتماسك هو والمتهم وعلى أثر ذلك طعنه المتهم بآلة حادة - فأصابه بجرح طعني بأيسر الظهر دون أن يقصد من ذلك قتلاً ولكن الجرح أفضى إلى موته لما أحدثه به من نزيف وصدمة عصبية. وعقب ذلك طعن المتهم جبريل قاسم محمود بآلة حادة عندما عاتبه على اعتدائه على المجني عليه المذكور فأحدث به جرحاً طعنياً أسفل يسار الصدر من الجهة الخلفية نافذاً للتجويف البللوري اقتضى علاجه مدة زادت على عشرين يوماً كما طعن محمود هاشم محمود شقيق المجني عليه بآلة حادة فأحدث به جرحاً طعنياً بأعلى يسار صدره وجرحاً طعنياً آخر بكل من عضويه الأيمن والأيسر اقتضى علاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً". واستند في ثبوت الواقعة على هذه الصورة إلى أدلة استمدها من أقوال هاشم محمود محمد وجبريل قاسم محمود ومحمود هاشم محمود الشهير بحربي والتقارير الطبية وتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه. ثم استظهر الحكم مؤدى أدلة الثبوت فحصل أقوال الشاهد الأول بما مؤداه أنه على أثر مشاجرة بين المجني عليه ومصطفى عبد الله حارس تجدد النزاع وتماسك المجني عليه مع الطاعن وأقاربه ثم طعن الأخير المجني عليه بمطواة من الخلف فأصابه في جنبه. وحصل أقوال الشاهد الثاني بما مفاده أن الطاعن أخرج مطواة من جيب جلبابه وطعن بها المجني عليه في ظهره فوقع بلا حراك على الأرض ثم أورد أقوال الشاهد الثالث بأنه بينما كان المجني عليه يوجه ألفاظ السباب إلى الطاعن وشقيقه فوجئ بالطاعن يحضر ومعه قطعة حديد مما تستعمل في تكسير الثلج طعنه بها فأحدث إصاباته - ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه بأن إصاباته عبارة عن جرح طعني بأيسر الظهر وعدة جروح أخرى وصفها كلها بأنها طعنية وقطعية وأن الإصابة الطعنية بأعلا يسار الظهر هي التي تعزي إليها الوفاة وبأنها تحدث وفقاً لتصوير الشاهدين الأولين هاشم محمود محمد وجبريل قاسم محمود وأن باقي الإصابات سطحية ولا دخل لها في إحداث الوفاة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق. ولما كان البين من مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه أنه قد أثبت أن إصابة المجني عليه التي أودت بحياته قد حدثت بعد فض الشجار السابق، وأسند إلى الطاعن على سبيل الانفراد أنه ضرب المجني عليه بآلة حادة أحدثت به تلك الإصابة دون أن يسند إليه إحداث الإصابات الأخرى التي أظهرها التقرير الطبي والتي لم يكن لها دخل في إحداث الوفاة ولم ترفع الدعوى الجنائية بشأنها. واستظهر قالة شهود الإثبات بما يتفق وصحة هذا الإسناد وذلك التصوير. ونقل عن التقرير الطبي أن الوفاة قد حدثت عن تلك الإصابة وحدها وجائزة الحدوث وفق تصوير الشاهدين. وكانت مدونات الحكم - فوق ذلك - بينة الدلالة على أن أحداً آخر سوى الطاعن لم يعتد على المجني عليه في ذلك التماسك الأخير الذي سقط فيه صريعاً، فإن ما يثيره الطاعن في شأن تناقض الدليل الفني مع الدليل القولي يكون غير سديد، ذلك بأن الأصل أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي الشرعي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن لها، كما لا يقدح في سلامة الحكم دعوى الطاعن - بفرض صحتها - بتناقض رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت من الحكم أنه استخلص أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام أنه لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته. ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أغفل إيراد بعض أقوال الشهود إذ الأصل أن تجزئة الشهادة من إطلاقات محكمة الموضوع وفي إغفالها سرد بعض الوقائع من أقوال الشهود ما يفيد ضمناً عدم اطمئنانها إلى تلك الوقائع فأطرحتها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من قالة الخطأ في الإسناد بشأن ما حصله الحكم من أقوال الشاهد الأول إذ حصل منها أن المجني عليه تماسك مع الطاعن قبل أن يطعن الأخير المجني عليه بمطواة في حين نفى الشاهد في أقواله حصول ذلك التماسك، فإنه مردود بما هو مقرر من أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع. ولما كان الطاعن يسلم في أسباب طعنه أن أقوال الشاهد قد تضمنت الواقعة الجوهرية التي عول عليها الحكم واتخذها سنداً لقضائه وهي واقعة اعتداء الطاعن على المجني عليه بآلة حادة في ظهره محدثاً به الإصابة التي أودت بحياته، فإنه لا يعيب الحكم - بفرض صحة ما يقوله الطاعن - أن تكون رواية الشاهد قد خلت من بعض تفصيلات لم يكن لها أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من إسقاطه شطراً من أقوال الشاهد الأول من شأنها نفي اعتداء الطاعن على المجني عليه في جريمتي الضرب البسيط ونعيه عليه تعويله في إدانته بجنحة الضرب الثانية على أقوال المجني عليه فيها محمود هاشم محمود الشهير بحربي على الرغم من تردده في روايته، فإنه - بفرض صحته - لا جدوى من إثارته ما دام الحكم إذ دان الطاعن بالجرائم الثلاث المسندة إليه قد طبق المادة 32 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت وفقاً للمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. أما القول بأن الحكم قد خالف الثابت بالأوراق فيما حصله من شهادة الشاهد الثاني جبريل قاسم محمود وفيما نسبه إليه من إدلائه بتلك الأقوال في محضري التحقيق وجلسة المحاكمة فمردود بأن ما أورده الطاعن في أسباب طعنه من مؤدى أقوال الشاهد بمحضر التحقيق يتفق في جملته مع ما حصله الحكم منها. ولما كان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بقول للشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليها وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها إذ الخطأ في بيان مصدر الدليل لا يضيع أثره، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من التفاته عن الرد على دفاعه في خصوص تجريح شهود الإثبات مردوداً بما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه.