أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1022

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.

(207)
الطعن رقم 1619 لسنة 38 القضائية

دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "نطاقه". "أوجه الطعن". اختلاس أموال أميرية.
وجوب تحصيل الدفاع الجوهري والرد عليه.
متى يقضي بنقض الحكم لمن لم يقدم أسباباً لطعنه؟
متى كان الثابت من مراجعة المفردات المضمومة أن الواقعة التي أثارها المتهم في شأن السرقة اللاحقة على جريمة الاختلاس المسندة إليه لها أًصل ثابت في الأوراق، وكانت هذه الواقعة تمثل - في خصوصية هذه الدعوى - دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأي في القرائن التي قام عليها قضاء الحكم بإدانة المتهم، وكان المتهم لا يحاج بما عول عليه الحكم من أن أقوال المسئولين بالمحلج جرت بأنه ليس للمخزن الذي ارتكب فيه الحادث مفتاح آخر، إزاء ما أفصح عنه من اتهام هؤلاء بالسرقة، ومن ثم فإن الحكم - وقد أغفل تحصيل ذلك الدفاع الجوهري للمتهم وسكت بالتالي عن الرد عليه - يكون فوق ما ران عليه من القصور قد جاء مشوباً بالإخلال بحق المتهم في الدفاع فغدا معيباً بما يستوجب نقضه والإحالة بالنسبة للطاعنين الأول والرابع - وباقي الطاعنين الذين لم يقدموا أسباباً لطعنهم، وذلك نظراً لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة إعمالاً لمقتضى المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من عبد النبي السيد نوفل وآخرين بأنهم في يوم 28 مايو سنة 1965 بناحية بندر كفر الزيات محافظة الغربية المتهمون من الأول إلى السابع: اختلسوا كمية النحاس والأشياء الأخرى المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة لشركة من الشركات ذات النفع العام هو محلج شركة الدلتا لحلج الأقطان بكفر الزيات حالة كونهم من المستخدمين العموميين. الثامن والتاسع: سرقاً مع المتهمين السابقين الأشياء سالفة الذكر والمملوكة لمحلج شركة الدلتا لحلج الأقطان وذلك بطريق التسور من الخارج. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للمواد 111/ 6 و113/ 1 مكرر و118 و119 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين السبعة الأول والمادة 317/ - 4 - 5 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الثامن والتاسع. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمواد 111/ 6 و113/ مكرر و118 و119 ممن قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني والمواد 111/ 6 و113/ 1 و118 و119 من ذات القانون بالنسبة إلى المتهمين من الثالث إلى السابع والمادة 317/ 2 - 4 - 5 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الثامن والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم التاسع مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين من الثالث إلى السابع (أولاً) بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع بالسجن مدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهم مبلغ 883 ج ثمانمائة وثلاثة وثمانين جنيهاً وعزلهم من وظائفهم وإلزامهم متضامنين برد مبلغ 883 ثمانمائة وثلاثة وثمانين جنيهاً إلى شركة الدلتا لحلج الأقطان بكفر الزيات (ثانياً) بمعاقبة المتهم الثامن بالحبس مع الشغل مدة ثلاث سنوات (ثالثاً) ببراءة المتهم التاسع مما أسند إليه. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وقدم المحاميان عن الطاعن الأول تقريرين بالأسباب في الميعاد وقدم المحامي عن الطاعن الرابع تقريراً بالأسباب في الميعاد أما الطاعنون الثاني والثالث والخامس والسادس والسابع والثامن فلم يقدموا أسباباً لطعنهم.


المحكمة

من حيث إن الطعنين المقدمين من الطاعنين الأول والرابع قد استوفيا الشكل المقرر في القانون.
حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول - بتقريري الطعن - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اختلاس مال مملوك لشركة ذات نفع عام حالة كونه مستخدماً بها قد ران عليه القصور، ذلك بأنه أقام قضاءه على سند من أن الطاعن كان أميناً للمخزن الذي وقع الاختلاس منه والذي ثبت أنه لا يمكن دخوله إلا بواسطة المفتاح الموجود معه، دون أن يلقي بالاً إلى إمكان اصطناع مفتاح له، ولا إلى ما أثاره الطاعن من اكتشاف وقوع سرقة أخرى من هذا المخزن في تاريخ لاحق وفي عهد أمين آخر غيره على الرغم من احتفاظ هذا الأمين بالمفتاح وختم المخزن بالجمع الأحمر، مما دعا النيابة العامة إلى حفظ التحقيق قبل هذا الأخير. ويقول الطاعن إنه لما كان في هذا الذي أثاره آية على براءته، فقد كان متعيناً على الحكم أن يقول كلمته فيه، ذلك بأنه ليس فيما قام عليه الحكم من قرائن غنية عن مناقشة هذا الدفاع بلوغاً لغاية الأمر في مدى أثره على واقعة الدعوى. وبذلك بات الحكم معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن بعد أن تحدث عن دور رجال المباحث في تغيير الحقائق، مضى يقول "إن السيد إبراهيم خضر - الأمين الجديد للمخزن - استلم المخزن يوم 25/ 5/ 1965 وقد جاء يوم 27/ 5 مقرراً أن المخزن قد سرق وذلك بعد استلامه المخزن بيومين وأن المخزن كان عليه أقفال وأختام وأثبت السيد وكيل النيابة أنه انتقل يوم 28/ 5 لمعاينة المخزن، وأن هناك مبلغاً جمع من العاملين بالمحلج لإعادة شراء الأشياء المفقودة... وأنه بالرغم من غلق المخزن فإن المخزن يسرق رغم تشميعه ووجود الخفراء وهذا يدل على أن هناك عصابة منظمة من الخفراء ومديري الشركة لسرقة هذه الأشياء ونسبتها إلى المتهمين رغم أن أمين المخزن الجديد استلم المخزن بمحضر جرد إلا أنه بعد استلامه قد تم سرقة المخزن مرة أخرى... ولم يوجه الاتهام إلى أمين المخزن الجديد". كما يبين من مرافعة المدافع عن الطاعن الرابع أنه أثار هذه الواقعة أيضاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه حين عرض لدفاع الطاعن لم يحصل منه غير ما قاله به من أنه كان غائباً في الثلاثة أيام السابقة على الحادث وأن للمخزن أكثر من مفتاح، ثم رد الحكم على هذا الدفاع وخلص إلى إدانة الطاعن بقوله: "ومن حيث إنه بالنسبة للمتهم الأول - الطاعن الأول - فقد أقر في التحقيقات بأنه مستخدم أمين للمخزن المسروق وأنه يحتفظ بمفتاحه إلى وقت اكتشاف الحادث وأنه لا يمكن الوصول إلى المخزن إلا عن طريق فتحه بهذا المفتاح وهذه الأمور التي أقر به المتهم قرينة قاطعة على عدم إخراج أي شيء منه إلا بمقتضى إذن صرف موقع من الموظف المختص وتدوين ذلك في دفاتر المخزن وقد قطع جميع موظفي المحلج المسئولين أن المخزن ليس له مفتاح آخر غيره الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى أن المتهم المذكور هو الذي أخرج المهمات المسروقة والتي أخرجها باقي المتهمين عدا التاسع إلى خارج السور بعد ذلك". ومفاد ما تقدم أن المحكمة استمدت اقتناعها بإدانة الطاعن الأول على سند من ثبوت العجز بعهدة المخزن المعين أميناً عليه ومن احتفاظه بالمفتاح الوحيد للمخزن واستحالة الوصول إليه إلا عن طريق فتحه بهذا المفتاح أما جوهر دفاع الطاعن فيقوم على أساس أن أمانة المخزن واحتفاظه بمفتاحه وعجز عهدته لا يلزم عنها بالضرورة وقوع فعل الاختلاس وإسناده إليه بعد أن كشف التحقيق أن بعض محتويات المخزن قد سرقت في عهد الأمين الجديد - الذي خلف الطاعن - على الرغم من إحكام غلقه وختمه بالجمع الأحمر والاحتفاظ بمفتاحه. لما كان ما تقدم، وكان يبين من مراجعة المفردات المضمومة أن الواقعة التي أثارها الطاعن في شأن السرقة اللاحقة من المخزن لها أًصل ثابت في الأوراق، وكانت هذه الواقعة تمثل - في خصوصية هذه الدعوى - دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأي في القرائن التي قام عليها قضاء الحكم بإدانة الطاعن - على ما سلف إيراده - وغنى عن البيان أنه لا يحاج الطاعن وهو يثير دفاعه المار ذكره بما عول عليه الحكم من أن أقوال المسئولين بالمحلج جرت بأنه ليس للمخزن مفتاح آخر، إزاء ما أفصح عنه من اتهام هؤلاء بالسرقة، ومن ثم فإن الحكم - وقد أغفل تحصيل ذلك الدفاع الجوهري للطاعن وسكت بالتالي عن الرد عليه - يكون فوق ما ران عليه من القصور قد جاء مشوباً بالإخلال بحق الطاعن في الدفاع فغدا معيباً بما يستوجب نقضه والإحالة بالنسبة إلى الطاعن الأول وإلى الطاعن الرابع - وباقي الطاعنين الذين لم يقدموا أسباباً لطعنهم، وذلك نظراً لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة إعمالاً لمقتضى المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة من الطاعنين الأول والرابع.