أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 44 - صـ 657

جلسة 14 من يونيه سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد أحمد سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى إبراهيم عارف، الهام نجيب نوار نائبي رئيس المحكمة، سيد محمود يوسف وأحمد محمود كامل.

(243)
الطعن رقم 661 لسنة 53 القضائية

(1) نقض. محاماة. وكالة.
تقديم المحامي رافع الطعن التوكيل الصادر إليه من الطاعن عن نفسه دون صفته وصياً على القاصر حتى إقفال باب المرافعة. أثره. عدم قبول الطعن المرفوع منه بصفته م 255 مرافعات. علة ذلك.
(2 - 5) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير المفروش". قانون "سريان القانون". حكم "عيوب التدليل: الخطأ في القانون: ما لا يعد كذلك". نظام عام.
(2) خضوع العين لأحكام التشريعات الاستثنائية لإيجار الأماكن. أمر يتعلق بالنظام العام. مناطه. أن يكون المكان هو العنصر الأساسي في عقد الإيجار سواء كان المكان خالياً أو مفروشاً.
(3) التصريح للمستأجر بتأجير العين مفروشة. لا يغير من طبيعة العين المؤجرة ولا يخرجها من الخضوع لأحكام التشريعات الاستثنائية. علة ذلك.
(4) تأجير الأماكن المفروشة. لا يعد بطبيعته عملاً تجارياً ولو كان المستأجر تاجراً. اعتباره كذلك. شرطه.
(5) التصريح للمستأجر بتأجير شقة النزاع من الباطن مفروشة واستعماله هذا الترخيص. لا يغير من طبيعة العقد بجعل الغرض من التأجير الاستغلال التجاري. وجوب تطبيق الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 عند انتهاء العقد متى توافر شرط الإقامة وعدم الاحتجاز. لا محل لإعمال المادتين 601، 602 مدني. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. لا خطأ.
(6، 7) إيجار "إيجار الأماكن: عقد الإيجار والتأجير من الباطن".
(6) عقد الإيجار. عقد رضائي. خضوعه لمبدأ سلطان الإرادة. إفراغه في شكل خاص. غير لازم. جواز استخلاصه ضمناً دون توسع. انتفاع شخص بشيء دون رضاء مالكه. عدم اعتباره مستأجراً. التزامه بأداء أجرة المثل للمالك.
(7) قبض المالك الأجرة من المستأجر من الباطن أو المتنازل له عن الإيجار. اعتباره إقراراً ضمنياً بالتأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار. "مثال في إيجار بشأن قبض المؤجر الأجرة من الطاعن بوصفه غاصباً للعين".
(8) محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم إليها من أدلة. حسبها بيان الحقيقة التي اقتنعت بها وإقامة قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
1 - إذا كانت المادة 255 من قانون المرافعات قد أوجبت وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على الطاعن أن يودع سند توكيله محاميه الموكل في الطعن وإلا كان الطعن غير مقبول، وكان الطعن الماثل قد أقيم من الطاعن عن نفسه وبصفته وصياً على القاصر (.....) بما لازمه أن يكون التوكيل صادراً منه عن نفسه وبصفته إلى محاميه، ولا يغني عن ذلك تقديمه توكيلاً صادراً منه شخصياً إلى ذلك المحامي وكان الطاعن لم يقدم حتى إقفال باب المرافعة في الطعن سوى توكيل صادر منه شخصياً - دون صفته المذكورة - إلى المحامي الذي أودع صحيفة الطعن فإن الطعن منه بصفته يكون غير مقبول.
2 - إذ كانت مسألة خضوع أو عدم خضوع العين لقانون إيجار الأماكن أمر يتعلق بالنظام العام، وكان المناط في الخضوع لأحكام التشريع الاستثنائي لإيجار الأماكن هو المكان، فكلما كان المكان هو العنصر الأساسي في عقد الإيجار سرى التشريع الاستثنائي سواء كان المكان خالياً أو مفروشاً.
3 - إن الترخيص للمستأجر بتأجير العين مفروشة لا يغير من طبيعتها القانونية باعتبارها مكاناً يخضع للتشريعات الاستثنائية ولا يخرجها من نطاق تطبيقها إلى القواعد العامة الواردة في شأن عقد الإيجار في القانون المدني، ذلك أن ترخيص المؤجر بتأجير العين مفروشة لا يعني أكثر من رغبته في الحصول على علاوة التأجير المفروش.
4 - إذ كانت عملية تأجير المساكن مفروشة - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا تعتبر بطبيعتها عملاً تجارياً طالما لم يقترن التأجير بتقديم ضروب من الخدمة الخاصة للمستأجر بحيث تتغلب العناصر التجارية المتعددة على الجانب العقاري فيه، وكانت الصفة التجارية لهذا التأجير لا تثبت حتى ولو كان المؤجر تاجراً، إلا إذا كان متعلقاً بحاجات تجارية وحاصلاً بمناسبة نشاطه التجاري، بحيث لولا هذا النشاط لما وقع العمل.
5 - إذ كان البين من الأوراق أن مورثة الطاعن استأجرت العين محل النزاع لسكناها ثم أجرتها مفروشة للغير بتصريح من المؤجر - المطعون ضده - حتى وفاتها فإن هذا الترخيص لا يغير من طبيعة العقد فيجعل الغرض من التأجير هو الاستغلال التجاري، وإنما يبقى الغرض من التأجير هو استعمال العين المؤجرة في السكنى طالما لم يدع الطاعن أن مورثته تاجراً، وأن التأجير مرتبط بحاجات تجارتها مما لازمه أن الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن هي التي تحكم انتهاء عقد الإيجار الأصلي ويسري عليه ما تقضي به من استمراره بالنسبة لأقارب المستأجر بشرط توافر الإقامة، على النحو المبين بهذا النص مع عدم الإخلال بحكم المادة الثامنة من القانون سالف البيان التي تحظر على الشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتضى فإن تخلف شرط الإقامة فلا يستمر العقد لهؤلاء الأقارب وينتهي بوفاة المستأجر الأصلي أو بتركه العين المؤجرة، ومن ثم فلا محل لإعمال حكم المادتين 601، 602 من القانون المدني، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وانتهى إلى عدم استمرار عقد الإيجار للطاعن لعدم ثبوت إقامته بالعين محل النزاع وثبوت إقامته بمسكن آخر بذات المدينة حتى وفاة المستأجرة فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون.
6 - ولئن كان عقد الإيجار عقداً رضائياً يخضع في قيامه لمبدأ سلطان الإرادة فلا يشترط لانعقاده شكل خاص ويجوز استخلاصه ضمناً، إلا أنه لا يجوز التوسع في استخلاص الرضاء الضمني، فهو لا يكون إلا إذا فهم بوضوح أن الطرفين يريدان حقيقة بتصرفهما في ظروف معينة أن يعقدا إيجاراً ومجرد انتفاع شخص بشيء بغير رضاء من مالكه لا يجعله مستأجراً له ويلتزم المنتفع في هذه الحالة أن يدفع تعويضاً للمالك أجره المثل.
7 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قبض المؤجر الأجرة مباشرة من المستأجر من الباطن أو المتنازل له عن عقد الإيجار دون تحفظ يعد إقراراً ضمنياً منه للإيجار من الباطن أو التنازل إلا أن اقتران قبض الأجرة من غير المستأجر بتحفظ لا يدل على رضاء المؤجر بالتأجير لغير المستأجر منه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي قيام علاقة إيجارية مباشرة بين الطاعن والمطعون ضده على سند من أن المطعون ضده قد حرص على تقاضي الأجرة ومقابل التأجير مفروشاً باسم المستأجرة الأصلية للعين محل النزاع، وبادر في الشكوى رقم 6825 لسنة 1986 إداري عابدين إلى إثبات حالة تأجير الطاعن للعين محل النزاع مفروشاً أثر وفاة مستأجرتها الأصلية التي لم يكن يقيم بها أي من أقاربها ومقرراً بها تمسكه بحقه في إنهاء العلاقة الإيجارية بينهما منتهياً إلى أن الطاعن غاضب، وأن ما دفع من أجره بعد وفاة المستأجرة الأصلية مقابل الانتفاع بالعين، لا يدل على الموافقة على التأجير للطاعن.
8 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم إليها من أدلة وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام على الطاعن عن نفسه وبصفته الدعوى رقم 4217 لسنة 1981 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 8/ 9/ 1960 وإخلاء الشقة المبينة بصحيفة الدعوى والتسليم وقال بياناً لها إنه بموجب هذا العقد أجرت المرحومة/ نفوسه الزناتي الشقة محل النزاع لسكانها إلا أنها كانت تؤجرها مفروشاً وتقيم مع ذويها بمسكن آخر بذات المدينة وإذ توفيت وظل الطاعن يقوم بتأجيرها مفروشاً فقد أقام الدعوى، طلب الطاعن بدعوى فرعية إلزام المطعون ضده بصفته بتحرير عقد إيجار عن ذات الشقة مع الاحتفاظ بميزة التأجير من الباطن. حكمت المحكمة بانتهاء عقد الإيجار وإخلاء العين المؤجرة والتسليم ورفض الدعوى الفرعية. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3292 لسنة 99 ق القاهرة، وبتاريخ 29/ 1/ 1983 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن من الطاعن بصفته وبرفضه فيما عدا ذلك وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع بعدم قبول الطعن من الطاعن بصفته في محله ذلك أنه لما كانت المادة 255 من قانون المرافعات قد أوجبت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على الطاعن أن يودع سند توكيل محاميه الموكل في الطعن وإلا كان الطعن غير مقبول، وكان الطعن الماثل قد أقيم من الطاعن عن نفسه وبصفته وصياً على القاصر (.....) بما لازمه أن يكون التوكيل صادراً منه عن نفسه وبصفته إلى محاميه، ولا يغني عن ذلك تقديمه توكيلاً صادراً منه شخصياً إلى ذلك المحامي وكان الطاعن لم يقم حتى إقفال باب المرافعة في الطعن سوى توكيل صادر منه شخصياً - دون صفته المذكورة - إلى المحامي الذي أودع صحيفة الطعن فإن الطعن منه بصفته يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن بالنسبة للطاعن شخصياً استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال من ثلاثة أوجه يقول في بيان الوجه الأول إن المستأجرة الأصلية لم تسكن العين محل النزاع ولكن قامت منذ بدء الإيجار سنة 1960 بتأجيرها مفروشاً بموافقة المؤجر المطعون ضده وهو استغلال تجاري لا ينتهي به عقد الإيجار بوفاتها ويمتد لورثتها ويلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار جديد لهم وفقاً للمواد 601، 602 من القانون المدني، 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وإذ خالف الحكم المطعون فيه - المؤيد للحكم الابتدائي - هذا النظر لعدم ثبوت إقامته بالعين محل النزاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه. ويقول في بيان الوجه الثاني إنه تمسك بنشوء علاقة إيجارية جديدة بينه وبين المؤجر بدليل الوفاء بالأجرة لمدة خمس سنوات تالية لوفاة المستأجرة الأصلية مضافاً إليها مقابل تأجير العين مفروشاً وهو ما لا يدفعه إلا مستأجر العين وإذ كانت إيصالات الوفاة بالأجرة تعتبر إقراراً كتابياً عرفياً من المؤجر بنشوء علاقة إيجارية جديدة يجوز إثباتها بكافة الطرق وأنه طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك ولم يعتد الحكم المطعون فيه بهذه العلاقة الإيجارية الجديدة والتفت عن طلب الإحالة إلى التحقيق مما يعيبه بما يستوجب نقضه، ويقول في بيان الوجه الثالث أن الحكم المطعون فيه التفت عن تطبيق نص المادة 29/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 رغم توافر شروطها كاملة ذلك أن المستأجرة الأصلية كانت تتردد على العين محل النزاع دائماً وكانت تقيم فيها في بعض الأحيان وهو معها ومن ثم يمتد إليه العقد وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أنه ليست له إقامة بالعين حتى وفاة المستأجرة الأصلية التي كانت تقيم بشقة أخرى بذات المدينة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في وجهه الأول غير سديد، ذلك أنه لما كانت مسألة خضوع أو عدم خضوع العين لقانون إيجار الأماكن أمر يتعلق بالنظام العام، وكان المناط في الخضوع لأحكام التشريع الاستثنائي لإيجار الأماكن هو المكان، فكلما كان المكان هو العنصر الأساسي في عقد الإيجار سرى التشريع الاستثنائي سواء كان المكان خالياً أو مفروشاً، وكان الترخيص للمستأجر بتأجير العين مفروشة لا يغير من طبيعتها القانونية باعتبارها مكاناً يخضع للتشريعات الاستثنائية ولا يخرجها من نطاق تطبيقها إلى القواعد العامة الواردة في شأن عقد الإيجار في القانون المدني، ذلك أن ترخيص المؤجر بتأجير العين مفروشة لا يعني أكثر من رغبته في الحصول على علاوة التأجير المفروش فضلاً عن أن عملية تأجير المساكن مفروشة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تعتبر بطبيعتها عملاً تجارياً طالما لم يقترن التأجير بتقديم ضروب من الخدمة الخاصة للمستأجر بحيث تتغلب العناصر التجارية المتعددة على الجانب العقاري فيه، وكانت الصفة التجارية لهذا التأجير لا تثبت حتى ولو كان المؤجر تاجراً، إلا إذا كان متعلقاً بحاجات تجارية وحاصلاً بمناسبة نشاطه التجاري، بحيث لولا هذا النشاط لما وقع العمل، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن مورثة الطاعن استأجرت العين محل النزاع لسكناها ثم أجرتها مفروشة للغير بتصريح من المؤجر - المطعون ضده - حتى وفاتها فإن هذا الترخيص لا يغير من طبيعة العقد فيجعل الغرض من التأجير هو الاستغلال التجاري، وإنما يبقى الغرض من التأجير هو استعمال العين المؤجرة في السكنى طالما لم يدع الطاعن أن مورثته تاجراً، وأن التأجير مرتبط بحاجات تجارتها مما لازمه أن الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن هي التي تحكم انتهاء عقد الإيجار الأصلي ويسري عليه ما تقضي به من استمراره بالنسبة لأقارب المستأجر بشرط توافر الإقامة، على النحو البين بهذا النص مع عدم الإخلال بحكم المادة الثامنة من القانون سالف البيان التي تحظر على الشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتضى فإن تخلف شرط الإقامة فلا يستمر العقد لهؤلاء الأقارب وينتهي بوفاة المستأجر الأصلي أو بتركه العين المؤجرة ومن ثم فلا محل لإعمال أحكام المادتين 601، 602 من القانون المدني، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى عدم استمرار عقد الإيجار للطاعن لعدم ثبوت إقامته بالعين محل النزاع وثبوت إقامته بمسكن آخر بذات المدينة حتى وفاة المستأجرة فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس، والنعي في شقه الثاني مردود، ذلك أنه ولئن كان عقد الإيجار عقداً رضائياً يخضع في قيامه لمبدأ سلطان الإرادة فلا يشترط لانعقاده شكل خاص ويجوز استخلاصه ضمناً، إلا أنه لا يجوز التوسع في استخلاص الرضاء الضمني، فهو لا يكون إلا إذا فهم بوضوح أن الطرفين يريدان حقيقة بتصرفهما في ظروف معينة أن يعقدا إيجاراً ومجرد انتفاع شخص بشيء بغير رضاء من مالكه لا يجعله مستأجراً له ويلتزم المنتفع في هذه الحالة أن يدفع تعويضاً للمالك أجرة المثل، ولئن كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن قبض المؤجر الأجرة مباشرة من المستأجر من الباطن أو المتنازل له عن عقد الإيجار دون تحفظ يعد إقراراً ضمنياً منه للإيجار من الباطن أو التنازل إلا أن اقتران قبض الأجرة من غير المستأجر بتحفظ لا يدل على رضاء المؤجر بالتأجير لغير المستأجر منه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي قيام علاقة إيجارية مباشرة بين الطاعن والمطعون ضده على سند من أن المطعون ضده قد حرص على تقاضي الأجرة ومقابل التأجير مفروشاً باسم المستأجرة الأصلية للعين محل النزاع، وبادر في الشكوى رقم 6825 لسنة 1976 إداري عابدين إلى إثبات حالة تأجير الطاعن للعين محل النزاع مفروشاً إثر وفاة مستأجرتها الأصلية التي لم يكن يقيم بها أي من أقاربها ومقرراً بها تمسكه بحقه في إنهاء العلاقة الإيجارية بينهما منتهياً إلى أن الطاعن غاصب، وأن ما دفع من أجره بعد وفاة المستأجرة الأصلية مقابل الانتفاع بالعين، لا يدل على الموافقة على التأجير للطاعن وكان هذا الذي حصله الحكم وخلص إليه في هذا الخصوص سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق وكاف لحمل قضائه وفيه الرد الضمني المسقط لما عداه ويغني عن إجابة طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها مما لا يجوز أمام محكمة النقض ويكون النعي على غير أساس. والنعي في شقه الثالث غير مقبول، ذلك أنه لما كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم إليها من أدلة وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وكان البين مما سلف أن محكمة الموضوع في حدود سلطتها في قهم الواقع وتقدير الأدلة قد أقامت قضاءها بانتهاء عقد الإيجار على سند من عدم توافر شروط تطبيق نص المادة 29/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لثبوت عدم إقامة الطاعن بالعين محل النزاع وقت وفاة المستأجرة الأصلية فإن هذا الوجه من النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً غير جائز أمام محكمة النقض ومن ثم فهو غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.