أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 44 - صـ 689

جلسة 15 من يونيه سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد ممتاز متولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود يوسف، سعيد غرياني، محمد علي عبد الواحد نواب رئيس المحكمة وعبد المنعم محمد الشهاوي.

(249)
الطعن رقم 86 لسنة 60 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمسلمين: تطليق، طاعة".
دعوى الطاعة. اختلافها موضوعاً وسبباً عن دعوى التطليق للضرر. مؤدى ذلك. الحكم في الأولى بدخول الزوجة في طاعة زوجها ونشوزها لا يكون بذاته حاسماً في نفي ما تدعيه من مضارته لها في دعوى التطليق للضرر. علة ذلك.
(2، 3) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: الإثبات بالبينة" الحكم في الدعوى". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير البينة".
(2) محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها ووجه الحق فيها، طالما لم تخرج بتلك الأقوال عن مدلولها.
(3) شهادة القرابات بعضهم لبعض عدا الفرع لأصله والأصل لفرعه وأحد الزوجين لصاحبه. قبولها ما لم تتوافر لها أسباب التهمة من جلب مغنم.
(4، 5) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمسلمين: تطليق".
(4) القضاء بالتطليق. م 6 من الرسوم بق 25 لسنة 1929. شرطه. إضرار الزوج بالزوجة بما لا يستطاع معه دوام العشرة وأن يعجز القاضي عن الإصلاح بينهما. عرض الصلح من محكمة أول درجة وبرفضه من المطعون ضدها. كاف لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح دون حاجة لإعادة عرضه أمام محكمة الاستئناف.
(5) التحكيم في دعوى التطليق للضرر. شرطه. أن يتكرر من الزوجة طلب التفريق للضرر بعد رفض طلبها الأول مع عجزها عن إثبات ما تتضرر منه.
1 - إن دعوى الطاعة تختلف في موضوعها وسببها عن دعوى التطليق للضرر إذ تقوم الأولى على إخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة والقرار في منزل الزوجية بينما تقوم الثانية على ادعاء الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، ومن ثم فإن الحكم بدخول الزوجة في طاعة زوجها ونشوزها لا يكون بذاته حاسماً في نفي ما تدعيه من مضارته لها في دعوى التطليق للضرر تبعاً لتغاير الموضوع في الدعويين.
2 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها ووجه الحق فيها ولا معقب عليها في ذلك، طالما لم تخرج بتلك الأقوال عن مدلولها.
3 - الراجح في فقه الحنفية أن شهادة القرابات بعضهم لبعض عدا شهادة الأصل لفرعه أو الفرع لأصله أو أحد الزوجين لصاحبه تقبل وذلك ما لم تتوافر لها أسباب التهمة من جلب مغنم أو دفع مغرم.
4 - إن الشارع قد اشترط للحكم بالتطليق وفقاً لنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أن تثبت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة، وأن يعجز القاضي عن الإصلاح بينهما، إذ كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن محكمة أول درجة عرضت الصلح على الطرفين بجلسة...... فرفض الحاضر عن المطعون ضدها ووافق عليه الطاعن وهو ما يكفي - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين دون حاجة لإعادة عرض الصلح من جديد أمام محكمة الاستئناف ما دام لم يستجد ما يدعو إليه.
5 - مفاد المادة السادسة من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929 أن التجاء القاضي للتحكيم في النزاع بين الزوجين - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يلزمه إلا إذا تكرر من الزوجة طلب التطليق لإضرار الزوج بها بعد رفض طلبها الأول مع عجزها عن إثبات ما تتضرر منه، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ثبوت وقائع الأضرار المدعاة، فإن موجب إعمال قاعدة التحكيم يكون منتفياً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1830 لسنة 1987 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة ضد الطاعن للحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر وقالت بياناً لدعواها إنها زوجته ومدخولته بصحيح العقد الشرعي وإذ دأب على التعدي عليها بالضرب والسب وأساء معاشرتها بما لا يستطاع دوام العشرة بينهما كما هجرها منذ 1/ 1/ 1982 ومن ثم فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق وبعد أن سمعت شاهدي المطعون ضدها حكمت في 28/ 3/ 1989 بتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 490 لسنة 106 ق وبتاريخ 5/ 3/ 1990 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الثابت من مدونات الحكم رقم 505 لسنة 104 ق استئناف القاهرة - والذي قدمه لمحكمة الاستئناف - أنه قضى برفض اعتراض المطعون ضدها على إنذار الطاعن الذي يدعوها فيه إلى الدخول في طاعته على سند من أن شاهديها لم يشاهدا واقعة اعتدائه عليها بالضرب وأنهما لم يعاينا مسكن الطاعة إلا أن المحكمة طرحت دلالة ذلك الحكم وأخذت بأقوال شاهدي المطعون ضدها بالرغم من قرابتهما لها وقضت بتطليق المطعون ضدها وبذلك يكون الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذين السببين مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دعوى الطاعة تختلف في موضوعها وسببها عن دعوى التطليق للضرر إذ تقوم الأولى على إخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة والقرار في منزل الزوجية بينما تقوم الثانية على إدعاء الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، ومن ثم فإن الحكم بدخول الزوجة في طاعة زوجها ونشوزها لا يكون بذاته حاسماً في نفي ما تدعيه من مضارته لها في دعوى التطليق للضرر تبعاً لتغاير الموضوع في الدعويين وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها ووجه الحق فيها ولا معقب عليها في ذلك، طالما لم تخرج بتلك الأقوال عن مدلولها. وأن الراجح في فقه الحنفية أن شهادة القرابات بعضهم لبعض عدا شهادة الأصل لفرعه أو الفرع لأصله أو أحد الزوجين لصاحبه تقبل وذلك ما لم تتوافر لها أسباب التهمة من جلب مغنم أو دفع مغرم. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون ضدها في الطاعن على ما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون ضدها أمام محكمة أول درجة - حال أن قرابتهما غير مانعة من قبول شهادتهما على نحو ما سلف بيانه - بأن الطاعن دأب على التعدي عليها بالقول والفعل بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما وهو ما يكفي لحمل قضائه فإنه لا تثريب على محكمة الموضوع ما دامت قد اقتنعت بهذه الحقيقة وأوردت الدليل عليها أن طرحت ما قد يكون لدعوى الطاعة رقم 505 لسنة 104 ق القاهرة من دلالة مغايرة ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف قضت بالتطليق دون عرض الصلح على الطرفين مخالفة بذلك ما توجبه المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 من عدم جواز التطليق إلا إذا ثبت الضرر وعجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين كما أنها لم تبعث بحكمين للتوفيق بينهما وبذلك يكون الحكم قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك أن الشارع قد اشترط للحكم بالتطليق وفقاً لنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أن تثبت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة وأن يعجز القاضي عن الإصلاح بينهما، وكان الثابت من الأوراق أن محكمة أول درجة عرضت الصلح على الطرفين بجلسة 24/ 11/ 1987 فرفض الحاضر عن المطعون ضدها ووافق عليه الطاعن وهو ما يكفي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين دون حاجة لإعادة عرض الصلح من جديد أمام محكمة الاستئناف ما دام لم يستجد ما يدعو إليه. لما كان ذلك، وكان مفاد المادة السادسة سالفة الذكر أن التجاء القاضي للتحكيم في النزاع بين الزوجين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يلزمه إلا إذا تكرر من الزوجة طلب التطليق لإضرار الزوج بها بعد رفض طلبها الأول مع عجزها عن إثبات ما تتضرر منه، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ثبوت وقائع الأضرار المدعاة فإن موجب إعمال قاعدة التحكيم يكون منتفياً ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.