أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 361

جلسة 31 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح عبد العظيم نائب رئيس المحكمة، الدكتور أحمد حسني، محمد طموم، وزكي المصري.

(81)
الطعن رقم 1514 لسنة 51 القضائية

1 - إفلاس "دعوى إشهار الإفلاس". نقض "الخصوم في الطعن".
وكيل الدائنين. وجوب اختصامه في الطعن بالنقض على الحكم الصادر بإشهار الإفلاس وإلا كان الطعن باطلاً. عدم اختصامه أمام محكمة الموضوع بدرجتها. لا أثر له.
2 - إفلاس "التوقف عن الدفع".
التوقف عن الدفع. هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر مما يعرض حقوق الدائنين للخطر. مجرد امتناع التاجر عن دفع ديونه. لا يعد توقفاً بالمعنى المذكور.
3 - حكم "تسبيب الحكم" نقض "رقابة محكمة النقض".
وجوب بيان الحكم للوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع. خضوع التكييف القانوني لهذه الوقائع محكمة النقض.
4 - إفلاس. حكم "تسبيب الحكم" "ما يعد قصوراً".
إغفال الحكم بحيث مدى جدية منازعة الطاعن في الدين وعدم مناقشة دفاعه من أن توقفه عن دفع قيمة الشيك كان لسبب مشروع ولا ينبئ عن مركز مالي مضطرب. قصور.
1 - أنه وإن كان المطعون ضده الثاني لم يكن خصماً في الدعوى أمام محكمة الموضوع بدرجتيها وإنما قضى الحكم المطعون فيه بتعيينه وكيلاً للدائنين بعد إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بإشهار إفلاس الطاعن وكان من المقرر أن حكم إشهار الإفلاس ينشئ حالة قانونية جديدة هي اعتبار التاجر الذي توقف عن سداد ديونه التجارية في حالة إفلاس مع ما يرتبه القانون على ذلك من غل يده عن إدارة أمواله أو التصرف فيها وفقد أهليته في التقاضي بشأنها ويحل محله في مباشرة تلك الأمور وكيل الدائنين تعينه المحكمة في حكم إشهار الإفلاس وهو يعتبر وكيلاً عن المفلس وعن جماعة الدائنين في ذات الوقت وعليه مباشرة سلطاته التي خولها له القانون نتيجة إسباغ تلك الصفة عليه بموجب حكم إشهار الإفلاس ومن ثم فإن الطعن في الحكم بإشهار الإفلاس يجب - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يوجه إلى وكيل الدائنين باعتباره ممثلاً لجماعة الدائنين وإلا كان الطعن باطلاً.
2 - التوقف عن الدفع المقصود في المادة 195 من قانون التجارة هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق دائنيه لخطر محقق أو كبير الاحتمال، ولئن كان امتناع المدين عن الدفع دون أن تكون لديه أسباب مشروعة يعتبر قرينة في غير مصلحته، إلا أنه قد لا يعتبر توقفاً بالمعنى السالف بيانه إذ قد يكون مرجع ذلك الامتناع عذراً طرأ عليه مع اقتداره على الدفع، وقد يكون لمنازعة في الدين من حيث صحته أو مقداره أو حلول أجل استحقاقه أو انقضائه لسبب من أسباب الانقضاء.
3 - يتعين على محكمة الموضوع أن تفصل في حكمها - الصادر بالإفلاس - الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها في تكييفها القانوني لهذه الوقائع باعتبار أن التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التي يتطلبها القانون لشهر الإفلاس.
4 - متى كان الحكم المطعون فيه لم يناقش دفاع الطاعن من أن توقفه عن دفع قيمة الشيك كان لسبب مشروع ولا ينبئ عن مركز مالي مضطرب وكان بحث هذا الدفاع على ضوء ما قدمه الطاعن من مستندات من شأنه - لو صح - أن يغير وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب وفساد الاستدلال فضلاً عن مخالفته القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن البنك المطعون ضده الأول أقام على الطاعن الدعوى رقم 104 لسنة 1979 إفلاس جنوب القاهرة قال فيها إنه يداينه في مبلغ خمسة وخمسين ألف دولار أمريكي يعادل ثمانية وثلاثين ألفاً وخمسمائة جنيه بموجب الشيك رقم 409030 المؤرخ 15/ 6/ 1978 والمسحوب على بنك مصر الرئيسي، وقد أفاد البنك بعدم وجود رصيد قائم وقابل للسحب ورغم صدور حكم جنائي بإدانة الطاعن وإنذاره رسمياً في 15/ 4/ 1979 بالوفاء لم يقم بالسداد لذا طلب المطعون ضده الأول الحكم بإشهار إفلاسه لتوقفه عن دفع ديون التجارية واعتبار يوم 15/ 6/ 1978 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع الإجراءات القانونية وبتاريخ 25/ 6/ 1980 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى. استأنف البنك المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 558 لسنة 97 ق القاهرة وبتاريخ 23/ 5/ 1981 حكمت المحكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإشهار إفلاس الطاعن واعتبار يوم 16/ 4/ 1979 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع وتعيين المطعون ضده الثاني وكيلاً للدائنين، طعن الطاعن هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأي دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته ونقض الحكم بالنسبة للبنك المطعون ضده الأول وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة أن المطعون ضده الثاني بصفته وكيلاً للدائنين لم توجه له طلبات أمام محكمة الموضوع من الطاعن ولم يكن له طلبات قبل الطاعن ولم ينازعه في طلباته ومن ثم لا تقوم ثمة مصلحة في اختصامه أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة غير سديد، ذلك أنه وإن كان المطعون ضده الثاني لم يكن خصماً في الدعوى أمام محكمة الموضوع بدرجتيها وإنما قضى الحكم المطعون فيه بتعيينه وكيلاً للدائنين بعد إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بإشهار إفلاس الطاعن. وكان من المقرر أن حكم إشهار الإفلاس ينشئ حالة قانونية جديدة هي اعتبار التاجر الذي توقف عن سداد ديونه التجارية في حالة إفلاس مع ما يرتبه القانون على ذلك من غل يده عن إدارة أمواله أو التصرف فيها وفقد أهليته في التقاضي بشأنها ويحل محله في مباشرة تلك الأمور وكيل للدائنين تعينه المحكمة في حكم إشهار الإفلاس وهو يعتبر وكيلاً عن المفلس وعن جماعة الدائنين في ذات الوقت وعليه مباشرة سلطاته التي خولها له القانون نتيجة إسباغ تلك الصفة عليه بموجب حكم إشهار الإفلاس ومن ثم فإن الطعن في الحكم بإشهار الإفلاس يجب - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يوجه إلى وكيل الدائنين باعتباره ممثلاً لجماعة الدائنين وإلا كان الطعن باطلاً - ويكون الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالسبة له على غير أساس من القانون.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالأسباب الثاني والثالث والرابع على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اتخذ من مجرد امتناعه عن سداد المبلغ الثابت بالشيك محل النزاع، دليلاً على أنه توقفه عن الدفع ينبئ عن مركز مالي مضطرب دون أن يبين الأسباب التي تسانده فيما انتهى إليه إذ أن مجرد الامتناع عن دفع الدين لا يعتبر توقفاً عن الدفع بالمعنى الذي يتطلبه القانون لإشهار الإفلاس ولكن يجب أن يكشف التوقف عن الدفع عن مركز مالي مضطرب إذ قد يكون التوقف عن الدفع لأسباب مشروعة، وقد أثار الطاعن أمام محكمة الموضوع دفاعاً جوهرياً حاصله أن الشيك محل النزاع لا يمثل ديناً عليه وإنما كان ضماناً لفتح اعتماد مستندي لاستيراد بضاعة ومؤشر عليه بعدم صرفه إلا بعد وصول البضاعة وأنه قام بتسوية الاعتماد المفتوح وأصبح من حقه استرداد الشيك وقد أنذر البنك بذلك 9/ 8/ 1978 قبل أن يطالبه بقيمة الشيك في 16/ 4/ 1979. كما تمسك أمام محكمة الموضوع بأن امتناعه عن سداد قيمة الشيك إلى البنك لا يعتبر توقفاً عن الدفع ودلل على ثبات مركزه المالي ورسوخ ائتمانه بمستندات عديدة منها شهادتين من محكمة جنوب القاهرة بعدم وجود احتجاجات عدم دفع مقيدة ضده خلال الفترة من أول عام 1978 حتى 25/ 3/ 1980، وصورة إيصال إيداع مبلغ 35 ألف دولار بحسابه الجاري لدى البنك المطعون ضده في 24/ 12/ 1978 وأوراق أخرى تفيد سداد مبالغ كبيرة للبنك خصماً من مستحقاته لديه فضلاً عن أن البنك قبل في 20/ 9/ 1978 فتح اعتماد مستندي له بمبلغ 160 ألف دولار ولكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري ولم يبحث منازعته الجدية في الشيك محل النزاع مكتفياً بتقرير عدم جدية هذه المنازعة تأسيساً على أنه أثارها بعد ميعاد الاستحقاق وهو ما لا يؤدي بالضرورة إلى عدم جدية المنازعة ولا يواجه دفاع الطاعن المؤيد بالمستندات بما يشوب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب وفساد والاستدلال فضلاً عن مخالفة القانون.
حيث إن هذا النعي في جملته سديد، ذلك أن التوقف عن الدفع المقصود في المادة 195 من قانون التجارة هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق دائنيه لخطر محقق أو كبير الاحتمال، ولئن كان امتناع المدين عن الدفع دون أن تكون لديه أسباب مشروعة يعتبر قرينة في غير مصلحته، إلا أنه قد لا يعتبر توقفاً بالمعنى السالف بيانه إذ قد يكون مرجع هذا الامتناع عذراً طرأ عليه مع اقتداره على الدفع، وقد يكون لمنازعته في الدين من حيث صحته أو مقداره أو حلول أجل استحقاقه أو انقضائه لسبب من أسباب الانقضاء يتعين على محكمة الموضوع أن تُفَصِّلَ في حكمها - الصادر بالإفلاس - الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها في تكييفها القانوني لهذا الوقائع باعتبار أن التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التي يتطلبها القانون لشهر الإفلاس. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته تبريراً لشهر إفلاس الطاعن قوله لما كان ذلك وكان المستأنف ضده (الطاعن) - وهو تاجر اتخذ التجارة حرفة معتادة له دون جدل منه في ذلك - قد توقف عن دفع الدين تجاري بمقتضى الشيك المؤرخ 15/ 6/ 1978 ولم يبادر إلى سداد قيمة هذا الشيك وهو ورقة تجارية رغم إنذاره في 16/ 4/ 1979 فإن المحكمة تستشف من هذا التوقف عن الدفع اضطراباً في مركز المستأنف ضده المالي وفقداناً لائتمانه التجاري والثقة الواجب توافرها للتاجر بما يسمح بإشهار إفلاسه، وكان يبين من هذا الذي قرره الحكم إن اتخذ من مجرد امتناع الطاعن عن سداد الشيك محل النزاع دليلاً على توقف عن الدفع دون أن يبين إن كان هذا التوقف ينبئ عن اضطراب خطير في حالة المدين المالية وتزعزع ائتمانه والأسباب التي يستند إليها في ذلك وهو ما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تكييف الوقائع وإنزال حكم القانون عليها في هذا الخصوص كما لم يبحث الحكم مدى جدية منازعة الطاعن في الدين الثابت بالشيك مكتفياً بتقرير كيدية هذه المنازعة بهدف عرقلة صدور حكم الإفلاس بمقولة إنها لم تنشأ إلا بعد حلول ميعاد الاستحقاق وهو مما لا يترتب عليه بالضرورة عدم جدية المنازعة خصوصاً وأن تاريخ استحقاق الشيك غير محدد على وجه التعيين لأن صرفه معلق على وصول البضاعة التي حرر ضماناً للاعتماد المستندي المفتوح لاستيرادها ومتى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يناقش دفاع الطاعن من أن توقفه عن دفع قيمة الشيك كان لسبب مشروع ولا ينبئ عن مركز مالي مضطرب وكان بحث هذا الدفاع على ضوء ما قدمه الطاعن من مستندات من شأنه - لو صح - أن يغير وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب وفساد الاستدلال فضلاً عن مخالفة القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.