أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 409

جلسة 6 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد العزيز فوده، وليم رزق بدوي، محمد لطفي السيد، ومحمد لبيب الخضري.

(90)
الطعن رقم 212 لسنة 40 القضائية

1 - حجز "الحجز الإداري". اختصاص "الاختصاص النوعي". قضاء "القضاء المستعجل". تنفيذ "منازعات التنفيذ".
الحجز الإداري. اختصاص القضاء المستعجل بنظر المنازعات الوقتية المتعلقة به. اختصاص القضاء الجزئي بنظر المنازعات المتعلقة بأصل الحق أو بصحة الحق أو بصحة الحجز. المادتان 27 و72 القانون 308 لسنة 1955. إقامة الطلب الوقتي على أسباب موضوعية. لا أثر له على وصف المنازعة.
2 - بنوك. حجز "الحجز الإداري". أموال "أموال عامة". قانون "القانون الواجب التطبيق".
بنك مصر. صدور القرار الجمهوري رقم 872 لسنة 1965 بتحويله إلى شركة مساهمة. لا ينفي ملكيته للدولة بعد تأميمه بالقانون رقم 39 لسنة 1960. أثر ذلك. حقه في اتخاذ إجراءات الحجز الإداري. م 1/ ط القانون 308 لسنة 1954. جواز توقيع الحجز الإداري لمستحقات ليست أموالاً عامة ولا تخضع لأحكام القانون العام.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحاكم تختص بنظر الدعوى الخاصة ببطلان إجراءات الحجوز الإدارية أو إلغائها أو وقف إجراءات البيع وأن لقاضي الأمور المستعجلة إذا طلب منه الحكم بعدم الاعتداد بحجز وقع على خلاف القانون أن يرجع إلى حكم القانون للتحقق مما إذا كان الحجز قد رفع وفقاً له مستوفياً لأركانه الجوهرية أو رفع مخالفاً له فاقداً هذه الأركان فيعتبر عقبة مادية تعترض حق صاحب المال المحجوز عليه الذي له أن يلجأ لقاضي الأمور المستعجلة للتخلص منها طالباً عدم الاعتداد بالحجز، وليس في ذلك مساس بأصل الحق ومن ثم فلا تكون المحكمة الجزئية مختصة به طبقاً لما تقضي به المادتان 27، 72 من قانون الحجز الإداري رقم 308 سنة 1955، إذ أن الاختصاص المنصوص عليه في المادتين المذكورتين مشروط بأن تكون المنازعة تتعلق بأصل الحق أو بصحة الحجز لا أن تكون مجرد طلب وقتي لا يمس الحق مما يختص به قاضي الأمور المستعجلة كما وأن الاستناد إلى أسباب موضوعية في دعوى عدم الاعتداد بالحجز كبراءة الذمة من الدين المحجوز من أجله أو الادعاء بعدم قيام هذه المديونية لا يكون له أثر على وصف المنازعة طالما أن المطلوب فيها إجراء وقتي فيكون الاختصاص بها لقاضي الأمور المستعجلة ليحكم فيها بصفة مؤقتة مع عدم المساس بالحق.
2 - القرار الجمهوري رقم 872 سنة 1965 في 31/ 3/ 1965 الذي وقع الحجز محل التداعي في ظله نص في مادته الأولى على تحويل بنك مصر على شركة مساهمة عربية ومع ذلك ظل محتفظاً بشخصيته المعنوية ويباشر نشاطه طبقاً للنظام المقرر للشركات التجارية مع ملكيته للدولة كما كان أثناء سريان القانون رقم 39 سنة 1960 الصادر بتأميمه وتحويله إلى مؤسسة عامة وبذلك تتحقق فيه صفة البنوك التي تساهم الحكومة في رؤوس أموالها بما يزيد على النصف المنصوص عليه في الفقرة (ط) من المادة الأولى من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 ويكون من حقه أن يتخذ إجراءات الحجز الإداري المنصوص عليها في هذا القانون رغم خضوعه في بعض معاملاته لقواعد القانون الخاص ذلك أن قانون الحجز الإداري لا يشترط في المستحقات التي يجوز اتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بها أن تكون أموالاً عامة ولا أن تكون مخصصة للنفع العام ولا أن تكون خاضعة لأحكام القانون العام دون أحكام القانون الخاص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثاني أقاما الدعوى رقم 173 سنة 1967 تجاري كلي القاهرة على بنك الطاعن والمطعون ضدهم الباقين بطلب الحكم بصفة مستعجلة وبنسخة الحكم الأصلية بعدم الاعتداد بالحجوز الإدارية التنفيذية الموقعة من البنك الطاعن على ما للمطعون ضدهما الأول والثاني تحت يد مستأجري العقارات الثلاثة المبينة بصحيفة الدعوى وبعدم الاعتداد بإجراءات التنفيذ الإداري العقاري على تلك العقارات واعتبار هذه الإجراءات كأن لم تكن وأصلياً أولاً ببراءة ذمة المطعون ضدهما الأول والثاني من دين بنك مصر الذي اتخذ من أجله إجراءات التنفيذ سالفة البيان وجملته 168020 جنيهاً و186 مليماً وفوائده وببطلان تلك الإجراءات وما ترتب عليها من آثار ثانياً: ببراءة ذمتهما من دين بنك القاهرة المرفوعة به الدعوى رقم 323 سنة 1964 تجاري كلي القاهرة وجملته 59724 جنيهاً و119 مليم وفوائده واحتياطياً إلزام كلاً من المطعون ضدها شركة.... ووزارة الخزانة متضامنين بأن يدفعا لهما قيمة دين بنك مصر ودين بنك القاهرة وذلك في حالة عدم الحكم ببراءة ذمتهما منها. وقالا بياناً لذلك إن البنك الطاعن فتح اعتمادات بحسابات جارية لصالح شركة.... وبكفالتهما الشخصية ثم أقفل الحساب برصيد مدين قدره 168020 جنيهاً و186 مليماً وبتاريخ 9، 11، 12 نوفمبر سنة 1966 أوقع البنك الطاعن حجزاً إدارياً حجز ما للمدين لدى الغير على مالهما تحت يد مستأجري عقاراتهم المبينة بالصحيفة، كما أوقع بتاريخ 16/ 5/ 1967 حجزاً إدارياً عقارياً على تلك العقارات وذلك وفاء لدينه السابق. ولما كانت الشركة المدينة قد أممت تأميماً نصفياً في 20/ 7/ 1961 ثم تأميماً كاملاً في 9/ 1/ 1964 وكانت أصولها تزيد على خصومها بعد إدراج دين البنك إلى جانب الخصوم، فإن ذمتهما تكون بريئة من هذا الدين بالإضافة إلى بطلان الحجوز المنفذ بها لعدم اتباع الطريق القانوني بشأنها، لأن البنك الطاعن ليس من الجهات التي يجوز لها اتباع طريق الحجز الإداري عند عدم الوفاء بمستحقاتها طبقاً للقانون رقم 308 لسنة 1955 - قضت محكمة أول درجة في 21/ 6/ 1967 برفض الطلب المستعجل الخاص بعدم الاعتداد بالحجوز وبالتنبيه العقاري موضوع الدعوى. استأنف المطعون ضدهما الأول والثاني هذا الحكم بالاستئناف رقم 399 سنة 84 قضائية القاهرة. فقضت المحكمة في 20/ 1/ 1971 أولاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة المبدى من الشركات الثلاثة المطعون ضدهم وبقبولها بالنسبة لهم ثانياً: رفض الدفع المبدى من بنك مصر الطاعن بعدم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بطلب عدم الاعتداد بالحجز الإداري الموقع منه وباختصاصه بنظر هذا الطلب. ثالثاً: بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوع الطلب المستعجل بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض هذا الطلب وبعدم الاعتداد بالحجوز الإدارية التنفيذية الموقعة من بنك مصر على ما للمطعون ضدهما الأولين تحت يد مستأجري العقارات المبينة بالصحيفة وبعدم الاعتداد بالتنبيه باتخاذ إجراءات التنفيذ الإداري العقاري على تلك العقارات واعتبار هذه الإجراءات وما ترتب عليها كأن لم تكن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيه الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى البنك الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه دفع بعدم اختصاص القضاء المستعجل نوعياً بنظر الدعوى لمساس ذلك بالموضوع إذ أن أساس الطلب براءة الذمة لانقضاء الدين المنفذ به والإدعاء بوقوع خطأ في قرار لجنة التقييم والمنازعة الموضوعية في قيمة الدين، وكلها أسباب موضوعية لا تدخل في اختصاص القاضي المستعجل، كما أن المنازعات الخاصة بالحجز الإداري تخرج عن اختصاص القاضي المستعجل بصريح نص المادتين 27، 72 من قانون الحجز الإداري ولم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع الذي يتضمن وجهاً لدفع شكلي هو عدم الاختصاص النوعي للمحكمة، بل قضى برفض الدفع دون بحثه لأوجهه ثم تعرض بعد ذلك للموضوع بأن بحث أحقية البنوك المؤممة في توقيع الحجوز الإدارية مما يصم الحكم بالقصور في تسبيب قضائه في الدفع الأمر الذي يؤدي إلى بطلانه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحاكم تختص بنظر الدعاوى الخاصة ببطلان إجراءات الحجوز الإدارية أو إلغائها أو وقف إجراءات البيع وأن لقاضي الأمور المستعجلة إذا طلب منه الحكم بعدم الاعتداد بحجز وقع على خلاف القانون أن يرجع إلى حكم القانون للتحقق مما إذا كان الحجز قد وفع وفقاً له مستوفياً لأركانه الجوهرية أو وقع مخالفاً له فاقداً هذه الأركان فيعتبر عقبة مادية تعترض حق صاحب المال المحجوز عليه الذي له أن يلجأ لقاضي الأمور المستعجلة للتخلص منها طالباً عدم الاعتداد بالحجز، وليس في ذلك مساس بأصل الحق، ومن ثم فلا تكون المحكمة الجزئية مختصة به طبقاً لما تقضي به المادتان 27، 72 من قانون الحجز الإداري رقم 308 سنة 1955 إذ أن الاختصاص المنصوص عليه في المادتين المذكورتين مشروط بأن تكون المنازعة تتعلق بأصل الحق أو بصحة الحجز لا أن تكون مجرد طلب وقتي لا يمس الحق مما يختص به قاضي الأمور المستعجلة. كما وأن الاستناد إلى أسباب موضوعية في دعوى عدم الاعتداد بالحجز كبراءة الذمة من الدين المحجوز من أجله أو الادعاء بعدم قيام هذه المديونية لا يكون له أثر على وصف المنازعة طالما أن المطلوب فيها إجراء وقتي، فيكون الاختصاص بها لقاضي الأمور المستعجلة ليحكم فيها بصفة مؤقتة مع عدم المساس بالحق، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة إلى أن القاضي المستعجل يختص بنظر دعوى عدم الاعتداد بالمحجوز الإدارية وأن تمسك الخصوم بأسباب موضوعية لا يسلبه اختصاصه، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب المؤدي إلى البطلان على غير أساس.
وحيث إن البنك الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال ومسخ الوقائع، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه افترض بعد تحويل البنك إلى شركة مساهمة بموجب القانون رقم 872 سنة 1965 طرح أسهمه الممثلة لرأس المال بالسوق بحيث لم يصبح من المقطوع به ملكية الدولة لأكثر من نصف رأسماله وبالتالي يخرج البنك من عداد البنوك المنصوص عليها في الفقرة (ط) من القانون رقم 308 سنة 1955 التي يجوز له توقيع الحجز الإداري كما أن الحكم انتهى خطأ إلى أن العبرة هي بثبوت صفة المال العام للأموال التي يوقع الحجز الإداري اقتضاءً لها بينما حقيقة الواقع أن أموال البنك الطاعن كلها مملوكة للدولة بعد تأميمه وأن تحويله إلى شركة مساهمة لم يغير من أوجه نشاطه أو أهدافه التي تحددت في المادة الأولى من القانون 39 سنة 1960 الصادر بتأميم البنك وهى أنه يدير مرفقاً عاماً يعمل لتحقيق النفع العام وأهداف الدولة الاشتراكية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك يكون معيباً بالفساد في الاستدلال ومخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن ملكية أموال البنك الطاعن قد نقلت إلى الدولة بمقتضى القانون رقم 39 لسنة 1960 وقد نصت المادة الأولى فيه على أن يعتبر البنك مؤسسة عامة وتنقل ملكيته إلى الدولة ونص في مادته السادسة على أن يظل البنك مسجلاً كبنك تجاري ويجوز له أن يباشر كافة الأعمال المصرفية التي كان يقوم بها قبل صدور هذا القانون ثم صدر القرار الجمهوري رقم 872 سنة 1965 في 31/ 3/ 1965 والذي وقع الحجز محل التداعي في ظله نص في مادته الأولى على تحويل بنك مصر على شركة مساهمة عربية، ومع ذلك ظل محتفظاً بشخصيته المعنوية ويباشر نشاطه طبقاً للنظام المقرر للشركات التجارية مع ملكيته للدولة كما كان أثناء سريان القانون رقم 19 سنة 1960 الصادر بتأميمه وتحويله إلى مؤسسة عامة وبذلك تتحقق فيه صفة البنوك التي تساهم الحكومة في رؤوس أموالها بما يزيد على النصف المنصوص عليه في الفقرة (ط) من المادة الأولى من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 ويكون من حقه أن يتخذ إجراءات الحجز الإداري المنصوص عليها في هذا القانون رغم خضوعه في بعض معاملاته لقواعد القانون الخاص ذلك أن قانون الحجز الإداري لا يشترط في المستحقات التي يجوز اتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بها أن تكون أموالاً عامة ولا أن تكون مخصصة للنفع العام ولا أن تكون خاضعة لأحكام القانون العام دون أحكام القانون الخاص، وأية ذلك أن من بين هذه المستحقات إيجارات أملاك الدولة الخاصة ومقابل الانتفاع بها بعقد أو بطريق الخفية، وكذلك مستحقات وزارة الأوقاف وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة من المبالغ بل أن الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من قانون الحجز الإداري نصت صراحة على المبالغ الأخرى التي نصت القوانين الخاصة بها على تحصيلها بطريق الحجز الإداري دون قيد أو شرط. لما كان ذلك فإن استخلاص الحكم المطعون فيه أن البنك الطاعن أضحى شركة المساهمة وأن أصبح من العسير القطع بأن الحكومة تساهم بما يزيد عن نصف رأسماله بما يخرجه من عداد البنوك المنصوص عليها في الفقرة (ط) من المادة الأولى من قانون الحجز الإداري، استخلاص فاسد لا تؤدي إليه المقدمات الواقعية والقانونية التي أقيم عليها، إذ أن الأصل هو بقاء الشيء على ما هو عليه إلى أن يثبت غيره وقد ثبت أن ملكية بنك مصر الطاعن برمتها قد آلت إلى الدولة بالتأميم ولم يدع أحد طرفي النزاع ما يخالف ذلك وإنما قام دفاع المطعون ضدهما كما هو ثابت في مدونات الحكم المطعون فيه على أن التأميم ليس هو المساهمة في رأس المال بالمعنى المقصود وأن التأميم لا ينفي بقاء البنك المؤمم يمارس نشاطه التجاري وبالشكل الذي اتخذه لنفسه وهو نشاط بطبيعته تجاري ولا يخضع للقوانين المتعلقة بالمرافق العامة في القانون الإداري بل تسري عليه أحكام القانون الخاص وأن الصفة العامة قد زالت عنه لتحويله إلى شركة مساهمة عربية ولا يستفاد من ذلك بحال أن الحكومة لم تعد تساهم فيه بما يزيد عن نصف رأسماله ويكون ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من عدم أحقية البنك الطاعن في اتخاذ إجراءات الحجز الإداري ويعدم الاعتداد بالحجوز الإدارية التنفيذية الموقعة منه على مال المدين لدى الغير وبعدم الاعتداد بالتنبيه باتخاذ إجراءات التنفيذ الإداري العقاري مخالفاً للقانون ومشوباً بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه مع الإحالة.