أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 426

جلسة 7 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيره رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: نائب المحكمة صلاح عبد العظيم، الدكتور أحمد حسني، يحيى الرفاعي، ومحمد طموم.

(93)
الطعن رقم 453 لسنة 41 القضائية

1، 2 - تأميم. مسئولية. التزام.
1 - تأميم بعض المنشآت بالقانون رقم 117 لسنة 1961. أثره مسئولية المنشأة المؤممة مسئولية كاملة عن جميع التزاماتها السابقة على التأميم. لا يغير من أيلولة أسهم المنشأ للدولة مع تحديد مسئوليتها في حدود ما آل إليها. علة ذلك.
2 - استمرار الشركة المؤممة في مزاولة نشاطها. أثره. مسئوليتها وحدها عن كافة ديونها السابقة على التأميم.
3 - شركات "إدماج الشركات". خلف. التزام.
3 - إدماج الشركات بطريق الضم. أثره. حلول الشركة الدامجة محل الشركة المندمجة في حقوقها والتزاماتها.
1 - مؤدى القانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت وقوانين التأميم اللاحقة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الشارع لم يشأ انقضاء الشركة أو المنشأة المؤممة بمقتضى هذه القوانين بل رأى الإبقاء على شكلها القانوني واستمرارها في ممارسة نشاطها مع إخضاعها للجهة الإدارية التي يرى إلحاقها بها، وهذا الإشراف لا يعني زوال شخصية الشركة أو المنشأة المؤممة، بل تظل شخصيتها المعنوية التي كانت لها قبل التأميم وذمتها المالية المستقلة بما عساه أن يكون عالقاً بها من التزامات فتسأل الشركة المؤممة مسئولية كاملة عن جميع التزاماتها السابقة على التأميم كنتيجة ضمنية لاستمرار شخصيتها المعنوية ولا يغير من ذلك أيلولة أسهم الشركات المؤممة إلى الدولة مع تحديد مسئوليتها عن التزاماتها السابقة في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم ذلك أن مسئولية الدولة - وقد أصبحت المساهم الوحيد بعد أن آلت إليها ملكية الشركة المؤممة - لا تعدو أن تكون تطبيقاً للقواعد العامة في مسئولية المساهم الذي لا يسأل أثناء قيام الشركة عن التزاماتها وإنما تتحدد مسئوليته عن التصفية بقيمة ما يملك من أسهم.
2 - لما كانت الشركة قد استمرت في مزاولة نشاطها بعد التأميم ولم تتم تصفيتها، ومن ثم تظل مسئولة وحدها مسئولية كاملة عن كافة ديونها السابقة على التأميم ولا يغير من ذلك إدماجها بعد التأميم في الشركة الطاعنة.
3 - إن إدماج الشركات بطريق الضم، وإن كان يترتب عليه أن تنقضي الشركة المندمجة وتمحي شخصيتها الاعتبارية وذمتها المالية، إلا أن الشركة الدامجة تحل محلها فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات وتخلفها في ذلك خلافة عامة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 545 سنة 1966 أمام محكمة القاهرة التجارية الابتدائية بطلب إلزام الشركة الطاعنة والشريكين المتضامنين في شركة.... وشركاهما بأن يدفعوا لها على وجه التضامن مبلغ 1361.614 جنيه مع الفوائد القانونية. وقالت بياناً لدعواها إنها تداين الشركة الأخيرة في المبلغ المطالب به وهو رصيد حسابها المدين حتى تاريخ 29 فبراير سنة 1964 وقد أخطرتها بأنه تم تأميمها بالقرار بالجمهوري رقم 52 سنة 1964، ولما كانت الشركة الأخيرة شركة توصية بسيطة فإن الشريكين المتضامنين فيها يلتزمان بهذا الدين في أموالهما الخاصة كما تلتزم به الشركة الطاعنة. وبتاريخ 27 مارس سنة 1968 حكمت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنة والحارس العام على أموال الشريكين المتضامنين بأن يدفعا للشركة المطعون ضدها مبلغ 1361.614 جنيه وفوائده بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 356 لسنة 85 ق. وبتاريخ 23/ 3/ 1971 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة أقامت طعنها على أربعة أسباب تنعى بها على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون والخطأ في تأويله وتفسيره، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بإلزام الشركة الطاعنة بالمبلغ موضوع المطالبة عن تصرفات الشركة المؤممة خلال الفترة من سنة 1961 إلى سنة 1964 على أساس أن شخصية الشركة منفصلة عن شخصية الدولة، في حين أن أموال الشركات التي أممت آلت إلى الدولة منذ صدور القانون رقم 117 لسنة 1961، وأن الدولة لا تسأل عن التزامات الشركة المؤممة إلا في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم، وأن ما نصت عليه المادة الرابعة من القانون رقم 117 لسنة 1961 من أن تظل الشركات المؤممة محتفظة بشكلها القانوني عند صدور هذا القانون لا يقصد منه إلا الشكل القانوني فقط دون التعرض لأموال هذه الشركات أو لمدى المسئولية فيها، وأن القول بأن شخصية الشركة المؤممة منفصلة عن شخصية الدولة مخالف لصريح نصوص القانون رقم 117 لسنة 1961 والقانون المعدل له رقم 149 لسنة 1962، وأن ما نصت علية المادتان 2، 3 من هذا القانون إنما ينطوي على عملية تصفية للشركة المؤممة بما كان يتعين معه قسمة المال الذي آل إلى الدولة قسمة غرماء بين دائني الشركة قبل تاريخ التأميم طبقاً لنتيجة التقييم، ولما كان دين الشركة المطعون ضدها عند التأميم في 20/ 7/ 1961 مبلغ 10876.539 جنيهاً وكان سداد ديون الشركة المؤممة تأسيساً على نتيجة التقييم يتحتم أن يكون بواقع 835 مليم للجنيه، فإن ما يستحق للمطعون ضدها من الديون هو 9081.910 جنيهاً ولما كانت قد حصلت على مبلغ 9514.935 بعد 20/ 7/ 1971، فإنها تكون قد حصلت على أكثر مما تستحق.
وحيث إن النعي بأسباب الطعن برمته غير سديد، ذلك أن مؤدى القانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت وقوانين التأميم اللاحقة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الشارع لم يشأ انقضاء الشركة أو المنشأة المؤممة بمقتضى هذه القوانين، بل رأى الإبقاء على شكلها القانوني واستمرارها في ممارسة نشاطها مع إخضاعها للجهة الإدارية التي يرى إلحاقها بها، وهذا الإشراف لا يعني زوال شخصية الشركة أو المنشأة المؤممة، بل تظل شخصيتها المعنوية، التي كانت لها قبل التأميم وذمتها المالية المستقلة بما عساه أن يكون عالقاً بها من التزامات فتسأل الشركة المؤممة مسئولية كاملة عن جميع التزاماتها السابقة على التأميم كنتيجة حتمية لاستمرار شخصيتها المعنوية، ولا يغير من ذلك أيلولة أسهم الشركات المؤممة إلى الدولة مع تحديد مسئوليتها عن التزاماتها السابقة في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم، ذلك أن مسئولية الدولة - وقد أصبحت المساهم الوحيد بعد أن آلت إليها ملكية الشركة المؤممة لا تعدو أن تكون تطبيقاً للقواعد العامة في مسئولية المساهم الذي لا يسأل أثناء قيام الشركة عن التزاماتها وإنما تتحدد مسئوليته عن التصفية بقيمة ما يملك من أسهم، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - أنه بمقتضى القرار الجمهوري رقم 52 لسنة 1964 تم تأميم شركة... وشركاه وصدر قرار وزير الإسكان رقم 322 لسنة 1964 في مارس سنة 1964 بإدماجها في الشركة الطاعنة، وبذلك تكون الشركة استمرت في مزاولة نشاطها بعد التأميم ولم تتم تصفيتها، ومن ثم تظل مسئولة وحدها مسئولية كاملة عن كافة ديونها السابقة على التأميم، ولا يغير من ذلك إدماجها بعد تأميمها في الشركة الطاعنة، ذلك أن إدماج الشركات بطريق الضم، وإن كان يترتب عليه أن تنقضي الشركة المندمجة وتمحى شخصيتها الاعتبارية وذمتها المالية، إلا أن الشركة الدامجة تحل محلها فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات وتخلفها في ذلك خلافة عامة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بما ورد من أسباب الطعن على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.