أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 435

جلسة 7 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيره رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صلاح عبد العظيم نائب رئيس المحكمة، الدكتور أحمد حسني، يحيى الرفاعي، ومحمد طموم.

(95)
الطعن رقم 1219 لسنة 48 القضائية

1، 2 - تأميم "تقييم المنشآت المؤممة". "اختصاص لجان التقييم".
1- تقييم رأس مال المنشأة المؤممة. ماهيته. اختصاص لجان التقييم. نطاقه. قرار اللجنة نهائي غير قابل للطعن فيه. لا حجية لقرارها فيما يجاوز اختصاصها.
2- لجنة التقييم. عدم اختصاصها بالفصل في المنازعات التي تثور بين المنشأة المؤممة والغير. لا حجية لقرارها في هذا الصدد. حق الدولة وأصحاب الشأن في طرح هذه المنازعات على المحاكم المختصة. عدم اعتبار ذلك طعناً في قرار اللجنة.
3- قانون. تأميم.
انتقال أموال وحقوق المنشأة المؤممة إلى الدولة. حصوله بقوة القانون الصادر بالتأميم لا بقرار لجنة التقييم.
4- حكم "تسبيب الحكم" ما لا يعد قصورا.ً
التفات الحكم عن الرد على دفاع لا يغير من النتيجة التي انتهى إليها. لا قصور.
5- إثبات. دعوى "الإثبات في الدعاوى التجارية".
الدعاوى التجارية. الأخذ بالدفاتر التجارية وبالقرائن وبالأقوال والأعمال. مناطه. اطمئنان القاضي إليها.
6- حكم "تسبيب الحكم". خبرة. محكمة الموضوع.
6- أقامة الحكم قضاءه على النتيجة التي انتهى إليها الخبير بأسباب سائغة بما يكفي لحمل قضائه. عدم التزام المحكمة بتعقب كل حجة للخصوم بعد ذلك.
7- نقض، "ما لا يصلح سبباً للطعن".
النعي على الحكم المطعون فيه بأنه جاء على خلاف حكم آخر لا تتوافر به شروط الحجية في النزاع. نعي على غير أساس.
8- إثبات "طلب الإحالة إلى التحقيق". محكمة الموضوع.
طلب الإحالة إلى التحقيق. حق محكمة الموضوع في الالتفات عنه متى وجدت في الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
1 - إن اختصاص لجان التقييم - حسبما بينته المادة الثالثة من القانونين رقمي 117 و118 لسنة 1961، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو تقييم رؤوس أموال الشركات المساهمة المؤممة التي لم تكن أسهمها متداولة في البورصة، أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور، وكذلك تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة. وتقييم رأس مال المنشأة يكون بتحديد الحقوق والأموال المملوكة لهذه المنشآت وقت تأميمها، وتقدير قيمتها وتحديد ديونها في ذلك التاريخ. وعلى ضوء ذلك يتحدد صافي رأس مال المنشأة ويكون قرار لجنة التقييم في هذا الشأن نهائياً غير قابل للطعن فيه متى التزمت اللجنة في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها. أما إذا خرجت لجنة التقييم عن هذا النطاق الذي رسمه لها المشرع - بأن أضافت إلى أموال وحقوق المنشأة ما ليس لها - أو استبعدت منه شيئاً - فإن قرارها في هذا الصدد لا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن.
2 - ليس للجان التقييم أن تفصل في أي نزاع يثور بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها بين المنشأة المؤممة والغير أو أن تتعرض لأي نزاع آخر يتعلق بالتقييم في ذاته, ذلك أن تحقيق المنازعات والفصل فيها هو من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة في ذلك، إلا ما استثنى بنص خاص، فإذا تعرضت لجنة التقييم للفصل في تلك المنازعات فإن قرارها لا يكتسب حصانة تحول دون طرح تلك المنازعات على المحاكم المختصة لتحقيقها والفصل فيها، ولا يعد ذلك طعناً في قرارات لجان التقييم وإنما هو سعي إلى الجهة ذات الولاية العامة للحصول على قضاء بحسم تلك المنازعات.
3 - لما كان انتقال أموال وحقوق المنشآت المؤممة إلى الدولة يتم تبعاً لذلك بقوة القانون الصادر بالتأميم، وليس بمقتضى القرار الصادر من لجنة التقييم، فإن دفاع الطاعن بأن الدين موضوع النزاع لم ينتقل إلى الشركة المطعون ضدها تأسيساً على أن لجنة التقييم استبعدته باعتباره من الديون المشكوك فيها، يكون مخالفاً لصحيح القانون.
4 - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وانتهى إلى ثبوت الدين، فلا يعيبه أن التفت عن الرد على ذلك الدفاع الذي لا يغير من النتيجة التي انتهى إليها ومن ثم فإن النعي عليه بالقصور في هذا السبب يكون على غير أساس.
5 - يصح في الدعاوى التجارية الأخذ بالدفاتر التجارية وبالقرائن وبالأقوال والأعمال التي يطمئن إليها القاضي.
6 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى رأت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فلا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهها الطاعن إلى هذا التقرير، إذ في اتخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير.
7- لا يجدي الطاعن التحدي بحكم لا تتوافر به شروط الحجية في هذا النزاع من وحدة الخصوم والموضوع والسبب.
8- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة طلب التحقيق متى وجدت في عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم 151 لسنة 1971 تجاري كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بإلزامه أن يؤدي لها مبلغ 2870 جنيهاً و905 مليماً وقالت بياناً لدعواها أن شركة مطاحن عامر التي آلت إليها بمقتضى قوانين التأميم كانت تداين الطاعن بهذا المبلغ باعتباره قيمة رصيد حسابه المدين الثابت بدفاترها، ولما كان الطاعن قد امتنع عن الوفاء لها به فقد أقامت عليه الدعوى بالطلبات السالفة ومحكمة أول درجة حكمت في 27/ 1/1971 بندب خبير لتحقيق الدين. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 26/ 11/ 1975 بإلزام الطاعن أن يؤدي للمطعون ضدها المبلغ المدعى به. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 7 لسنة 93 قضائية القاهرة. وبتاريخ 24/ 4/ 1978 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف في مذكرة دفاعه المقدمة بجلسة 24/ 4/ 1978 بأنه ليس للشركة المطعون ضدها أن تطالب بالدين موضوع النزاع لأنه لم ينتقل إليها بمقتضى قرار لجنة التقييم التي استبعدته باعتباره من الديون المشكوك فيها غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع، وهو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن اختصاص لجان التقييم - حسبما بينته المادة الثالثة من القانونين رقمي 117، 118 لسنة 1961 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو تقييم رؤوس أموال الشركات المساهمة المؤممة التي لم تكن أسهمها متداولة في البورصة، أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور، وكذلك تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة. وتقييم رأس مال المنشأة ويكون بتحديد الحقوق والأموال المملوكة لهذه المنشآت وقت تأميمها، وقدير قيمتها، وتحديد ديونها في ذلك التاريخ. وعلى ضوء ذلك يتحدد صافي رأس مال المنشأة ويكون قرار لجنة التقييم في هذا الشأن نهائياً غير قابل للطعن فيه متى التزمت اللجنة في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها. أما إذا خرجت لجنة التقييم عن هذا النطاق الذي رسمه لها المشرع - بأن أضافت إلى أموال وحقوق المنشأة ما ليس لها - أو استبعدت منها شيئاً - فإن قرارها في هذا الصدد لا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن. كما أنه ليس للجان التقييم أن تفصل في أي نزاع يثور بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها بين المنشأة المؤممة والغير، أو أن تتعرض لأي نزاع آخر يتعلق بالتقييم في ذاته, ذلك أن تحقيق المنازعات والفصل فيها هو من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة في ذلك، إلا ما استثنى بنص خاص، فإذا تعرضت لجنة التقييم للفصل في تلك المنازعات فإن قرارها لا يكتسب حصانة تحول دون طرح تلك المنازعات على المحاكم المختصة لتحقيقها والفصل فيها، ولا يعد ذلك طعناً في قرارات لجان التقييم وإنما هو سعي إلى الجهة ذات الولاية العامة للحصول على قضاء بحسم تلك المنازعات، ولما كان ذلك وكان انتقال أموال وحقوق المنشآت المؤممة إلى الدولة يتم تبعاً لذلك بقوة القانون الصادر بالتأميم، وليس بمقتضى القرار الصادر من لجنة التقييم، فإن دفاع الطاعن، بأن الدين موضوع النزاع لم ينتقل إلى الشركة المطعون ضدها تأسيساً على أن لجنة التقييم استبعدته باعتباره من الديون المشكوك فيها، يكون مخالفاً لصحيح القانون، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وانتهى إلى ثبوت الدين فلا يعيبه أن التفت عن الرد على ذلك الدفاع الذي لا يغير من النتيجة التي انتهى إليها ومن ثم فإن النعي عليه بالقصور في هذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على ما ورد من قيود بدفتر الأستاذ الذي قدمته الشركة المطعون ضدها، في حين أن هذه القيود غير مؤيدة بمستندات. وأن هذا الدفتر ليس من الدفاتر التي أعطاها قانون التجارة قوة في الإثبات كما أنه تمسك في دفاعه بحكم نهائي صدر لشخص آخر برفض دعوى مماثلة لذت الشركة لعدم الاعتداد بدفاترها ومع ذلك فقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع.
وحيث إن هذا النعي برمته غير سديد، ذلك أنه يصح في الدعاوى التجارية الأخذ بالدفاتر التجارية وبالقرائن وبالأقوال والأعمال التي يطمئن إليها القاضي. ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما جاء بتقرير الخبير من أن دفاتر مطحن عامر الذي آل إلى الشركة المطعون ضدها تتضمن حساباً باسم الطاعن بلغت مديونيته في 5/ 5/ 1964 مبلغ 2870 جنيهاً و905 مليماً نتيجة معاملات تجارية بين الطرفين وما تضمنه التقرير من اطلاع الخبير على دفاتر الشركة من يوميات فرعية ويومية مركزية ودفتر أستاذ عام ومن أن جميع هذه الدفاتر منتظمة القيد وليس به كشط أو تحشير ولا توجد عليه أية مآخذ فنية، وكانت دفاتر اليومية من الدفاتر التجارية المنصوص عليها في القانون رقم 388 لسنة 1953 ويصح الاحتجاج بها، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى رأت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فلا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهها الطاعن إلى هذا التقرير، إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير، وإذ كان لا يجدي الطاعن التحدي بحكم لا تتوافر به شروط الحجية في هذا النزاع من وحدة الخصوم والموضوع والسبب، فإن النعي بهذا السبب يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك أنه تمسك في الدعوى بالتقادم الخمسي المنصوص عليه بالمادة 194 من قانون التجارة إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع، كما أنه طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لنفي مديونيته للشركة المؤممة بالمبلغ المدعى به ولإثبات أنه كان يتعامل معها بالنقد وليس بالأجل، وتمسك بهذا الطلب أمام محكمة الاستئناف مذكرته المقدمة لجلسة 24/ 4/ 1978 إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل بحث هذا الطلب والرد عليه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي بشقيه غير صحيح، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه واجه الدفع بالتقادم، وأطرحه صائباً لعدم تعلقه بسند تجاري كما واجه الحكم المطعون فيه طلب التحقيق ورفضه اكتفاء بتقرير الخبير الذي اطمأنت إليه المحكمة ورأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ به لاقتناعها بصحة أسبابه، وإذ كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة طلب التحقيق متى وجدت في عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها، فإن النعي على هذا الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.