أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 473

جلسة 14 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد، دكتور منصور وجيه، وفهمي الخياط.

(104)
الطعن رقم 854 لسنة 48 القضائية

1 - عقد "تكييف العقد".
تكييف العقد. مناطه. ما عناه العاقدان منه.
2 - إيجار "إيجار الأماكن". بيع "بيع الجدك".
جواز بقاء الإيجار في حالة بيع المتجر أو المصنع بالجدك. م 954/ 2 مدني استثناء من الأصل العام... لا محل لإعماله في حالة تأجير الجدك من الباطن.
3 - إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن".
استئجار العين لمزاولة مهنة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة. للمستأجر تأجير جزء منها لا كلها من الباطن لآخر.. شرطه. المادة 40/ ب قانون 49 لسنة 1977.
1 - لما كان المناط في تكييف العقد وإعطائه الوصف القانوني الصحيح هو ما عناه العاقدان منه، وكان ما انتهت إليه المحكمة من تكييف العقد بأنه عقد إيجار من الباطن لا خروج فيه على نصوص العقد وتؤدي إليه عباراته ويتضمن الرد الكافي على منازعة الطاعنين في تكييف العقد، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
2 - مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني أن الحكم الوارد بها استثناء من الأصل العام، وأن مجال إعماله مقصورة على الحالة التي تقوم فيها لدى المستأجر ضرورة تفرض عليه بيع المصنع أو المتجر الذي أنشأه في العقار المؤجر إليه مع قيام الشرط المانع من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار، وذلك بهدف تسهيل البيع الاضطراري للمتجر أو المصنع، الأمر المنتفي في حالة احتفاظ المستأجر بالمحل واستغلاله له بطريقة تأجيره إلى الغير، وإذ كان الاستثناء لا يجوز التوسع فيه، فإنه لا وجه لأعمال حكم المادة 594/ 2 آنفة البيان على حالة تأجير المحل من الباطن.
3 - النص في المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه "لا يجوز للمستأجر في غير المصايف والمشاتي المحددة وفقاً لأحكام هذا القانون أن يؤجر المكان المؤجر له مفروشاً أو خالياً إلا في الحالات الآتية) ( أ ).... (ب) إذا كان مزاولاً لمهنة حرة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة وأجر جزءاً من المكان المؤجر له لهذا الغرض إلى من يمارس مهنة أو حرفة ولو كانت مغايرة لمهنته أو حرفته. يدل على أن المشرع أجاز للمستأجر أن يؤجر من باطنه جزءاً من المكان المؤجر له، لا كله، وإذا ما توافرت الشروط الواردة بالنص، ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى على أن الطاعنين أجرا من باطنهما العين المؤجرة كلها إلى المطعون ضده الثاني ومن ثم فلا انطباق لهذا النص على واقعة النزاع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 570 لسنة 1976 أسوان الابتدائية على الطاعنين والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بإخلائهم من الدكان المبين بصحيفة الدعوى وتسليمه له وقال بياناً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 4/ 2/ 1969 استأجر الطاعن الأول منه هذا الدكان لاستعماله "كوافير للسيدات" واشترك معه الطاعن الثاني، وقد قاما بتأجير الدكان من باطنهما إلى المطعون ضده الثاني دون إذن كتابي صريح منه بالمخالفة للحظر المنصوص عليه بالعقد والقانون رقم 52 لسنة 1969 لذلك أقام الدعوى وبتاريخ 23/ 2/ 1977 حكمت المحكمة بالإخلاء والتسليم. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 100 لسنة 52 قضائية أسيوط. وبتاريخ 11/ 3/ 1978 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالسببين الثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكاً في دفاعهما أمام محكمة الموضوع بأن العقد الذي أبرماه مع المطعون ضده الثاني وإن تم في صورة عقد إيجار إلا أنه في حقيقته عقد مشاركة في إدارة المحل مقابل 30% من الأرباح إلا أن الحكم المطعون فيه طرح هذا الدفاع على سند من أنه لا يجوز إثبات الصورية فيما بين المتعاقدين إلا بالكتابة في حين أنه لو محص هذا الدفاع ودون تحقيق الصورية لتبين صحته من أن العلاقة ليست إيجاراً من الباطن.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعنين الوارد بالنعي بما أورده في مدوناته من "أن الثابت أن المستأنفين "الطاعنين" قاما بتأجير العين من باطنهما إلى المستأنف عليه الثاني "المطعون ضده الثاني" بمقتضى عقد الإيجار المؤرخ 11/ 11/ 1974 والثابت التاريخ في 18/ 11/ 1974 وقد تضمنت عبارات هذا العقد ما يقطع بأنه ينطوي على إنشاء علاقة إيجارية بين المستأنفين والمستأنف عليه الثاني إذ تضمن تحديد للعين المؤجرة ومدة الإيجار والقيمة الإيجارية وطريقة استعمال العين ومشتملاتها وجزاء الإخلال بشروط العقد" يبين من ذلك أن محكمة الموضوع كيفت العقد بأنه عقد إيجار من الباطن بناء على ما استظهرته من نصوصه، ولما كان المناط في تكييف العقد وإعطائه الوصف القانوني الصحيح هو ما عناه العاقدان منه، وكان ما انتهت إليه المحكمة من تكييف العقد بأنه عقد إيجار من الباطن لا خروج فيه على نصوص العقد وتؤدي إليه عباراته ويتضمن الرد الكافي على منازعة الطاعنين في تكييف العقد، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أنه بافتراض أن العقد الذي أبرماه مع المطعون ضده الثاني عقد إيجار من الباطن فإن المستقر عليه في الفقه والقضاء أن تأجير المتجر أو المصنع أو المحل الذي تمارس فيه مهنة أو حرفة، لقيام الضرورة الملجئة لذلك، أم جائز، وقد تمسكاً بذلك في دفاعهما أمام محكمة الموضوع، وهذا فضلاً عن أن المشرع قنن ما استقر عليه الفقه والقضاء في هذا الخصوص بما نص عليه في المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 من جواز التأجير من الباطن لصاحب حرفة، وإذ قضى الحكم المطعون فيه رغم ذلك بالإخلاء فإنه يكون قد أخطأ في تطبيقه القانون.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود بأن مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني أن الحكم الوارد بها استثناء من الأصل العام، وأن مجال إعماله مقصور على الحالة التي تقوم فيها لدى المستأجر ضرورة تفرض عليه بيع المصنع أو المتجر الذي أنشأه في العقار المؤجر إليه مع قيام الشرط المانع من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار، وذلك بهدف تسهيل البيع الاضطراري للمتجر أو المصنع، الأمر المنتفي في حالة احتفاظ المستأجر بالمحل واستغلاله له بطريق تأجيره إلى الغير، وإذ كان الاستثناء لا يجوز التوسع فيه، فإنه لا وجه لإعمال حكم المادة 594/ 2 آنفة الذكر على حالة تأجير المحل من الباطن وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون - ومردود في وجهه الثاني ذلك أن النص في المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه "لا يجوز للمستأجر في غير المصايف والمشاتي المحددة وفقاً لأحكام هذا القانون أن يؤجر المكان المؤجر له مفروشاً أو خالياً إلا في الحالات الآتية: ( أ )... (ب) إذا كان مزاولاً لمهنة حرة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة وأجر جزءاً من المكان المؤجر له، لا كله، إذا ما توافرت الشروط الواردة بالنص، لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين أجرا من باطنهما العين المؤجرة كلها إلى المطعون ضده الثاني ومن ثم فلا انطباق لهذا النص على واقعة النزاع.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.