أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 486

جلسة 17 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمود حسن رمضان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد كمال سالم، محمد رأفت خفاجي، محمد سعيد عبد القادر، وماهر قلادة واصف.

(107)
الطعن رقم 654 لسنة 54 القضائية

1 - دعوى "قيمة الدعوى". دفوع "الدفع بالإنكار".
الدفع بالإنكار كدعوى التزوير الفرعية. دفاع موضوعي ينصب على مستندات الدعوى. أثره. تقدير قيمته بقيمة الدعوى الأصلية أياً كانت قيمة الحق المثبت بالورقة المطعون عليها بالإنكار أو المدعى بتزويرها.
2 - اختصاص. دعوى "نظر الدعوى". بطلان "بطلان الإجراءات".
إحالة الدعوى للاختصاص. م 110 مرافعات. أثره. وجوب اعتداد المحكمة المحال إليها بما تم صحيحاً من إجراءات قبل الإحالة ومتابعتها من حيث انتهت.
3 - إثبات "إجراءات الإثبات". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أدالة التزوير".
تقدير أدلة التزوير من سلطة محكمة الموضوع. عدم التزامها باتخاذ إجراء معين من إجراءات الإثبات متى اقتنعت بصحة المحرر المدعي بتزويره.
4 - تزوير " الحكم في الادعاء بالتزوير". حكم "تسبيبه".
استناد الحكم في قضائه برفض الادعاء بالتزوير إلى قرائن سائغة تكفي لحمله. إغفاله الرد على مستندات الطاعن التي تمسك بها لتأييد ادعائه. لا عيب. علة ذلك.
1 - الدفع بالإنكار شأنه شأن دعوى التزوير الفرعية لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً منصباً على مستندات الدعوى وبالتالي يدخل في تقدير قيمة الدعوى الأصلية أياً كانت قيمة هذه الدعوى وأياً كانت قيمة الحق المثبت في الورقة المطعون عليها بالإنكار أو المدعى بتزويرها.
2 - مفاد النص في المادة 110 من قانون الإثبات. على أن "على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة" أن تعتد المحكمة المحال إليها بما تم من إجراءات أمام المحكمة التي رفعت إليها الدعوى ومن ثم فإن ما تم صحيحاً من إجراءات قبل الإحالة يبقي صحيحاً وتتابع الدعوى سيرها أمام المحكمة التي أحيلت إليها من حيث انتهت إجراءاتها أمام المحكمة التي أحالتها.
3 - لمحكمة الموضوع. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة سلطة تقدير أدلة التزوير ولا يلزمها القانون باتخاذ إجراء معين من إجراءات الإثبات متى وجدت في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعها بصحة الورقة المدعى بتزويرها.
4 - إذا أقام الحكم قضاءه برفض الادعاء بالتزوير على أسباب سائغة تؤدي على النتيجة التي انتهى إليها، وتكفي لحمل قضائه فلا يعيبه سكوته عن الرد على مستندات الطاعن التي تمسك بها لتأييد ادعائه بالتزوير لأن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها التعليل الضمني المسقط لدلالة هذه المستندات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها استصدرت أمراً من قاضي محكمة أسوان الجزئية بتوقيع الحجز التحفظي على ما يوجد بالمقهى المملوكة لها مناصفة مع الطاعن وفاء لمبلغ 160 جنيه قيمة الأجرة المستحقة لها عن المدة من 1/ 6/ 1970 حتى 30/ 9/ 1971، استناداً لعقد الشركة المؤرخة 1/ 5/ 1969 الذي يستأجر الطاعن بمقتضاه نصيبها في المقهى بإيجار شهري قدرة عشرة جنيهات، وقد توقع الحجز التحفظي في 7/ 10/ 1971، فتظلم الطاعن من أمر الحجز بالدعوى رقم 482 سنة 1971 مدني جزئي أسوان، منكراً توقيعه بالبصمة على عقد الشركة سند الدعوى وأقامت المطعون ضدها - بعد رفض أمر الأداء - الدعوى رقم 8 سنة 1973 مدني جزئي أسوان ضد الطاعن للحكم بإلزامه بمبلغ 160 جنيه، وتثبيت الحجز التحفظي المتوقع، قررت المحكمة ضم الدعويين، ثم ندبت مفتش تحقيق الشخصية خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره. أحالت المحكمة إلى التحقيق، وبعد سماع الشهود حكمت بصحة توقيع الطاعن على عقد الشركة موضوع الدعوى، ثم حكمت بتوجيه اليمين المتممة للمطعون ضدها فحلفتها، طعن الطاعن بالتزوير على عقد الشركة سند الدعوى، وإذ عدلت المطعون ضدها طلباتها إلى مبلغ 720 جنيه قيمة الأجرة المتأخرة حتى 31/ 5/ 1976 حكمت المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى، فقيدت برقم 649 سنة 1976 مدني كلي أسوان وبتاريخ 22/ 1/ 1977 حكمت المحكمة الابتدائية بعد قبول الادعاء بالتزوير، ثم حكمت المحكمة بتاريخ 26/ 2/ 1977 بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدهما مبلغ 720 جنيه وتثبيت الحجز التحفظي الموقع، وبرفض تظلم الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 107 سنة 52 ق أسيوط، وبتاريخ 8/ 1/ 1978 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الدعوى تقدر قيمتها عند الدفع بالإنكار أو الادعاء التزوير بقيمة الحق المثبت في الورقة المطعون عليها، ولما كان عقد الشركة المؤرخ 1/ 5/ 1969 محل دفعه بالإنكار تبلغ قيمته 700 جنيه، فإن محكمة أسوان الجزئية لا تختص قيمياً بنظر الدعوى عملاً بالمادة 42 من قانون المرافعات، وإذ اتخذت هذه المحكمة - وهى غير مختصة - إجراءات تحقيق الدفع بالإنكار، وسمعت أقوال الشهود فإن الدليل المستمد من الشهادة يكون باطلاً، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه على إجراءات الإثبات السالفة الذكر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. هذا إلى أن الحكم رفض تحقيق دفاعه بتزوير عقد الشركة سند الدعوى، والتفت عن الدلالة المستمدة من عقد شرائه المقهى الثابت التاريخ، والرخصة الصادرة باسمه، وقضى بصحة عقد الشركة استناداً لأقوال الشهود الذين سمعتهم المحكمة الجزئية، في حين أنها لا تمثل الحقيقة، فضلاً عن بطلان الدليل المستمد منها على ما سبق بيانه، ومن ثم يكون الحكم معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير سديد، ذلك أن الدفع بالإنكار - شأنه شأن دعوى التزوير الفرعية - لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً منصباً على مستندات الدعوى، وبالتالي يدخل في تقدير قيمة الدعوى الأصلية أياً كانت قيمة هذه الدعوى، وأياً كانت قيمة الحق المثبت في الورقة المطعون عليها بالإنكار أو المدعى بتزويرها. لما كان ذلك، وكانت الدعوى الأصلية - قبل تعديل الطلبات - تدخل في اختصاص محكمة المواد الجزئية سواء في ذلك دعوى التظلم من أمر الحجز المرفوعة من الطاعن، أو دعوى المطالبة بالأجرة المرفوعة من المطعون ضدها، فإن إجراءات تحقيق الدفع بالإنكار التي اتخذتها محكمة أسوان الجزئية، تكون قد تمت صحيحة، هذا إلى أن مفاده النص في المادة 110 من قانون المرافعات على أن "على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها - أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة أن يعتد المحكمة المحال إليها بما تم من إجراءات أمام المحكمة التي رفعت إليها الدعوى، ومن ثم فإن ما تم تصحيحاً من إجراءات قبل الإحالة يبقي صحيحاً وتتابع الدعوى سيرها أمام المحكمة التي أحيلت إليها من حيث انتهت إجراءاتها أمام المحكمة التي أحالتها. وإذ كان ذلك فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس. والنعي في شقه الثاني مردود بأن لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة تقدير أدلة التزوير، ولا يلزمها القانون باتخاذ إجراء معين من إجراءات الإثبات، متى وجدت في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعها بصحة الورقة المدعى بتزويرها. لما كان ذلك, وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتد بأقوال شهود المطعون ضدها سمعتهم المحكمة الجزئية عند تحقيق الدفع بالإنكار، الذين شهدوا بأن الطاعن وقع ببصمة إبهامه على عقد الشركة المدعي بتزويره، وكان المقرر أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع ما دامت لم تخرج بها عن مدلولها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور يكون في غير محله، ويكون ما قرره الطاعن من أن أقوال الشهود لا تمثل الحقيقة، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل، وهو ما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة ويكون غير مقبول أيضاً. وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه برفض الادعاء بالتزوير على أسباب سائغة، تؤدي على النتيجة التي انتهى إليها، وتكفي لحمل قضائه، فلا يعيبه سكوته على مستندات الطاعن التي تمسك بها لتأييد ادعائه بالتزوير، لأن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها التعليل الضمني المسقط لدلالة هذه المستندات.
ولما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.