أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 491

جلسة 17 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة، علي السعدني، محمد مختار منصور، ومحمود نبيل البناوي.

(108)
الطعن رقم 223 لسنة 49 القضائية

1 - موطن. محكمة الموضوع "مسائل الواقع". نقض "السبب المتعلق بالواقع".
تحديد المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة بما يتحقق به الموطن في معنى المادة 40 مدني من الأمور الواقعية التي تخضع لسلطة قاضي الموضوع. شرطه.
2 - إثبات "طرق الإثبات" "الكتابة" "المانع الأدبي". محكمة الموضوع "مسائل الإثبات".
صلة الزوجية لا تعتبر بذاتها مانعاً أدبياً يحول دون الحصول على سند كتابي. وجوب الرجوع إلى كل حالة على حده طبقاً لظروف الحال التي تقدرها محكمة الموضوع.
1 - تحديد المكان الذي يقيم الشخص فيه عادة إقامة فعلية على نحو من الاستقرار بما يتحقق به الموطن الذي عرفته المادة 40 من القانون المدني هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور الواقعية التي تخضع لسلطة قاض الموضوع باعتبارها مسألة تقديرية لا معقب عليه فيها من محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً وله مأخذه من الأوراق.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن صلة الزوجية لا تعتبر بذاتها مانعاً أدبياً يحول دون الحصول على سند كتابي ويتعين أن يرجع في ذلك إلى كل حالة على حده طبقاً لظروف الحال التي تقدرها محكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك متى كان تقديرها قائماً على سباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع، على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1534 لسنة 1976 مدني كلي الجيزة على المطعون ضدهما طالباً الحكم ببراءة ذمته من أية منقولات يدعيان انشغالها بها ومنع تعرضها له, وقال بياناً لها إنه تزوج بالمطعون ضدها الأولى بتاريخ 17/ 8/ 1972 وطلقها بتاريخ 3/ 6/ 1973 ورغم عدم انشغال ذمته بأية منقولات لها فقد دأبت مع والدها المطعون ضده الثاني على ملاحقته بالادعاء بانشغال ذمته بمنقولات زوجية وحررت عن ذلك المحضر رقم 5326 لسنة 1975 إداري المطرية فأقام الدعوى للحكم له بطلباته. قام دفاع المطعون ضدهما على أنهما سلما الطاعن منقولات زوجية تبلغ قيمها 600 جنيه ولم يسترداً شيئاً منها وطلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك. دفع الطاعن بعدم جواز الإثبات بالبينة. بتاريخ 1/ 1/ 1977 قضت المحكمة - بعد أن رفضت هذا الدفع - بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهما دفاعهما. إلا أنهما لم يحضرا شهوداً. بتاريخ 25/ 6/ 1977 قضت للطاعن بطلباته. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3910 لسنة 94 ق طالبين إلغاءه والحكم أصلياً برفض الدعوى واحتياطياً إحالتها إلى التحقيق. دفع الطاعن باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وبعدم جواز الإثبات بالبينة؛ بتاريخ 7/ 3/ 1978 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبإحالة الدعوى إلى التحقيق. وبعد أن استمعت المحكمة لشهادة الشهود حكمت بتاريخ 24/ 4/ 1979 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض. قدمت النيابة مذكرة أبدت فها الرأي بنقض الحكمين المطعون فيهما. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه دفع أمام محكمة الاستئناف باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه بصحيفته خلال ثلاثة أشهر من 3/ 8/ 1977 تاريخ إيداعها قلم كتاب المحكمة. إلا أن الحكم الصادر بتاريخ 7/ 3/ 1978 اعتد بإعلانه في الشقة رقم 12 من المنزل رقم 2 بشارع عين شمس بالمطرية رغم منازعته ودون دليل على أنها موطن له ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع فيكون معيباً بالقصور الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن تحديد المكان الذي يقيم الشخص فيه عادة إقامة فعلية على نحو من الاستقرار بما يتحقق به الموطن الذي عرفته المادة 40 من القانون المدني هو وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور الواقعية التي تخضع لسلطة قاضي الموضوع باعتبارها مسألة تقديرية لا معقب عليه فيها من محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً وله مأخذه من الأوراق. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعن باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على ما أورده في أسبابه من أنه "تبين من الشكوى رقم 5326 لسنة 1975 إداري المطرية المنضمة أن للمستأنف عليه - الطاعن - موطناً في الشقة رقم 12 بالمنزل رقم 2 شارع عين شمس بالمطرية إذ صرح بذلك جاره السيد.... وبواب المنزل السيد.... عند سؤالهما في الشكوى المذكورة وتم سؤال المستأنف عليه في الشكوى في ذات العنوان أكثر من مرة، وتبين من الإعلان المؤرخ 1/ 5/ 1977 الخاص بمنطوق حكم التحقيق الصادر في 1/ 1/ 1977 أنه لم يستدل للمذكور على محل إقامة بالمنزل رقم 14 بشارع سيدي جابر بمصر الجديدة وبالتالي يكون دفعه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالبناء على بطلان إعلانه بصحيفته في 11/ 8/ 1977 في العنوان المذكور في غير محله" وكان هذا الذي استخلصه الحكم عند تحديده موطن الطاعن الذي أعلن فيه بصحيفة الاستئناف سائغاً يكفي لحمله وله أصله الثابت بالأوراق فإن النعي بهذا الوجه يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للدليل لا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالوجه الثاني من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيانهما يقول أن علاقة الزوجية التي تربطه بالمطعون ضدها لا تعتبر مانعاًَ أدبياً يحول دونهما والحصول منه على سند كتابي بما يدعيانه عليه من استلام المنقولات محل النزاع وأنه قدم الدليل على ذلك لمحكمة الاستئناف وإذ رفض الحكم الصادر منها بتاريخ 7/ 3/ 1978 الدفع المبدى منه بعدم جواز إثبات المطعون ضدهما لما يدعيانه بالبينة رغم تجاوز قيمته نصاب الإثبات بها تأسيساً على أن علاقة الزوجية تعتبر مانعاً أدبياً يجيز لهما الإثبات بالبينة فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن صلة الزوجية لا تعتبر بذاتها مانعاً أدبياً يحول دون الحصول على سند كتابي ويتعين أن يرجع في ذلك إلى كل حالة على حدة طبقاً لظروف الحال التي تقدرها محكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك متى كان تقديرها قائماً على أسباب سائغة. وكان الحكم الصادر بتاريخ 7/ 3/ 1978 قد رفض الأخذ بالدفع المبدى من الطاعن بعدم جواز الإثبات بالبينة استناداً إلى ما أورده في أسبابه من أن "علاقة الزوجية السابقة بين المستأنف عليه - الطاعن - وبين المستأنفة الأولى - المطعون ضدها الأولى - كانت تشكل مانعاً أدبياً يحول دون حصولها على دليل كتابي يثبت أية حقوق لها قبله بدليل عدم تقديم الأخير أية مستندات مثبتة لأية معاملات مالية بينهما وليس في تعهد المستأنف الأولى بتركها عملها في حالة زواجها من المستأنف عليه إذا ما وجد ما يستلزم هذا أي تعارض مع ذلك الذي انتهت إليه المحكمة" بما مؤداه أن الحكم اعتبر علاقة الزوجية بذاتها مانعاً أدبياً من الحصول على دليل كتابي يجيز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة فإنه يكون قد خالف القانون مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن. وإذ كان هذا الحكم أساساً للحكم المنهي للخصومة الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 24/ 4/ 1979 فإنه يتعين إلغاءه عملاً بالمادة 271 من قانون المرافعات.