أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 43 - صـ 1095

جلسة 29 من أكتوبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، عبد العال السمان، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة وعبد الملك نصار.

(221)
الطعن رقم 4901 لسنة 61 القضائية

(1) إعلان "إعلان أفراد القوات المسلحة".
الأوراق التي يقوم المحضرون بإعلانها. الأصل أن يكون تسليم صورها إلى الشخص نفسه أو في موطنه الأصلي أو المختار. الاستثناء. الأوضاع التي نظمتها المادة 13 مرافعات. منها. إعلان أفراد القوات المسلحة. تمام الإعلان بتسليم صورته إلى الإدارة القضائية المختصة. لا عبرة بوصول الصورة للمعلن إليه شخصياً من عدمه.
(2، 3) إثبات "طرق الإثبات" "الإثبات بالكتابة: حجية الأوراق العرفية" "الإثبات بالبينة: مبدأ الثبوت بالكتابة".
(2) الصورية لا تثبت بين المتعاقدين إلا بالكتابة. مبدأ الثبوت بالكتابة له ما للكتابة من قوة في الإثبات متى تعزز بالبينة أو القرائن. اعتبار الورقة مبدأ ثبوت بالكتابة. شرطه .
(3) حجية الورقة العرفية مستمدة من التوقيع وحده. عدم صلاحيتها - عند خلوها من التوقيع - لتكون مبدأ ثبوت بالكتابة إلا إذا كانت مكتوبة بخط الخصم المراد إقامة الدليل عليه.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأوراق التي يقوم المحضرون بإعلانها إنما تكون من أصل وصورة وأن الذي يتم تسليمه منها هو الصورة ويكون تسليمها إلى الشخص نفسه أو في موطنه الأصلي أو موطنه المختار في الأحوال التي بينها القانون وأن القانون استثناءً من هذا الأصل قد نظم في المادة 13 مرافعات أوضاعاً خاصة لتسليم صور الإعلانات إلى جهات معينة بالنسبة لأفراد معينين حددتهم تلك المادة ومن بينهم أفراد القوات المسلحة إذ نصت تلك المادة على أنه "فيما عدا ما نص عليه في قوانين خاصة تسلم صورة الإعلان على الوجه التالي....... 6 - ما يتعلق بأفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم يسلم بواسطة النيابة العامة إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة" فدلت بذلك على أن الإعلان في هذه الحالة يتم بتسليم الصورة لتلك الإدارة دون أن تبحث المحكمة فيما وراء ذلك بشأن تسليم الصورة المراد إعلانه شخصياً مثلها في ذلك مثل تسليم الصورة في الموطن إذ لا شأن للمحكمة بما إذا كان الشخص الذي تسلمها فيه قد سلمها بدوره إلى المراد إعلانه أم لا وبهذا يكون القانون قد أعتبر الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة بمثابة الموطن بالنسبة إلى أفراد القوات المسلحة وبتسليم الصورة في الموطن يتم الإعلان وينتج أثره.
2 - المقر في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان صحيحاً أن الصورية لا تثبت بين المتعاقد إلا بالكتابة إلا أن المشرع أجاز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ومتى تعزز هذا المبدأ بالبينة أو بالقرائن فإنه يقوم مقام الدليل الكتابي الكامل في الإثبات، وأنه يشترط لتوافر مبدأ الثبوت بالكتابة أن تكون هناك ورقة مكتوبة صادرة من الخصم المراد إقامة الدليل عليه أو من يمثله أو ينوب عنه قانوناً وأن يكون من شأنه أن تجعل التصرف المدعي به قريب الاحتمال.
3 - إن الورقة العرفية تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع وحده فإن خلت من توقيع أحد العاقدين فلا تكون لها أي حجية قبله بل إنها لا تصلح مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة ضده إلا إذا كانت مكتوبة بخطه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم 179 سنة 1981 مدني شبرا الجزئية والتي قيدت بعد ذلك برقم 8330 سنة 1983 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتعديل مهمة الحارس القضائي في الدعوى رقم 5524 سنة 1973 مستعجل القاهرة إلى توزيع صافي الريع عليهما مناصفة والتصريح لها بصرف المبالغ المودعة خزينة المحكمة على ذمتها، وقالت بياناً لذلك أنها اشترت والطاعن بموجب عقد البيع الابتدائي المؤرخ 12/ 8/ 1963 قطعة أرض فضاء أقاما عليها منزلاً قضي بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 207 سنة 1974 مدني شمال القاهرة الابتدائية وتأيد هذا الحكم في الاستئناف رقم 694 سنة 96 ق القاهرة، وأنها سبق لها أن أقامت الدعوى 5524 سنة 1973 مستعجل القاهرة قضي فيها بتعيين حارس قضائي على العقار لإدارته وتسليم الطاعن حصته وإيداع حصتها خزانه المحكمة إلى حين الفصل في دعوى صحة ونفاذ ذلك العقد، كما أقامت الدعوى 6809 سنة 1980 مستعجل القاهرة بتعديل مهمة الحارس القضائي في الدعوى 5524 سنة 1973 مستعجل القاهرة وإذ قضي فيها بعدم اختصاص المحكمة فقد أقامت الدعوى للحكم لها بطلبتها سالفة البيان، كما أقام الطاعن على المطعون ضدها الدعوى رقم 3703 سنة 1984 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 6/ 1969 المتضمن بيعها له قطعة الأرض الفضاء الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقداره 1140 جنيها والتي آلت ملكيتها إليها بالشراء من الجمعية التعاونية المصرية لبناء المساكن بموجب عقد بيع قضى بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 207 سنة 1974 مدني شمال القاهرة ضمت المحكمة الدعوى 3703 سنة 1984 إلى الدعوى 8330 سنة 1983 ليصدر فيها حكم واحد، وبتاريخ 24/ 6/ 1987 أحالت الدعوى إلى التحقيق، وبتاريخ 23/ 2/ 1988 حكمت في الدعوى 3703 سنة 1984 بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 6/ 1969 المتضمن بيع المطعون ضدها للطاعن قطعة الأرض الفضاء الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقداره 1400 جنيهاً، وفي الدعوي 8330 سنة 1983 برفضها. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدي محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4731 سنة 105 ق وبتاريخ 11/ 10/ 1988 قررت المحكمة شطب الاستئناف، وبصحيفة معلنة للطاعن في 28/ 11/ 1988 جددت المطعون ضدها السير فيه. وبتاريخ 14/ 6/ 1990 أحالت المحكمة الاستئناف إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها صورية عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 6/ 1969، وطعن الطاعن بالتزوير على العقد المؤرخ 12/ 6/ 1972 المقدم من المطعون ضدها، وبتاريخ 18/ 7/ 1991 حكمت المحكمة بعدم قبول الإدعاء بالتزوير وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى رقم 3703 سنة 1984 شمال القاهرة الابتدائية وفي الدعوى 8330 سنة 1983 بتعديل مهمة الحارس في القضية رقم 5524 سنة 1973 مستعجل القاهرة إلى توزيع صافي الريع العقار على الطاعن والمطعون ضدها مناصفة مع التصريح للأخيرة بصرف المبالغ المودعة خزانة المحكمة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إنه دفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه بصحيفة التجديد من الشطب خلال ستين يوماً إذ سلمت صورة الإعلان إلى الإدارة القضائية بالقوات المسلحة بعد انقضاء ستين يوماً إلا أن محكمة الاستئناف رفضت هذا الدفع بدعوى عدم ثبوت تقصير المطعون ضدها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأوراق التي يقوم المحضرون بإعلانها إنما تكون من أصل وصورة وأن الذي يتم تسليمه منها هو الصورة ويكون تسليمها إلى الشخص نفسه أو في موطنه الأصلي أو موطنه المختار في الأحوال التي بينها القانون وأن القانون استثناءً من هذا الأصل قد نظم في المادة 13 مرافعات أوضاعاً خاصة لتسليم صور الإعلانات إلى جهات معينة بالنسبة لأفراد معينين حددتهم تلك المادة ومن بينهم أفراد القوات المسلحة إذ نصت تلك المادة على أنه "فيما عدا ما نص عليه في قوانين خاصة تسلم صورة الإعلان على الوجه التالي........ 6 - ما يتعلق بأفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم يسلم بواسطة النيابة العامة إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة" فدلت بذلك على أن الإعلان في هذه الحالة يتم بتسليم الصورة لتلك الإدارة دون أن تبحث المحكمة فيما وراء ذلك بشأن تسليم الصورة إلى المراد إعلانه شخصياً مثلها في ذلك مثل تسليم الصورة في الموطن إذ لا شأن للمحكمة بما إذا كان الشخص الذي تسلمها فيه قد سلمها بدوره إلى المراد إعلانه أم لا وبهذا يكون القانون قد اعتبر الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة بمثابة الموطن بالنسبة إلى أفراد القوات المسلحة وبتسليم الصورة في الموطن يتم الإعلان وينتج أثره - لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن محكمة الاستئناف قررت شطب الاستئناف بتاريخ 11/ 10/ 1988 وجددت المطعون ضدها السير فيه بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 26/ 11/ 1988 وأعلن الطاعن بالطريق الذي رسمه المشرع في المادة 13/ 6 من قانون المرافعات لإعلان أفراد القوات المسلحة بتسليم صورة الإعلان بواسطة النيابة العامة إلى الإدارة القضائية المختصة بتلك القوات بتاريخ 28/ 11/ 1988 - أي قبل انقضاء ستين يوما على قرار المحكمة بشطب الاستئناف فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه دفع بعدم جواز إثبات صورية عقد البيع المؤرخ 1/ 6/ 1969 - المبرم فيما بينه وبين المطعون ضدها - بغير الكتابة غير أن الحكم الصادر بتاريخ 14/ 6/ 1990 اعتد بالعقد المؤرخ 12/ 6/ 1972 واعتبره مبدأ ثبوت بالكتابة رغم خلوه من توقيع له عليه، وإذ انتهي الحكم المطعون فيه إلى صورية عقد البيع المؤرخ 1/ 6/ 1969اعتماداً على أقوال الشهود وأطرح دفاعه في هذا الخصوص فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان صحيحاً أن الصورية لا تثبت بين المتعاقد إلا بالكتابة إلا أن المشرع أجاز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ومتى تعزز هذا المبدأ بالبينة أو بالقرائن فإنه يقوم مقام الدليل الكتابي الكامل في الإثبات، وأنه يشترط لتوافر مبدأ الثبوت بالكتابة أن تكون هناك ورقة مكتوبة صادرة من الخصم المراد إقامة الدليل عليه أو من يمثله أو ينوب عنه قانوناً وأن يكون من شأنها أن تجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال، وإن الورقة العرفية تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع وحده فإن خلت من توقيع أحد المتعاقدين فلا تكون لها أي حجية قبله بل إنها لا تصلح مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة ضده إلا إذا كانت مكتوبة بخطه - لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف قد انتهت في حكمها الصادر بتاريخ 14/ 6/ 1990 إلى اعتبار العقد المؤرخ 12/ 6/ 1972 المبرم بين الطاعن والمطعون ضدها وبين المقاول على الأرض موضوع التداعي مبدأ ثبوت بالكتابة استناداً إلى أنه تال لعقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 6/ 1969، وأن الطاعن لم يطعن عليه بثمة مطعن، ورتبت المحكمة على ذلك قضاءها بإحالة الاستئناف إلى التحقيق لكي تثبت المطعون ضدها صورية عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 6/ 1969 موضوع الدعوى رقم 3703 سنة 1984 مدني شمال القاهرة الابتدائية بالبينة في حين أن الثابت بالأوراق أن الطاعن نفى وجود توقيع له على العقد المؤرخ 12/ 6/ 1972 ودفع قبل سماع الشهود بعدم جواز الإثبات بالبينة وبالرغم من ذلك انتهت المحكمة في حكمها المطعون فيه إلى عدم قبول الإدعاء بالتزوير قولاً منها أنه غير منتج في النزاع وإلى صورية عقد البيع المؤرخ 1/ 6/ 1969 لاطمئنانها إلى شهادة شاهدي المطعون ضدها دون أن تعنى بتحقيق دفاع الطاعن الذي نفى فيه وجود توقيع له على العقد المشار إليه وهو دفاع جوهري من شأنه أن يفقد هذه الورقة مبدأ الثبوت بالكتابة ولا يجوز الاحتجاج بها عليه كدليل كتابي يجوز تكملته بالبينة وهو ما يتغير به إن صح وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.