أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 523

جلسة 21 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: نائب رئيس المحكمة صلاح عبد العظيم، الدكتور أحمد حسن، يحيى الرفاعي، وزكي المصري.

(115)
الطعن رقم 708 لسنة 45 القضائية.(تجاري)

1 - براءة الاختراع.
1 - براءة الاختراع. إجراءات منحها. المعارضة فيها. حجيتها. ق 132 لسنة 1972.
2 - قرار إداري. اختصاص.
2 - المنازعات الإدارية. اختصاص مجلس الدولة بنظرها. م 15 ق 46 لسنة 1972. اختصاص المحاكم بالفصل في المنازعات المدنية والتجارية الناشئة عن القرار الإداري دون أن تؤوله أو توقف تنفيذه. م 17 من ذات القانون.
1 - النص في المادة الأولى والمواد 21 و22 و23 و24 و35 من القانون رقم 132 لسنة 1949 - يدل على أن المشرع تطلب شروطاً خاصة لمنح براءة الاختراع عن الابتكارات الجديدة وأجاز المعارضة من ذوي الشأن في إصدار البراءة أمام لجنة إدارية خاصة تكون قراراتها قابلة للطعن فيها أمام محكمة القضاء الإداري، مما مؤداه أنه متى صدر قرار من وزير التجارة بمنح البراءة لصاحب الحق فيها بعد استيفاء كافة الإجراءات والأوضاع المقررة في القانون - كان لهذا القرار حجية أمام الكافة ويظل الاختراع الممنوح عنه البراءة موضع حماية القانون واحترام الكافة طوال مدة بقاء البراءة ما لم يصدر قرار من إدارة البراءات بإلغاء البراءة أو بنزع ملكية الاختراع للمنفعة العامة أو لم يصدر حكم نهائي من محكمة القضاء الإداري بإبطال البراءة.
2 - لما كان من المقرر طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 46 لسنة 1972 الخاص بالسلطة القضائية أن المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة تخرج عن ولاية المحاكم ويكون لها طبقاً للمادة 17 من هذا القانون أن تفصل في المنازعات المدنية والتجارية التي تختص بها دون أن تؤول الأمر الإداري أو توقف تنفيذه، وكان من المقرر أن القرار الإداري إذا استكمل مقوماته دون أن يشوبه في ظاهره عيب يجرده من الصفة الإدارية أو ينحدر به إلى مرتبة العدم فإنه يتمتع بالحصانة أمام المحاكم بحيث يمتنع عليها المساس به، ويتعين عليها الالتزام بآثاره في المنازعات المدنية المعروضة عليها والناشئة عنه وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض دعوى التعويض عن تقليد اختراع الطاعن تأسيساً على نفي عنصر الجدة في هذه الاختراع بمقولة إن فكرته لا تعتبر فكرة أصلية تتضمن مهارة الابتكار إذ سبقه إليها آخر وحصل على براءة عن ذات الاختراع في الولايات المتحدة الأمريكية فإن هذا القضاء يكون قد انطوى على مساس بحجية القرار الإداري الصادر للطاعن من وزير التجارة المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 762 لسنة 19 تجاري كلي القاهرة على الشركتين المطعون ضدهما بطلب الحكم - أولاً - بإلزام الثانية بالتوقف كلية عن إنتاج الدواء المبين بصحيفة افتتاح الدعوى - ثانياً - بإلزامهما متضامنين بأن تدفعا له - عل سبيل التعويض - مبلغ مائة ألف جنيه عن المدة من مارس سنة 1966 حتى فبراير سنة 1968 ومبلغ خمسين ألف جنيه سنوياً اعتباراً من مارس سنة 1968 وحتى تاريخ التوقف عن إنتاج الدواء آنف الذكر. وقال بياناً لذلك أنه بتاريخ 23/ 2/ 1963 قدم طلباً لإدارة البراءات بمصر لمنحه براءة عن اختراعه المتعلق بطريق تسهيل تعاطي حبوب منع الحمل. وبتاريخ 16/ 6/ 1964 صدر القرار رقم 5068 بمنحه البراءة عن اختراعه المذكور - كما حصل على براءة أخرى من لندن عن ذات الاختراع في 19/ 5/ 1965 برقم 160.992 وكان قد عرض الشركة المطعون ضدها الأولى استغلال اختراعه إلا أنها بعد أن وعدته ببحث عرضه أخطرته بالعزوف عن تنفيذه ثم فوجئ بالشركة المطعون ضدها الثانية تستغل الاختراع في إنتاج نوعين من الأدوية هي - أفاكين 28، سيريال وذلك بالتواطوء مع الشركة المطعون ضدها الأولى وقامت الشركتان بتوزيع الأرباح في الخارج - لذا أقام الدعوى بالطلبات السابقة. وبتاريخ 20/ 1/ 1970 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 119 لسنة 87 ق. وبتاريخ 27/ 4/ 1975 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض - وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره. وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول أن الحكم تعرض لشروط براءة الاختراع الممنوحة له في مصر وقرر أن فكرته ليست جديدة إذ سبق تقديم طلب عنها إلى إدارة براءات الاختراع في الولايات المتحدة الأمريكية من الأمريكي ايلزفياج - في حين أن القانون رقم 132 لسنة 1949 - بشأن براءة الاختراع - قد حدد في مادته الثالثة الشروط الواجب توافرها في الابتكار لمنح براءة اختراع عنه وقرر في المواد 21، 22، 23، 35 منه إجراءات محددة لاعتراض ذوي الشأن على إصدار براءة الاختراع فجعل الفصل في المعرضات التي تقدم في طلب البراءة من اختصاص لجنة إدارية ثلاثية وأجاز الطعن في قراراتها أما محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة - وناط بتلك المحكمة ولاية الفصل في طلب بطلان براءة الاختراع - بحيث إنه إذا لم يحصل اعتراض على طلب إصدار البراءة وصدر قرار بمنحها فإن البراءة تصبح حجة على الكافة ما لم يصدر حكم من محكمة القضاء الإداري ببطلانها. ولما كانت براءة الاختراع التي يستند إليها الطاعن قد صدرت في مصر طبقاً لأحكام القانون المشار إليه فإنه ما كان يسوغ للحكم المطعون فيه أن يهدر حجية تلك البراءة ببحث عناصر اختراعه ونفي عنصر الجدة فيه. وإذ خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية على أن تمنح براءة اختراع وفقاً لأحكام هذا القانون عن كل ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي. والنص في المادة 21 من ذات القانون على أنه يجوز لكل ذي شأن أن يقدم لإدارة البراءات في الميعاد الذي تحدده اللائحة التنفيذية إخطاراً كتابياً بمعارضته في إصدار البراءة ويجب أن يشتمل هذا الإخطار على أسباب المعارضة. وفي المادة 22 على أن تفصل في المعارضة لجنة تشكل بقرار يصدره مجلس الوزراء بناء على طلب وزير التجارة والصناعة. وفي المادة 23 على أن القرار الصادر من اللجنة في المعارضة يجوز الطعن فيه أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة وإذ نصت المادة 24 على أن منح البراءة لصاحبها يكون بقرار من وزير التجارة والصناعة ويشهر هذا القرار بالكيفية التي تعينها اللائحة التنفيذية وإذ أجازت المادة 35 لإدارة براءات الاختراع ولكل ذي شأن أن يطلب إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة الحكم بإبطال البراءات التي تكون قد منحت مخالفة لأحكام المادتين 2، 3 من هذا القانون وتقوم الإدارة المذكورة بإلغاء البراءات متى قدم لها حكم بذلك حائز لقوة الشيء المقضي به. كل ذلك يدل على أن المشرع تطلب في القانون رقم 132 لسنة 1949 شروطاً خاصة لمنح براءة الاختراع عن الابتكارات الجديدة وأجاز المعارضة من ذوي الشأن في إصدار البراءة أمام لجنة إدارية خاصة تكون قراراتها قابلة للطعن فيها أمام محكمة القضاء الإداري. مما مؤداه أنه متى صدر قرار من وزير التجارة بمنح البراءة لصاحب الحق فيها بعد استيفاء كافة الإجراءات والأوضاع المقررة في القانون - كان لهذا القرار حجية أمام الكافة ويظل الاختراع الممنوح عنه البراءة موضع حماية القانون واحترام الكافة طوال مدة بقاء البراءة ما لم يصدر قرار من إدارة البراءات بإلغاء البراءة أو بنزع ملكية الاختراع للمنفعة العامة أو لم يصدر حكم نهائي من محكمة القضاء الإداري بإبطال البراءة. لما كان ذلك وكان من المقرر طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 46 لسنة 1972 الخاص بالسلطة القضائية أن المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة تخرج عن ولاية المحاكم ويكون لها طبقاً للمادة 17 من هذا القانون أن تفصل في المنازعات المدنية والتجارية التي تختص بها دون أن تؤول الأمر الإداري أو توقف تنفيذه. وكان من المقرر أن القرار الإداري إذا استكمل مقوماته دون أن يشوبه في ظاهره عيب يجرده من الصفة الإدارية أو تنحدر به إلى مرتبة العدم فإنه يتمتع بالحصانة أمام المحاكم بحيث يمتنع عليها المساس به، ويتعين عليها الالتزام بآثاره في المنازعات المدنية المعروضة عليها والناشئة عنه وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض دعوى التعويض عن تقليد اختراع الطاعن تأسيساً على نفي عنصر الجدة في هذا الاختراع بمقولة أن فكرته لا تعتبر فكرة أصلية تتضمن مهارة الابتكار إذ سبقه إليها آخر وحصل على براءة عن ذات الاختراع في الولايات المتحدة الأمريكية فإن هذا القضاء يكون قد انطوى على مساس بحجية القرار الإداري الصادر للطاعن من وزير التجارة في مصر بمنحه البراءة عن اختراعه - محل النزاع بما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن. على أن يكون مع النقض الإحالة.