أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 43 - صـ 1105

جلسة 4 من نوفمبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم اسكندر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الناصر السباعي، إبراهيم شعبان نائبي رئيس المحكمة، محمد إسماعيل غزالي وسيد محمود قايد.

(223)
الطعن رقم 1677 لسنة 57 القضائية

(2،1) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن". إثبات.
(1) وجوب حصول المستأجر على إذن كتابي صريح من المالك بالتأجير من الباطن. م 18/ حـ ق 136 لسنة 1981 - المقابلة للمادة 31/ 2 ق 49 لسنة 1977. جواز إثبات صدور موافقة المالك الضمنية بالبينة. علة ذلك.
(2) الإيصال الصادر من المؤجر بتقاضي الأجرة مضافاً إليها الزيادة القانونية مقابل التأجير من الباطن. اعتباره تصريحاً للمستأجر بهذا التأجير. شرطه. ألا يكون التأجير من الباطن استعمالاً لإحدى الرخص التي أجازها له المشرع استثناءً من الحظر الوارد في القانون.
1 - لئن كانت المادة 18/ حـ من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - المقابلة للمادة 31/ ب من القانون رقم 49 لسنة 1977 تشترط حصول المستأجر على إذن كتابي صريح من المالك بالتأجير من الباطن حتى لا يدع للأخير سبيلاً إلى طلب الإخلاء إلا أن الكتابة في هذا الإذن الخاص - وعلى ما جري به قضاء هذه المحكمة - ليست ركناً شكلياً بل هي مطلوبة للإثبات فيقوم مقامها الإقرار واليمين، ويمكن الاستعاضة عنها بالبينة والقرائن في الحالات التي تجيزها القواعد العامة استثناء فيجوز إثبات الموافقة بالبينة باعتبار أن الإرادة الضمنية تستمد من وقائع مادية وهي تثبت بجميع طرق الإثبات.
2 - يعتبر إثباتاً كافياً للتصريح بالتأجير من الباطن الإيصال الصادر من المؤجر بتسلمه الأجرة من المستأجر مضافاً إليها الزيادة القانونية بشرط ألا يكون المستأجر الأصلي قد أجر مسكنه من الباطن، استعمالاً لإحدى الرخص التي أجازها المشرع استثناءً من الحظر الوارد في القانون، لما كان ذلك وكان الحكم الصادر من محكمة أول درجة في الدعوى رقم....... مدني كلي الإسكندرية - والذي صار نهائياً بعدم الطعن عليه - قد خلص إلى انتفاء ثبوت تأجير المطعون ضده الثاني الشقة محل النزاع استعمالاً للرخصة التي أجازها المشرع للمستأجر في المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وإذ كان البين من الإيصال المؤرخ 1/ 6/ 1978 - المقدم من الأخير أمام محكمة أول درجة - تقاضى المطعون ضده الأول أجرة العين محل النزاع مضافاً إليها نسبة مقدارها 70% فإن الحكم المطعون فيه، إذ أقام قضاءه بإخلاء الشقة محل النزاع للتأجير من الباطن على سند من أن الأوراق قد خلت من دليل على صدور تصريح من المطعون ضده الأول للمطعون ضده الثاني بالتأجير من الباطن دون أن يمحص الإيصال المؤرخ 1/ 6/ 1978 وما قد يشير إليه من دلالة - وفقاً للقواعد سالفة البيان - فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 5686 لسنة 1982 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، طالباً الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1974 وبإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها له، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب هذا العقد، استأجر المطعون ضده الثاني الشقة سالفة الذكر، وإذ قام بتأجيرها من الباطن إلى الطاعن دون إذن كتابي منه، فقد أقام الدعوى، كما أقام المطعون ضده الثاني على الطاعن والمطعون ضده الأول الدعوى رقم 2559 لسنة 1983 أمام ذات المحكمة طالباً الحكم بإخلاء الشقة محل النزاع في مواجهة المطعون ضده الأول، على سند من أن الطاعن قد استأجر منه هذه الشقة بمناسبة سفره إلى الخارج، وإذ رفض تسليمها له إثر عودته رغم إنذاره فقد أقام الدعوى، ضمت المحكمة الدعويين وأحالتهما إلى التحقيق، وبعد سماع الشهود الطرفين حكمت في الدعوى الأولى بإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها للمطعون ضده الأول، وبرفض الدعوى الثانية. استأنف الطاعن الحكم الصادر في الدعوى الأولى بالاستئناف رقم 701 لسنة 42 ق الإسكندرية، وبتاريخ 4/ 3/ 1987 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء على سند من أن الأوراق الدعوى قد خلت من دليل على صدور التصريح من المطعون ضده الأول للمطعون ضده الثاني بتأجير الشقة محل النزاع من الباطن في حين أن الثابت من الإيصال المؤرخ 1/ 6/ 1978 تسلم المطعون ضده الأول أجرة العين مضافاً إليها الزيادة المقررة للتأجير من الباطن، الأمر الذي يعد بمثابة موافقة على التأجير من الباطن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه ولئن كانت المادة 18/ حـ من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - المقابلة للمادة 31/ ب من القانون رقم 49 لسنة 1977 تشترط حصول المستأجر على إذن كتابي صريح من المالك بالتأجير من الباطن حتى لا يدع للأخير سبيلاً إلى طلب الإخلاء إلا أن الكتابة في هذا الإذن الخاص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست ركناً شكلياً بل هي مطلوبة للإثبات فيقوم مقامها الإقرار واليمين، ويمكن الاستعاضة عنها بالبينة والقرائن في الحالات التي تجيزها القواعد العامة استثناء فيجوز إثبات الموافقة بالبينة باعتبار أن الإرادة الضمنية تستمد من وقائع مادية وهي تثبت بجميع طرق الإثبات، هذا، و يعتبر إثباتاً كافياً للتصريح بالتأجير من الباطن الإيصال الصادر من المؤجر بتسلمه الأجرة من المستأجر مضافاً إليها الزيادة القانونية بشرط ألا يكون المستأجر الأصلي قد أجر مسكنه من الباطن، استعمالاً لإحدي الرخص التي أجازها المشرع استثناءً من الحظر الوارد في القانون، لما كان ذلك وكان الحكم الصادر من محكمة أول درجة في الدعوى رقم 2559 لسنة 1983 مدني كلي الإسكندرية - والذي صار نهائياً بعدم الطعن عليه - قد خلص إلى انتفاء ثبوت تأجير المطعون ضده الثاني الشقة محل النزاع استعمالاً للرخصة التي أجازها المشرع للمستأجر في المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وإذ كان البين من الإيصال المؤرخ 1/ 6/ 1978 - المقدم من الأخير أمام محكمة أول درجة - تقاضى المطعون ضده الأول أجرة العين محل النزاع مضافاً إليها نسبة مقدارها 70% فإن الحكم المطعون فيه، إذ أقام قضاءه بإخلاء الشقة محل النزاع للتأجير من الباطن على سند من أن الأوراق قد خلت من دليل على صدور تصريح من المطعون ضده الثاني بالتأجير من الباطن دون أن يمحص الإيصال المؤرخ 1/ 6/ 1978 وما قد يشير إليه من دلالة - وفقاً للقواعد سالفة البيان - فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.