أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 555

جلسة 27 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة عبد العزيز فوده، وليم رزق بدوي، ومحمد لطفي السيد.

(123)
الطعن رقم 419 لسنة 42 قضائية

1 - إثبات "القرائن القانونية" "القرائن القضائية". وصية. محكمة الموضوع "تقدير الدليل". "القرائن القضائية" "شهادة الشهود".
انتفاء شروط قرينة المادة 917 مدني. لا يحول دون استنباط المحكمة إضافة التصرف إلى ما بعد الموت من قرائن أخرى. (مثال).
2 - حكم "تسبيب الحكم" "الأسباب الزائدة". نقض "السبب غير المقبول".
إقامة الحكم قضاءه على ما يكفي لحملة. تعيبه فيما جاء فيه نافله ويستقم بدونه. غير مقبول.
3 - ملكية. تسجيل. وصيه. إرث.
ملكية العقار الموصى به. عدم انتقالها للموصى له إلا بالتسجيل. الوصية غير المسجلة. أثرها.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لتطبيق القرينة المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني أنه يكون المورث في تصرفه لوارث قد احتفظ بحيازة العين المبيعة واحتفظ بحقه في الانتفاع بها وأن يكون احتفاظه بالأمرين معاً طيلة حياته إلا أن ذلك لا يحول دون حق المحكمة المقرر بالمادة 101 من قانون الإثبات في استنباط القرائن القضائية التي لم يقررها القانون وأن تستند إليها في إثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود. لما كان ذلك وكان تصرف المورث تصرفاً صورياً يخفي وصية افتئاتاً منه على قواعد الميراث المقررة بالقانون إضراراً بوارث آخر يعتبر من الغير بالنسبة لهذا التصرف فيجوز له إثبات صوريته وأنه في حقيقته وصية بجميع طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود والقرائن القضائية، وكان الحكم المطعون فيه قد استنبط من أقوال شاهدي المطعون ضدهن أن تصرف مورثهن إلى القاصر المشمول بوصاية الطاعنة وهو عقد البيع المؤرخ 15/ 9/ 1967 عقد غير منجز ولم يدفع له ثمن وينطوي على تصرف مضاف إلى ما بعد الموت وكانت هذه القرينة القضائية التي استنبطها الحكم قد أحاطت بعناصر الوصية من كونها تبرعاً غير منجز ومضافاً إلى ما بعد الموت فإنها تكون كافية لحمل قضائه دون ما حاجة إلى القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني.
2 - المقرر أن تعييب الحكم فيما جاء فيه نافلة ولا حاجة له به ويستقيم قضاءه بدونه لا يؤدي إلى نقضه إذ يبقى الحكم بعد زواله قائماً ومحمولاً.
3 - المقرر أن الملكية لا تنتقل إلى الموصى له إلا بالتسجيل إلا أن الوصية غير المسجلة بمجرد وفاة الموصي ترتب وطبقاً للمادتين الرابعة من قانون المواريث رقم 77 سنة 1943، 37 من قانون الوصية رقم 71 سنة 1946 في ذمة الورثة باعتبارهم ممثلين للتركة التزامات شخصية منها التزامهم بتسليم العقار الموصى به والتزامهم بعدم تعرضهم له فيه ومن مقتضى ذلك بقاء العقار الموصى به فيما ينفذ من الوصية دون حاجة إلى إجازة الورثة في يد الموصى له إذا كان تحت يده من قبل فلا يحكم بتسليمه لهم ولا يجوز للوارث إدعاء ملكيته، وأن تراخي نقل ملكية العقار الموصى به إيصاءً صحيحاً ونافذاً إلى ما بعد تسجيل الوصية لا يحول دون تمسك الموصى له الذي قبل الوصية ولم يردها بالالتزامات الشخصية المترتبة عليها قبل الورثة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهن أقمن الدعوى رقم 1144 سنة 1970 مدني كلي قنا على الطاعنة بصفتها وصية على القاصر.... بطلب الحكم بانعدام الحكم الصادر في الدعوى رقم 1480 سنة 1967 مدني جزئي نجع حمادي واعتباره كأن لم يكن وزوال كل أثر ترتب عليه وتثبيت ملكيتهم إلى 21 قيراط شيوعاً في فدان و16 قيراط موضحه الحدود والمعالم بالصحيفة وكف منازعة الطاعنة بصفتها والتسليم، على سند من القول أن مورث الطرفين المرحوم... باع لابنه القاصر المشمول بوصاية الطاعنة مساحة فدان و16 قيراط بمقتضى عقد بيع ابتدائي مؤرخ 15/ 9/ 1967 وأن هذا البيع صوري لم يقصد منه المورث بيعاً حقيقياً وأن القاصر المذكور أقام الدعوى رقم 1480 سنة 1967 مدني نجع حمادي ضد البائع له بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع سالف الذكر. وبجلسة 8/ 11/ 1967 قضت المحكمة بإلحاق محضر الصلح الذي أبرم بين طرفي الخصومة بمحضر الجلسة، وأن هذا الحكم معدوم لصدوره في خصومة أحد طرفيها قاصر ليس أهلاً للتقاضي وأن المورث توفى في يناير سنة 1970 وانحصر إرثه في بناته المطعون ضدهن وفي زوجته الطاعنة وابنه.... المشمول بوصاية الطاعنة وترك عقارات فدان و16 قيراط يخصهن منها 21 قيراط فأقمن الدعوى بطلباتهن سالفة الذكر. قضت محكمة أول درجة في 28/ 2/ 1971 برفض الدعوى. طعنت المطعون ضدهن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 59 سنة 46 القضائية أسيوط "مأمورية قنا". قضت المحكمة في 24/ 11/ 1971 بقبول الاستئناف شكلاً وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي أن عقد البيع المؤرخ 15/ 9/ 1967 هو في حقيقته تصرف مضاف إلى ما بعد الموت قصد به الإضرار بهن وبعد أن استمعت المحكمة على أقوال الشهود إثباتاً ونفياً قضت في 17/ 4/ 1972 بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المستأنفات (المطعون ضدهن) إلى 12 قيراط شيوعاً في فدان و16 قيراط المبينة حدوداً ومعالماً بالصحيفة وكف منازعة المستأنف عليها بصفتها (الطاعنة) لهن في هذا القدر وألزمتها التسليم. طعنت الطاعنة بصفتها وصية على القاصر... في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم قد استخلص استخلاصاً غير سائغ أن عقد البيع المؤرخ 15/ 8/ 1967 قصد به الإيصاء من عدم مقدرة المشتري أو من يقوم مقامه على دفع ثمن المبيع وأن الأطيان ظلت في حيازة البائع حتى وفاته إذ قد يكون العقد منطوياً على هبة مستترة وهى جائزة ونافذة قانوناً كما أنه يلزم لتطبيق المادة 917 من القانون المدني توافر شرطين الأول بقاء الحيازة للبائع والثاني الاحتفاظ بحق الانتفاع وأن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدى حياته يكون إلى جانب قصد التبرع إضافة التمليك إلى ما بعد الموت وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لتطبيق القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني أن يكون المورث في تصرفه لوارثه قد احتفظ بحيازة العين المبيعة واحتفظ بحقه في الانتفاع بها وأن يكون احتفاظه بالأمرين معاً طيلة حياته إلا أن ذلك لا يحول دون حق المحكمة المقرر بالمادة 101 من قانون الإثبات في استنباط القرائن القضائية التي لم يقررها القانون وأن تستند إليها في إثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود - لما كان ذلك - وكان تصرف المورث تصرفاً صورياً يخفي وصية افتئاتاً منه على قواعد الميراث المقررة بالقانون وإضراراً بوارث آخر يعتبر من الغير بالنسبة لهذا التصرف فيجوز له إثبات صوريته وأنه في حقيقته وصية بجميع طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود والقرائن القضائية وكان الحكم المطعون فيه قد استنبط من أقوال شاهدي المطعون ضدهن أن تصرف مورثهن إلى القاصر المشمول بوصاية الطاعنة وهو عقد البيع المؤرخ 15/ 9/ 1967 عقد غير منجز ولم يدفع له ثمن وينطوي على تصرف مضاف إلى ما بعد الموت وكانت هذه القرينة القضائية التي استنبطها الحكم قد أحاطت بعناصر الوصية من كونها تبرعاً غير منجز ومضافاً إلى ما بعد الموت فإنها تكون كافية لحمل قضائه دون ما حاجة إلى القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني ويكون ذكر هذه المادة قد جاء في الحكم المطعون فيه تزيداً، ومن المقرر أن تعييب الحكم فيما جاء فيه نافلة ولا حاجة له به ويستقيم قضاءه بدونه لا يؤدي إلى نقضه إذ يبقى الحكم بعد زواله قائماً ومحمولاً ومن ثم يتعين رفض هذا السبب من النعي.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن عقد البيع الابتدائي المؤرخ 15/ 8/ 1967 ليس بيعاً وإنما تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية فكان يتعين على المحكمة أن تحقق ما إذا كانت العين موضوع النزاع تخرج من ثلث التركة من عدمه وأن تستبقي القدر الجائز الإيصاء به وتحكم للمطعون ضدهن بفرضهن الشرعي في الباقي كما أن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضدهن بنصيبهن كاملاً في التركة دون استبعاد القدر الجائز الإيصاء به استناداً إلى أن الوصية لم تشهر طبقاً لأحكام قانون الشهر العقاري رغم مخالفة ذلك لأحكام المادة الرابعة من قانون المواريث يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة الرابعة من قانون المواريث رقم 77 سنة 1943 تنص على أنه مؤدي من التركة بحسب الترتيب الآتي أولاً: ما يكفي لتجهيز الميت ومن تلزمه نفقة ثانياً: ديون الميت. ثالثاً: ما أوصى به في الحد الذي تنفذ فيه الوصية ويوزع ما بقى بعد ذلك على الورثة".. والمادة 37 من قانون الوصية رقم 71 سنة 1946 تنص على أنه "تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره تنفيذ من غير إجازة الورثة وتصح بما زاد على الثلث ولا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الوصي". وإذ كان من المقرر أن الملكية لا تنتقل إلى الموصى له إلا بالتسجيل إلا أن الوصية غير المسجلة بمجرد وفاة الموصي ترتب في ذمة الورثة باعتبارهم ممثلين للتركة التزامات شخصية منها التزامهم بتسليم العقار الموصى به والتزامهم بعدم تعرضهم له فيه ومقتضى ذلك بقاء العقار الموصى به فيما ينفذ من الوصية دون حاجة إلى إجازة الورثة في يد الموصى له إذا كان تحت يده من قبل فلا يحكم بتسليمه لهم ولا يجوز للوارث إدعاء ملكيته لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر التصرف الحاصل بالعقد المؤرخ 15/ 8/ 1967 وصية فكان عليه أن يثبت من قيمة التركة. وفيما إذا كانت القيمة الموصى بها تخرج عن ثلثها فلا يقضي بشيء منها للمطعون ضدهن أو يزيد على ثلث التركة فلا يبقي من التركة بعد إخراجه منها إلا الزيادة عنه فيحكم للمطعون ضدهن بنصيبهن في هذه الزيادة وحدها وإذ لم يقم الحكم بذلك وقضي للمطعون ضدهن بنصيبهن في العين الموصى بها كاملة وتسليمها إليهن وكف منازعة الطعنة بصفتها لهن فيها دون اعتبار من الحكم المطعون فيه لأحكام الوصية التي انتهى في قضائه على سريانها على التصرف الصادر للقاصر المشمول بوصاية الطاعنة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص مع الإحالة ولا يجدي الحكم المطعون فيه فهمه لأحكام القانون فهما خاطئاً إذ أن تراخي نقل ملكيته العقار الموصي به إيصاءً صحيحاً ونافذاً إلى ما بعد تسجيل الوصية لا يحول دون تمسك الموصى له الذي قبل الوصية ولم يردها بالالتزامات الشخصية المترتبة عليها قبل الورثة