أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 43 - صـ 1133

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين نواب رئيس المحكمة وفتيحه قره.

(228)
الطعن رقم 829 لسنة 58 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "عقد الإيجار". دعوى "الخصوم في الدعوى" "بعض أنواع الدعاوى" "دعوى التمكين". اختصاص "الاختصاص النوعي". قضاء مستعجل.
(1) عقد الإيجار الصادر من صاحب الحق في التأجير. تخويله المستأجر الحق في الانتفاع بالعين المؤجرة. مؤداه. حق الأخير في مواجهة المتعرض له في ذلك - سواء أكان من الغير أو من مستأجر آخر لها من ذات المؤجر - إما برفع دعوى على هذا المستأجر دون اختصام المؤجر أو بطريق دفع دعوى المستأجر المتعرض. المواد 571، 572، 575 مدني.
(2) إقامة المستأجر دعواه الموضوعية ضد مستأجر آخر للعين المؤجرة بطلب تمكينه منها لأفضلية عقده في التاريخ. انعقاد الاختصاص بنظرها لمحكمة الموضوع وليس للقضاء المستعجل. اختصام المؤجر فيها. غير لازم.
(3 - 5) إيجار "إيجار الأماكن" "عقد الإيجار" "حظر احتجاز أكثر من مسكن" "الأفضلية بين عقود المستأجرين لمكان واحد". نظام عام.
(3) القضاء بثبوت واقعة التأجير لأحد الخصوم. شرطه. عدم التعارض مع نص قانوني متعلق بالنظام العام تمسك الخصم الآخر بإعماله.
(4) تزاحم المستأجرين للعين المؤجرة. الأفضلية للمستأجر الأول. م 24/ 4 ق 49 لسنة 1977. شرطه. ألا يترتب على ذلك احتجازه لأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتض. المفاضلة بين عقود المستأجرين لمكان واحد. وجوب بحث المحكمة مدى استيفاء العقد الأسبق لشروط صحته أو بطلانه.
(5) مخالفة حكم المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977. لكل ذي مصلحة مالكاً كان أو طالب استئجار التمسك بأعمال حكمها.
1 - إذ كان عقد الإيجار الصادر من صاحب الحق في التأجير ينشئ للمستأجر حقاً شخصياً في الانتفاع بالعين المؤجرة يتصل اتصالاً وثيقاً بها ومن ثم يحق له مواجهة كل من يتعرض له في الانتفاع بها ويدعي لنفسه حقاً شخصياً سواء كان مستأجر للعين من ذات المؤجر أو كان من الغير عملاً بالمواد 571، 572، 575 من القانون المدني بأن يدفع دعوى المستأجر المتعرض أو أن يكون هو المدعي في دعوى يرفعها على هذا المستأجر دون اختصام المؤجر وتكون المفاضلة بين العقدين وفقاً لأحكام القانون.
2 - إذ كان البين من الأوراق أن المستأجر - المطعون ضده قد أقام دعواه الموضوعية على الطاعن وهو مستأجر آخر بتمكينه من العين استناداً إلى أفضلية عقده المؤرخ (.......) فإن الاختصاص والحال هذه ينعقد للمحكمة المطعون في حكمها وليس للقضاء المستعجل ولا يلزم اختصام المؤجر فيها.
3 - يلزم للقضاء بثبوت واقعة التأجير لأحد الخصوم في الدعوى ألا يتعارض حقه مع نص قانوني متعلق بالنظام العام تمسك الخصم الآخر بأعمال أحكامه.
4 - المقرر عند تزاحم المستأجرين أن تكون الأفضلية للمستأجر الأول عملاً بالمادة 24/ 4 من القانون 49 لسنة 1977 إلا أنه يشترط ألا يصبح المستأجر صاحب الأفضلية محتجزاً لأكثر من مسكن في البلد الواحد بغير مقتض وهو ما تحظره المادة 8 من القانون المذكور ويحول ذلك دون القضاء له بحقه لمخالفته لنص من النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام إذ يقع استئجار المسكن المخالف لهذا الحظر باطلاً بطلاناً مطلقاً، ومن ثم فإن المفاضلة بين عقود المستأجرين لمكان واحد عندئذ تستلزم أن تبحث المحكمة مدى استيفاء العقد الأسبق لشروط صحته وانعقاده ويتسع نطاق الدعوى لبحث كافة ما يثار فيها من أسباب تتعلق بوجود العقد أو انعدامه وصحته أو بطلانه.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز لكل ذي مصلحة مالكاً كان أو طالب استئجار أن يتمسك بأعمال حكم المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 183 لسنة 1985 السويس الابتدائية بطلب الحكم بتمكينه من شقة النزاع وعدم تعرض الأخير له فيها. وقال في بيان ذلك إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 7/ 1984 موثق بالشهر العقاري استأجر تلك الشقة من مورث الطرفين (والدهما) ونص في العقد على تسليمها إليه بعد إخلائها من آخر كان يشغلها بطريق الإيجار. وإذ توفى المورث وأخليت الشقة من مستأجرها القديم، قام الطاعن بغلقها وعدم تمكينه منها بمقولة، إنه استأجرها من مورثة في 19/ 7/ 1984، فأقام الدعوى. بتاريخ 24/ 2/ 1987 حكمت المحكمة بتمكين المطعون ضده من شقة النزاع وعدم تعرض الطاعن له فيها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 68 لسنة 10 ق الإسماعيلية (مأمورية السويس). وبتاريخ 12/ 1/ 1988 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالخامس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول إن دعوى المستأجر بطلب تمكينه من العين المؤجرة إنما ترفع ضد المؤجر ويكون الاختصاص بها منعقداً للقضاء المستعجل، ولما كانت قواعد الاختصاص النوعي من النظام العام فإن لازم ذلك ومقتضاه أن تقضي المحكمة المطعون في حكمها بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى من تلقاء نفسها، وإذ هي خالفت هذا النظر وتصدت لموضوع الدعوى مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد. ذلك أنه لما كان عقد الإيجار الصادر من صاحب الحق في التأجير ينشئ للمستأجر حقاً شخصياً في الانتفاع بالعين المؤجرة يتصل اتصالاً وثيقاً بها ومن ثم يحق له مواجهة كل من يتعرض له في الانتفاع بها ويدعي لنفسه حقا شخصياً سواء كان مستأجراً للعين من ذات المؤجر أو كان من الغير عملاً بالمواد 571، 572، 575 من القانون المدني بأن يدفع دعوى المستأجر المتعرض أو أن يكون هو المدعي في دعوى يرفعها على هذا المستأجر دون اختصام المؤجر وتكون المفاضلة بين العقدين وفقاً لأحكام القانون. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده قد أقام دعواه الموضوعية على الطاعن وهو مستأجر آخر بتمكينه من العين استناداً إلى أفضلية عقده المؤرخ 1/ 7/ 1984 فإن الاختصاص والحال هذه ينعقد للمحكمة المطعون في حكمها وليس للقضاء المستعجل ولا يلزم اختصام المؤجر فيها ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك ببطلان عقد إيجار المطعون ضده المؤرخ 1/ 7/ 1984 - موضوع الدعوى - إعمالاً لحكم المادة 8/ 1 من القانون 49 لسنة 1977 تأسيساً على أنه يحتجز أكثر من مسكن بمدينة السويس لاستئجاره شقة أخرى بذات العقار المملوك للمورث وإقامته بها قبل اعتصامه بالعقد المشار إليه على النحو المبين بالأوراق، وإذ كان لكل ذي صفة أو مصلحة أن يتمسك بتوافر الحظر وأعمال الجزاء المدني المنصوص عليه في النص المذكور سواء أكان مالكاً للعقار أو طالب سكنى فإن الحكم المطعون فيه إذ واجه هذا الدفاع وقصر حق التمسك بالحظر على المالك أو المؤجر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وحجبه هذا الخطأ عن بحث دفاعه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد. ذلك أنه يلزم للقضاء بثبوت واقعة التأجير لأحد الخصوم في الدعوى ألا يتعارض حقه مع نص قانوني متعلق بالنظام العام تمسك الخصم الآخر بأعمال أحكامه. لما كان ذلك ولئن كان المقرر عند تزاحم المستأجرين أن تكون الأفضلية للمستأجر الأول عملاً بالمادة 24/ 4 من القانون 49 لسنة 1977 إلا أنه يشترط ألا يصبح المستأجر صاحب الأفضلية محتجزاً لأكثر من مسكن في البلد الواحد بغير مقتض وهو ما تحظر المادة 8 من القانون المذكور ويحول ذلك دون القضاء له بحقه لمخالفيه لنص من النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام إذ يقع استئجار المسكن المخالف لهذا الحظر باطلاً بطلاناً مطلقاً، ومن ثم فإن المفاضلة بين عقود المستأجرين لمكان واحد عندئذ تستلزم أن تبحث المحكمة مدى استيفاء العقد الأسبق لشروط صحته وانعقاده ويتسع نطاق الدعوى لبحث كافة ما يثار فيها من أسباب تتعلق بوجود العقد أو انعدامه وصحته أو بطلانه. لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن قد تمسك في صحيفة استئنافه بدفاع جوهري مؤداه أن المطعون ضده يحتجز مسكناً آخر بالدور السادس من ذات العقار بغير مقتضي ويقيم فيه من قبل. وكان الثابت من مطالعة هذه الصحيفة أنها قد أعلنت إلى شخص المطعون ضده في محل إقامته بالمسكن المشار إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض دفاع الطاعن على سند من أنه ليس مالكاً لشقة النزاع في حين أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز لكل ذي مصلحة مالكاً كان أو طالب استئجار أن يتمسك بأعمال حكم المادة الثامنة سالفة البيان فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث دفاع الطاعن الجوهري مما يعيبه أيضا بالقصور في التسبيب ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.