أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 43

جلسة 6 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د/ رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وزكي عبد العزيز.

(168)
الطعن رقم 2003 لسنة 53 القضائية

(1، 2) إعلان "الإعلان في الموطن الأصلي"، "الإعلان لجهة الإدارة".
(1) الإعلان في الموطن الأصلي. كفاية تسليم الصورة إلى أحد المقيمين مع المراد إعلانه حال غيابه. عدم تكليف المحضر بالتحقيق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان ولا من حقيقة علاقته بالمراد إعلانه. شرطه. م 10 مرافعات.
(2) الإعلان لجهة الإدارة. شرطه. م 11 مرافعات.
(3) إعلان. بطلان.
وجوب إعلان أفراد القوات المسلحة إلى الإدارة القضائية للقوات المسلحة شرطه. علم الخصم بهذه الصفة علماً يقيناً.
(4) موطن. محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
الموطن. ماهيته. م 40 مدني. جواز أن يكون للشخص أكثر من موطن في وقت واحد تقدير وجود الموطن وبيان تفرده وتعدده من سلطة قاضي الموضوع. شرطه.
(5) حكم "تسبيب الحكم: ما لا يعد قصوراً". نقض "سلطة محكمة النقض".
انتهاء الحكم إلى نتيجة صحيحة. لا يعيبه القصور في أسبابه القانونية أو ما شابها من خطأ. لمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما تراه.
(6) شفعة "النزول الضمني عن الشفعة". ملكية.
النزول الضمني عن الشفعة. لازمه. صدور عمل أو تصرف عمل من الشفيع يفيد حتماًً رغبته عن استعمال هذه الرخصة بأن ينطوي على اعتبار المشتري مالكاً نهائياً للمبيع.
(7) حكم "تسبيب الحكم: ما يعد قصور". محكمة الموضوع. إثبات "إجراءات الإثبات: الإحالة للتحقيق".
عدم التزام محكمة الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود. شرطه. أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه.
(8) شفعة - إثبات.
اتخاذ الشفيع إجراءات دعوى الشفعة. لا ينفي بذاته سبق نزوله عن حقه فيها قبل رفع الدعوى. مؤدى ذلك. حق صاحب المصلحة في التمسك بهذا النزول وطلب تمكينه من إثباته قانوناً.
1 - النص في الفقرة الثانية من المادة 10 من قانون المرافعات يدل - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية وجرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع لم يوجب على المحضر التحقق من صفة من تسلم صورة الإعلان ولا من حقيقة علاقته بالمراد إعلانه طالما أن ذلك الشخص يؤكد الصفة التي تجيز له تسلمها، ويعتبر الإعلان صحيحاً متى سلمت الورقة إليه على النحو المتقدم.
2 - مفاد نص المادة 11 من قانون المرافعات أنه إذا لم يجد المحضر من يصح تسليم الصورة إليه من المذكورين في المادة العاشرة من ذات القانون أو امتنع عن استلامها وجب عليه تسليمها لجهة الإدارة.
3 - مفاد النص في الفقرة السادسة من المادة 13 والمادة 19 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه بالنسبة لأفراد القوات المسلحة ينبغي تسليم إعلانهم بواسطة النيابة العامة إلى الإدارة القضائية بالقوات المسلحة، ويرتب على مخالفة ذلك بطلان الإعلان، وكان شرط ذلك أن يكون الخصم على علم بصفتهم هذه علماً يقينياً وإلا صح الإعلان صدقاً للقواعد العامة.
4 - تعرف المادة 40 من القانون المدني الموطن بأنه هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة، ويشترط لوجوده أن يتوافر فيه عنصر الاستقرار ونية الاستيطان ولو لم تكن الإقامة مستمرة تتخللها فترات غيبة متقاربة أو متباعدة، وطبقاً للفقرة الثانية من هذه المادة يجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن في وقت واحد، وتقدير وجود الموطن وبيان تفرده وتعدده من الأمور الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع بلا معقب متى كان استخلاصه سائغاً.
5 - لا يفسد الحكم مجرد القصور في الرد على وجه دفاع قانوني للخصم إذ بحسب المحكمة أن يكون حكمها صحيح النتيجة قانوناً ولمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما تراه إذا ما شابها خطأ أو قصور.
6 - النزول عن طلب الأخذ بالشفعة كما يكون صريحاً يجوز أن ضمنياً. ويستلزم النزول الضمني صدور عمل أو تصرف من الشفيع يفيد حتماً رغبته عن استعمال هذه الرخصة بأن ينطوي على اعتبار المشترى مالكاً نهائياً للمبيع.
7 - المقرر أن محكمة الموضوع وإن كانت غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى ما يطلبونه من إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود، إلا أنها ملزمة إذا رفضت هذا الطلب أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه.
8 - اتخاذ الشفيع إجراءات دعوى الشفعة لا ينفي بطريق اللزوم الحتمي والمنطقي سبق نزوله عن حقه في الشفعة قبل رفع الدعوى ولا يمنع صاحب المصلحة من التمسك فيها بهذا النزول وطلب تمكينه من إثباته قانوناً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما بين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعنين والمطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 1638 لسنة 1981 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بأحقيتها في أخذ العقار المبين بصحيفة الدعوى بالشفعة مقابل ثمن مقداره عشرة آلاف جنيه وملحقاته، وقالت بياناً لدعواها أن المطعون ضدها الثانية باعت إلى مورث الطاعنين المرحوم.... هذا العقار لقاء الثمن الآنف الذكر بموجب عقد صدر عنه حكم بصحة التعاقد - تم تسجيله بمكتب الشهر العقاري بالإسكندرية برقم 4749 بتاريخ 14/ 12/ 1980 ولما كانت تمتلك العقار المجاور للعقار المبيع في الحدين القبلي والغربي بموجب عقد مسجل فيحق لها أخذ هذا العقار بالشفعة بتاريخ 16/ 2/ 1981 وأودعت الثمن وملحقاته خزانة المحكمة الابتدائية فقد أقامت الدعوى ليحكم بطلباتها. وبتاريخ 25 من مايو سنة 1982 حكمت المحكمة بأحقية المطعون ضدها الأولى في أخذ عقار النزاع بالشفعة لقاء ثمن مقداره عشرة آلاف جنيه. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 870 لسنة 38 القضائية. وطلبوا إلغاءه ورفض الدعوى. وبتاريخ 8 من مايو سنة 1983 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأيد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلان الطاعنين من الخامس إلى الأخيرة بالرغبة في الأخذ بالشفعة وبإجراءات الدعوى إذ أعلنت المطعون ضدها الأولى رغبتها في الأخذ بالشفعة إلى الطاعنين جميعاً في العقار رقم 84 طريق جمال عبد الناصر قسم باب شرقي بالإسكندرية وأثبت المحضر في ورقة الإعلان أنه خاطب الطاعنة الأولى وسلمها صور الإعلان المتعلقة بهم باعتبارها والدتهم المقيمة معهم لغيابهم في حين أنها والدة الطاعنين من الثاني إلى الخامس المقيمين معها فقط، وزوجة أب للباقين الذين لا يقيمون معها في هذا العقار، وقد رفضت استلام إعلان آخر يتضمن تصحيح خطاً في الإعلان السابق كما امتنعت عن استلام صور إعلانات الدعوى المتعلقة بالطاعنين من الخامس إلى الأخيرة لعدم إقامتهم معها فقام المحضر بإعلانهم لجهة الإدارة خلافاً للقانون، فالطاعن الخامس ضابط بحري بالقوات المسلحة وكان يتعين إعلانه في الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة بواسطة النيابة العامة ولا يعفي المطعون ضدها الأولى جهلها بجهة سلاحه أو رقم وحدته، كما أن الطاعن السادس يقيم في عقار آخر بقسم الرمل بالإسكندرية، وأما الطاعنون من السابع إلى الأخيرة فيقيمون بالخارج بالمملكة العربية السعودية ولا يصح إعلانهم لجهة الإدارة إلا إذا لم يجد المحضر من يصح تسليم الإعلان إليه في موطنهم الأصلي أو رفضه الاستلام وإذ أطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع قولاً منه بأن عدم الاستدلال على اسم الطاعن الخامس بالسجلات العسكرية ووجود أكثر من موطن للطاعنين من السادس إلى الأخيرة يسوغ إعلانهم في موطنهم بالعقار آنف الذكر فذلك مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن النص في الفقرة الثانية من المادة 10 من قانون المرافعات على أنه "إذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار، يدل - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية وجرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع لم يوجب على المحضر التحقق من صفه من تسلم صورة الإعلان ولا من حقيقة علاقته بالمراد إعلانه طالما أن ذلك الشخص يؤكد الصفة التي تجيز له تسلميها، ويعتبر الإعلان صحيحاً متى سلمت الورقة إليه على النحو المتقدم. وإذا كان مفاد نص المادة 11 من هذا القانون أنه إذا لم يجد المحضر من يمكن تسليم الورقة إليه من المذكورين في المادة السابقة أو امتنع عن تسليمها سلمها لجهة الإدارة، وكان مفاد النص في الفقرة السادسة من المادة 13، والمادة 19 من ذات القانون - وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه بالنسبة لأفراد القوات المسلحة ينبغي تسليم إعلانهم بواسطة النيابة العامة إلى الإدارة القضائية بالقوات المسلحة، ويترتب على مخالفة ذلك بطلان الإعلان، وكان شرط ذلك أن يكون الخصم على علم بصفتهم هذه علماً يقيناً وإلا صح الإعلان طبقاً للقواعد العامة. وكانت المادة 40 من القانون المدني تعرف الموطن بأنه هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة ويشترط لوجوده أن يتوافر فيه عنصر الاستقرار ونية الاستيطان ولو لم تكن الإقامة مستمرة تتخللها فترات غيبة متقاربة أو متباعدة، وطبقاً للفقرة الثانية من هذه المادة يجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن في وقت واحد، وتقدير وجود الموطن وبيان تفرده وتعدده من الأمور الواقعية التي يستقل به قاضي الموضوع بلا معقب متى كان استخلاصه سائغاً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعنين بقوله "وحيث إنه بالنسبة لما يدعيه المستأنف الخامس المقدم........ من بطلان إجراءات الشفعة لأنه لم يعلن بالرغبة في الأخذ بالشفعة وفقاً لقواعد الإعلان في قانون المرافعات بحساباته ضابطاً في القوات المسلحة لأنه أعلن بهما في المنزل رقم 84 طريق جمال.... قسم.... فإن الثابت من إعلام وراثة المرحوم..... أن ورثته جميعاً يقيمون بذلك العنوان ولم يذكر ما يفيد كون المستأنف الخامس ضابطاً بالقوات المسلحة وكذلك الشأن في إجراءات تسجيل عقد شراء العقار محل النزاع ومن ثم يمتنع الحكم بالبطلان طالما كانت المستأنف عليها الأولى تجهل هذه الصفة خاصةً وأنه بعد ما أخبرت بتلك الصفة قامت من جانبها بإعلانه وفقاً لقواعد قانون المرافعات ولكن رغم ذلك ردت إدارة القضاء العسكري في 15/ 9، 18/ 11، 20/ 12/ 1981 أنه لم يستدل على ضابط مهندس بهذا الاسم وحيث إنه بالنسبة لما يثيره كل من المستأنفين....، ....، ....، .....، من أنهم يقيمون بالسعودية ولم يعلنوا في محال إقامتهم بها فلما كان من المقرر في القانون أنه ليس هناك ما يمنع أن يكون للشخص أكثر من موطن وإذ كان الثابت كما سلف بالنسبة للمستأنف الخامس أن محل إقامتهم هو أيضاً في نفس الموطن الذي أعلنوا فيه وذلك في إعلام وراثة مورثهم وفي إجراءات تسجيل عقد شرائهم للعقار محل النزاع فلا على المستأنف عليها الأولى أن تعلنهم في ذات الموطن..... وحيث إنه بالنسبة لما يطعن به المستأنف السادس أنه لا يقيم في العنوان الذي أعلن فيه بإنذار الرغبة في الأخذ بالشفعة وبالدعوى فالمحكمة تلتفت عن هذا الطعن لأن الثابت من الإعلان الخاص بالإعلام الشرعي وبتسجيل عقد الشراء أنه يقيم في ذلك العنوان فيكون قد اتخذه موطناً فضلاً عن موطنه محل إقامته......، وكان البين من هذه الأسباب أن الحكم خلص في استدلال منطقي مقبول له مأخذه الصحيح من الأوراق إلى أن المطعون ضدها الأولى لم تكن تعلم يقيناً بصفة الطاعن الخامس كضابط بالقوات المسلحة، كما استخلص سائغاً مما له أصله الثابت أن الطاعنين اتخذوا من العقار الذي تم إعلانهم فيه بالرغبة في الأخذ بالشفعة وبالدعوى موطناً لهم فضلاً عن وجود مواطن أخرى للطاعنين من السادس إلى الأخيرة مما يبرر للمطعون ضدها الأولى إعلانهم في هذا العقار طبقاً للقواعد العامة دون أن يشوب الإعلان البطلان. إذ كان ذلك وكان الثابت أن المحضر انتقل إلى محل إقامة الطاعنين لإعلانهم بالرغبة في الأخذ بالشفعة وخاطب الطاعنة الأولى ونقل عنها أنها والدتهم وتقيم معهم فإن هذا البيان واضح الدلالة على أن إعلان الطاعنين بخصوص تلك الرغبة قد تم وفق القانون ولا يعيبه عدم تحقق المحضر من صلة من تسلمت الإعلان بالطاعنين من السادس إلى الأخيرة لأنه غير مكلف بذلك طبقاً للمفهوم الصحيح للمادة 10 من قانون المرافعات، كما أن قيام المحضر بتسليم صور إعلان تصحيح إنذار الرغبة في الأخذ بالشفعة وإعلان الدعوى المتعلقة بالطاعنين من الخامس إلى الأخيرة لجهة الإدارة لامتناع الطاعنة الأولى عن استلامها في موطنهم تم صحيحاً وفقاً لما توجبه المادة 11 من هذا القانون - على نحو ما سلف بيانه - متى كان ذلك وكان لا يفسد الحكم مجرد القصور في الرد على وجه دفاع قانوني للخصم إذ بحسب المحكمة أن يكون حكمها صحيح النتيجة قانوناً - ولمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما تراه إذا ما شابها خطأ أو قصوراً، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور والتسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدها الأولى قد تنازلت ضمنياً إلى مورثهم عن حقها في الشفعة عقب شرائه عقار النزاع في سنة 1967 وعلمها بذلك حيث باركت له الشراء ثم أحجمت عن طلب الأخذ بالشفعة طوال أربعة عشر عاماً، وطلبوا إحالة الدعوى إلى التحقق لإثبات هذا الدفاع إلا أن محكمة الاستئناف رفضت طلبهم قولاً منها في حكمها بأن الأوراق تفيد أن المطعون الأول لم تعلم بشراء مورثهم لعقار النزاع لظهوره عيه بمظهر وكيل المالكة له استناداً إلى عقد إيجار صادر منه لآخر بتاريخ 1/ 2/ 1962 بصفته وكيلاً عن مالكة العقار في حين أن هذا العقد لا يصلح سنداً لما استدل له الحكم لأنه سابق على تاريخ شراء العقار المشفوع فيه بخمس سنوات.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأن النزول في طلب الأخذ بالشفعة كما يكون صريحاً يجوز أن يكون ضمنياً، ويستلزم النزول الضمني صدور عمل أو تصرف من الشفيع يفيد ضمناً رغبته في استعمال هذه الرخصة بأن ينطوي على اعتبار المشتري مالكاً نهائياً للمبيع -، ومن المقرر أن محكمة الموضوع وإن كانت غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى ما يطلبونه من إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجز إثباته بشهادة الشهود، إلا أنها ملزمة إذا رفضت هذا الطلب إن تبين أن حكمها ما يسوغ رفضه، وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه سجل بمدوناته أن المطعون ضدها الأولى قدمت صورة عقد إيجار مؤخر 1/ 2 / 1962 صدر من مورث الطاعنين بصفته وكيلاً عن مالكة العقار المشفوع فيه إلى المستأجر - الدكتور.... - ثم استند في رفض طلب الطاعنين إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دفاعهم بشأن نزول المطعون ضدها الأول ضمنياً عن حقها في الشفعة إلى مورثهم عقب شراء العقار في سنة 1967 إلى أن قولهم في هذا الصدد جاء مرسلاً ولا يقدم بذاته دليلاً على علم طالبة الأخذ بالشفعة بالصفقة وأن الأوراق تفيد أنها لا تعلم بذلك لظهور مورثهم بمظهر وكيل المالكة لهذا العقار، وإنها سارعت بإجراءات دعوى الشفعة بعد علمها بالصفقة، ولما كان هذا الذي قرره الحكم لا يسوغ له رفض طلب الطاعنين إحالة الدعوى إلى التحقيق ذلك بأن وصفه لدفاعهم هذا بأنه قول مرسل ليس عليه دليل دون إجابتهم لمطلبهم إجراء التحقيق وقبل تمكينهم من إثباته بالبينة يعد منه مصادرة على العلم بشراء مورث الطاعنين لعقار النزاع في سنة 1967 - توصلاً لاستبعاد نزولها عن حق الشفعة المراد إثباته بالبينة - بأن هذا المورث ظهر بمظهر الوكيل عن مالكة العقار المشفوع فيه. استناداً لعقد الإيجار آنف الذكر فهو استدلال غير سائغ لأن تحرير مورث الطاعنين عقد إيجار لأحد المستأجرين بصفته وكيلاً عن مالكة هذا العقار منذ خمس سنوات سابقة على شرائه له لا يفيد بذاته استمرار علاقة الوكالة بينهما حتى التاريخ الذي تم له فيه شراء العقار حتى يسوغ القول بأن مظهر هذه الوكالة قد حجب عن المطعون ضدها الأولى العلم بشرائه. ولا يشفع للحكم ويذهب عنه فساده قوله بقيام المطعون ضدها الأولى برفع دعوى الشفعة ذلك بأن اتخاذ الشفيع إجراءات دعوى الشفعة لا ينفي بطريق اللزوم الحتمي والمنطقي سبق نزوله عن حقه في الشفعة قبل رفع الدعوى ولا يمنع صاحب المصلحة من التمسك فيها بهذا النزول وطلب تمكينه من إثباته قانوناً، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه استناداً لما وقع فيه من فساد في الاستدلال على النحو السالف بيانه قد حجب نفسه عن بحث دفاع الطاعنين فإنه يكون أيضاً مشوباً بالقصور مما يوجب نقضه لهذا السبب دون ما حاجة لبحث بقية أسباب الطعن