أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 608

جلسة الثلاثاء 1 من مارس 1983

برئاسة السيد المستشار عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يحيى العموري نائب رئيس المحكمة، أحمد كمال سالم، سعد بدر، وجرجس إسحق.

(129)
الطعن رقم 150 لسنة 42 القضائية

1 - نقض "الصفة في الطعن". بطلان.
الغاية من اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم. ماهيتها. إعلام ذوي الشأن بالخصوم وصفاتهم وبمن يمثلهم قانوناً في الطعن. التعريف بالطاعنة وبمن يمثلها قانوناً. كفايته للدلالة عليها. إغفال ذكر بيان رئيس مجلس الإدارة قرين اسمها بصحيفة الطعن. لا بطلان.
2 - بطلان "بطلان الحكم". دعوى "انقطاع سير الخصومة".
البطلان المترتب على فقدان أحد الخصوم صفته في الدعوى. نسبي مقرر لصالح من شرع الانقطاع لحمايته.
3 - اختصاص "الاختصاص الولائي". أجانب. إصلاح زراعي.
اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بالمنازعات الناشئة عن استيلاء الدولة على الأراضي الزراعية وما في حكمها المملوكة للأجانب. المنازعات بين الأفراد بشأن تنفيذ الاتفاقات المبرمة بينهم والتي لا تكون جهة الإصلاح الزراعي طرفاً فيها. اختصاص المحاكم العادية بنظرها. ق 15 لسنة 1963.
4 - دعوى "وقف الدعوى".
وقف الدعوى. المادة 139 مرافعات. جوازي للمحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية الخارجة عن حدود اختصاصها.
5، 6 - أجانب. جمعيات. ملكية. بيع.
5 - حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين. ق 15 لسنة 1963. لا محل لاستثناء الجمعيات الخيرية الأجنبية. علة ذلك.
6 - أجاز تصرف الجمعيات الخيرية في القدر الزائد عن المائتي فدان خلال عشر سنوات م 2/ هـ ق 178 لسنة 1952. اعتباره ملغياً بصدور القانون 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية.
7 - اختصاص "الاختصاص الولائي". إصلاح زراعي. قانون.
اختصاص اللجنة العليا للإصلاح الزراعي بتفسير أحكام القانون 178 لسنة 1952. لا يسلب المحاكم حقها في تفسير القانون المذكور.
8 - أجانب. إصلاح زراعي. بيع. تسجيل. تعويض. ملكية.
الأراضي التي آلت ملكيتها إلى الدولة تنفيذاً للقانون رقم 15 لسنة 1963. استحقاق المالك الأجنبي للتعويض عنها دون المشتري منه بعقد ابتدائي. عدم أحقية الطاعنة في الرجوع على الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بمقدم الثمن المقضي به للمطعون ضدهما الأولين في الدعوى الأصلية. علة ذلك.
1 - من المقرر في قضاء محكمة النقض أن الاختصام في الطعن بالنقض شرطه ثبوت أن الشخص المعنوي المختصم في الطعن هو بذاته السابق اختصامه في الاستئناف وأنه إذ نصت المادة 253 من قانون المرافعات على أن تشتمل صحيفة الطعن على البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم فإن الغرض المقصود من هذا النص إنما هو إعلام ذوي الشأن إعلاماً كافياً بهذه البيانات وأن كل ما يكفي للدلالة عليه يتحقق به الغرض الذي وضعت هذه المادة من أجله، لما كان ذلك وكان البين من صحيفة الطعن أن الطاعنة - المدرسة العبيدية - هي ذات المستأنفة المحكوم عليها في الحكم المطعون فيه وأن المحامي الذي قام بالتقرير - نيابة عنها - بالطعن والتوقيع على صحفيته وإيداعها بقلم الكتاب موكل عنها بموجب التوكل رقم 2700 سنة 1969 توثيق القاهرة - المرفق صورته بملف الطعن الصادر له من رئيس مجلس إدارة المدرسة الطاعنة النائب عنها والممثل لها أمام القضاء، وإذ كان في ذلك ما يكفي للتعريف بالطاعنة والتحقق ممن يمثلها قانوناً في الطعن والوقوف على صفة النائب عنها فيه، فإن إغفال ذكر بيان رئيس مجلس إدارته قرين اسمها بصحيفة الطعن بطريق النقض لا يكون من شأنه - مع الثابت فيما سلف - تسرب البطلان إلى الصحيفة أو المساس بشكل الطعن بعد أن تحققت الغاية التي استهدفها القانون من هذا البيان.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن البطلان المترتب على فقدان أحد الخصوم صفته في الدعوى بطلان نسبي مقرر لصالح من شرع الانقطاع لحمايته - وهم خلفاء المتوفى أو من يقوم مقام من فقد أهليته أو زالت صفته إذ لا شأن لهذا البطلان بالنظام العام.
3 - مفاد نص المادة التاسعة من القانون رقم 15 لسنة 1963 الخاص بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي إنما تختص بالمنازعات التي تنشأ عن استيلاء الدولة على الأراضي الزراعية وما في حكمها المملوكة للأجانب، أما غير ذلك من المنازعات التي تقوم بين الأفراد وبعضهم بشأن تنفيذ الاتفاقات المبرمة بينهم والتي لا تكون جهة الإصلاح الزراعي طرفاً فيها فإنه لا اختصاص للجنة بنظرها، وإنما يكون الاختصاص لجهة القضاء العادي صاحب الولاية العامة في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص.
4 - وقف الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات هو أمر جوازي للمحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية الخارجة عن اختصاصها أو عدم جديتها.
5 - مفاد نص الفقرة الأولى من المادة الأولى ومن المادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي وما في حكمها، أنه يحظر على الأجانب سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين أن يتملكوا الأراضي الزراعية وما في حكمها في جمهورية مصر العربية بأي سبب من أسباب كسب الملكية ولا يعتد بتصرفات الأجنبي الصادرة إلى أحذ المصريين إلا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل يوم 23/ 12/ 1961 وإذ جاء النعي بالنسبة للأشخاص الاعتباريين عاماً مطلقاً فإنه يشمل الجمعيات الخيرية الأجنبية ولو قصد المشرع استثناء هذه الجمعيات من تطبيق أحكام هذا القانون لنص على ذلك صراحة كما وفعل بالنسبة للفلسطينيين، يؤيد هذا النظر أن المشرع استثني بعد ذلك هذه الجمعيات من تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 178 سنة 1952 بشروط خاصة حتى تتمكن الجمعيات المذكورة من الاستمرار في القيام بنشاطها فنص المادة الأولى من القانون رقم 35 لسنة 1971 على أنه "استثناء من أحكام المرسوم بقانون رقم 178 سنة 1952 بالإصلاح الزراعي والقانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها يجوز للجمعيات الخيرية التي كانت قائمة وقت العمل بذلك المرسوم بقانون الاحتفاظ بالمساحات التي كانت تملكها في ذلك التاريخ من الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي البور والصحراوية بعد استبعاد ما سبق لها التصرف فيه من هذه الأراضي قبل العمل بأحكام هذا القانون، ويصدر بتحديد الجمعيات الخيرية الأجنبية التي يسري عليها هذا الحكم قرار من رئيس الجمهورية.
6 - لا وجه لاستناد الطاعنة في عدم سريان القانون رقم 15 لسنة 1963 عليها، إلى أن المادة 2/ هـ من المرسوم بقانون سالف الذكر أجازت للجمعيات الخيرية التصرف في القدر الزائد عن المائتي فدان في خلال عشر سنوات تنتهي في 8/ 9/ 1962، ذلك أن هذه الفقرة تعتبر ملغاة بما نصت عليه المادة 12 من القانون رقم 15 لسنة 1963 من إلغاء كل نص يخالف أحكامه، هذا مع مراعاة الاستثناء الذي قرره المشرع بالقانون رقم 35 لسنة 1971.
7 - النص في المادة 12 مكرراً من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 على أن "للجنة العليا للإصلاح الزراعي تفسير أحكام هذا القانون وتعتبر قراراتها في هذا الشأن تفسيراً تشريعياً ملزماً وينشر في الجريدة الرسمية" وهذا النص لا يسلب المحاكم حقها في تفسير القانون المذكور وكل ما عناه المشرع من النص المذكور هو أن ما تصدره اللجنة المشار إليها من تفسيرات لأحكام هذا القانون تعتبر تفسيراًَ تشريعياً يتعين على المحاكم أن تلتزمه فيما تصدره من أحكام.
8 - تنص المادة الرابع من القانون رقم 15 لسنة 1963 على أن "يؤدي إلى ملاك الأراضي التي آلت ملكيتها إلى الدولة تطبيقاً لهذا القانون تعويض يقدر وفقاً للأحكام المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 وبمراعاة الضريبة السارية في 9/ 9/ 1953" وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن ملكية الأطيان محل النزاع ما زالت للطاعنة المستولى ضدها - وأنها لم تنتقل أصلاً إلى المطعون ضدهما الأولين لعدم تسجيل عقد مشتراهما لها من الطاعنة ومن ثم إنهما لا يعتبران مالكين للأرض المستولى عليها ولا يستحقان بالتالي ثمة تعويض عنها من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ولا يكون للطاعنة بدورها أن ترجع على الهيئة المذكورة بمقدم الثمن الذي قضى بإلزامها برده للمطعون ضدهما الأولين في الدعوى الأصلية لأن الاستيلاء على الأطيان المبيعة منها إليهما قد تم قبلها تنفيذاً لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 ومن ثم تكون الطاعنة هي المالكة المستولى لديها وصاحبة الحق في المطالبة بالتعويض ومقابل الاستيلاء دون المطعون ضدهما الأولين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثالث أقاما الدعوى رقم 7696 سنة 1966 مدني كلي القاهرة ضد الطاعنة بطلب إلزامها بأن تؤدي إليهما مبلغ 1195 جنيهاً و475 مليماً، وقالا بياناً لدعواهما إنه بمقتضى عقد بيع مؤرخ 22/ 1/ 1962 باعت الطاعنة للمطعون ضده الأول ومورث المطعون ضدها الثانية خمسة أفدنة أطياناً زراعية موضحة الحدود والمعالم بالصحيفة بالعقد نظير ثمن إجمالي قدره 1750 جنيهاً دفع منه المشتريان مبلغ 1195 جنيهاً و475 مليماً ثم استولى الإصلاح الزراعي من الطاعنة على الأطيان سالفة الذكر تنفيذاً للقانون رقم 15 لسنة 1963 وهو ما استحال معه تنفيذ عقد البيع الصادر عنها فأقاما دعواهما. قامت الطاعنة بتوجيه دعوى ضمان فرعية وذلك باختصام المطعون ضده الثالث بصفته للحكم عليه أصلياً بطلبات المطعون ضدهما الأولين واحتياطياً الحكم عليه بما عسى أن يحكم به عليها، قضت محكمة الدرجة الأولى أولاً - برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى باختصاصها. ثانياً - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وبقبولها. ثالثاً - ببطلان عقد البيع المؤرخ 22/ 1/ 1962. رابعاً - بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدهما الأولين مبلغ 1195 جنيهاً و475 مليماً وفي الدعوى الفرعية برفضها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 485 لسنة 86 ق القاهرة بتاريخ 22/ 2/ 1972 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة وباختصاصها وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وبقبولها وبرفض الدفع بطلب وقف الدعوى وفي الدعويين الأصلية والفرعية برفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها قد دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم رفعه باسم الشخص الطبيعي الذي له حق تمثيل الطاعنة أمام القضاء.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه إذ نصت المادة 253 من قانون المرافعات على أن تشتمل صحيفة الطعن على البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم فإن الغرض المقصود من هذا النص إنما هو إعلام ذوي الشأن إعلاماً كافيّاً بهذه البيانات، وإن كل ما يكفي للدلالة عليها يتحقق به الغرض الذي وضعت هذه المادة من أجله، لما كان ذلك وكان البِّين من صحيفة الطعن أن الطاعنة - المدرسة العبيدية - هي ذات المستأنفة المحكوم عليها في الحكم المطعون فيه وأن المحامي الذي قام بالتقرير نيابة عنها بالطعن والتوقيع على صحفيته وإيداعها بقلم الكتاب موكل عنها بموجب التوكل رقم 2700 سنة 1969 توثيق القاهرة المرفق صورته بملف الطعن الصادر له من رئيس مجلس إدارة المدرسة الطاعنة النائب عنها قانوناً والممثل لها أمام القضاء، وإذ كان في ذلك ما يكفي للتعريف بالطاعنة والتحقق ممن يمثلها قانوناً في الطعن والوقوف على صفة النائب عنها فيه فإن إغفال ذكر بيان رئيس مجلس إدارتها قرين اسمها بصحيفة الطعن بطريق النقض - لا يكون من شأنه - مع الثابت فيما سلف - تسرب البطلان إلى الصحيفة أو المساس بشكل الطعن بعد أن تحققت الغاية التي استهدفها القانون من هذا البيان ومن ثم فإن الدفع المبدى من المطعون ضدها الثانية في هذا الصدد يكون على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان في الإجراءات وفي بيان ذلك تقول أن المطعون ضدها الثانية أقامت دعواها عن نفسها وبصفتها وصية على القاصر ثروت توفيق أحمد ورغم أن القاصر المذكور قد بلغ سن الرشد أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى وقبل أن تتهيأ الدعوى للحكم فيها فإن تلك المحكمة ومن بعدها محكمة الدرجة الثانية لم تقض بانقطاع سير الخصومة طبقاً لنص المادة 130 من قانون المرافعات الأمر الذي يعيب الحكم بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن البطلان المترتب على فقدان أحد الخصوم صفته في الدعوى بطلان نسبي مقرر لصالح من شرع الانقطاع لحمايته وهم خلفاء المتوفى أو من يقوم مقام من فقد أهليته أو زالت صفته إذ لا شأن لهذا البطلان بالنظام العام، ولما كان ذلك فإنه لا يكون للطاعنة أن تحتج ببطلان الحكم المطعون فيه، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مبني النعي بالسببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيقا القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أنها دفعت بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر النزاع وباختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بنظره، غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع تأسيساً على أن المستفاد من نص المادة التاسعة من القانون رقم 15 لسنة 1963 والمادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 152 أن اللجان القضائية للإصلاح الزراعي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بملكية الأطيان المستولى عليها، وبالتالي فإن الملاك هم الذين يلجأون إلى تلك اللجان دون المشترين بعقود غير مسجلة كما هو الحال بالنسبة للمطعون ضدها الأولى ومورث الثانية، في حين أنه يكفي أن يكون النزاع متعلقاً بملكية الأطيان المستولى عليها حتى يتعين عرضه على اللجان المذكورة سواء كان رافع الطعن مالكاً أم غير مالك، هذا إلى أن المطعون ضدهما الأولين إذ لم يرفعا اعتراضاً أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي، فإنه كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تقضي بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وحتى يقام اعتراض منهما وتفصل فيه بقرار من اللجنة أو أن تقضي بوقف الدعوى حتى يفصل فيه، وإذ هي فصلت في الموضوع فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة التاسعة من القانون رقم 15 لسنة 1963 الخاص بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها تنص على أن "تختص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي المنصوص عليها في المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه بالفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون، واستثناء من أحكام قانوني مجلس الدولة والسلطة القضائية لا يجوز الطعن بالإلغاء أو وقف التنفيذ في قرارات تلك اللجنة أو التعويض عنها "فقد أفاد هذا النص أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي إنما تختص بالمنازعات التي تنشأ عن استيلاء الدولة على الأراضي الزراعية وما في حكمها المملوكة للأجانب، أما غير ذلك من المنازعات التي تقوم بين الأفراد وبعضهم بشأن تنفيذ الاتفاقات المبرمة بينهم والتي لا تكون جهة الإصلاح الزراعي طرفاً فيها فإنه لا اختصاص للجنة بنظرها وإنما يكون الاختصاص لجهة القضاء العادي صاحب الولاية العامة في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص, ولما كان النزاع في الدعوى الحالية قائماً بين الطاعنة والمطعون ضدهما الأولى والثانية بشأن مطالبتهما لها برد ما دفعاه إليها من ثمن الأطيان المبيعة لهما منها وذلك إزاء انفساخ العقد المبرم بينهما بشأنها لاستحالة تنفيذه من جانبها بنقل الملكية إليها بعد صدور القانون رقم 15 لسنة 1963 والمعمول به من تاريخ سابق على التعاقد وإذ كانت جهة الإصلاح الزراعي لا تعتبر أصلاً طرفاً في هذا النزاع بذاته خاصة وأن الطاعنة وهي من الأجانب الخاضعين أساساً لأحكام القانون المذكور لم تقدم ما يدل على قيام منازعتها لجهة الإصلاح الزراعي في مدى انطباقه عليها أو اعتراضها على حصول الاستيلاء بموجبه ضدها على تلك الأطيان أمام اللجنة القضائية المختصة بذلك مما مفاده أن هذا الأمر لم يكن محل منازعة من جانبها، ولا يقدح في ذلك أن تقوم الطاعنة باختصام جهة الإصلاح الزراعي في النزاع الماثل كضامن للحكم عليه بما عساه أن يحكم به من طلبات المطعون ضدهما الأولين إذ أن مؤدى ذلك بدوره انتفاء قيام ثمة منازعة أو اعتراض على الاستيلاء على الأطيان وثبوت مسئولية الإصلاح الزراعي بالتالي عن ثمنها ومقابل استيلائه عليها، لما كان ما تقدم فإن النزاع الماثل يضحى بذلك منصباً على المطالبة بتنفيذ الالتزامات المتعاقد عليها ومحصوراً بين أطرافه وبالتالي فإنه لا يعد بهذه المثابة من المنازعات تختص بها اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بل ينعقد الاختصاص بنظره لجهة القضاء العادي لما كان ذلك وكان وقف الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات هو أمر جوازي للمحكمة حسبما تتبينه من جدية المنازعة - في المسألة الأولية الخارجة عن اختصاصها أو عدم جديتها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة الصحيحة وقضى برفض الدفوع التي أثارتها الطاعنة بشأن عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبعدم قبولها وبوقف السير فيها، فإن تعييبه فيما قرره من أن الالتجاء إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي مقصور على الملاك دون المشترين بعقود عرفية - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج، ويكون النعي عليه بهذين السببين في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن الحكم طبق القانون رقم 15 لسنة 1963 على واقعة الدعوى وقضى ببطلان اعقد البيع المؤرخ 22/ 1/ 1962 الصادر من الطاعنة إلى المطعون ضده الأول ومورث المطعون ضدها الثانية ور ما دفعاها من ثمن في حين أنها جمعية خيرية أجنبية وقد أجازت لها المادة 2/ هـ من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 التصرف في الأطيان الزائدة عن الحد القانوني خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بقانون الإصلاح الزراعي أي حتى 8/ 9/ 1962، أما القانون رقم 15 لسنة 1963 فقد نص على إبطال التصرفات اللاحقة على تاريخ 23/ 12/ 1961، ومن ثم فلا يسري على الطاعنة، ولا يعد فاسخاً للمرسوم بقانون رقم 178 سنة 1952 لأن القانون اللاحق لا يفسخ قانوناً سابقاً إلا بنص ولا يكفي وجود التعارض بين القانونين، يؤيد هذا النظر أن القانون رقم 127 سنة 1961 جعل الحد الأقصى لملكية الأطيان الزراعية مائة فدان بدلاً من مائتين ومع ذلك ظلت الطاعنة محتفظة بالمائتي فدان تطبيقاً للمرسوم بقانون 178 لسنة 1952، كما أن عبارة الأشخاص الاعتباريين الواردة في المادة الأولى من القانون رقم 15 لسنة 1963 لا يقصد بها الجمعيات الخيرية وإنما الشركات والجمعيات غير الخيرية ومن ناحية أخرى فليس من اختصاص المحكمة تفسير قوانين الإصلاح الزراعي لأن من اختصاص الهيئة العليا للإصلاح الزراعي وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان القانون رقم 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها ينص في الفقر الأولى من المادة الأولى منه على أن يحظر على الأجانب سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين تملك الأراضي الزراعية أو ما في حكمها من الأراضي القابلة للزراعة والبور والصحراوية ويشمل هذا الحظر الملكية التامة كما يشمل ملكية الرقبة أو حق الانتفاع، ويستثنى الفلسطينيون من تطبيق هذا القانون مؤقتاً" وينص في الفقرة الأولى من المادة الثانية على أن "تؤول إلى الدولة ملكية الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي القابلة للزراعة والبور والصحراوية المملوكة للأجانب وقت العمل بهذا القانون بما عليها من المنشآت والآلات الثابتة وغير الثابتة والأشجار وغيرها من الملحقات الأخرى المخصصة لخدمتها، ولا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكامه ما لم تكن صادرة إلى أحد المتمتعين بجنسية الجمهورية العربية المتحدة وثابتة التاريخ قبل يوم 23/ 12/ 1961" ومفاد هذين النصين أنه يحظر على الأجانب سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أو اعتباريين أن يتملكون الأراضي الزراعية وما في حكمها في جمهورية مصر العربية بأي سبب من أسباب كسب الملكية ولا يعتد بتصرفات الأجنبي الصادرة إلى أحد المصريين إلا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل يوم 23/ 12/ 1961 وإذ جاء النص بالنسبة للأشخاص الاعتباريين عاماً مطلقاً فإنه يشمل الجمعيات الخيرية الأجنبية ولو قصد المشرع استثناء هذه الجمعيات من تطبيق أحكام هذا القانون لنص على ذلك صراحة كما وفعل بالنسبة للفلسطينيين، يؤيد هذا النظر أن المشرع استثنى بعد ذلك هذه الجمعيات من تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 178 سنة 1952 والقانون رقم 15 لسنة 1963 بشروط خاصة حتى تتمكن الجمعيات المذكورة من الاستمرار في القيام بنشاطها فنص المادة الأولى من القانون رقم 35 لسنة 1971 على أنه "استثناء من أحكام المرسوم بقانون رقم 178 سنة 1952 بالإصلاح الزراعي والقانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها يجوز للجمعيات الخيرية التي كانت قائمة وقت العمل بذلك المرسوم بقانون الاحتفاظ بالمساحات التي كانت تملكها في ذلك التاريخ من الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي قبل العمل بأحكام هذا القانون، ويصدر بتحديد الجمعيات الخيرية الأجنبية التي يسري عليها هذا الحكم قرار من رئيس الجمهورية" ويبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة لم تدع أنه أفادت من هذا القانون، وكان لا وجه لاستناد الطاعنة في عدم سريان القانون رقم 15 لسنة 1963 عليها إلى أن المادة 2/ هـ من المرسوم بقانون سالف الذكر أجازت للجمعيات الخيرية التصرف في القدر الزائد عن المائتي فدان في خلال عشر سنوات تنتهي في 8/ 9/ 1962 ذلك أن هذه الفقرة تعتبر ملغاة بما نصت عليه المادة 12 من القانون رقم 15 لسنة 1963 من إلغاء كل نص يخالف أحكامه، هذا مع مراعاة الاستثناء الذي قرره المشرع بالقانون رقم 35 لسنة 1971 - المشار إليه على ما سلف البيان، ولما كان البين بمدونات الحكم المطعون فيه أن التصرف موضوع الدعوى صدر من الطاعنة إلى المطعون ضده الأول ومورث المطعون ضدها الثانية في 22/ 1/ 1962 وإن لم يكن ثابت التاريخ قبل 23/ 12/ 1961 ولم يكن تعديلاً لعقد سابق ثابت التاريخ - كما ادعت في سبب النعي - وكان الحكم قد خلص إلى هذه النتيجة بأسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وفي حدود سلطته الموضوعية وبما أورده من قوله: "..... ولا يقال بأن هذا العقد هو في حقيقته العقد المؤرخ 14/ 4/ 1961 لما هو ظاهر من اختلاف أشخاصها المشترين، ولا يقدح في هذا النظر معاصرة الدفعة الأولى في الثمن المطلوب رده للتاريخ المذكور فالمشترين من أسرة واحدة لم يعنوا بتغيير الإيصال عن تغيير العقد...." لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم فيما سلف فيه الرد الكافي على ما تجادل به الطاعنة فيما انتهى إليه بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهى إليها الحكم. لما كان ما تقدم وكان النص في المادة 12 مكرراً من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 على أن "للجنة العليا للإصلاح الزراعي تفسير أحكام هذا القانون وتعتبر قراراتها في هذا الشأن تفسيراً تشريعياً ملزماً وينشر في الجريدة الرسمية" هذا النص لا يسلب المحاكم حقها في تفسير القانون المذكور وكل ما عناه المشرع من النص المذكور هو أن ما تصدره اللجنة المشار إليها من تفسيرات لأحكام هذا القانون تعتبر تفسيراًَ تشريعياً يتعين على المحاكم أن تلتزمه فيما تصدره من أحكام، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما جاء بهذا السبب يكون عل غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى الفرعية التي رفعتها الطاعنة على الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تأسيساً على أن التعويض عن الأطيان المستولى عليها لا يكون إلا لمالك تلك الأطيان، وأن الملكية لم تنتقل بعد إلى المطعون ضدهما الأول ومورث الثانية لعدم تسجيل عقدهما فلا يستحقان التعويض بل يستحق هذا التعويض للطاعنة، في حين أن قانون الإصلاح الزراعي لا يستلزم في المستحق للتعويض أن يكون مالكاً للأطيان المستولى عليها بل يكفي أن يكون واضعاً اليد عليها بصفته مالكاً وهو ما يتوافر في المطعون ضدهما الأولين، ومن ثم فلا محل للحكم بإلزام الطاعنة برد ما دفع من ثمن لأن الاستيلاء تم تحت يدهما وهما أصحاب الحق في التعويض عن الأطيان المستولى عليها، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان النص في المادة الرابعة من القانون رقم 15 لسنة 1963 على أن "يؤدي إلى ملاك الأراضي التي آلت ملكيتها إلى الدولة تطبيقاً لهذا القانون تعويض بقدر وفقاً للأحكام المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 وبمراعاة الضريبة السارية في 9/ 9/ 1953، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن ملكية الأطيان محل النزاع ما زالت للطاعنة المستولى ضدها - وإنها لم تنتقل أصلاً إلى المطعون ضدهما الأولين لعدم تسجيل عقد مشتراهما لها من الطاعنة ومن ثم فإنهما لا يعتبران مالكين للأراضي المستولى عليها ولا يستحقان بالتالي ثمة تعويض عنها من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ولا يكون للطاعنة بدورها أن ترجع على الهيئة المذكورة بمقدم الثمن الذي قضى بإلزامها برده للمطعون ضدهما الأولين في الدعوى الأصلية لأن الاستيلاء على الأطيان المبيعة منها إليهما قد تم قبلها تنفيذاً لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 ومن ثم تكون الطاعنة هي المالكة المستولى لديها صاحبة الحق في المطالبة بالتعويض ومقابل الاستيلاء دون المطعون ضدهما الأولين - وإذ التزم الحكم الابتدائي بهذا النظر في قضائه برفض الدعوى الفرعية، وكان الحكم المطعون فيه قد أيده في ذلك للأسباب السائغة التي بني عليها فضلاً عما أضافه إليها من أسباب فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.