أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 95

جلسة 17 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى زعزوع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ طلعت أمين صادق، كمال نافع، يحيى عارف وكمال محمد مراد.

(176)
الطعن رقم 1377 لسنة 51 القضائية

(1، 2) حكم "الطعن في الحكم". "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". استئناف. تجزئة "أحوال عدم التجزئة". حيازة "دعاوى الحيازة". "دعوى استرداد الحيازة".
(1) حكم محكمة أول درجة بعدم قبول دعوى استرداد الحيازة بالنسبة لورثة المؤجر وبإحالتها للتحقيق بالنسبة للمطعون ضده الأول. غير منه للخصومة. عدم جواز الطعن فيه استقلالاً. م 212 مرافعات. اعتبار هذا الحكم مستأنفاً مع الحكم المنهي للخصومة ولو لم يتناوله الطاعن بثمة مطعن بصحيفة الاستئناف.
(2) الحكم الصادر في الموضوع غير قابل للتجزئة أو في الالتزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. للخصم الذي فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المقام من غيره منضماً إليه في طلباته قعوده عن ذلك. وجوب الأمر باختصامه. م 218 مرافعات. دعوى استرداد الحيازة المقامة من المستأجر على المؤجر والغير. خروجها عن نطاق هذه الحالات باعتبارها قابلة للتجزئة. علة ذلك.
(3) نقض "المصلحة في الطعن".
تمسك الطاعن بنعي لا يحقق له سوى مصلحة نظرية بحته غير مقبول، لمحكمة النقض تصحيح الخطأ الذي تردى فيه الحكم دون أن تنقضه.
(4، 5) إيجار "إيجار الأماكن". دعوى "تكييف الدعوى" "دعاوى الحيازة" حيازة، عقد. محكمة الموضوع.
(4) محكمة الموضوع. التزامها بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح. مثال في التفرقة بين دعوى الحق ودعوى الحيازة.
(5) حق المستأجر في حماية حيازته من تعرض الغير بكافة دعاوى الحيازة سواء كان التعرض مادياً أو قانونياً. شرطه، أن تكون له حيازة مادية وحالية على العين. المادتان 575/ 1، 958 مدني.
1 - لئن كان الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتاريخ "...." والقاضي بعدم قبول الدعوى باسترداد الحيازة في شقها الموجه إلى ورثة المؤجر - المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير - وبإحالتها إلى التحقيق في الشق الموجه إلى المطعون ضده الأول غير منه للخصومة ولا يجوز الطعن فيه استقلالاً إعمالاً لصريح نص المادة 212 من قانون المرافعات طالما أنه لا يندرج تحت إحدى الحالات المستثناه به ولئن كان هذا الحكم يعد مستأنفاً مع استئناف الحكم المنهي للخصومة طالما أنه لم يقبل صراحةً عملاً بالمادة 229/ 1 من ذات القانون التي تنص على أن "استئناف الحكم المنهي للخصومة يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قد قبلت صراحة.." ولا ينال من ذلك أن المستأنف - الطاعن - لم يتناوله بثمة مطعن بصحيفة استئناف الحكم المنهي للخصومة كلها.
2 - القاعدة العامة في فقه قانون المرافعات أن إجراءات المرافعات ليس لها من أثر إلا بالنسبة لمن باشرها ولمن بوشرت في مواجهته، بمعنى أنه لا يفيد منها إلا من أجراها ولا يحتج بها إلا على من اتخذت ضده وكانت المادة 218 من قانون المرافعات قد أكدت هذا العني إذ جازت استثناء من القاعدة العامة لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته وإلا أمرت المحكمة باختصامه، كما أوجبت على رافع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد اختصام الباقين ولو بعد فوات ميعاده، وذلك في حالات ثلاث حددتها على سبيل الحصر هي أن يكون الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين أي أنه في غير هذه الحالات الاستثنائية فإنه لا يجوز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن فيه، كما لا يجوز لرافع الطعن اختصام باقي المحكوم لهم بعد انتهاء الميعاد. لما كان ذلك، وكانت دعوى استرداد الحيازة الموجهة من المستأجر إلى المؤجر والغير تخرج عن نطاق هذه الحالات الثلاث إذ أنه إلى جانب أنها لا تتضمن التزاماً بالتضامن وليست من الدعاوى التي يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين فإنها قابلة للتجزئة لأن الفصل فيها يحتمل أكثر من حل باعتبار أنها مقبولة قبل الغير وغير مقبولة قبل المؤجر الذي تربطه بالمستأجر علاقة إيجارية لا تجيز له اللجوء قبله إلا بدعوى الحق.
3 - النعي على خطأ الحكم المطعون فيه قضاءه بعدم جواز إدخال المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير أمام محكمة الاستئناف لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحته ولا يعود على الطاعن منه أية فائدة ولمحكمة النقض أن تصحح الخطأ في القانون الذي تردى فيه الحكم وترده إلى الأساس السليم دون أن تنقضه ويكون النعي غير مقبول.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانون الصحيح وكان البين من الأوراق إن الطاعن أقام دعواه برد حيازته لعين النزاع على أنه استأجرها وحازها حيازة هادئة ومستقرة وأن المؤجر والمطعون ضده الأول سلباًً حيازته فإن التكييف القانوني للدعوى هو أنها دعوى استرداد حيازة ولا وجه للقول بأنها تستند إلى العقد - أي إلى الحق - لا إلى الحيازة لأن محل ذلك أن يستند رافع الدعوى إلى حيازته لعين النزاع وما جاء بشأن استئجاره لها كان للتدليل على تلك الحيازة فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الدعوى على أنها دعوى استرداد حيازة لا يكون قد أخطاً في تطبيق القانون.
5 - مفاد نص المادتين 575/ 1، 958 من القانون المدني يدل على أن المشرع وإن كان قد أباح للمستأجر أن يرفع باسمه على المتعرض جميع دعاوى الحيازة سواء كان تعرض الغير له تعرضاً مادياً أو تعرضاً مبنياً على سبب قانوني إلا أن شرط ذلك أن تكون له حيازة مادية وحالية على العين ومعنى كونها مادية أن تكون يده كحائز متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر ومعني كونها حالية أن يكون هذا الاتصال قائماً حال وقوع الغصب وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدعوى على سند من عدم توافر أي حيازة للطاعن فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 7024 لسنة 1976 جنوب القاهرة الابتدائية مختصماً المطعون ضده الأول ومورث باقي المطعون ضدهم للحكم برد حيازة للشقة المؤجرة إليه من الأخير. قضت المحكمة في 19/ 10/ 1978 بعدم قبول الدعوى في الشق الموجه إلى الورثة وإحالتها إلى التحقيق في الشق الموجه إلى المطعون ضده الأول حيث قضت فيه بتاريخ 21/ 6/ 1979 بالرفض. استأنف الطاعن بالاستئناف رقم 4746 لسنة 96 ق القاهرة مختصماً المطعون ضده الأول، ثم عاد وأدخل باقي المطعون ضدهم خصوماً في الاستئناف، وبتاريخ رقم 24/ 3/ 1981حكمت المحكمة أولاً: بعدم جواز إدخال الورثة. ثانياً: بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمطعون ضده الأول. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بعدم جواز إدخال ورثة المؤجر خصوماً أمام محكمة ثان درجة على أن الاستئناف جاء قاصراً على الحكم الصادر بتاريخ 21/ 6/ 1979 والذي لم يكن الورثة خصوماً فيه، وإن الحكم الصادر في 19/ 10/ 1978 بعدم قبول الدعوى في الشق الخاص بالورثة إذا جاء منهياً للخصومة فيه، وحاز قوة الأمر المقضي لعدم مبادرته بالطعن فيه على استقلال، في حين أن المادة 212 من قانون المرافعات لا تجيز الطعن على استقلال في الحكم الصادر ضده لصالح الورثة لصدوره أثناء سير الدعوى وقبل انتهاء الخصومة كلها، كما أن ورثة المؤجر كانوا خصوماً أمام محكمة الدرجة الأولى وبالتالي يجوز اختصامهم في الاستئناف ولو بعد فوات الميعاد لعدم قابلية الدعوى للتجزئة إعمالاً لنص المادة 218 من القانون المشار إليه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه ولئن كان الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتاريخ 19/ 10/ 1978 والقاضي بعدم قبول الدعوى باسترداد الحيازة في شقها الموجه إلى ورثة المؤجر المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير وبإحالتها إلى التحقيق في الشق الموجه إلى المطعون ضده الأول، غير منه للخصومة ولا يجوز الطعن فيه استقلالاً إعمالاً لصريح نص المادة 212 من قانون المرافعات طالما أنه لا يندرج تحت إحدى الحالات المستثناه به، ولئن كان هذا الحكم يعد مستأنفاً مع استئناف الحكم المنهي للخصومة طالما أنه لم يقبل صراحةً عملاً بالمادة 229/ 1 من ذات القانون التي تنص على أن "استئناف الحكم المنهي للخصومة يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قد قبلت صراحةً...." ولا ينال من ذلك أن المستأنف - الطاعن - لم يتناوله بثمة مطعن بصحيفة استئناف الحكم المنهي للخصومة كلها، إلا أنه لما كانت القاعدة العامة في فقه قانون المرافعات أن إجراءات المرافعات ليس لها من أثر إلا بالنسبة لمن باشرها ولمن بوشرت في مواجهته، بمعني أنه لا يفيد منها إلا من أجراها ولا يحتج بها إلا على من اتخذت ضده، وكانت المادة 218 من قانون المرافعات قد أكدت هذا المعنى إذا جازت استثناءً من القاعدة العامة لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته وإلا أمرت المحكمة باختصامه، كما أوجبت على رافع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد اختصام الباقين ولو بعد فوات ميعاده، وذلك في حالات ثلاث حددتها على سبيل الحصر هي أن يكون الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، أي أنه في غير هذه الحالات الاستثنائية فإنه لا يجوز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن فيه، كما لا يجوز لرافع الطعن اختصام باقي المحكوم لهم بعد انتهاء الميعاد، لما كان ذلك وكانت دعوى استرداد الحيازة الموجهة من المستأجر إلى المؤجر والغير تخرج عن نطاق هذه الحالات الثلاث إذ أنه إلى جانب أنها لا تتضمن التزاماً بالتضامن وليست من الدعاوى التي يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، فإنها قابلة للتجزئة لأن الفصل فيها يحتمل أكثر من حل باعتبار أنها مقبولة قبل الغير وغير مقبولة قبل المؤجر الذي تربطه بالمستأجر علاقة إيجارية لا تجيز له اللجوء قبله إلا بدعوى الحق، لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المنهي للخصومة صدر في 21/ 6/ 1979 فاستأنفه الطاعن مختصماً المطعون ضده الأول فقط ولم يختصم باقي المطعون ضدهم - ورثة المؤجر - إلا في 22/ 12/ 1980 أي بعد فوات ميعاد الاستئناف، فإن هذا الاختصام يكون غير جائز طالما أن الحكم صادر في غير الحالات المستثناة صراحةً في المادة 218 من قانون المرافعات، وبالتالي فإن النعي على خطأ الحكم المطعون فيه قضاءه بعدم جواز إدخال المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير أمام محكمة الاستئناف لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحته ولا يعود على الطاعن منه أية فائدة ولمحكمة النقض أن تصحح الخطأ في القانون الذي تردى فيه الحكم وترده إلى الأساس السليم دون أن تنقضه، ويكون النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أنزل على واقعة الدعوى تكييفاً خاطئاً إذ اعتبرها من دعاوى الحيازة، في حين أن سنده فيها هو عقد الإيجار المبرم بينه ومورث المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير والذي يخوله الحق في رفع الدعاوى الخاصة بتمكينه من الانتفاع بالعين المؤجرة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، وكان البين من الأوراق أن الطاعن أقام دعواه برد حيازته لعين النزاع على أنه استأجرها وحازها حيازة هادئة ومستقرة، وأن المؤجر والمطعون ضده الأول سلباً حيازته، فإن التكييف القانوني للدعوى هو أنها دعوى استرداد حيازة، ولا وجه للقول بأنها تستند إلى العقد - أي إلى الحق - لا إلى الحيازة، لأن محل ذلك أن يستند رافع الدعوى إلى العقد دون الحيازة وأن يكون انتزاع الحيازة داخلاً في نطاق هذا العقد، ولما كان الطاعن قد استند في دعواه إلى حيازته لعين النزاع وما جاء بشأن استئجاره لها كان للتدليل على تلك الحيازة، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الدعوى على أنها دعوى استرداد حيازة لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب لإغفاله الرد على ما تمسك به أمام محكمة الاستئناف من عدم جدوى البحث في مدى ثبوت حيازته للعين وذلك تأسيساً على ما قرره من أنها تعد في حيازته - طبقاً لنص المادتين 566، 435 من القانون المدني - بمجرد انعقاد العقد باعتباره مستأجراً لها ولو لم يتسلمها فعلاً.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك إن النص في المادة 575/ 1 من القانون المدني على أن "لا يضمن المؤجر للمستأجر التعرض المادي إذ صدر من أجنبي ما دام المتعرض لا يدعي حقاً. ولكن هذا لا يخل بما للمستأجر من الحق في أن يرفع باسمه على المتعرض دعوى المطالبة بالتعويض وجميع دعاوى اليد" والنص في المادة 958 من ذات القانون على أن "لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه. فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت أن ينكشف ذلك. ويجوز أيضاً أن يسترد الحيازة من كان جائزاً بالنيابة من غيره" يدل على أن المشرع وإن كان قد أباح للمستأجر أن يرفع باسمه على المتعرض جميع دعاوى الحيازة سواء كان تعرض الغير له تعرضاً مادياً أو تعرضاً مبنياً على سبب قانوني، إلا أن شرط ذلك أن تكون له حيازة مادية وحالية على العين ومعنى كونها مادية أن تكون يده كحائز متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر، ومعنى كونها حالية أن يكون هذا الاتصال قائماً حال وقوع الغصب، وإذ انتهى لحكم المطعون فيه إلى رفض الدعوى على سند من عدم توافر أي حيازة للطاعن، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.