أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 43 - صـ 1201

جلسة 24 من نوفمبر 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد ممتاز متولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود يوسف، سعيد غرياني (نائبي رئيس المحكمة)، عبد المنعم محمد الشهاوي وحسين السيد متولي.

(243)
الطعن رقم 225 لسنة 59 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: الحكم في الدعوى". دفوع "الدفع بعدم الدستورية". محكمة الموضوع.
- الدفع بعدم الدستورية - تقدير جديته - من سلطة محكمة الموضوع. (مثال بشأن الدفع بعدم دستورية نص المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985).
(2) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمسلمين: التطليق".
- القضاء بالتطليق. م 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985. شرطه عجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين. عدم رسم طريق معين لمحاولة الإصلاح. مؤداه. عرض الصلح من محكمة أول درجة ورفضه من وكيل المطعون ضدها. كفايته لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين.
(3) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمسلمين: التطليق للزواج بأخرى" "دعوى الأحوال الشخصية: إثبات: عبء الإثبات".
- التطليق للزواج بأخرى. م 11 مكرراً من المرسوم بق رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون 100 لسنة 1985. شرطه. إثبات الزوجة وقوع الضرر بها بما يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما.
(4) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمسلمين: تطليق" "دعوى الأحوال الشخصية: الحكم في الدعوى". محكمة الموضوع.
- تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين وبحث دلالتها والموازنة بينها وترجيحهاً من سلطة قاضي الموضوع. طالما أقام حكمه على أسباب سائغة تؤدي إلى ما خلص إليه.
(5) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمسلمين: التطليق للزواج بأخرى".
- التطليق للزواج بأخرى. م 11 مكرر من المرسوم بق رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985. مناطه. ثبوت تضرر الزوجة من الزواج بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة. اشتراط عدم مشروعية الغاية من الزيجة الثانية للقضاء به. غير لازم. [مثال بشأن تمسك الزوج بأن زواجه بأخرى بسبب عقم زوجته الأولى].
1 - لمحكمة الموضوع سلطة تقدير مدى جدية الدفع بعدم الدستورية، فهي إن ارتأت ذلك وضرورة حسم النزاع بشأن الدستورية قبل الحكم في الدعوى أجلت نظرها وحددت أجلاً لصاحب الدفع ليرفع خلاله الدعوى أمام المحكمة الدستورية وإن هي قدرت عدم جديته التفتت عنه ومضت في نظر الدعوى. فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الدفع تقديراً منها لعدم جديته ونظرت الدعوى.
2 - لما كانت المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 وإن اشترطت للقضاء بالتطليق عجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين إلا أنها لم ترسم طريقاً معيناً لمحاولة الإصلاح بينهما ولم تستوجب حضورهما شخصياً عند اتخاذ هذا الإجراء وكان الثابت بالأوراق أن محكمة أول درجة عرضت الصلح على وكيل المطعون ضدها فرفضه، وهو ما يكفي لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين.
3 - النص في المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أن "...... ويجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما ولو لم تكن قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها. فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة......." يدل على أن الشارع وإن أجاز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق لذلك إلا أنه اشترط للحكم بالتطليق وفق نص هذه المادة أن يثبت تضرر الزوجة من الزواج عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة بينهما.
4 - لقاضي الموضوع السلطة في تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين وبحث دلالتها والموازنة بينهما وترجيح ما يطمئن إليه منها ما دام يقيم حكمه على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها.
5 - التطليق وفقاً لحكم نص المادة 11 مكرر من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 مناطه أن يثبت تضرر الزوجة من الزواج عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة بين الزوجين ولم يستلزم النص للقضاء به عدم مشروعية الغاية من الزيجة الثانية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 122 سنة 1987 سنة 1987 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة ضد الطاعن للحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة للضرر وقالت بياناً لدعواها إنها زوجته بصحيح العقد الشرعي ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج وإذ تزوج عليها بأخرى مما تتضرر منه بما يتعذر معه دوام العشرة بينهما فقد أقامت الدعوى بطلبها سالف البيان. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شاهدي المطعون ضدها حكمت في 20/ 12/ 1988 بتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 56 لسنة 106 ق. وبتاريخ 29/ 6/ 1989 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم دستورية نص المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 لمخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية التي هي المصدر الرئيسي للتشريع وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفع مخالفاً بذلك القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير مدى جدية الدفع بعدم الدستورية، فهي إن ارتأت ذلك وضرورة حسم النزاع بشأن الدستورية قبل الحكم في الدعوى أجلت نظرها وحددت أجلاً لصاحب الدفع ليرفع خلاله الدعوى أمام المحكمة الدستورية وإن هي قررت عدم جديته التفتت عنه ومضت في نظر الدعوى. فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الدفع تقديراً منها لعدم جديته ونظرت الدعوى ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 قد اشترطت للحكم بالتطليق أن يعجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه دون أن يورد بمدوناته تبياناً للإجراءات التي اتخذها لمحاولة الإصلاح بين الزوجين فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 وإن اشترطت للقضاء بالتطليق عجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين إلا أنها لم ترسم طريقاً معيناً لمحاولة الإصلاح بينهما ولم تستوجب حضورهما شخصياً عند اتخاذ هذا الإجراء وكان الثابت بالأوراق أن محكمة أول درجة عرضت الصلح على وكيل المطعون ضدها فرفضه، وهو ما يكفي لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إنه لما كانت المطعون ضدها قد أقامت دعواها بطلب التطليق لاقتران زوجها بأخرى وفق نص المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالتطليق على ما استقاه من بينة المطعون ضدها من مضارته لها لهجره إياها وامتناعه عن الإنفاق عليها وكلا السببين الأخيرين سبب مستقل من أسباب التطليق يختلف عن سبب التطليق للزواج بأخرى، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أن "... ويجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما ولو لم تكن قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها. فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة...." يدل على أن الشارع وإن أجاز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق لذلك إلا أنه اشترط للحكم بالتطليق وفق نص هذه المادة أن يثبت تضرر الزوجة من الزواج عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة بينهما. لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع السلطة في تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين وبحث دلالتها والموازنة بينها وترجيح ما يطمئن إليه منها ما دام يقيم حكمه على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون ضدها على الطاعن على ما استخلصه من أن المطعون ضدها قد لحقها ضرراً من زواج الطاعن عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة بينهما وهو من الحكم استخلاص موضوعي سائغ له مأخذه من الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن النعي عليه في هذا الصدد بتغييره سبب الدعوى يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول لما كانت المطعون ضدها عاقراً فحق له النكاح بزوجة أخرى تحقيقاً لغاية مشروعة وهي الرغبة في الإنجاب والتماس الولد بما لا يتحقق معه الضرر الموجب للتفريق للزواج بأخرى وفق نص المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالتطليق إعمالاً لهذا النص ولم يجبه إلى طلب توقيع الكشف الطبي على المطعون ضدها لثبوت عقمها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن التطليق وفقاً لحكم نص المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 مناطه أن يثبت تضرر الزوجة من الزواج عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة بين الزوجين ولم يستلزم النص للقضاء به عدم مشروعية الغاية من الزيجة الثانية. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استقى من بينة المطعون ضدها الشرعية تضررها من زواج الطاعن عليها بأخرى مما يتعذر معه دوام العشرة بينهما ورتب على ذلك قضاءه بالتطليق فإنه يكون مبرءاً من العيب ولا عليه من بعد إن لم يجب الطاعن إلى طلب توقيع الكشف الطبي على المطعون ضدها لما وجد في أوراق الدعوى وأدلتها ما يكفي لتكوين عقيدة المحكمة في موضوعها ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.