أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 43 - صـ 1215

جلسة 26 من نوفمبر 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، محمد بدر الدين توفيق نائبي رئيس المحكمة، فتيحه قره ومحمد الجابري.

(246)
الطعن رقم 397 لسنة 57 القضائية

(1، 2) استئناف. إيجار "إيجار الأماكن" "التنازل عن الإيجار" "التأجير من الباطن". دعوى "الطلبات في الدعوى" "الخصوم في الدعوى" "الدفاع في الدعوى. حكم "عيوب التدليل". نقض "أثر نقض الحكم".
(1) تعجيل المطعون ضده السير في الاستئناف بعد القضاء بنقض الحكم الاستئنافي وتمسكه بطلباته الختامية أمام محكمة أول درجة بطرد الطاعنين من عين النزاع للغصب. تصدي الحكم المطعون فيه للطلب المذكور. لا خطأ.
(2) دعوى المؤجر بطرد الطاعنين لغصب عين النزاع. لا محل لإلزامه باختصام أحد فيها غير المغتصب. التزام الأخير بإدخال المستأجر الأصلي عند نفي واقعة الغصب لإثبات تنازله له عنها أو استئجاره لها من باطنه بموافقة المؤجر أو في الأحوال المقررة قانوناً. التفات الحكم عن الدفع المبدى من المغتصب بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام المستأجر الأصلي. لا عيب.
(3، 4) إثبات "إجراءات الإثبات". محكمة الموضوع "مسائل الواقع" سلطتها في تقدير الأدلة". حكم "عيوب التدليل" "الفساد في الاستدلال".
(3) محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم لها من أدلة. حسبها بيان الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. أخذها بدليل معين دون آخر. لا يعد من قبيل الفساد في الاستدلال.
(4) إلزام الخصم بتقديم محرر تحت يده منتج في الدعوى. حالاته. م 20 إثبات.
1 - إذ كان الثابت أن البنك المطعون ضده بعد أن قضت محكمة النقض في الطعن رقم...... بنقض الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ..... قد عجل السير في الاستئناف بصحيفة تمسك فيها بطلباته الختامية أمام محكمة أول درجة وهي طرد الطاعنين من العين محل النزاع للغصب وتمسك بذلك في مذكرتي دفاعه بتاريخي......، ........ فإن الحكم المطعون فيه إذ عرض في قضائه لهذا الطلب وقضي فيه بحكمة المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون.
2 - إذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن طلبات البنك المطعون ضده الختامية أمام محكمة أول درجة هي طرد الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين للغصب وهذه الطلبات هي التي فصل فيها الحكم الابتدائي وكانت معروضة - بحكم الأثر الناقل للاستئناف - على محكمة ثاني درجة ولم يستطيع الطاعنون أن يثبتوا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها أنهم يستندون في وضع يدهم على العين محل النزاع إلى ثمة تنازل أو استئجار من الباطن من مستأجريها بموافقة المطعون ضده أو بمقتضى القانون فإن دعوى المطعون ضده بالطرد للغصب تكون مقبولة ولا محل لإلزامه باختصام أحد فيها غير المغتصب بل على الأخير إن استند - في مجال نفي واقعة الغصب - إلى حصول تنازله له من مستأجرها الأصلي أو استئجاره لها من باطنه بموافقة من المؤجر أو بمقتضى القانون أن يدخل المستأجر الأصلي إن أراد فإن لم يفعل فإن دفاعه بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام المستأجر الأصلي لا يكون له ثمة سند من الواقع والقانون ولا على الحكم المطعون فيه إن التفت عنه.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير قيمة ما يقدم لها من أدلة ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية وبحسبها إن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا يعتبر الموازنة بين الأدلة والأخذ بدليل معين منها دون دليل آخر من قبيل الفساد في الاستدلال.
4 - أجازت المادة 20 من قانون الإثبات للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أي محرر منتج في الدعوى يكون تحت يده في ثلاث حالات أوردتها المادة هي "أ - إذا كان القانون يجيز مطالبته بتقديمه أو تسليمه. ب - إذا كان مشتركاً بينه وبين خصمه....... جـ - إذا استند إليه خصمه في أية مرحلة من مراحل الدعوى".


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن بنك القاهرة المطعون ضده أقام على الطاعن الأول ومورث الأخيرين الدعوى رقم 5238 لسنة 1974 مدني جنوب القاهرة الابتدائية استقرت طلباته الختامية فيها على طلب الحكم بطردهما من العين المبينة بالصحيفة والتسليم على سند من أنه فوجئ بوضع يدهما على العين المشار إليها والمملوكة له بطريق الغصب فأقام الدعوى. حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 993 لسنة 93 ق القاهرة. وبتاريخ 21/ 3/ 1978 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء العين المؤجرة. طعن الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 950 لسنة 48 ق وبتاريخ 13/ 5/ 1981 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة. عجل المطعون ضده السير في الاستئناف وندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره. قضت بتاريخ 8/ 12/ 1986 - بإلغاء الحكم المستأنف وبطرد الطاعنين من العين محل النزاع وتسليمها خالية للبنك المطعون ضده. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن البنك المطعون ضده لم يتناول في صحيفة استئنافه الموضوع الذي قضى فيه الحكم الابتدائي وهو الطرد للغصب بل طرح على محكمة الاستئناف سبباً جديداً كان قد تنازل عنه أمام محكمة أول درجة وهو الإخلاء للتنازل عن الإيجار وكان ذلك سبباً لنقض الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 21/ 3/ 1987 ومن ثم فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه التزاماً بقاعدة الأثر الناقل للاستئناف في حدود ما رفع عنه الاستئناف أن يقضي بعدم قبول الاستئناف باعتبار أن طلب الطرد للغصب ليس مطروحاً وإذ قضي في هذا الطلب فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه متى كان الثابت أن البنك المطعون ضده بعد أن قضت محكمة النقض في الطعن رقم 950 لسنة 48 ق بنقض الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 21/ 3/ 1978 قد عجل السير في الاستئناف بصحيفة تمسك فيها بطلباته الختامية أمام محكمة أول درجة وهي طرد الطاعنين من العين محل النزاع للغصب وتمسك بذلك في مذكرتي دفاعه بتاريخي 8/ 5/ 1983، 8/ 12/ 1986 فإن الحكم المطعون فيه إذ عرض في قضائه لهذا الطلب وقضى فيه بحكمه المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون ويضحى النعي عليه بذلك على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إنه يمتنع على المطعون ضده كمؤجر أن يقيم ضدهم دعواه بالإخلاء باعتبارهم متنازل لهم عن الإيجار من المستأجر الأصلي دون اختصام هذا المستأجر وإلا كانت دعواه غير مقبولة كما لا يجوز له طلب طردهم للغصب مع قيام عقد المستأجر الأصلي دون اختصامه وإذ قضى الحكم المطعون فيه في النزاع دون الرد على دفاعهم بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام المستأجر الأصلي والذي لا يجوز اختصامه بداءةً أمام محكمة الاستئناف فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه متى كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن طلبات البنك المطعون ضده الختامية أمام محكمة أول درجة هي طرد الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين للغصب وهذه الطلبات هي التي فصل فيها الحكم الابتدائي وكانت معروضة - بحكم الأثر الناقل للاستئناف - على محكمة ثاني درجة ولم يستطع الطاعنون أن يثبتوا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها أنهم يستندون في وضع يدهم على العين محل النزاع إلى ثمة تنازل أو استئجار من الباطن من مستأجرها بموافقة المطعون ضده أو بمقتضى القانون فإن دعوى المطعون ضده بالطرد للغصب تكون مقبولة ولا محل لإلزامه باختصام أحد فيها غير المغتصب بل على الأخير إن استند - في مجال نفي واقعة الغصب - إلى حصول تنازل له من مستأجرها الأصلي أو استئجاره لها من باطنه بموافقة من المؤجر أو بمقتضي القانون أن يدخل المستأجر الأصلي إن أراد فإن لم يفعل فإن دفاعه بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام المستأجر الأصلي لا يكون له ثمة سند من الواقع والقانون ولا على الحكم المطعون فيه إن التفت عنه ويضحى النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون إن جميع المستندات المقدمة للخبير والتي أثبتها بتقريره تقطع بعلم المطعون ضده بشغلهم محل النزاع وموافقته ضمناً على قيام علاقة إيجارية بينهما عن هذه العين وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عكس ذلك فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق والمستندات التي عرض لها تقرير الخبير مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير قيمة ما يقدم لها من أدلة ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية وبحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا تعتبر الموازنة بين الأدلة والأخذ بدليل معين منها دون دليل آخر من قبيل الفساد في الاستدلال. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بتقرير الخبير المقدم في الدعوى أن البنك المطعون ضده وإن كان قد علم بشغل الطاعنين للعين محل النزاع إلا أنه لم يقبل التعامل معهم كمستأجرين لها وأن شغلهم العين كان بطريق الغصب فإن ما يثيره الطاعنون بهذا النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المطروحة فيها وهو غير جائز إثارته أمام هذه المحكمة ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولون إنهم طلبوا إلزام البنك المطعون ضده بتقديم عقد الإيجار الصادر للمستأجر الأصلي للعين محل النزاع والذي تنازل لهم عن الإجارة لأنه يتضمن تصريحاً له من البنك بالتنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن إلا إن المحكمة لم تستجب لهذا الدفاع مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 20 من قانون الإثبات أجازت للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أي محرر منتج في الدعوى يكون تحت يده في ثلاث حالات أوردتها المادة هي "أ - إذا كان القانون يجيز مطالبته بتقديمه أو تسليمه. ب - إذا كان مشتركاً بينه وبين خصمه....... جـ - إذا استند إليه خصمه في أية مرحلة من مراحل الدعوى"، ولما كان طلب الطاعنين إلزام البنك المطعون ضده بتقديم عقد الإيجار المدعى به لا يندرج تحت أية حالة من الحالات التي أوردتها المادة 20 من قانون الإثبات فإنه لا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن هذا الطلب الذي لا سند له من القانون ويضحى النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.