أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 669

جلسة 10 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنوره، علي السعدني، محمد مختار منصور، ومحمود نبيل البناوي.

(141)
الطعن رقم 928 لسنة 52 القضائية

1 - حكم "تسبيب الأحكام: ما يعد قصوراً". تعويض.
طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن التعويض الاتفاقي مبالغ فيه. قضاء الحكم بالتعويض الاتفاقي دون أن يعرض لهذا الدفاع. قصور.
2 - حكم "تسبيب الأحكام: ما يعد فساداً". التزام "تنفيذ الالتزام". تعويض. عقد "الشرط الجزائي".
تضمين العقد تعويضاً اتفاقياً جزاء الإخلال بالالتزامات الناشئة عنه. الحكم بتعويض إضافي لعدم التسليم رغم كونه أحد هذه الالتزامات. مخالفة للقانون.
1 - إذ كانت المادة 224 من القانون المدني قد أجازت للقاضي أن يخفض مقدار التعويض الاتفاقي إذا أثبت المدين أنه كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة وكانت الطاعنة قد تمسكت في مذكرتها المقدمة لمحكمة الاستئناف بأن مقدار التعويض الاتفاقي مبالغ فيه إلى درجة كبيرة وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك فإن الحكم إذ قضى بالتعويض الاتفاقي دون أن يعرض لهذا الدفاع رغم أنه جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن التعويض الإضافي هو مقابل إخلال الطاعنة بالتزامها بتسليم الجراجات للمطعون ضدهم وإنه التزام لا يشمله التعويض الاتفاقي، وكان الثابت بالعقد المؤرخ 24/ 7/ 1979 سند الدعوى أن البند الثالث منه قد حدد التعويض الاتفاقي الوارد به على إخلال الطاعنة بأي التزام من الالتزامات الناشئة عنه وكان الالتزام بالتسليم من بين هذه الالتزامات فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر واعتبره التزاماً مستقلاً لا يشمله التعويض الاتفاقي وبنى على ذلك قضاءه بإلزام الطاعنة بتعويض آخر عن إخلالها به يكون فضلاً عن فساده في الاستدلال قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 5466 لسنة 1979 مدني كلي المنصورة على الطاعنة طالبين الحكم بإلزامها بأن تدفع لهم مبلغ 15 ألف جنيه وقالوا بياناً لها أن الطاعنة كانت تؤجر لكل منهم جراجاً في العقار الذي تملكه والمبين بصحيفة الدعوى، ورغبة منها في هدمه وإعادة بنائه فقد اتفقت معهم بموجب عقد مؤرخ 24/ 7/ 1979 - على إخلاء الجراجات الثلاثة نظير التزامها بتسليم كل منهم جراجاً في المبنى الجديد فور بناء الدور الأرضي منه الذي تعهدت بإتمامه خلال ستة أشهر من تاريخ هذا الاتفاق وإلا التزمت بدفع مبلغ ألفي جنيه لكل منهم بالإضافة إلى حقه في شغل الجراج، وقامت في ذات تاريخ العقد بتحرير عقد إيجار لكل منهم نص فيه على سريانه فور إتمام بناء الدور الأرضي وإذ خلت الطاعنة بالتزاماتها سالفة الذكر بأن قامت ببناء الدور الأرضي مشتملاً على ثلاثة دكاكين لا تصلح لاستغلالها مأوى للسيارات لضيق مساحة كل منها وارتفاع أرضها عن مستوى الشارع وامتنعت رغم إنذارها عن تعديلها لتصلح لهذا الغرض فقد أقاموا الدعوى للحكم بطالباتهم. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 25/ 3/ 1981 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدهم مبلغ ستة آلاف جنيه بالسوية بينهم. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 334 ق طالبة إلغاءه ورفض الدعوى كما استئنافه المطعون ضدهم بالاستئناف رقم 373 لسنة 33 ق طالبين الحكم لهم بكل الطلبات، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الأخير إلى الاستئناف الأول، قضت فيهما بتاريخ 25/ 2/ 1982 بتعديل الحكم المستأنف إلى مبلغ 2500 لكل من المطعون ضدهم. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول وبالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أنه كان من بين دفاعها أمام محكمة الاستئناف أن التنفيذ العيني هو الأصل في الوفاء بالالتزام فلا يجوز التنفيذ بطريق التعويض إلا إذا استحال التنفيذ العيني، وأنها عرضت على المطعون ضدهم أن تنفذ التزامها عيناً إلا أن الحكم رفض هذا الدفاع على أساس أنها جعلت تنفيذ الالتزام عيناً مستحيلاً على النحو الثابت بتقرير الخبير وأنها لم تلتزم بالأبعاد المساحية الواردة بالرسم الهندسي للبناء وبني على ذلك قضاءه عليها بالتعويض. وإذ كان ما أسفرت عنه أبحاث الخبير من أن الجراجات الثلاثة لا تفي بالغرض منها لا يفيد أن تنفيذ الالتزام لأن تعديلاً بسيطاً فيها يجعلها صالحة لها كما أن الاتفاق بينها وبين المطعون ضدهم لم يلزمها بالأبعاد الواردة بالرسم الهندسي، فإن الحكم فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون، يكون مشوباً بعيب الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض على استحالة تنفيذ الطاعنة لالتزامها عينياً أخذاً بما انتهت إليه الخبيرة في تقريرها الذي كان من بين ما استندت إليه في استحالة التنفيذ العيني أن مساحة كل جراج لا تتسع لإيواء السيارة العادية بما يكفي وحده لحمل قضاء الحكم، وكان البين من دفاع الطاعنة بصحيفة استئنافها ومذكراتها أنها لم تعرض تعديل مساحة الجراجات لتتسع لإيواء السيارة العادية فأن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن مقدار التعويض الاتفاقي مغالى فيه وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري بما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كانت المادة 224 من القانون المدني قد أجازت للقاضي أن يخفض مقدار التعويض الاتفاقي إذا ثبت أنه كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة وكانت الطاعنة قد تمسكت في مذكرتها المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 28/ 1/ 1982 بأن مقدار التعويض الاتفاقي مبالغ فيه إلى درجة كبيرة وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك فإن الحكم إذ قضى بالتعويض الاتفاقي دون أن يعرض لهذا الدفاع رغم أنه جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور. بما يوجب نقضه.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول أن التعويض المتفق عليه يعتبر جزاء على الإخلال بجميع الالتزامات الواردة بالعقد وإذ ألزمها الحكم بتعويض آخر غير التعويض المتفق عليه لإخلالها بالتزامها بتسليم الجراجات للمطعون ضدهم على سند من أن هذا الالتزام لا يندرج ضمن الالتزامات التي رتب الاتفاق تعويضاً محدداً على مخالفتها رغم أن هذا الالتزام من بين ما شمله التعويض الاتفاقي فإنه يكون قد شابه فساد في الاستدلال أدى به إلى مخالفة القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضائه في هذا الخصوص على أن التعويض الإضافي هو مقابل إخلال الطاعنة بالتزامها بتسليم الجراجات للمطعون ضدهم وأنه التزام لا يشمله التعويض الاتفاقي، وكان الثابت بالعقد المؤرخ 24/ 7/ 1979 سند الدعوى أن البند الثالث منه قد حدد التعويض الاتفاقي الوارد به على إخلال الطاعنة بأي التزام من الالتزامات الناشئة عنه وكان الالتزام بالتسليم من بين هذه الالتزامات، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر واعتبره التزاماً مستقلاً لا يشمله التعويض الاتفاقي وبني على ذلك قضاءه بإلزام الطاعنة بتعويض أخر عن إخلالها به يكون فضلاً عن فساده في الاستدلال قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.