أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 674

جلسة 10 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنوره، علي السعدني، محمد مختار منصور، ومحمود نبيل البناوي.

(142)
الطعن رقم 1199 لسنة 49 القضائية

1 - مهجرون. ملكية. شيوع.
تمليك الأسر المهجرة من النوبة أرضاً زراعية بالموطن الجديد. إنشاء لحالة من حالات ملكية الأسرة. استحقاق كل من أفرادها لنصيبه في الريع.
2 - مهجرون. ملكية.
2 - تملك أفراد أسرة مهجري النوبة الأراضي الزراعية. مناطه. توافر الشروط التي أوجبها القرار الوزاري 106/ 62 وقت تنفيذه. زوالها في تاريخ لاحق. لا أثر له. مثال.
1 - النص في المادة الرابعة من قرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 106 لسنة 1962 الصادر نفاذاً للقانون 67 لسنة 1962 - على أن تملك كل أسرة تعمل بالزراعة في النوبة ولا تملك أرضاً زراعية بها مساحة الأرض الزراعية بالموطن الجديد تقدر بالنسبة لعدد أفراد الأسرة ومساحة الأراضي التي ستوزع عليهم بحد أدنى فدان وفي المادة 12 منه على أنه يقصد بالأسرة في هذا القرار الوالدان أو أحدهما والأولاد والأحفاد وكذلك الأخوة وأولادهم متى كانون يعيشون في منزل واحد يدل على أنه بالنسبة لأسر مهجري النوبة الذين كانوا يعملون بالزراعة فيها ولا يملكون شيئاً من أراضيها، رأي المشرع في سبيل رعاية هذه الأسر في المجتمع الذي نقلهم إليه وحتى لا يكون هذا النقل سبباً في تشتيت هذه الأسر، أن يمنح كل أسرة منها ملكية زراعية يراعى في تحديد مقدار مساحتها أفراد هذه الأسرة الذي شملهم الحصر وقتئذ، بما مفاده أنه أنشأ به حالة جديدة من حالات ملكية الأسرة بالإضافة إلى حالات ملكية الأسرة الواردة بالقانون المدني وهي ملكية شائعة يستحق كل من أفرادها نصيبه في ريعها بما لا يتعارض وأحكام الشريعة والإسلامية.
2 - إذ كان مفاد نص المادة الرابعة من قرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 106 لسنة 1962 سالفة البيان أن مناط تملك أفراد أسر مهجري النوبة للأرض الزراعية التي توزع عليهم بالموطن الجديد هو توافر الشروط المشار إليها بهذه المادة فيهم عند تنفيذ هذا القرار ولو زالت عنهم بعد ذلك، وكان الثابت أن المطعون ضدها الأولى كانت ضمن أفراد الأسرة وقتذاك، فإن انفصالها عن الأسرة بعد ذلك بطلاقها عن الطاعن لا يحول دون أحقيتها لنصيبها في الأرض التي خصصت للأسرة التي كانت فرداً فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 238 سنة 1977 مدني كلي أسوان على الطاعن ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - المطعون ضده الثاني - ورئيس مجلس إدارة جمعية دابور الزراعية - المطعون ضده الثالث طالبة الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع لها مبلغ 350 جنيهاً وقالت بياناً لدعواها أنها كانت زوجه للطاعن وباعتبارهما وابنهما من مهجري النوبة فقد منحوا ثلاثتهم قطعة أرض مساحتها فدانان كبدل إعاشة تستحق حصة فيها قدرها الثلث وقد استولى الطاعن على ريع الأرض كلها منذ سنة 1966 حتى سنة 1977، ولما كانت تستحق ريع نصيبها عن هذه الفترة والذي تقدره بالمبلغ المطالب به فقد أقامت الدعوى ليحكم لها بطلباتها، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت المحكمة بتاريخ 11/ 5/ 1978 برفض الدعوى، استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط "مأمورية أسوان" بالاستئناف رقم 117 س القضائية طالبة إلغائه والحكم لها بطلباتها، بتاريخ 11/ 3/ 1979 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدها الأولى مبلغ 103.280، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض دفع المطعون ضدهما الثاني والثالث بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث وبرفض الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدهما الثاني والثالث أنهما ليسا خصماً في الدعوى إذ لم توجه إليهما طلبات ما ولم يحكم لهما أو عليهما بشيء مما لا يجيز اختصامهما في الطعن.
وحيث إن الدفع في محله، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي للاختصام في الطعن بالنقض أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون قد نازع خصمه في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، وكان الثابت أن المطعون ضدهما الثاني والثالث قد اختصما في الدعوى للحكم في مواجهتهما دون أن توجه إليهما طلبات وأنهما لم ينازعا الطاعن في طلباته ولم يحكم لهما أو عليهما بشيء فإنه لا يكون للطاعن مصلحة في اختصامهما في الطعن مما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى استوفى أوضاعه الشكلية وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالثلاثة الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أن مفاد أحكام نصوص القانون 67 سنة 1962 وقرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 106 سنة 1962 المنفذ له أن تمليك الأرض لأهالي النوبة يكون لمن كانت حرفته الزراعة منهم ولم يكن مالكاً لأرض في النوبة القديمة المهجر منها والمقصود بالتمليك رب الأسرة دون أفرادها الذي تدرج أسماؤهم في استمارة البحث الخاصة به فلا يكون لهم أي حق مباشر على الأرض المسلمة إلى رب الأسرة لمساعدته في إعالة أسرته وهو ما يتفق وقواعد الشريعة الإسلامية التي تلزم رب الأسرة بالإنفاق على أفرادها دون أن يكون لهم حق مباشر على مصادر رزقه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بأن خصص للمطعون ضدها الأولى نصيباً مستقلاًَ في الأرض الممنوحة له يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان النص في المادة الرابعة من قرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 106 سنة 1962 الصادر نفاذاً للقانون 67 سنة 1962 - على أن "تملك كل أسرة تعمل بالزراعة في النوبة ولا تملك أرضاً زراعية بها مساحة الأرض الزراعية بالموطن الجديد تقدر بالنسبة لعدد أفراد الأسرة ومساحة الأرض التي ستوزع عليهم بحد أدنى فدان" وفي المادة 12 منه على أنه يقصد بالأسرة في هذا القرار الوالدان أو أحدهما والأولاد والأحفاد وكذلك الإخوة وأولادهم متى كانون يعيشون في منزل واحد يدل على أنه بالنسبة لأسر مهجري النوبة الذين كانوا يعملون الزراعة فيها ولا يملكون شيئاً من أراضيها، رأي المشرع في سبيل رعاية هذه الأسر في المجتمع الجديد الذي نقلهم إليه وحتى لا يكون هذا النقل سبباً في تشتيت هذه الأسر أن يمنح كل أسرة منها ملكية أرض زراعية يراعى في تحديد مقدار مساحتها أفراد هذه الأسرة الذي شملهم الحصر وقتئذ، بما مفاده أنه أنشأ به حالة جديدة من حالات ملكية الأسرة بالإضافة إلى حالات ملكية الأسرة الواردة بالقانون المدني وهي ملكية الأسرة شائعة يستحق كل من أفرادها نصيبه في ريعها بما لا يتعارض وأحكام الشريعة والإسلامية، لما كان ذلك وكان الثابت أن المطعون ضدها الأولى كانت من بين أفراد أسرة الطاعن عند تخصيص أرض النزاع لها فإن الحكم المطعون فيه إذ خصها بحصة في ريع هذه الأرض يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه وإن كان عدد أفراد الأسرة محل اعتبار عند منح رب الأسرة إلا أن مناط انتفاعهم بهذه الأرض هو استمرارهم كأعضاء في هذه الأسرة دون أن يكون لهم حق عيني على الأرض ولما كان الثابت أن المطعون ضدها الأولى قد طلقت منه وانفصلت بذلك عن الأسرة فلا يكون لها الانتفاع بهذه الأرض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة الرابعة من قرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 106 سنة 22 سالف البيان أن مناط تملك أفراد أسر مهجري النوبة للأرض الزراعية التي توزع عليهم بالموطن الجديد هو توافر الشروط المشار إليها بهذه المادة فيهم عند تنفيذ هذا القرار ولو زالت عنهم بعد ذلك، وكان الثابت أن المطعون ضدها الأولى كانت ضمن أفراد الأسرة وقتذاك، فإن انفصالها عن الأسرة بعد ذلك بطلاقها من الطاعن لا يحول دون أحقيتها لنصيبها في الأرض التي خصصت للأسرة التي كانت فرداً فيها، وإذ لم يخالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بدلالة الخطاب المقدم منه والصادر من إدارة تكوين وتنمية المجتمع بوزارة الزراعة والذي تضمن عدم أحقية المطعون ضدها الأولى في الأرض المسلمة إليه بعد انفصالها عنه، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه بحث دلالة هذا المستند يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شرط قبول مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم هو أن تكون المحكمة قد صرحت بتقديمها واطلع الخصوم عليه، وكان الثابت من مذكرة الطاعن في الاستئناف - المقدم صورتها منه في الطعن الماثل - أنه قدم ذلك المستند مع هذه المذكرة في فترت حجز الدعوى للحكم، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تصرح بتقديم مستندات في هذه الفترة فإنه لا يعيب الحكم بالقصور إغفاله بحث هذا المستند.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.