أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 703

جلسة 17 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: علي السعدني، محمد مختار منصور، محمود نبيل البناوي، ومحمد لبيب المرصفي.

(148)
الطعن رقم 1201 لسنة 49 القضائية

بيع "البيع الابتدائي". تسجيل. إرث. ملكية . بيع.
عدم تسجيل المشتري من المورث عقد شرائه. أثره، للوارث بيعه لمشتر آخر. تسليم المشتري الأول للمبيع. عدم جواز نزعه منه وتسليمه للمشتري الثاني طالما لم يسجل عقده. علة ذلك. مثال.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن البيع الصادر من المورث لا ينقل إلى المشتري ملكية العقار المباع إلا بالتسجيل، فإذا لم يسجل المشتري عقد شرائه بقى العقار على ملك المورث وانتقل إلى ورثته من بعده بسبب الإرث ويكون للوارث، كما كان لمورثه، أن يبيع العقار لمشتر آخر إلا أنه في هذه الحالة لا يكون ثمة محل للمفاضلة بين البيع الذي يصدر من المورث والبيع الذي يصدر من الوارث وذلك بسبب تعادل سندات المشترين ومن مقتضى ذلك أنه إذا كان المشتري الأول قد استلم العقار المباع من البائع له أو ورثته من بعده تنفيذاً للالتزامات الشخصية التي يرتبها العقد. فإنه لا يجوز بعد ذلك نزع العين من تحت يده وتسليمها إلى المشتري الثاني إلا بعد تسجيل عقده وثبوت أفضلية له بذلك وإذ كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة أول درجة اطلعت على ملف الدعوى المقامة من الطاعنين بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المتضمن بيع مورث المطعون ضده الثاني لهما مساحة 2 فدان فيهما القدر محل النزاع، وكان الطاعنان قد تمسكا في مذكرتيهما المقدمتين لمحكمة الاستئناف والمقدمة صورة من كل منهما ضمن مستنداتهما في هذا الطعن، بأنهما يضعان اليد على العقارين محل النزاع منذ شرائهما من مورث المطعون ضده الثاني، فإن الحكم إذ أيد الحكم الابتدائي في خصوص ما قضى به من تسليم المطعون ضده الأول (المشتري من الوارث بعقد ابتدائي) العقارين محل النزاع دون أن يتعرض لهذا الدفاع ويرد عليه رغم أنه جوهري يتغير به، إن صح، وجه الرأي في الدعوى يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 3423 لسنة 1975 مدني كلي المنصورة على المطعون ضده الثاني طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 10/ 5/ 1975 المتضمن بيع الأخير له فداناً وحصته في منزل مبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى مقابل ثمن مقداره 600 جنيه والتسليم وقال بياناً للدعوى إنه بموجب هذا العقد باعه المطعون ضده الثاني أرضاً زراعية مساحتها 1 فدان شائعة في مساحة 4 أفدنة مقابل ثمن مقداره 400 جنيه وحصة مساحتها 40 م2 شائعة في منزل مساحته 160 م2 مقابل ثمن مقداره 200 جنيه. وإذ امتنع البائع له عن تنفيذ التزامه بنقل الملكية فقد أقام الدعوى للحكم له بطلباته. تدخل الطاعن الأول والمرحوم.... - مورث الطاعنة الثانية - في الدعوى طالبين رفضها على أساس أنهما قد اشتريا العقارين محل النزاع من مورث المطعون ضده الثاني بموجب عقد بيع طلباً الحكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 3599 لسنة 1975 مدني كلي المنصورة بتاريخ 12/ 2/ 1977 قضت المحكمة بقبول تدخلهما وبصحة ونفاذ عقد المطعون ضده الأول المؤرخ 10/ 5/ 1975 مع التسليم. استأنف الطاعن الأول ومورث الطاعنة الثانية هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 158 لسنة 29 القضائية طالبين إلغاءه ورفض الدعوى بتاريخ 11/ 6/ 1977 أحالت المحكمة الدعوى إلى الحقيق. وبعد أن استمعت إلى شهادة الشهود حكمت بتاريخ 11/ 3/ 1979 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالوجه الثاني من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه التناقض وفي بيان ذلك يقولان أن الثابت بالعقد المؤرخ 10/ 5/ 1975 أن المساحة التي باعها المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الأول في المنزل أربعون متراً مربعاً وإذ كان الأخير قد حددها في صحيفة دعواه بأنها 2.5 ط وهي تعادل 386 م2 فإن الحكم إذ أيد قضاء محكمة أول درجة بصحة العقد المتضمن بيع هذه الحصة مبينة الحدود والمعالم بالعقد وصحيفة الدعوى معاً رغم اختلافهما في المساحة، يكون مشوباً بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه يقوم على واقع وإذ لم يسبق للطاعنين التمسك به أمام محكمة الاستئناف فإنه يعتبر سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور ومخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأنهما اشتريا العقارين محل النزاع من مورث المطعون ضده الثاني ووضعا اليد عليهما من تاريخ شرائهما. وإذ كان من المقرر قانوناً أنه لا يجوز نزاع العين المباعة من يد المشترى لها من المورث لتسليمها إلى مشتر آخر من الوارث بعقد ابتدائي لالتزام البائع وورثته من بعده بالتسليم، فإن الحكم إذ لم يعرض لهذا الدفاع أو يرد عليه وقضى للمطعون ضده الأول بالتسليم يكون معيباً بالقصور ومخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن البيع الصادر من المورث لا ينقل إلى المشتري ملكية العقار المباع إلا بالتسجيل فإذا لم يسجل المشتري عقد شرائه بقى العقار على ملك المورث وانتقل إلى ورثته من بعده بسبب الإرث ويكون للوارث، كما كان لمورثه، أن يبيع العقار لمشتر آخر. إلا أنه في هذه الحالة لا يكون ثمة محل للمفاضلة بين البيع الذي يصدر من المورث والبيع الذي يصدر من الوارث وذلك بسبب تعديل سندات المشترين. ومن مقتضى ذلك إنه إذا كان المشتري الأول قد استلم العقار المباع من البائع له أو من ورثته من بعده تنفيذاً للالتزامات الشخصية التي يرتبها العقد. فإنه لا يجوز بعد ذلك نزع العين من تحت يده وتسليمها إلى المشتري الثاني إلا بعد تسجيل عقده وثبوت أفضلية له بذلك - لما كان ذلك وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة أول درجة اطلعت على ملف الدعوى رقم 3599 لسنة 1975 مدني كلي المنصورة المقامة من الطاعنين بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 18/ 6/ 1973 المتضمن بيع مورث المطعون ضده الثاني لهما مساحة 2 فدان يدخل فيها القدر محل النزاع. وكان الطاعنان قد تمسكا في مذكرتيهما المقدمتين لمحكمة الاستئناف بجلستي 5/ 1/ 1978 و11/ 3/ 1979 والمقدمة صورة من كل منهما ضمن مستنداتهما في هذا الطعن، بأنهما يضعان اليد على العقارين محل النزاع منذ شرائهما من مورث المطعون ضده الثاني، فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي في خصوص ما قضى به من تسليم المطعون ضده الأول العقارين محل النزاع دون أن يتعرض لهذا الدفاع ويرد عليه رغم أنه جوهري يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى، يكون مشوباً بالقصور الذي يعجز هذه المحكمة عن مراقبة تطبيقه للقانون على وجه صحيح ويتعين لذلك نقضه نقضاً جزائياً في هذا الخصوص دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.