أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 727

جلسة 23 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمد إبراهيم الدسوقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين جهدان حسين عبد الله، مصطفى زعزوع، حسين علي حسين، والحسيني الكناني.

(154)
الطعن رقم 453 لسنة 48 القضائية

1 - إيجار "إيجار الأماكن: الجدك". بيع "بيع المتجر".
المتجر في معنى المادة 594 مدني مقوماته. الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية هي العنصر الرئيسي. المكان الذي يخزن فيه التاجر بضائعه لا يعد كذلك. عدم انطباق نص المادة 594 مدني عليه. علة ذلك.
2 - دعوى "الدفاع في الدعوى".
المادة 135 من القانون 61/ 1968 القصد منها تمكين الخصم من إبداء دفاعه إذا تنازل محاميه عن التوكيل. لا محل للتحدي بها متى استكمل الخصم دفاعه.
1 - ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المتجر في معنى المادة 594 من القانون المدني يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية، وأن المقومات المعنوية هي عماد فكرته وأهم عناصره، ولا يلزم توافرها جميعها لتكوينه بل يكتفي بوجود بعضها، ويتوقف تحديد العناصر التي لا غنى عنها لوجود المحل التجاري على نوع التجارة التي يزاولها المحل، إلا أن العنصر المعنوي الرئيسي والذي لا غنى عنه، لوجود المحل التجاري والذي لا يختلف باختلاف نوع التجارة هو عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية باعتباره المحور الذي تدور حوله العناصر الأخرى فيترتب على غيبته انتقاء فكرة المتجر ذاتها، ويعد بيعاً له لاقتصار على بيع هذه العنصر وحده دون غيره من سائر العناصر المادية أو المعنوية.
2 - النص في المادة 135 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 على أن "لا يجوز للمحامي أن يتنازل عن التوكيل في وقت غير لائق ويجب عليه أن يخطر موكله بكتاب موصى عليه بتنازله وأن يستمر في إجراءات الدعوى شهراً على الأقل متى كان ذلك لازماً للدفاع عن مصالح الموكل، ويتعين على المحكمة تأجيل الدعوى المدة الكافية لتوكيل محام آخر" دل على أن المشرع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لم يقصد من هذا النص سوى تمكين الخصم من إبداء دفاعه إذا تنازل محاميه عن التوكيل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتخلص في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 1590 سنة 1975 مدني شمال القاهرة الابتدائية على الطاعنين والمطعون ضده الثاني للحكم بإخلائهم من عين النزاع قولاً منه إنه بتاريخ 1/ 1/ 1960 أجر للمطعون ضده الثاني الدكانين محل النزاع لاستعمالهما مخزناً لمواد البقالة التي يزاول تجارتها في مكان آخر، وإذ تنازل عنهما بدون إذنه للطاعنين فقد أقام الدعوى.
بتاريخ 31/ 12/ 1975 حكمت المحكمة بالإخلاء. استأنف الطاعنان الحكم بالاستئناف رقم 604/ 93 ق. القاهرة بتاريخ 14/ 1/ 1978 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعنان على الحكم بطريق النقض. قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء على أن بيع المخزنين وحدهما دون بيع محل البقالة الملحقين به لا يعتبر بيع متجر يجوز معه إبقاء الإيجار وغفل عن أن لهما خصائص المتجر أو أحد فروعه إذ صدر ترخيص من الجهة الإدارية باعتبارهما من المحال المقلة للراحة، وتسري عليهما زيادة الأجرة باعتبارهما من المحال التجارية، كما أن لهما مظهر المتجر بما فيهما من قوائم وأرفف خشبية أنشأها المطعون ضده الثاني.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه ولئن كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المتجر في معنى المادة 594 من القانون المدني يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية، وأن المقومات المعنوية هي عماد فكرته وأهم عناصره، ولا يلزم توافرها جميعها لتكوينه بل يكتفي بوجود بعضها، ويتوقف تحديد العناصر التي لا غنى عنها لوجود المحل التجاري على نوع التجارة التي يزاولها المحل، إلا أن العنصر المعنوي الرئيسي والذي لا غنى عن توافره لوجود المحل التجاري والذي لا يختلف باختلاف نوع التجارة هو عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية باعتباره المحور الذي تدور حوله العناصر الأخرى فيترتب على غيبته انتقاء فكرة المتجر ذاتها، فلا يتصور متجر بلا عملاء سواء كانوا دائمين أو عابرين، ويعد بيعاً له الاقتصار على بيع هذا العنصر وحده دون غيره من سائر العناصر المادية أو المعنوية. وما يسري على المتجر في هذا الخصوص يسري على أي فرع من فروعه يمارس ذات النشاط، ومن ثم لا يعتبر متجراً ولا فرعاً لمتجر ذلك المكان الذي يخزن فيه التاجر بضائعه لافتقاره لعنصر الاتصال بالعملاء، ولا يعتبر من صفته هذه صدور ترخيص من الجهة الإدارية باعتباره من المحال المقلقة للراحة أو خضوعه لأحكام التشريعات الاستثنائية بشأن إيجار الأماكن، ومن ثم فإذا تصرف المستأجر فيه منفصلاً عن المتجر فإن هذا التصرف لا يكون هو بيع المتجر الذي قصد إليه المشرع في المادة 594 من القانون المدني. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بالإخلاء فإنه يكون قد أصاب.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وتهاتر الأسباب ذلك أن الحكم لم يجبهما إلى طلبهما إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الضرورة التي ألجأت المطعون ضده الثاني لبيع مكاني النزاع، وأن إحداث تعديلات استلزمها تغيير الاستعمال من مخزن لمواد البقالة إلى متجر لبيع الأدوات الكهربائية لم يلحق بالمؤجر ضرراً ما، كما أن الحكم تهاترت أسبابه إذ اعتبر أسباب الحكم الابتدائي الخاصة بما أجرته الطاعنان من تغيرات تزيداً ثم أيده فيما انتهى إليه من قضاء متضمناً أسباباً تكفي لحمله.
وحيث إن النعي في شقيه الأول والثاني غير منتج، ذلك أن الحكم وقد أقام قضاءه على ما يكفي لحمله من انتفاء صفة المتجر عن المخزنين محل النزاع، فإنه لا حاجة به لبحث ما قد يكون أحاط المستأجر الأصلي من ضرورة ألجأته للتصرف الذي أجراه، وفي شقه الثالث في غير محله، ذلك أن التهاتر الذي يعيب الحكم هو التناقض الذي تتماحى به أسبابه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن الحكم الابتدائي تزيد فيما أورده من أسباب خاصة بتغيير الغرض من استعمال العين المؤجرة وما استلزمه من تعديلات فيها ثم أيده في قضائه بالإخلاء لانتفاء صفة المتجر عن محلي النزاع لما تضمنه من أسباب تكفي لحمل منطوقه، فإنه يكون قد خلا من التناقض الذي يعيبه.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع ذلك محاميهما نزل عن وكالته عنهما وطلب أجلاً لإخطارهما بذلك فلم تجبه المحكمة إلى طلبه وحجزت الدعوى للحكم فخالفت بذلك نص المادة 135 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 الذي يلزم المحكمة في هذه الحالة بتأجيل نظر الدعوى مدة كافية لتوكيل محام آخر وأخلت بحقهما في الدفاع إذ لم تجبهما المحكمة إلى طلب التأجيل لتقديم مستندات كانت في دعوى أخرى محجوزة للحكم ولم يتمكنا من تقديمها.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المشرع بالنص في المدة 135 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 على أن: "لا يجوز للمحامي أن يتنازل عن التوكيل في وقت غير لائق ويجب عليه أن يخطر موكله بكتاب موصى عليه بتنازله وأن يستمر في إجراءات الدعوى شهراً على الأقل متى كان ذلك ولازماً للدفاع عن مصالح الموكل. ويتعين على المحكمة تأجيل الدعوى المدة الكافية لتوكيل محام آخر". دل على أن المشرع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لم يقصد من هذا النص سوى تمكين الخصم من إبداء دفاعه إذا تنازل محاميه عن التوكيل لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات نظر استئناف الطاعنين أن أول جلسة له كانت في 24/ 4/ 1976 وأن محاميهما طلب التأجيل عدة جلسات لتقديم مذكرات فحسب ثم في جلسة 28/ 5/ 1977 طلب التأجيل لتقديم مستند مودع في قضية محجوزة للحكم بجلسة 5/ 6/ 1977 فأجلت الدعوى بناء على طلبه عدة مرات لتقديمه حتى كانت جلسة 22/ 12/ 1977 وفيها قرر بحضور الطاعنة الأولى بتنازله عن التوكيل وطلب أجلاً لإخطار الطاعن الثاني بذلك فقررت المحكمة بحجز الدعوى للحكم، وهو ما دلالته أن المحكمة قد تراءى لها في حدود سلطتها الموضوعية أن الطاعنين قد مكنا من استكمال دفاعهما مما انتفى معه المبرر لتأجيل نظر الدعوى وهو ما يضحى معه النعي على الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع على غير أساس.