أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 222

جلسة 27 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد شرباش نائب رئيس المحكمة وعبد النبي خمخم، محمد عبد البر حسين وحسام الدين الحناوي.

(197)
الطعن رقم 574 لسنة 53 القضائية

(1) اختصاص "اختصاص ولائي". "جنسية".
منازعات الجنسية - اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل فيها - إثارة المنازعة أمام القضاء العادي - وجوب إيقاف الدعوى وتكليف الخصم باللجوء للجهة الإدارية  المختصة - لجهة القضاء العادي القضاء في الدعوى بحالتها إذا كان وجه المسألة في الجنسية ظاهراً. المواد 10 ق 47 لسنة 1972، 16 ق 46 لسنة 1972، 129 مرافعات.
(2) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير المفروش". محكمة الموضوع.
اعتبار المكان مفروشاً - شرطه - ألا يكون الفرش صورياً - لقاضي الموضوع تقدير جدية الفرش أو صوريته في ضوء ظروف الدعوى وملابستها.
(3) محكمة الموضوع. خبرة.
طلب ندب خبير في الدعوى ليس حقاً للخصوم - للمحكمة رفضه - متى وجدت في أوراق الدعوى ومستندات ما يكفي لتكون عقيدتها.
1 - النص في المادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن تنظيم مجلس الدولة على أن "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية.....".
سابعاً: دعاوى الجنسية "يدل على أن محاكم مجلس الدولة هي المختصة دون غيرها بالفعل في كافة منازعات الجنسية أياً كانت صورتها أي سواء كانت في صورة دعوى أصلية بالجنسية أو في صورة طعن في قرار إداري صادر في الجنسية، أم في صورة مسألة أولية في دعوى أصلية يتوقف الفصل فيها على الفصل في تلك المسألة ولو كانت الدعوى الأصلية قائمة أمام القضاء العادي في حدود اختصاصه وأثير النزاع في الجلسة، وكان الفصل فيها يتوقف عليه الفصل في الدعوى.، إذ يتعين على المحكمة في هذه الحالة أن توقف الدعوى وتحدد للخصم ميعاداً لتصدر فيه حكماً نهائياً من مجلس الدولة في مسألة الجنسية إلا أنه رأت المحكمة أن وجه المسألة في الجنسية ظاهر بحيث لا يحتاج الأمر للفصل فيه بمعرفة مجلس الدولة أغفلت المسألة وحكمت في موضوع الدعوى على أساس ما ثبت لديها من وقائعها في شأن الجنسية وذلك عملاً بالمادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 72 في شأن السلطة القضائية والمادة 179 من قانون المرافعات.
2 - يلزم لاعتبار المكان قد أجر مفروشاً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ألا يكون الفرش صورياً بقصد التحايل للتخلص من القيود التي تفرضها قوانين إيجار الأماكن في شأن تحديد الأجرة والامتداد القانوني لعقد الإيجار ولقاضي الموضوع تقدير جدية الفرش في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها - وما يستنبطه من قرائن قضائية، وذلك بما له من سلطة تحليل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة له. وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه منها.
3 - قاضي الموضوع غير ملزم بإجابة طلب الخصوم ندب خبير في الدعوى ما دام قد وجد بالأوراق ما يكفي لتكوين عقيدته فيها بما يكفي عن هذا الإجراء وما دام قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 275 سنة 1981 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بانفساخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1978 وطرد الطاعنة من العين المبينة به وتسليمها لها بمفروشاتها وقالت في بيان دعواها أن الطاعنة استأجرت "الفيلا" المبينة بالصحيفة بمفروشاتها من مالكتها السابقة المطعون ضدها، ذلك لمدة سنة تنتهي في 31/ 12/ 1978 وتحدد سنوياً ما لم ينبه أحد الطرفين على الآخر بعدم رغبته في التجديد، وإذ رغبت المالكة السابقة في إنهاء العقد فقد تبهت على الطاعنة بذلك، ثم قامت ببيع العين للمطعون ضدها الأولى التي وجهت للطاعنة تنبيهاً مماثلاً إلا أنها لم تستجب فأقامت الدعوى بطلباتها آنفة البيان. تدخلت المطعون ضدها الثانية في الدعوى منضمة للمطعون ضدها الأولى في طلباتها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية برقم 71 سنة 38 قضائية، وتاريخ 15/ 1/ 83 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، حكمت المحكمة بقبول هذا التدخل وبإجابة المطعون ضدها الأولى إلى طلباتها. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب، تنعي الطاعنة بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها ولائياً بالفصل في مسألة جنسية الشركة وما إذا كانت مصرية أم أمريكية وانعقاد الاختصاص بذلك لمحكمة القضاء الإداري وفقاً لنص المادة 10 من قانون مجلس الدولة رقم 47 سنة 1972 مما كان يتعين معه على المحكمة أن تحيل الدعوى إليها أو أن توقف نظرها لحين الفصل في هذه المسألة من الجهة المختصة، إلا أنها تصدت للفصل فيها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 10 من القانون رقم 47 سنة 1972 في شأن تنظيم مجلس الدولة على أن "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: .... سابعاً: دعاوى الجنسية "يدل على أن محاكم مجلس الدولة هي المختصة دون غيرها بالفصل في كافة منازعات الجنسية أياً كانت صورتها، أي سواء أكانت في صورة دعوى أصلية بالجنسية، أم في صورة طعن في قرار إداري صادر في الجنسية، أم في صورة مسألة أولية في دعوى أصلية يتوقف بالفصل فيها على الفصل في تلك المسألة ولو كانت الدعوى الأصلية قائمة أمام القضاء العادي في حدود اختصاصه وأثير النزاع في الجنسية، وكان الفصل فيها يتوقف عليه الفصل في الدعوى، إذ يتعين على المحكمة في هذه الحالة أن توقف الدعوى وتحدد للخصم ميعاداً يستصدر فيه حكماً نهائياً من مجلس الدولة في مسألة الجنسية، إلا أنه إذا رأت المحكمة أن وجه المسألة في الجنسية ظاهر بحيث لا يحتاج الأمر للفصل فيه بمعرفة مجلس الدولة أغفلت المسألة وحكمت في موضوع الدعوى على أساس ما ثبت لديها من وقائعها في شأن الجنسية، وذلك عملاً بالمادة 16 من القانون رقم 46 سنة 1972 في شأن السلطة القضائية والمادة/ 129 من قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضي برفضه الدفع المبدي من الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً ينظر مسألة جنسيتها على ما أورده بمدوناته من "أن الثابت من شهادة البيانات المستخرجة من صحيفة القيد بالسجل التجاري بالإسكندرية المؤرخة 12/ 12/ 1978 أن شركة فيليبس للبترول (الطاعنة) هي شركة مساهمة أمريكية ومن ناحية أخري فإن الثابت من اتفاقية الامتياز البترولي فيليبس الصادر بها القرار رقم 155 سنة 1963 أنها شركة مساهمة أمريكية مؤسسة بالولايات المتحدة" وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك أن الطاعنة "لم توجه إلى هذه المستندات أي مطعن ينال من سلامتها ومن ثم فإنه طالما كانت الجنسية ثابتة واضحة بحيث لا يلزم وقت نظر الدعوى عملاً بنص المادة 16 من القانون رقم 146 سنة 1974 الخاص بالسلطة القضائية، وبالتالي فإن للمحكمة أن تغفل هذا الدفع وتمضي في موضوع الدعوى....."، وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم سائغاً ومقبولاً وكاف لحمل قضائه ويتفق وصحيح القانون فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال يحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن العين محل النزاع لم تعد مفروشة كما كانت عند بدء تأخيرها بعد أن تسلمت المطعون ضدها الثالثة - بإقرار وكيلها - المنقولات التي كانت مفروشة بها، وتقديمها المستندات الدالة على شرائها منقولات أخري، وأن هناك عقداً كان مبرماً بين الطرفين في 12/ 3/ 1964 يتضمن استئجارها العين خالية هو الواجب الاعتداد به لصورية ما تضمنته العقود اللاحقة من ورودها على عين مفروشة وقد طلبت -على سبيل الاحتياط - ندب خبير في الدعوى لبيان طبيعة العين إلا أن المحكمة لم تستجب لطلبها، وألزمتها بتسليم المنقولات التي كانت بها على سند من أن الطاعنة لم تقدم المستندات الدالة على أن المنقولات التي اشترتها قد وضعت بالعين المؤجرة رغم ما قررته من أنها اشترتها لاستعمال مدير الشركة المقيم بهذه العين.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه يلزم لاعتبار المكان قد أجر مفروشاً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ألا يكون الفرش صورياً بقصد التحايل للتخلص من القيود التي تفرضها قوانين إيجار الأماكن في شأن تحديد الأجرة والامتداد القانوني لعقد الإيجار، ولقاضي الموضوع تقدير جدية الفرش في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها وما يستنبطه منها من قرائن قضائية، وذلك بما له من سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى بحث الأدلة والمستندات المقدمة له، وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه منها، وهو غير ملزم بإجابة طلب الخصوم ندب خبير في الدعوى ما دام قد وجد في بالأوراق ما يكفي لتكوين عقيدته فيها بما يغني عن هذا الإجراء، وما دام أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باعتبار الإجارة واردة على عين مفروشة على ما قرره من "أنه بالنسبة لما ذهبت إليه الشركة المستأنفة (الطاعنة) من أنها قد استأجرت عين النزاع خالية وليست مفروشة وأن وكيل المالكة السابقة (المطعون ضدها الثانية) قد أمرها في 17/ 12/ 1974 بتسليم المنقولات إلى المدعو...... فهذا القول من جانبها فضلاً عن أنه يناقض دفاعها الذي قالت به على النحو المتقدم من أنها استأجرت الفيلا مفروشة منذ سنة 1964 حتى الآن فإن هذا القول بدوره لا يدل على أن الشركة المستأنفة استأجرت الفيلا خالية من المفروشات، وأية ذلك أن عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1978 والمحرر بينهما بعد هذه الواقعة قد نص فيه صراحة على أنه عقد إيجار فيلا مفروشة بما فيها من منقولات موضحة بالقائمة المرفقة بهذا العقد والموقع عليهما بإمضاء منسوبه إلى ممثل الشركة المستأنفة والتي لم توجه إليها أي مطعن ينال من سلامتهما وكان هذا الإيجار نظير أجرة شهرية قدرها 600 جنيه بعد أن كان هذا الإيجار 125 جنيه شهرياً بموجب العقد المؤرخ 12/ 3/ 1964 الأمر الذي يدل على أنه لا شأن للمنقولات التي تسلمها المدعو..... بالمنقولات الموجودة بالعين المؤجرة والوارد ذكرها تفصيلاً بقائمة المنقولات المرفقة بهذا العقد، ولا ترى المحكمة بعد ذلك محلاً لندب خبير في الدعوى تكون مهمته مطابقة صور المستندات المقدمة من المستأنفة على المنقولات الواردة إليها من الجمارك وعلى المنقولات الموجودة بالعين المؤجرة، ففضلاً عن أن المستأنفة لم تقدم أي دليل يقطع بأن هذه المنقولات قد وردت خصيصاً لوضعها بالعين المؤجرة محل النزاع فإنه من المعلوم أنه ليس هناك ما يمنع عقلاً مستأجر العين مفروشة أن يضع بها بعض المنقولات الخاصة به واللازمة لمعيشته أو حياته حسبما ألف واعتاد دون أن يغير من اعتبار أن العين أجرت إليه مفروشة من المؤجر، ويضاف إلى كل ذلك أن الثابت من صورة عقد البيع الرسمي المؤرخ 16/ 6/ 1979 والمحرر بين المستأنف عليهما الأولى والثانية - المطعون ضدهما - عن بيع العين المؤجرة أنها مفروشة إلى الشركة المستأنفة بموجب عقد الإيجار المؤرخ أول يناير سنة 1978 وأن المستأنف عليها الأولى - المطعون ضدها الأولى - دفعت ثمناً لهذه المنقولات الموجودة بالعين المؤجر به وقدره عشرة آلاف جنيه ولم توجه الشركة المستأنفة أي مطعن ينال من سلامة ما تضمنه هذا العقد بهذا الخصوص" وكان - هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً ومقبولاً وله أصله الثابت بالأوراق وفي حدود ما لقاضي الموضوع من سلطة تقدير الدليل وفهم الواقع في الدعوى فإن النعي عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.