أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 229

جلسة 30 إبريل سنة 1989

برياسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد فؤاد شرباش نائب رئيس المحكمة وعبد النبي خمخم، محمد عبد البر حسين وخلف فتح الباب.

(198)
الطعن رقم 1831 لسنة 52 القضائية

(1، 2) إيجار "إثبات الإيجار". إثبات "طرق الإثبات". عقد "بطلان التصرفات". المفاضلة بين العقود.
(1) للمستأجر إثبات واقعة التأجير وكافة شروط العقد بكافة طرق الإثبات. حظر إبرام أكثر من عقد إيجار عن الوحدة الواحدة. أثره. بطلان العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول - م 24/ 3، 4 ق 49 لسنة 1977. لا محل لإعمال نص المادة 573 من القانون المدني بشأن المفاضلة بين العقود - علة ذلك.
(2) طلب المطعون ضده تسليم الوحدتين المؤجرتين له وتمكينه من الانتفاع بهما. اعتبارهما تابعين لطلبه الأصلي بإثبات علاقته الإيجارية لهما مؤداه - عدم التزامه بأعذار المؤجر قبل رفع دعواه بهذه الطلبات علة ذلك. م 24/ 3 ق 49 لسنة 1977.
(3) دعوى "إعادة الدعوى للمرافعة" محكمة الموضوع.
إعادة الدعوى للمرافعة - أمر متروك تقديره لمحكمة الموضوع.
(4) نقض "السبب الموضوعي" الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز، إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - النص في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 70 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المنطبق على واقعة الدعوى أن "يجوز للمستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات. ويحظر على المؤجر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه وفي حالة المخالفة يقع باطلاً العقد أو العقود اللاحقة للأول - يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع أجاز للمستأجر أن يبحث واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات سواء كانت الكتابة غير موجودة أصلاً أو وجدت ويراد إثبات ما يخالفها أو يجاوزها وأن مقتضى الحظر الصريح الوارد في الفقرة الرابعة من المادة 24 من القانون المذكور يوجب وقوع البطلان على عقود الإيجار اللاحقة للعقد الأول ومن ثم فلا يكون هناك محل في هذه الحالة لإعمال نص المادة 573 من القانون المدني بإجراء المفاضلة بينهما لأن مناط هذه المفاضلة أن تكون العقود كلها صحيحة.
2 - إذا كانت المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1967 قد أجازت في فقرتها الثالثة للمستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات ولم تلزم بتوجيه إنذار إلى المؤجر قبل رفع الدعوى للمطالبة بإثبات تلك الواقعة خروجاً على القواعد العامة المنصوص عليها في المادة 157 من القانون المدني والتي توجب على الدائن إعذار المدين قبل مطالبته بتنفيذ العقد أو بفسخه، وكان طلب المطعون ضده تسليمه الوحدتين المؤجرتين إليه وتمكينه من الانتفاع بها هما طلبين تابعين لطلبه الأصلي بإثبات علاقته الإيجارية لهاتين الوحدتين فإنه لا يكون ملزماً بإعذار الطاعنة قبل رفع دعواه بهذه الطلبات - أو إذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سبقها بإنذار فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إعادة الدعوى إلى المرافعة ليس حقاً للخصوم يتعين إجابتهم إليه وإنما هو أمر متروك لتقدير قاضي الموضوع.
4 - إذا كانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بأن الوحدتين محل النزاع تعتبران من أملاك الدولة الخاصة - ومن ثم لا يجوز تأجيرها إلا بطريق الممارسة أو المزاد العلني على ما تقضي به أحكام القانون 100 لسنة 1964، وكان هذا الدفاع دفاعاً قانونياً يخالطه واقع يقتضي بحث ملكية العقار الكائنة به الوحدتين سالفتي الذكر فإنه لا يقبل من الطاعنة التحدي بهذا الشق من النص الأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده عن نفسه وبصفته أقام الدعوى رقم 6369 لسنة 1979 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإثبات العلاقة الإيجارية بينهما عن الوحدتين الموضحتين بالصحيفة وتمكينه من الانتفاع بها وتسليمها إليه. وقال بياناً لها أنه استأجر من الطاعنة هاتين الوحدتين لاستعمالهما حظيرتين لإيواء السيارات (جراجين) وأوفى لها قيمة التأمين والأجرة المستحقة عن المدة من 16 سبتمبر حتى نهاية أكتوبر سنة 1972 إلا أن الطاعنة لم تمكنه من الانتفاع بالوحدتين محل النزاع، وقد سبق له أن أقام الدعوى رقم 3741 لسنة 1972 أمام ذات المحكمة بطلباته السابقة وقضى فيها لصالحه بحكم نهائي إلا أن هذا الحكم نقض في الطعن رقم 833 لسنة 47 قضائية وقضى في موضوع الاستئناف رقم 4625 لسنة 90 قضائية القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف استناداً إلى بطلان إعلان الطاعنة بأصل صحيفة الدعوى. ومن ثم أقام الدعوى الراهنة بطلباته سالفة البيان. حكمت المحكمة بإثبات العلاقة الإيجارية عن الوحدتين محل النزاع بالأجرة المتفق عليها وبتمكين المطعون ضده بصفته من الانتفاع بهما واستلامها - استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة برقم 5672 لسنة 67 قضائية وبتاريخ 20/ 4/ 1982 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره - وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه بإثبات العلاقة الإيجارية على سند من إيصالات سداد تأمين وأجرة الوحدتين محل النزاع الموقع عليها من مدير حسابات الشركة وصرافها والموظف المختص بتحرير هذه الإيصالات رغم أن هؤلاء عاملين لديها ولم تعهد لأي منهم بإبرام التصرفات القانونية إذ أنهم ليسوا نائبين أو وكلاء عنها بل هم تابعين لها بسبب علاقة العمل، فلا يجوز لهم إبرام العقود مع الغير، وأن رئيس مجلس الإدارة هو الممثل القانوني لها، كما أنها تمسكت في دفاعها بأن الوحدتين محل النزاع تم تأجيرهما للشركة المصرية للسلع الغذائية التي وضعت اليد عليها فتكون لها الأفضلية في حالة تزاحم المستأجرين - وطلبت ندب خبير في الدعوى لإثبات صحة هذا الدفاع إلا أن الحكم المطعون فيه لم يجبها إلى طلبها وذهب إلى أن العين محل النزاع تختلف عن تلك المؤجرة إلى الشركة المذكورة مخالفاً بذلك عقد الإيجار المقدم في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان النص في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المنطبق على واقعة الدعوى أن "يجوز للمستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات. ويحظر على المؤجر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه وفي حالة المخالفة يقع باطلاً العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول - يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن المشرع قد أجاز للمستأجر أن يثبت واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات سواء كانت الكتابة غير موجودة أصلاً أو وجدت ويراد إثبات ما يخالفها أو يجاوزها وأن مقتضى الحظر الصريح الوارد في الفقرة الرابعة من المادة 24 من القانون المذكور يوجب وقوع البطلان على عقود الإيجار اللاحقة للعقد الأول ومن ثم فلا يكون هناك محل في هذه الحالة لإعمال نص المادة 573 من القانون المدني بإجراء المفاضلة بينها لأن مناط هذه المفاضلة أن تكون العقود كلها صحيحة. وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم لها من أدلة والموازنة بينها واستخلاص ما تراه من القرائن مؤدياً إلى النتيجة التي انتهت إليها دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإثبات العلاقة الإيجارية بين الشركة الطاعنة والمطعون ضده بصفته على ما استخلصه من الإيصالات الأربعة المودعة ضمن مستندات الأخير والموقع عليها من مدير الحسابات والصراف والموظف المختص بتحريرها لدى الطاعنة والتي أثبت في اثنين منها سداد المطعون ضده لقيمة التأمين عن الوحدتين محل النزاع وأثبت في الإيصالين الأخريين قيمة أجرتهما المستحقة عن المدة من 16/ 9/ 1972 حتى 31/ 10/ 1972 وأن ما زعمته الطاعنة من تأجيرها لهاتين الوحدتين للشركة العامة لتجارة السلع الاستهلاكية قد تم بعد قيام العلاقة الإيجارية بينها وبين المطعون ضده وكان ما استخلصه الحكم سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فلا عليه إن هو التفت عن طلب الطاعنة ندب خبير من الدعوى إذ أن المحكمة غير ملزمة بإجابة مثل هذا الطلب متى وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها وما يكفي لتكوين عقيدتها ويضحى النعي بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أنها دفعت بعدم قبول الدعوى لعدم سبقها بإعذار عملاً بنص المادة 157 من القانون المدني - إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع استناداً إلى أن الدعوى أقيمت بطلب الحكم بإثبات العلاقة الإيجارية للوحدتين محل النزاع فلا يشترط أن يسبقها إعذار وأن طلب التمكين والانتفاع بهما وتسليمها تابعين للطلب الأول - في حين أن هذين الطلبين مستقلين عن طلب إثبات العلاقة الإيجارية فيجب أن يسبقها إعذار لها من المطعون ضده.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 قد أجازت في فقرتها الثالثة للمستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات ولم تلزمه بتوجيه إعذار إلى المؤجر قبل رفع الدعوى للمطالبة بإثبات تلك الواقعة خروجاً على القواعد العامة المنصوص عليها في المادة 157 من القانون المدني التي توجب على الدائن إعذار المدين قبل مطالبته بتنفيذ العقد أو بفسخه، وكان طلب المطعون ضده تسليمه الوحدتين المؤجرتين إليه وتمكينه من الانتفاع بهما هما طلبين تابعين لطلبه الأصلي بإثبات علاقته الإيجارية لهاتين الوحدتين فإنه لا يكون ملزماً بإعذار الطاعنة قبل رفع دعواه بهذه الطلبات. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سبقها بإنذار فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول أن محكمة الاستئناف لم تستجيب إلى طلبها إعادة الدعوى إلى المرافعة للتصريح لها بإدخال الشركة المصرية للسلع الغذائية خصماً فيها باعتبارها مستأجرة للوحدتين محل النزاع وتضع اليد عليهما. هذا إلى أن الحكم غفل عما عليه القانون رقم 100 لسنة 1964 من عدم جواز تأجير أملاك الدولة الخاصة ومن بينها الوحدات التابعة للشركة الطاعنة باعتبارها إحدى شركات القطاع العام إلا بطريق الممارسة أو المزاد العلني ورتب البطلان جزاء على مخالفة ذلك وهو بطلان يتعلق بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود، بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إعادة الدعوى إلى المرافعة ليس حقاً للخصوم يتعين إجابتهم إليه وإنما هو أمر متروك لتقدير قاضي الموضوع. ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة مثلت أمام محكمة الاستئناف وأبدت دفاعها ثم حجزت الدعوى للحكم. فإنه لا على المحكمة أن هي قضت في الدعوى دون الاستجابة إلى طلب إعادتها إلى المرافعة والنعي في شقه الثاني غير مقبول - ذلك أنه لما كانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بأن الوحدتين محل النزاع تعتبران من أملاك الدولة الخاصة ومن ثم لا يجوز تأجيرها إلا بطريق الممارسة أو المزاد العلني على ما تقضي به أحكام القانون رقم 100 لسنة 1964، وكان هذا الدفاع دفاعاً قانونياً يخالطه واقع يقتضي بحث ملكية العقار الكائنة به الوحدتين سالفتي الذكر، فإنه لا يقبل من الطاعنة التحدي بهذا الشق من النعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.