أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 243

جلسة 10 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عبد الحميد سليمان ورجب أبو زهرة.

(200)
الطعن رقم 3992 لسنة 58 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء. الإخلاء لإساءة الاستعمال"، حكم "عيوب التدليل" "ما يعد قصوراً". قانون "سريان القانون".
(1) استعمال المكان المؤجر أو السماح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة اعتباره سبباً للإخلاء. م 23/ ج ق 52 لسنة 1969 المقابلة للمادتين 31/ د ق 49 لسنة 1977، 18/ د ق 136 لسنة 1981. اشتراط القانونين الأخيرين الحصول على حكم قضائي نهائي لإثبات هذه الواقعة. عدم سريانه إلا من تاريخ نفاذ القانون 49 لسنة 1977. لا أثر له على الدعاوى السابقة عليه. علة ذلك.
(2) دعوى المؤجر - في ظل العمل بالقانون 52 لسنة 1969 بإخلاء المستأجر من العين المؤجرة لتغير الغرض من استعمالها مما ترتب عليه إقلاق راحة السكان. قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى استناداً إلى حق المستأجر في تأجير عين النزاع مفروشة أو خالية ولو لغير أغراض السكنى لمن عددتهم المادة 39/ أ ق 49 لسنة 1977. إعراضه عن التصدي لسبب الدعوى سالف البيان. خطأ وقصور. علة ذلك.
(3) نقض "أثر نقض الحكم".
وجوب تصدي محكمة النقض للفصل في الموضوع عند نقض الحكم للمرة الثانية م 269/ 2 مرافعات.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن استعمال المكان المؤجر أو السماح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة هو من صور الاستعمال المخالفة لشروط الإيجار المقبولة، ومن ثم يتدرج ضمن أسباب إخلاء العين المؤجرة المنصوص عليها في المادة 23/ ج من قانون إيجار الأماكن السابق رقم 52 لسنة 1969 - الذي رفعت الدعوى في ظله - وقد أبقى المشرع على هذا السبب في كل من القانونين رقمي 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 - بشأن إيجار الأماكن - حيث أورده ضمن أسباب الإخلاء في الفقرة (د) من المادتين 31 من القانون الأول، 18 من القانون الثاني ولئن كان كل من القانونين الأخيرين قد استحدث وسيلة إثبات واقعة الاستعمال المقلق للراحة واستلزم ثبوتها بحكم قضائي نهائي إلا أن هذا الشرط وهو لم يكن مقرراً في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969 لا يسرى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا من تاريخ نفاذ القانون رقم 49 لسنة 1977 دون أن يكون له أثر على الدعاوى السابقة التي رفعت قبل العمل بأحكامه.
2 - إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد أقام دعواه في 17/ 2/ 1977 - في ظل العمل بأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 - استناداً إلى قيام المطعون ضدها (المستأجرة) بتغيير الغرض من استعمال العين المؤجرة يجعلها نادياً لطلبة دولة البحرين مما ترتب عليه إقلاق راحة السكان وهو ما يندرج ضمن أسباب الإخلاء التي أوردتها الفقرة (د) من المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 وهو القانون الواجب التطبيق إذ أدرك الدعوى عند نظرها في مرحلة الاستئناف وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض إخلاء العين المؤجرة على سند من أن للمطعون ضدها حق تأجيرها مفروشة أو خالية من باطنها لمن عددتهم الفقرة ( أ ) من المادة 39 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولو لغير أغراض السكنى وإذ لم يعرض الحكم لبحث السبب الذي أقام عليه الطاعن دعواه وفقاً لأحكام القانون الواجب التطبيق وأعرض عن التصدي له مع أن حق المستأجر في تأجير المكان من باطنه لا يحول دون وجوب التنفيذ بالتزامه القانوني بعدم السماح باستعمال المكان المؤجر بطريقة مقلقة للراحة فإن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
3 - مفاد نص الفقرة الرابعة من المادة 269 من قانون المرافعات إذا كان الطعن للمرة الثانية ورأت المحكمة نقض الحكم المطعون فيه وجب عليها أن تحكم في الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الدعوى رقم 840 لسنة 1977 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار - المبرم بينهما وإخلاء الشقة المؤجرة لها، وذلك تأسيساً على أنها استأجرت منه هذه الشقة في 21/ 8/ 1975 بقصد استعمالها سكناً خاصاً إلا أنها جعلتها نادياً لطلبة دولة البحرين مما ترتب عليه إقلاق راحة سكان العقار. وبتاريخ 29/ 11/ 1977 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن استعمال عين النزاع نادياً لطلبة البحرين مما أضر به وبعين النزاع، وبعد أن استمعت المحكمة إلى شاهديه قضت بتاريخ 28/ 2/ 1978 بفسخ عقد الإيجار وإخلاء العين محل النزاع وتسليمها للطاعن خالية مما يشغلها. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 316 لسنة 34 ق الإسكندرية. وبتاريخ 17/ 12/ 1978 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 203 لسنة 49 وبتاريخ 27/ 6/ 1984 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية التي قضت بتاريخ 18/ 2/ 1986 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 729 لسنة 56 ق وبتاريخ 29/ 4/ 1987 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية التي قضت بتاريخ 22/ 6/ 1988 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وبجلسة 23/ 11/ 1988 أمرت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً. وحددت جلسة لنظر الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه أقام دعواه بطلب إخلاء العين المؤجرة في ظل العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969 - استناداً إلى أن المطعون ضدها بعد أن أجرتها من الباطن إلى سفارة دولة البحرين لاستعمالها نادياً للطلبة سمحت باستخدامها بطريقة مقلقة لراحة شاغلي العقار بما يحدثه الطلبة من الجنسين من صخب بأصوات الموسيقي والغناء ودق الدفوف إلى ما بعد منتصف الليل، وهو ما شهد به شاهداه بجلسة التحقيق ورغم تقديمه المستندات الدالة على ذلك، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا السبب الذي تمسك به في مذكراته، وأقام قضاءه على سند من أن القانون رقم 49 لسنة 1977 - بشأن إيجار الأماكن - قد أباح للمستأجر تأجير وحدته السكنية لإحدى الهيئات الموضحة بالمادتين 39/ ب، 40/ هـ منه ولو لغير غرض السكنى وإذ لم يتصد الحكم لبحث مقطع النزاع في الدعوى يكون فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استعمال المكان المؤجر أو السماح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة هو من صور الاستعمال المخالفة لشروط الإيجار المعقولة، ومن ثم يندرج ضمن أسباب إخلاء العين المؤجرة المنصوص عليها في المادة 23/ ج من قانون إيجار الأماكن السابق رقم 52 لسنة 1969 - الذي رفعت الدعوى في ظله - وقد أبقى المشرع على هذا السبب في كل من القانونين رقمي 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 - بشأن إيجار الأماكن حيث أورده ضمن أسباب الإخلاء في الفقرة (د) من المادتين 31 من القانون الأول و18 من القانون الثاني، ولئن كان كل من القانونين الأخيرين قد استحدث وسيلة إثبات واقعة الاستعمال المقلق للراحة واستلزم ثبوتها بحكم قضائي نهائي إلا أن هذا الشرط وهو لم يكن مقرراً في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969 لا يسري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا من تاريخ نفاذ القانون رقم 49 لسنة 1977 دون أن يكون له أثر على الدعاوى السابقة التي رفعت قبل العمل بأحكامه. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد أقام دعواه في 17/ 2/ 1977 - في ظل العمل بأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 استناداً إلى قيام المطعون ضدها (المستأجرة) بتغيير الغرض من استعمال العين بجعلها نادياً لطلبة دولة البحرين مما ترتب عليه إقلاق راحة السكان، وهو ما يندرج ضمن أسباب الإخلاء التي أوردتها الفقرة (د) من المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 وهو القانون الواجب التطبيق لأنه أدرك الدعوى عند نظرها في مرحلة الاستئناف وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض إخلاء العين المؤجرة على سند من أن للمطعون ضدها الحق في تأجيرها مفروشة أو خالية من باطنها لمن عددتهم الفقرة أ من المادة...... من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولو لغير أغراض السكنى، وإذ لم يعرض الحكم لبحث السبب الذي أقام عليه الطاعن دعواه وفقاً لأحكام القانون الواجب التطبيق وأعرض عن التصدي له، مع أن حق المستأجر في تأجير العين من باطنه لا يحول دون وجوب التقيد بالتزامه القانون بعدم السماح باستعمال المكان المؤجر بطريقة مقلقة للراحة فإن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه وفقاً لنص الفقرة الرابعة من المادة/ 269 من قانون المرافعات إذا كان الطعن للمرة الثانية ورأت المحكمة نقض الحكم المطعون فيه وجب عليها أن تحكم في الموضوع.
وحيث إنه ولما تقدم وكان لا خلاف بين طرفي الخصومة في أن المطعون ضدها - المستأجرة لشقة النزاع - قد أجرتها من باطنها للغير لاستعمالها نادياً لطلبة دولة البحرين، وإذ شهد شاهدا الطاعن أمام محكمة أول درجة بأن العديد من الطلبة من الجنسين يترددون على الشقة ويقيمون فيها حفلات صاخبة للرقص والغناء والصياح وبعضهم في حالة سكر ويتجمهرون أمام العقار متعرضين للسيدات المترددات عليه، وهو ما يتأذى منه سكان العقار، ولما كانت المحكمة تطمئن إلى أقوال هذين الشاهدين، فإنه يكون قد ثبت أن المطعون ضدها - مستأجرة عين النزاع - قد سمحت باستعمالها بطريقة مقلقة للراحة، بما تكون معه دعوى الطاعن (المؤجر) بطلب فسخ عقد الإيجار وإخلاء عين النزاع وقائمة على أساس سليم وفقاً لنص الفقرة (د) من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، ويتعين ذلك رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.