أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 763

جلسة 24 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة، علي السعدني، محمد مختار منصور، ومحمود نبيل البناوي.

(159)
الطعن رقم 1180 لسنة 49 القضائية

1 - حكم "الطعن في الحكم". دفوع. تضامن. تجزئة.
قضاء الحكم في دفع غير متعلق بالنظام العام. النعي عليه من غير الخصم الذي تمسك به. غير جائز. الاستثناء. حالات التضامن وعدم التجزئة.
2 - بطلان. التزام "شروط المنع من التصرف".
البطلان المقرر لمخالفة شرط المنع من التصرف. م 824 مدني بطلان غير مطلق. أثره.
3 – أهلية. عقد.
الأهلية. العبرة بتوافرها وقت التعاقد. زوالها بعد ذلك. لا أثر له.
1 - في غير حالات التضامن وعدم التجزئة لا يقبل النعي على الحكم بالنسبة لما قضي به في دفع غير متعلق بالنظام العام لم يتمسك به الطاعن أما محكمة الموضوع وإنما تمسك به خصم غيره.
2 - البطلان المقرر بالمادة 824 من القانون المدني لمخالفة شرط المنع من التصرف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس بطلاناً مطلقاً بل هو بطلان يتفق مع الغاية من تقرير المنع وهي حماية مصلحة خاصة مشروعة لأحد الأشخاص ومن ثم يتحتم ضرورة قصر المطالبة بهذه الحماية أو التنازل عنه على صاحب المصلحة وحده ويمتنع على المحكمة به من تلقاء نفسها.
3 - العبرة بتوافر أهلية المتعاقد وقت إبرام التصرف ولا يؤثر زوالها بعد ذلك في صحته وقيامه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 399/ 1978 مدني كلي شمال القاهرة ضد الطاعنين وشركة التعمير للمساكن الشعبية "المطعون ضدها الثانية" طالباً الحكم بصحة ونفاذ الاتفاق المؤرخ 15/ 6/ 1976 والمتضمن تنازل الطاعنين له عن الشقة المبينة بصحيفة الدعوى وذلك في مواجهة المطعون ضدها الثانية، وقال شرحاً للدعوى. أن المرحوم...., مورث الطاعنين اشترى تلك الشقة من الشركة المطعون ضدها الثانية بموجب عقد بيع مؤرخ 29/ 10/ 1970، ولما عجز ورثته الطاعنون عن الوفاء بالأقساط المستحقة للشركة البائعة استصدرت الطاعنة الأولى بتاريخ 8/ 2/ 1975 قراراً من محكمة الأحوال الشخصية بالإذن لها بالتنازل عن نصيب القصر المشمولين بوصايتهما في تلك الشقة, ثم تنازلت - عن نفسها وبصفتها - والطاعن الثاني له عن الشقة نطير مبلغ 1623 جنيهاً و386 مليماً، قيمة مقدم الثمن وأقساطه المدفوعة فضلاً عن التزامه بسداد باقي الأقساط المستحقة للشركة البائعة، وبتاريخ 20/ 11/ 1978 قضت المحكمة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 6087 م 95 قضائية طالباً إلغاءه والحكم بطلباته، بتاريخ 28/ 3/ 1979 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة نفاذ التنازل المؤرخ 15/ 10/ 75 طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقولون أن المطعون ضده الأول قدم في فترة حجز الدعوى للحكم كشفاً رسمياً عن تكليف الشقة محل التنازل وإذ لم يكن مصرحاً للخصوم بتقديم مستندات في تلك الفترة ولم يثبت اطلاع الطاعنين على ذلك المستند فإن الحكم المطعون فيه إذ عول عليه في قضائه يكون معيباً بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه في غير حالات التضامن وعدم التجزئة لا يقبل النعي على الحكم بالنسبة إلى ما قضى به في دفع غير متعلق بالنظام العام لم يتمسك به الطاعن أمام محكمة الموضوع وإنما تمسك به خصم غيره. وكان الحكم المطعون فيه لم يعول على الكشف الرسمي المقدم في فترة حجز الدعوى للحكم إلا في صدد رفضه للدفع المبدى من الشركة المطعون ضدها الثانية وحدها بعدم قبول الدعوى لأن الملكية لم تنتقل إليها بعد، فمن ثم يكون النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور وفي بيان ذلك يقولون أن عقد شراء مورثهم شقة النزاع لا يجيز لهم التنازل عنها للغير إلا بموافقة كتابية من الشركة البائعة وبعد استيفاء كامل الثمن، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بالتنازل موضوع الدعوى على سند من إقرار الحاضر عن الشركة شفوياً أمام المحكمة بأن الشركة قد وافقت على هذا التنازل، دون أن يقدم دليل من الأوراق على صدور موافقة كتابية به أو حصول الشركة على باقي الثمن، يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان البطلان المقرر بالمادة 824 من القانون المدني لمخافة شرط المنع من التصرف -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس مطلقاً بل هو بطلان يتفق مع الغاية من تقرير المنع وهي حماية مصلحة خاصة مشروعة لأحد الأشخاص ومن ثم يتحتم ضرورة قصر المطالبة بهذه الحماية أو التنازل عنه على صاحب المصلحة وحده ويمتنع على المحكمة الحكم به من تلقاء نفسها, وكان اشتراط حظر التنازل عن الشقة في عقد شراء مورث الطاعنين مقرر لحماية مصلحة خاصة للشركة البائعة إلى أن تستوفي كامل الثمن فإن لهذه الشركة وحدها التمسك بإبطال التصرف الذي يقع مخالفاً لشرط المنع أو النزول عن هذه الحماية، وإذ قرر وكيل الشركة البائعة الموافقة على التصرف الصادر من الطاعنين ولم يتمسك بإبطال هذا التصرف كجزاء على مخالفة ذلك الشرط، فلم يكن لهؤلاء أن يتمسكوا به، وبالتالي لا يقبل منهم النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم الطعون فيه بالقصور والخطأ في تطبيق القانون من وجهين، يقولون في بيان الوجه الثاني منهما أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بزوال أهلية الطاعنة الأولى في إتمام التنازل عن نصيب القصر المشمولين بوصايتها نظراً لأن محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال عدلت عن تصريحها السابق لها بإجراء هذا التنازل، وقد رد الحكم المطعون فيه على ذلك بأن هذا العدول تم بعد موافقة الشركة على التنازل في حين أن الحاضر عن الشركة لم يقر التنازل إلا بجلسة المرافعة أمام ثاني درجة، بما لا يدل على أن موافقة الشركة سبقت العدول المذكر وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قاصر البيان بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن العبرة بتوافر أهلية التعاقد وقت إبرام التصرف ولا يؤثر زوالها بعد ذلك في صحته وقيامه، ولما كان التناول موضوع النزاع قد صدر من الطاعنة الأولى بصفتها وصية حال قيام التصريح لها بإبرامه وقبل العدول عن هذا التصريح فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض ذلك الدفاع يكون صحيح النتيجة ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه على الأساس الذي أقام عليه القضاء - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين يقولون في بيان الوجه الأول أنهم قدموا لمحكمة الموضوع عقد استئجار المطعون ضده الأول الشقة محل النزاع والإنذار الذي وجه إليه لتخلفه عن الوفاء بالأجرة، وبذلك للتدليل على أنه يتملك الشقة، كما أنه لم ينفذ التزامه بالوفاء بالأقساط المستحقة للشركة البائعة وهو ما يحق لهم معه أن يمتنعوا عن الوفاء بالتزاماتهم الناشئة عن عقد البيع. ومع ذلك لم يتعرض الحكم المطعون فيه لدلالة هذه المستندات مما يعيبه بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بصحة التنازل موضوع الدعوى على أن الشركة البائعة الأصلية قد وافقت على هذا التنازل وأن المطعون ضده الأول قد حل محل المشتري الأصلي في كافة التزاماته قبل تلك الشركة وقام بسداد أقساط العقد المتأخرة، وهو تسبيب سائغ له سنده من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله، فلا عليه إن لم يعرض لمستندات الطاعنين، إذ في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لكل دلالة لتلك المستندات تخالف ما انتهي إليه، ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.