أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 257

جلسة 11 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي ومحمد شهاوي.

(202)
الطعن رقم 777 لسنة 56 القضائية

(1) بيع "العقد الابتدائي، التزامات البائع". عقد "عقد البيع العرفي".
عقد البيع غير المسجل. أثره. أحقية المشتري في ثمر المبيع من وقت تمام البيع والتزام البائع بضمان عدم التعرض له في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه. المادتان 439، 458/ 2 مدني
(2) خبرة. دعوى. بيع "عقد البيع الابتدائي". عقد "عقد البيع العرفي". محكمة الموضوع.
بحث الأثر القانوني المترتب على عقود البيع العرفية في شأن واقعة الغصب المدعي بها. من مسائل القانون. التزام محكمة الموضوع بإبداء كلمتها فيها. مهمة الخبير في الدعوى. نطاقها.
1 - عقد بيع العقار الذي لم يسجل وإن لم تنتقل به الملكية إلا أنه يرتب فيما بين المتعاقدين آثاراً منها أحقية المشتري في ثمر المبيع من وقت تمام البيع والتزام البائع بضمان عدم التعرض له في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه تطبيقاً للمادتين 439، 458/ 2 من القانون المدني.
2 - بحث الأثر القانوني المترتب على عقود البيع العرفية في شأن واقعة الغصب التي يدعيها البائعون في هذه العقود على الطاعنين - المشترين من المسائل القانونية التي ينبغي على المحكمة أن تقول كلمتها فيها ولا يجوز للخبير أن يتصدى للإدلاء برأي فيها إذ تقتصر مهمته على تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء رأيه في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها بنفسه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 5241 لسنة 1978 أمام محكمة سوهاج الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يؤديا إليه مبلغ أربعمائة جنيه وتسليم الأرض الزراعية المبينة بالصحيفة، على سند من أنه يمتلك هذه الأرض وقد اغتصبها الطاعنان ووضعا اليد عليها بغير حق وأن المبلغ المطالب به يمثل الريع المستحق عن الفترة من سنة 1968 حتى سنة 1978 دفع الطاعنان الدعوى بأنهما يضعان اليد على ثلاثة عشر قيراطاً من مساحة الثلاثة وعشرين قيراطاً موضوع التداعي بموجب ثلاثة عقود بيع عرفية صادرة من مورث المطعون ضدهم ومن المطعون ضدها الثالثة بصفتها وصية على ولديها المطعون ضدهما الأول والثانية كما أنهما يستأجران مساحة خمسة قراريط أخرى. ندبت المحكمة خبيراً لتحقيق عناصر النزاع وما أثاره الطاعنان في دفاعهما. وبعد أن قدم تقريره تدخلت المطعون ضدهما الثانية والثالثة في إجراءات الخصومة كمدعيتين منضمتين إلى المطعون ضده الأول رافع الدعوى وطلب ثلاثتهم الحكم بإلزام الطاعنين أن يؤديا إليهم مبلغ 432 جنيهاً ريع مساحة ستة عشر قيراطاً المبينة بتقرير الخبير مع تسليم هذه المساحة إليهم. وبتاريخ 24 من مايو 1983 حكمت المحكمة بهذه الطلبات الختامية، استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 284 لسنة 38 قضائية دائرة سوهاج طالبين إلغاءه ورفض الدعوى. وبتاريخ 15 من يناير سنة 1986 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، إذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأنهما اشترا من الأرض المطالب بريعها مساحة ثمانية قراريط بعقد بيع عرفي مؤرخ 26/ 6/ 1956 صادر من مورث المطعون ضدهم ومساحة خمسة قراريط بعقدين مؤرخين 22/ 11/ 60، 12/ 1/ 62 صادرين من المطعون ضدها الثالثة بصفتها وصية على ولديها المطعون ضدهما الأول والثانية وقدما لتلك المحكمة هذه العقود التي تنفي واقعة الغصب وتُخول لهما حق الانتفاع بالعقار المبيع إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بتمحيص هذا الدفاع الجوهري ولم يتناوله برد يفنده وإنما اكتفى باعتماد تقرير الخبير الذي لا يصلح لحسم مسألة الأثر القانوني المترتب على تلك العقود الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن عقد بيع العقار الذي لم يسجل وإن لم تنتقل به الملكية إلا أنه يرتب فيما بين المتعاقدين آثاراً منها أحقية المشتري في ثمر المبيع من وقت تمام المبيع والتزام البائع بضمان عدم التعرض له في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه تطبيقاً للمادتين 439 ،458/ 2 من القانون المدني، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين تمسكا في دفاعهما أمام محكمة أول درجة بأنهما ينتفعان بمساحة ثلاثة عشر قيراطاً من الأرض محل النزاع استناداً إلى عقود بيع عرفيه صادرة من المرحوم....... مورث المطعون ضدهم الثلاثة، ومن المطعون ضدها الثالثة حين وكانت وصية على ولديها المطعون ضدهما الأولى والثانية ويستأجران أيضاً بالإضافة إلى هذه المساحة المبيعة خمسة قراريط من أرض النزاع، وقدما للخبير ثلاثة عقود بيع عرفية أولهما مؤرخ 26/ 6/ 1956 صادر من المرحوم...... مورث المطعون ضدهم متضمناً بيعه إلى الطاعن الأول مساحة ثمانية قراريط وثانيها وثالثها محررين في 22/ 11/ 60، 13/ 1/ 62 صادرين من المطعون ضدها الثالثة بصفتها وصية على ولديها القاصرين (المطعون ضدهما الأول والثانية ببيع مساحة خمسة قراريط إلى الطاعنين. معاً، ولقد رأى الخبير - حسبما أثبته في تقريره أن يعول على طلب تاريخه 31/ 1/ 67 مقدم من المطعون ضدها الثالثة عن نفسها وبصفتها وصية إلى لجنة الفصل في المنازعات الزراعية أوردت به أنها وولديها القاصرين يمتلكون مساحة إحدى وعشرين قيراطاً من الأرض المبينة بصحيفة الدعوى وأن الطاعنين يضعان اليد عليها دون أداء الأجرة واستظهر من هذا الطلب، وما أجري بشأنه من تحقيق ألاً يعتد بعقود البيع العرفية المقدمة من الطاعنين لأنها سابقة في تحريرها على تاريخ هذا الطلب الذي أسفر عن إقرار من طرفي التداعي بملكية المطعون ضدهم لمساحة إحدى وعشرين قيراطاً من أرض النزاع - ورأى الخبير أن يستنزل من هذه المساحة خمسة قراريط يستأجرها الطاعنان، ثم انتهى في تقريره إلى أن وضع يد الطاعنين متجرد من سنده القانوني في مساحة ستة عشر قيراطاً وقدر الريع عن هذه المساحة خلال الفترة محل المطالبة بمبلغ أربعمائة واثنين وثلاثين جنيهاً. إذ كان هذا هو الثابت وكان الحكم الابتدائي لم يعن ببحث دفاع الطاعنين مكتفياً بالإحالة إلى تقرير الخبير الذي اعتمد نتيجته، وكان الطاعنان قد رددا ذات الدفاع أمام محكمة الاستئناف التي أعرضت بدورها عن تحقيقه وتمحيصه وأغفل حكمها المطعون فيه عن الرد عليه بما يصلح لمواجهته مع أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وكان لا يغني عن ذلك أن يكون الحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه قد أحال - إلى تقرير الخبير واتخذ نتيجته أساساً لقضائه، ذلك بأن بحث الأثر القانوني المترتب على عقود البيع العرفية في شأن واقعة الغصب التي يدعيها البائعون في هذه العقود على الطاعنين المشتريين من المسائل القانونية التي ينبغي على المحكمة أن تقول كلمتها فيه ولا يجوز للخبير أن يتصدى للإدلاء برأي فيها إذ تقتصر مهمته على تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء رأيه في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها بنفسه، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب التي بني عليها الطعن.