أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 43 - صـ 1338

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين نواب رئيس المحكمة ومحمد الجابري.

(273)
الطعن رقم 1072 لسنة 57 القضائية

(1) دعوى "الخصوم في الدعوى". حكم "إصدار الحكم". بطلان نقض "الخصوم في الطعن". "بطلان الطعن".
ورود اسم الشخص في ديباجة الحكم كأحد الخصوم في الدعوى. لا يفيد بطريق اللزوم اعتباره من الخصوم الحقيقيين فيها. وجوب الرجوع إلى الواقع المطروح لاستخلاص ما إذا كان الشخص خصماً حقيقياً من عدمه. (مثال بصدد رفض الدفع ببطلان الطعن بالنقض لعدم اختصام ورثة المطعون ضدها الأخيرة الوارد اسمها في ديباجة الحكم المطعون فيه باعتبارها أحد المحكوم لهم لكونها ليست خصماً حقيقياً).
(2 - 4) إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار" "حظر احتجاز أكثر من مسكن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة" "سلطتها في تقدير أقوال الشهود".
(2) امتداد عقد الإيجار بعد وفاة المستأجر أو تركه العين لصالح زوجه أو أولاده أو والديه. شرطه. إقامتهم معه وقت الوفاة أو الترك. م 29/ 1 ق 49 لسنة 1977.
(3) تقدير المقتضى المبرر لحجز أكثر من مسكن. من سلطة قاضي الموضوع.
متى أقام قضاءه على أسباب سائغة. [مثال بشأن غلق المستأجر للعين التي يستأجرها وإقامته بعقار مملوك له بذات البلد].
(4) محكمة الموضوع. استقلالها بتقدير أقوال الشهود. لها الأخذ بأقوال شاهد دون آخر ببعض أقواله دون البعض الآخر.
1 - إن ورود اسم الشخص في ديباجة الحكم باعتباره من الخصوم في الدعوى لا يفيد وبطريق اللزوم أنه من الخصوم الحقيقيين في الدعوى ويتعين الرجوع إلى الواقع المطروح في الدعوى لبيان ما إذا كان هذا الشخص من الخصوم الحقيقيين من عدمه، لما كان ذلك وكان البين من عقد قسمة المهاياة المبرم بين (.....) وبين المطعون ضدهم عدا الأخيرة - ورثة المرحوم (.....) - أنه يتضمن قسمة العقار رقم (.....) شارع (.....) فيما بينهم على النحو المبين بالمادة الرابعة منه وقد اختص المطعون ضدهم المذكورين بالشقة محل النزاع، وكان الثابت من الوقائع التي تضمنتها صحيفة الدعوى رقم 14089 لسنة 1985 مدني شمال القاهرة الابتدائية أن المطعون ضدها الأخيرة (......) لم ترفع هذه الدعوى مع باقي المطعون ضدهم، فإن ورود اسمها في ديباجة الحكم المطعون فيه باعتبارها أحد المحكوم لهم لا يفيد وبطريق اللزوم أنها من الخصوم الحقيقيين في الدعوى، وترتيباً على ذلك فإن عدم اختصاص ورثتها في الطعن وقت رفعه لا يترتب عليه بطلان الطعن أو عدم قبوله، مما يتعين معه رفض الدفع ببطلان الطعن.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - يدل على أن المشرع رغبة منه في حماية شاغلي الأماكن المؤجرة وحل أزمة الإسكان استحدث في المادة المذكورة حكماً يقضي باستمرار عقد الإيجار وامتداده في حالة وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة لصالح زوجه أو أولاده أو والديه المقيمين معه وقت الوفاة أو الترك.
3 - إن أمر تقدير المقتضى لحجز أكثر من مسكن في البلد الواحد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يخضع لسلطان قاضي الموضوع يستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها، ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض طالما يركن في تقديراته إلى أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه.
4 - إن تقدير أقوال الشهود هو مما تستقل به محكمة الموضوع ولها أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر، وأن تأخذ ببعض أقوال الشاهد مما ترتاح إليه وتثق به دون البعض الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول وآخر أقاما على الطاعن الأول الدعوى رقم 7612 لسنة 1983 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1968 والتسليم، وقالا شرحاً لدعواهما إنه بموجب عقد الإيجار سالف الذكر استأجر الطاعن الأول الشقة محل النزاع وإذ يحتجز لنفسه مسكناً آخر بالعقار رقم....... فأقاما الدعوى. تدخلت الطاعنة الثانية "خصماً هجومياً" بطلب تحرير عقد إيجار لها عن الشقة محل النزاع. كما أقام المطعون ضدهم عدا الأخيرة على الطاعن الأول الدعوى رقم 14089 لسنة 1985 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقالوا بياناً لها إن الطاعن الأول استأجر من مورثهم وآخر الشقة محل النزاع وقد اختص المطعون ضدهم بالشقة محل التداعي بموجب عقد قسمة، وإذ يحتجز لنفسه مسكناً آخر بالعقار رقم....... فأقاموا الدعوى. ضمت المحكمة الدعوى الأخيرة للدعوى الأولى وأحالت المحكمة الدعويين إلى التحقيق، وبعد سماع الشهود حكمت في الدعويين بإجابة المطعون ضدهم لطلباتهم. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 8515 لسنة 103 ق القاهرة. وبتاريخ 9/ 2/ 1987 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة أن المطعون ضدها الأخيرة توفيت قبل رفع الطعن بالنقض ومن ثم تكون الخصومة في الطعن معدومة بالنسبة لها ومع ذلك اختصمت في الطعن دون ورثتها مما يترتب عليه بطلان الطعن لعدم اختصاص أحد المحكوم لهم في موضوع غير قابل للتجزئة.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أن ورود اسم الشخص في ديباجة الحكم باعتباره من الخصوم في الدعوى لا يفيد وبطريق اللزوم أنه من الخصوم الحقيقيين في الدعوى ويتعين الرجوع إلى الواقع المطروح في الدعوى لبيان ما إذا كان هذا الشخص من الخصوم الحقيقيين من عدمه، لما كان ذلك وكان البين من عقد قسمة المهايأة المبرم بين "......." وبين المطعون ضدهم عدا الأخيرة - ورثة المرحوم ........ - أنه يتضمن قسمة العقار رقم...... شارع....... فيما بينهم على النحو المبين بالمادة الرابعة منه وقد اختص المطعون ضدهم المذكورين بالشقة محل النزاع، وكان الثابت من الوقائع التي تضمنتها صحيفة الدعوى رقم 14089 لسنة 1985 مدني شمال القاهرة الابتدائية أن المطعون ضدها الأخيرة "......." لم ترفع هذه الدعوى مع باقي المطعون ضدهم، فإن ورود اسمها في ديباجة الحكم المطعون فيه باعتبارها أحد المحكوم لهم لا يفيد وبطريق اللزوم أنها من الخصوم الحقيقيين في الدعوى، وترتيباً على ذلك فإن عدم اختصاص ورثتها في الطعن وقت رفعه لا يترتب عليه بطلان الطعن أو عدم قبوله، مما يتعين معه رفض الدفع ببطلان الطعن.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إن دفاعهما قام أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن هناك مقتضى لكي يستمر عقد الإيجار المبرم بين الطاعن الأول وبين المؤجرين له وهو لإقامة الطاعنة الثانية - والدة المستأجر الطاعن الأول - في شقة النزاع، كما تمسكت الطاعنة الثانية بأن من حقها الاستمرار في شقة النزاع بعد ترك الطاعن الأول لها عملاً بالميزة المقررة في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وفقاً للمستندات المقدمة منها، وقد أقام الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضاءه رغم ذلك على أن الطاعن الأول كان يقيم في شقة النزاع مع زوجته وأولاده وأن الطاعنة الثانية طاعنة في السن وضعيفة الأبصار بما يؤكد استحالة إقامة مثلها بمفردها بعين التداعي أخذاً بأقوال شاهدي المطعون ضدهم، في حين أن شهادة شاهدي الطاعنين تفيد إقامة الطاعنة الثانية مع ابنها الطاعن الأول بسبب تقدم سنها وضعف إبصارها، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن "مع عدم الإخلال بحكم المادة 8 من هذا القانون لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك......." يدل على أن المشرع رغبة منه في حماية شاغلي الأماكن المؤجرة وحل أزمة الإسكان استحدث في المادة المذكورة حكماً يقضي باستمرار عقد الإيجار وامتداده في حالة وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة لصالح زوجه أو أولاده أو والديه المقيمين معه وقت الوفاة أو الترك، وإن أمر تقدير المقتضى لحجز أكثر من مسكن في البلد الواحد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يخضع لسلطان قاضي الموضوع يستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها، ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض طالما يركن في تقديراته إلى أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه، وأن تقدير أقوال الشهود هو مما تستقل به محكمة الموضوع ولها أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر، وأن تأخذ ببعض أقوال الشاهد مما ترتاح إليه وتثق به دون البعض الآخر. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص - في حدود السلطة التقديرية - من أوراق الدعوى وشهادة شاهدي المطعون ضدهم والطاعنين أن الطاعن الأول كان يقيم بعين النزاع مع زوجته وأولاده، وقد أغلق عين التداعي وترك الإقامة بها وانتقل للإقامة بالعقار المملوك له، وأنه بالتالي يحتجز أكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتضى، وأن الطاعنة الثانية طاعنة في السن وضعيفة الإبصار بما يؤكد استحالة إقامة مثلها بمفردها بعين النزاع، ورتب على ذلك قضاءه بعدم أحقية الطاعنة الثانية في التمتع بميزة امتداد عقد الإيجار الصادر للطاعن الأول في حالة تركه المسكن لعدم إقامتها فيه، وكان ما استخلصه الحكم سائغاً وله معينه من أوراق الدعوى ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي عليه في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للأدلة والمستندات بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي انتهى إليها الحكم وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.