أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 274

جلسة 14 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد شرباش نائب رئيس المحكمة، عبد النبي خمخم، محمد عبد البر حسين وحسام الدين الحناوي.

(205)
الطعن رقم 259 لسنة 53 القضائية

(1) إيجار "القواعد العامة في الإيجار" "ضمان المؤجر".
ضمان المؤجر للمستأجر تعرضه الشخصي في الانتفاع بالعين المؤجرة ماهيته. م 571. مدني.
(2) نقض "أسباب الطعن" "السبب الجديد". "الصفة في الدعوى".
المنازعة في صفة أحد الخصوم في الدعوى. دفاع جديد - عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) إيجار "التزامات المؤجر". التزام. حقوق المستأجر.
إخلال المؤجر بالتزامه بالامتناع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة - أثره - حق المستأجر في طلب التنفيذ العيني بمنع التعرض أو فسخ العقد أو إنقاص الأجرة.
(4) إيجار "إيجار الأماكن" "ملحقات العين المؤجرة". محكمة الموضوع.
ملحقات العين المؤجرة - ماهيتها - المواد 148/ 2، 432، 564، 566 مدني استقلال قاضي الموضوع بتحديدها متى كان استخلاصه سائغاً.
(5) خبرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير عمل الخبير".
تقدير عمل الخبير من عناصر الإثبات التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع دون معقب.
1 - النص في المادة 571 من القانون المدني على أنه "على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة" يدل وعلى ما جري به قضاء هذه المحكمة - على أن المؤجر يضمن للمستأجر تعرضه الشخصي في الانتفاع بالعين المؤجرة سواء كان هذا التعرض مادياً أو مبنياً على سبب قانوني. فلا يجوز للمؤجر أن يحدث بالعين المؤجرة أو ملحقاتها أي تغيير يخل بانتفاع المستأجر بها.
2 - إذا كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعنين بضمان منع تعرضهما للمطعون ضدهما في الانتفاع بالعين المؤجرة على ما أقر به أمام محكمة أول درجة من أنهما تملكا العين المؤجرة بالشراء من مالكها السابق، فإن ما يقولان به من اقتصار الملكية على أولهما. وصولاً إلى نفي صفتهما في الدعوى إنما هو دفاع جديد مما لا يجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المؤجر يلتزم بأن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة - ولا يجوز له أن يحدث بها أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا الانتفاع، فإذا أخل المؤجر بهذا الالتزام جاز للمستأجر أن يطلب التنفيذ العيني بمنع التعرض أو فسخ العقد أو إنقاص الأجرة.
4 - مؤدى نصوص المواد 148/ 2، 432، 564، 566 من القانون المدني أن العين المؤجرة لا تقتصر على ما ورد ذكره في العقد بشأنها وإنما تشتمل أيضاً ما يكون من ملحقاتها التي لا تكتمل منفعتها المقصودة من الإيجار إلا بها. ويترك تحديد ما يعتبر من ملحقات العين المؤجرة لتقدير قاضي الموضوع استهداء بما تقضي به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين دون رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً.
(5) المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن تقرير الخبير هو من عناصر الإثبات التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع دون معقب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الواقع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 1103 لسنة 1975 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما إزالة المنشآت المبينة بالصحيفة وقالا بياناً لها أن المطعون ضده الأول يستأجر شقة بالدور الأول من العقار محل النزاع ويستأجر المطعون ضده الثاني شقة بالدور الأرضي يتبعها جزء من الحديقة بينما يستأجر الطاعنان الشقة الثانية بهذا الدور من ذات العقار وقد أجرى الطاعنان تعديلات جوهرية في منور العقار ومدخله بأن أزالا بعض الجدران وشيدا بدلاً منها أبواباً حديدية وأسقف مسلحة مما ترتب عليه غلق بعض نوافذ شقة المطعون ضده الثاني وحجب الضوء عنها، واستعملا فناء العقار في تخزين مواد كيماوية وعلب كرتون وغيرها من المواد القابلة للاشتعال، كما أنهما قاما بتعلية جدران حديقة العقار حتى بلغت شقة المطعون ضده الأول، وأقاما سقفاً لها من المسلح مما يعرض هذه الشقة للسرقة وتحرر عن ذلك المحضر رقم 1382 لسنة 1975 قسم باب شرقي ومن ثم أقاما الدعوى بطلباتهما سالفة البيان، ندبت المحكمة خبيراً قدم تقريره بإلزام الطاعنين بإزالة المنشآت المبينة بهذا التقرير. استأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية برقم 522 سنة 36 قضائية ندبت المحكمة خبيراً قدم تقريره ثم قضت بتاريخ 15/ 12/ 1982 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون ضده الثاني بسقوط الحق في الطعن، وقدمت مذكرة رأت فيها رفض الدفع والطعن وعرض الطعن على المحكمة - في غرفه مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى دفع المطعون ضده الثاني أن الحكم المطعون فيه صدر في 15/ 12/ 1982 بينما الثابت من صوره صحيفة الطعن المعلنة إليه أنها أودعت قلم كتاب المحكمة في 17/ 5/ 1983 مما يكون معه الطعن قد رفع بعد الميعاد.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 252 من قانون المرافعات تنص على أن "ميعاد الطعن بالنقد ستون يوماً"، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة استئناف الإسكندرية بتاريخ 15/ 12/ 1982 وكان الثابت من مطابقة أصل صحيفة الطعن أنها أودعت قلم كتاب محكمة النقض بتاريخ 13/ 2/ 1983 في الميعاد المقرر للطعن فإنه يكون قد رفع في الميعاد ويضحى الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب ينعى الطاعنان بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بإلزام الطاعنين بضمان التعرض للمطعون ضدهما على سند من المادة 571 من القانون المدني، بينما لم يصدر من الطاعن الأول باعتباره مالك العين محل النزاع ومؤجرها - أي تعرض للمطعون ضدها أما الطاعن الثاني فليس بمالك لها - حتى يلتزم بهذا الضمان - ولا يستأجر لأي من وحدات العقار الكائنة به حتى يضمن الطاعن الأول تعرضه - الأمر الذي كان يتعين معه الحكم بعده قبول الدعوى بالنسبة لأي منهما.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن النص في المادة 571 من القانون المدني على أنه "على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر، بالعين المؤجرة". يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المؤجر يضمن للمستأجر تعرضه الشخصي في الانتفاع بالعين المؤجرة سواء كان هذا التعرض مادياً أو مبنياً على سبب قانوني، فلا يجوز للمؤجر أن يحدث بالعين المؤجرة أو ملحقاتها أي تغيير يخل بانتفاع المستأجر بها، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعنين بضمان تعرضهما المطعون ضدهما في الانتفاع بالعين المؤجرة على ما أقر به أمام محكمة أول درجة من أنهما قد تملكا العين المؤجرة بالشراء من مالكها السابق، فإن ما يقولان به من اقتصار هذه الملكية على أولهما - وصولاً إلى نفي صلتهما في الدعوى - إنما هو دفاع جديد مما لا تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم استند في اعتبار حديقة ومنور العقار محل النزاع من ملحقات الشقتين المؤجرتين للمطعون ضدها على ما جاء بتقرير مكتب الخبراء من وجود نوافذ لهاتين الشقتين تطلان على الحديقة والمنور وتستمد منهما الضوء والهواء وباب لإحداهما يفتح بذلك المنور بينما لا يعدو الأمر أن يكون حق ارتفاق بالمطل على الحديقة بينما لم ترد بعقد الإيجار إشارة إلى اعتبار الفناء الداخلي من ملحقات العين المؤجرة هذا إلى أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بأنه ليس من شأن الإنشاءات محل النزاع تعطيل انتفاع أي من المطعون ضدهما بالشقة المؤجرة له فهي لا تمنع مرور الضوء والهواء إليهما لأن ارتفاعها دون مستوى نوافذهما أما عن القول بتسهيلها وصول الغير إليها وتعريضها للسرقة فهو أمر قائم بالنسبة لكافة المساكن المطلة على الطريق العام، كما أن احتمال تراكم القاذورات فوقها وإن كان أمراً وارداً فهو مؤثم قانوناً إلا أن الحكم لم يواجه هذا الدفاع بل جاء قاصراً ومتناقضاً في الرد عليه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المؤجر يلتزم بأن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، ولا يجوز له أن يحدث بها أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا الانتفاع، فإذا أخل المؤجر بهذا الالتزام جاز للمستأجر أن يطلب التنفيذ العيني بمنع التعرض أو فسخ العقد أو إنقاص الأجرة، وأن مؤدى نصوص المواد 148/ 2، 564، 566، 432 من القانون المدني أن العين المؤجرة لا تقتصر على ما ورد ذكره في العقد بشأنها، وإنما تشمل أيضاً ما يكون من ملحقاتها التي لا تكتمل منفعتها المقصودة من الإيجار إلا بها ويترك تحديد ما يعتبر من ملحقات العين المؤجرة لتقدير قاضي الموضوع استهداءً لما تقضي به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين دون رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً لما كان ذلك وكان المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن تقرير الخبير هو - من عناصر الإثبات التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع دون معقب، وكان الحكم قد أقام قضاءه بإزالة المنشآت التي أقامها الطاعنان بحديقة وفناء العقار الكائن بها العين محل النزاع باعتبارهما من ملحقاتها وتحول هذه الإنشاءات دون انتفاع كل من المطعون ضدهما بالشقة المؤجرة إليه انتفاعاً كاملاً على ما استخلصه من تقريري مكتب الخبراء من أن من شأن هذه الإنشاءات صيرورة الشقة المؤجرة للمطعون ضده الأول معرضة لعمليات السطو مع تعذر استخدامه لإحدى نوافذها فضلاً عن تجمع القمامة فوق السقف الذي أقامه الطاعنان للمنورين السماويين الصغيرين الموجودين بالفناء الداخلي وانبعاث الروائح الكريهة منها، وحجب الضوء والهواء عن بعض غرف الشقة المؤجرة للمطعون ضده الثاني بما يخل بانتفاعهما بالعين المؤجرة لكل منهما، وكان ما استخلصه الحكم سائغاً ومقبولاً وله أصله الثابت بالأوراق، وفي حدود ما لقاضي الموضوع من سلطة تقدير الدليل وفهم الواقع في الدعوى فإن النعي عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.