أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 799

جلسة 28 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيره رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة، يحيى الرفاعي، محمد طموم، وزكي المصري.

(166)
الطعن رقم 244 لسنة 42 القضائية

ضرائب "ضريبة كسب العمل".
مرتبات موظفي الدولة المعارين إلى الحكومات والهيئات العربية والأجنبية والدولية. الأصل فيها أن تكون على جانب الجهة المستعيرة. جواز منحها من الحكومة المصرية. المرتبات التي تمنحها الحكومة المصرية للموظفين المعارين إلى الجزائر. خضوعها للضرائب المقرر على المرتبات.
.. من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان الأصل إعارة موظفي الدولة إلى الحكومات والهيئات العربية والأجنبية والدولية أن يكون مرتب المعار على جانب الجهة المستعيرة، إلا أن المشرع أجاز منح الموظف المعار مرتباً من الحكومة المصرية بالشروط والأوضاع التي يقررها رئيس الجمهورية، ومن أجل ذلك صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1962 بشأن المعاملة المالية للموظفين المعارين للدول الأفريقية وقضى في المادة الأولى بسريانه على الموظفين المعارين للدول الأفريقية المبينة بهذه المادة ومنها الجزائر، ثم نص في المادة الثانية منه على أن تمنح حكومة مصر العربية مرتبات الموظفين المعارين لحكومات الدول المبينة بالمادة السابقة وفقاً للجدول المرافق، ويفوض وزير الخزانة بالاتفاق مع ديون الموظفين في تعديل هذه المرتبات كلما دعت الضرورة إلى ذلك. وبمقتضى هذا التفويض أصدر وزير الخزانة القرار رقم 67 لسنة 1963 ونص في مادته الأولى على أنه: "يعدل مرتب الإعارة بالنسبة للمعارين إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بحيث يصرف للمعارين علاوة على المبالغ التي يستحقونها طبقاً للقرار الجمهوري رقم 1489 لسنة 1962 المشار إليه المرتب الأصلي بالكامل في جمهورية مصر العربية"، لما كان ذلك، وكانت اتفاقية التعاون الفني بين حكومة مصر العربية وحكومة الجمهورية الجزائرية الموقعة في الجزائر بتاريخ 24/ 4/ 1963 والصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 2097 لسنة 1963 لم يرد بها نص على أن تتحمل الحكومة المصرية عن الحكومة الجزائرية بشيء من هذه المرتبات، فإن المرتب الذي تمنحه الحكومة المصرية للموظف المعار تكون قد أدته له بصفة أصلية لاعتبارات متعلقة بالمصلحة العامة وليس نيابة عن الحكومة الجزائرية، وتسري عليه لذلك الضرائب المقرر على المرتبات التي تدفعها الحكومة المصرية إلى أي شخص، سواء كان مقيماً في مصر أو في الخارج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على مصلحة الضرائب - المطعون ضدها - الدعوى رقم 1866 لسنة 1970 تجاري كلي القاهرة بطلب الحكم بإلزامها أن تؤدي له مبلغ 885 جنيه و577 مليماً وقال بياناً لدعواه أنه أعير من إدارة البعوث الإسلامية بالأزهر للعمل بوظائف التعليم بحكومة الجزائر في المدة من 23/ 3/ 1963 حتى 31/ 8/ 1966 ودفعت له الجهة المعيرة مرتبه عن هذه المدة بعد أن استقطعت منه ضرائب كسب العمل والدفاع والأمن القومي بالقيمة المطالب بها ولما كان مرتبه أثناء مدة الإعارة لا يخضع لهذه الضرائب، لأن الحكومة المصرية دفعت له هذا المرتب عن عمل قام به لحساب الجمهورية الجزائرية ونيابة عنها وعلى سبيل المجاملة والمعاونة لها، فقد أقام دعواه بطلب رد هذه المبالغ. ومحكمة أول درجة حكمت في 25/ 3/ 1971 بإجابة هذا الطلب. استأنفت المصلحة هذا الحكم بالاستئناف رقم 255 لسنة 88 ق القاهرة وبتاريخ 21/ 3/ 1972 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أنه طبقاً لنص المادة 61 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تخضع لضريبة كسب العمل المرتبات والأجور التي تصرف من خزانة الحكومة المصرية وأنه كان يتقاضى مرتبه من هذه الخزانة وفقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 1489 لسنة 1962 وقرار وزير الخزانة رقم 67 لسنة 1963 في حين أن خضوع المرتبات لضريبة كسب العمل والضرائب الإضافية الأخرى ليست مناطه مجرد صرف هذه المرتبات من خزانة الحكومة المصرية إنما يتعين أن تكون هذه الحكومة هي الملزمة بها قانوناً وأنه بالرغم من أن الحكومة المصرية هي التي تقوم بصرف مرتبات موظفيها المعارين للجزائر إلا أنها في الواقع ليست ملزمة بها أصلاً بل تقوم بأدائها لهم نيابة عن حكومة الجزائر ومن قبيل المعونة لها طبقاً لاتفاقية التعاون الفني بين البلدين. ومن ثم فإن المرتب الذي تقاضاه من خزانة الحكومة المصرية خلال مدة إعارته لا يخضع لضريبة كسب العمل ولا لضريبتي الدفاع والأمن القومي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان الأصل في إعارة موظفي الدولة إلى الحكومات والهيئات العربية والأجنبية والدولية أن يكون مرتب المعار على جانب الجهة المستعيرة، إلا أن المشرع أجاز منح الموظف المعار مرتباً من الحكومة المصرية بالشروط والأوضاع التي يقررها رئيس الجمهورية، ومن أجل ذلك صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1962 بشأن المعاملة المالية للموظفين المعارين للدول الأفريقية، وقضى في المادة الأولى بسريانه على الموظفين المعارين للدول الأفريقية المبينة بهذه المادة ومنها الجزائر، ثم نص في المادة الثانية منه على أن تمنح حكومة جمهورية مصر العربية مرتبات للموظفين المعارين لحكومات الدول المبينة بالمادة السابقة وفقاً للجدول المرافق، ويفوض وزير الخزانة بالاتفاق مع ديوان الموظفين في تعديل هذه المرتبات كلما دعت الضرورة إلى ذلك. وبمقتضى هذا التفويض أصدر وزير الخزانة القرار رقم 67 لسنة 1963 ونص في مادته الأولى على أن "يعدل مرتب الإعارة بالنسبة للمعارين إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بحيث يصرف للمعارين علاوة على المبالغ التي يستحقونها طبقاً للقرار الجمهوري رقم 1489 لسنة 1962 المشار إليه المرتب الأصلي بالكامل في جمهورية مصر العربية"، لما كان ذلك، وكانت اتفاقية التعاون الفني بين حكومة مصر العربية وحكومة الجمهورية الجزائرية الموقعة في الجزائر بتاريخ 24/ 2/ 1963 والصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 2097 لسنة 1963 لم يرد بها نص على أن تتحمل الحكومة المصرية عن الحكومة الجزائرية بشيء من هذه المرتبات، فإن المرتب الذي تمنحه الحكومة المصرية للموظف المعار تكون قد أدته له بصفة أصلية لاعتبارات متعلقة بالمصلحة العامة وليس نيابة عن حكومة الجزائر، وتسري عليه لذلك الضرائب المقررة على المرتبات التي تدفعها الحكومة المصرية إلى أي شخص سواء كان مقيماً في مصر أو في الخارج، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه رفض الطعن.