أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 296

جلسة 16 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ مرزوق فكري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح محمد أحمد، أحمد نصر الجندي نائبي رئيس المحكمة، مصطفى حسيب عباس محمود، فتحي محمود يوسف.

(207)
الطعن رقم 120 لسنة 57 القضائية "أحوال شخصية"

(1) إعلان "الإعلان في الموطن الأصلي".
المحضر غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم إليه في موطن المعلن إليه لتسلم ورقة الإعلان.إعلان الورقة إلى جهة الإدارة بعد امتناع المعلن إليها عن استلامها. صحيح. التحريات الكافية للتقصي عن محل إقامة المعلن إليه شرط لصحة إعلانه في النيابة العامة دون جهة الإدارة.
(2) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بغير المسلمين" "الطلاق".
عرض الصلح على الزوجين قبل إيقاع الطلاق لا توجبه مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس. ما جاء في المادتين 59، 60 من تلك المجوعة. لا مجال لتطبيقه أمام القضاء الوضعي. علة ذلك.
(3) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بغير المسلمين: التطليق. محكمة الموضوع.
تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين. استقلال قاضي الموضوع ببحث دلائلها والموازنة بينها وترجيح ما يطمئن إليه منها ما دام يقيم حكمه على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.
1 - النص في الفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون المرافعات يدل على أن المشرع لم يوجب على المحضر التحقق من صفة من يتقدم إليه في موطن المعلن إليه لتسلم الورقة، فمتى أثبت المحضر أنه انتقل إلى محل إقامة الطاعنة وأثبت في محضره أنه خاطبها شخصياً فامتنعت عن استلام صورة الإعلان فقام بتسليم صورة الصحيفة إلى جهة الإدارة فإن هذا البيان واضح الدلالة على أن الإعلان قد تم وفق القانون ولا يصح النعي على الحكم بأن المحضر لم يتحقق من شخص من تخاطب معه لما كان ذلك وكانت التحريات الكافية للتقصي عن محل إقامة المعلن إليه شرط لصحة إعلانه في النيابة العامة دون تسليم الإعلان لجهة الإدارة وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المستأنف عليها (الطاعنة) أعلنت إعلاناً صحيحاً بصحيفة الدعوى لجهة الإدارة لغلق مسكنها وإنها أعلنت فيه بحكم التحقيق وخاطبها المحضر شخصياً وامتنعت عن استلام الصورة مما يفيد أن لها موطناً بدائرة المحكمة التي أصدرت الحكم، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المادة 57 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس جاءت خلواً مما يوجب عرض الصلح بداءة على طرفي النزاع، وأن محاولة التوفيق بين الزوجين وعرض الصلح عليهما المشار إليها في المادتين 59، 60 من تلك المجموعة لا مجال للأخذ بها بعد إلغاء المجالس الملية بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 لأن المادتين وردتا في باب إجراءات الطلاق ولا تعتبر أن من القواعد الموضوعية المتعلقة بأسبابه ومردهما إلى السلطات الممنوحة للكنيسة بشأن تأديب الأب الروحي للزوجين حتى يتوبا وينصلح أمرهما ولا محل لتطبيقها أمام القضاء الوضعي.
3 - تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين من مسائل الواقع التي يستقل قاضي الموضوع ببحث دلالتها والموازنة بينهما وترجيح ما يطمئن إليه منها واستخلاص ما يقتنع به ما دام يقيم حكمه على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه - وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1896/ 1983 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة ضد الطاعنة للحكم بتطليقها منه وقال بياناً لدعواه أنه تزوج بالمطعون ضدها بصحيح العقد الكنسي الأرثوذكسي ودخل بها وما زالت في عصمته وإذ هجرت منزل الزوجية وخرجت عن طاعته ولم تجد معها محاولات الصلح مما أدى إلى استحكام النفور والفرقة بينهما مدة استدامت لأكثر من عشر سنوات فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شاهدي المطعون ضده حكمت في 23/ 3/ 1985 غيابياً بتطليق الطاعنة من المطعون ضده. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق المعارضة وفي 22/ 11/ 1989 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المعارض فيه. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 608/ 103 ق وفي 25/ 6/ 1987 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق الطاعنة من المطعون ضده. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول - وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأنها تقيم بمدينة طهطا وليس لها محل إقامة بدائرة المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وكان المطعون ضده على علم بذلك من الإقرار الصادر بتاريخ 11/ 12/ 1978 حيث سلمها لوالدها بطهطا متعهداً بأدائه النفقة لها ومن إقامتها الدعوى رقم 384/ 1983 كلي طهطا وإذ قام رغم ذلك - بإعلانها بصحيفة افتتاح الدعوى وباقي أوراق المحضرين فيها على العنوان البين بها وسلمت الصورة إلى جهة الإدارة لغلق السكن دون إجراء تحويلات مسبقة ودون أن يثبت المحضر تحققه من شخص من تخاطب معه لدى توجيه إعلان بعض أوراق المحضرين على هذا العنوان واعتد الحكم المطعون فيه بهذه الإعلانات وقضى بتطليقها من المطعون ضده يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النعي في الفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون المرافعات على أنه "إذ لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان أن يسلم الورقة إلى من يقر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار "يدل على أن المشرع لم يوجب على المحضر التحقق من صفة من يتقدم إليه في موطن المعلن إليه لتسلم الورقة، فمتى أثبت المحضر أنه انتقل إلى محل إقامة الطاعنة وأثبت في محضره أنه خاطبها شخصياً فامتنعت عن استلام صورة الإعلان فقام بتسليم صورة الصحيفة إلى جهة الإدارة فإن هذا البيان واضح الدلالة على أن الإعلان قد تم وفق القانون ولا يصح النعي على الحكم بأن المحضر لم يتحقق من شخص من تخاطب معه، لما كان ذلك وكانت التحريات الكافية للتقصي عن محل إقامة المعلن إليه شرط لصحة إعلانه في النيابة العامة دون تسليم الإعلان لجهة الإدارة وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المستأنف عليها (الطاعنة) أعلنت إعلاناً صحيحاً بصحيفة الدعوى لجهة الإدارة لغلق سكنها وأنها أعلنت فيه بحكم التحقيق وخاطبها المحضر شخصياً وامتنعت عن استلام الصورة مما يفيد أن لها موطناً بدائرة المحكمة التي أصدرت الحكم، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالتفريق دون أن تعرض المحكمة الصلح على الطرفين أو تمحص ما تمسكت به من أن الخلاف الذي حدث بينهما يرجع إلى المطعون ضده وسببه مما أدى إلى استحكام الدفع والفرقة بينهما فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن المادة 57 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس جاءت خلواً مما يوجب عرض الصلح بداءة على طرفي النزاع. وأن محاولة التوفيق بين الزوجين وعرض الصلح عليهما المشار إليها في المادتين 59 و60 من تلك المجموعة لا مجال للأخذ بها بعد إلغاء المجالس العليا بمقتضى القانون رقم 462/ 1975 لأن المادتين وردتا في باب إجراءات الطلاق ولا تعتبران من القواعد الموضوعية المتعلقة بأسبابه ومردهما إلى السلطات الممنوحة للكنيسة بشأن تأديب الأب الروحي للزوجين حتى يتوبا وينصلح أمرهما ولا محل لتبقيها أمام القضاء الوضعي. لما كان ذلك وكان تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين من مسائل الواقع التي يستقل قاضي الموضوع ببحث دلالتها والموازنة بينها وترجيح ما يطمئن إليه منها واستخلاص ما يقتنع به ما دام يقيم حكمه على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها
وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما أورده من أن "الثابت من أقوال شاهدي المستأنف - المطعون ضده - أن المستأنف عليها قد هجرته منذ مدة جاوزت عشر سنوات متصلة سابقة على رفع الدعوى ورفضت الصلح أكثر من مرة لسبب كراهيتها له وللحياة معه، وكان هذا الذي أورده الحكم استخلاصاً موضوعياً سائغاً مما له أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه بالتطليق فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.