أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 43 - صـ 1376

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، شكري جمعه حسين نائبي رئيس المحكمة، فتيحه قره ومحمد الجابري.

(281)
الطعن رقم 545 لسنة 57 القضائية

(1 - 5) إيجار "إيجار الأماكن" "الإخلاء للتأجير من الباطن" "الإخلاء لإساءة استعمال العين المؤجرة". التزام "أوصاف الالتزام". حكم "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون". محكمة الموضوع "مسائل الواقع". مسئولية. نقض "أسباب الطعن" "السبب غير المنتج".
(1) إقامة الحكم على دعامات متعددة. كفاية إحداها لحمل قضائه. النعي عليه في باقي الدعامات الأخرى - أياً كان وجه الرأي فيه. غير منتج.
(2) إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه برفض طلب الإخلاء للتأجير من الباطن على أسباب سائغة. النعي عليه في الدعامة الأخرى بشأن استمرار عقد الإيجار لصالح المطعون ضده الثاني باعتباره أحد شركاء المستأجر الأصلي الذي كان يزاول مهنة - بقالة – والتي لا تعد مهنة أو حرفة في حكم المادة 40 ق 49 لسنة 1977 - أياً كان وجه الرأي فيه. غير منتج.
(3) مسئولية المستأجر في المحافظة على العين المؤجرة واستعمالها الاستعمال المألوف. التزام بتحقيق غاية وليس ببذل عناية. شمولها أفعاله الشخصية وأعمال تابعيه وكل شخص تكون له صلة به مكنته من الإضرار بالعين المؤجرة. انتفاء مسئوليته بإثباته السبب الأجنبي. المقصود بالتابعين. م 378 مدني قديم. خلو التقنين المدني الحالي من حكم مماثل للمادة المذكورة. لا ينال من وجوب إعمال حكمها طبقاً للقواعد العامة.
(4) حق المؤجر في إخلاء المستأجر إذا ثبت بحكم قضائي نهائي استعماله العين المؤجرة بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو سماحه بذلك الاستعمال لأهله أو أقاربه أو عماله أو تابعيه أو المستأجر من الباطن. م 18/ د ق 136 لسنة 1981. مسئوليته عن أفعال هؤلاء. مسئوليته مفترضة ما لم يثبت حدوثها بغير رضائه ومن شخص غير مسئول عن فعله ولم يكن في وسعه منع هذا الاستعمال. التزام محكمة الموضوع حال نظر دعوى الإخلاء بالتحقق بأسباب سائغة من سماح المستأجر لمرتكب الفعل الضار بإتيانه.
(5) إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه على أسباب خاصة برفض دعوى إخلاء المستأجر الأصلي وورثته من العين المؤجرة للإضرار بسلامة المبنى لمجرد أن الثابت من الحكم النهائي أن المستأجر من الباطن هو الذي استعملها بطريقة ضارة بسلامة المبنى وليس المستأجر الأصلي دون أن يفطن إلى أن مسئولية الأخير عما يحدث بالعين المؤجرة مسئولية مفترضة وأنه المكلف بنفيها وأنه لم يسمح للمستأجر من الباطن بذلك. خطأ.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقيم الحكم على دعامات متعددة وكانت إحدى هذه الدعامات كافية وحدها ليستقيم بها الحكم فإن تعييبه في باقي الدعامات أياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج.
2 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الإخلاء للتأجير من الباطن لعدم ثبوت تلك الواقعة بعد أن طرحت المحكمة أقوال شاهدي الطاعنة لعدم الاطمئنان إليها للأسباب التي أوردتها في حكمها وأضاف الحكم أن المستأجر الأصلي كان يزاول مهنة التجارة في محل النزاع ورتب على ذلك استمرار عقد الإيجار لصالح المطعون ضده الثاني باعتباره أحد ورثة المستأجر أو باعتباره شريكاً له عملاً بالمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 كما أن المستأجر الأصلي من حقه أن يؤجر جزءاً من المحل إلى من يمارس مهنة أو حرفة ولو كانت مغايرة لمهنته أو حرفته عملاً بالمادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وكانت الدعامة الأولى من الحكم مسندة إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ولم تتناولها الطاعنة بأي نعي من أسباب الطعن وإنما جاء تعييبها للحكم في باقي دعاماته باعتبار أن تجارة البقالة التي كان المستأجر الأصلي يزاولها ليست مهنة أو حرفة مما عناها المشرع من المادة 40 في القانون رقم 49 لسنة 1977 ومن ثم فإن النعي - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج وبالتالي غير مقبول.
3 - إذ كانت مسئولية المستأجر في المحافظة على العين وفي استعمالها الاستعمال المألوف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تقتصر على أعماله الشخصية بل تمتد أيضاً على أعمال تابعيه وكل شخص تكون له صلة بالمستأجر هي التي مكنت له من الإضرار بالعين المؤجرة فيكون من أتباع المستأجر أهل بيته من زوجه وأولاد وأقارب يسكنون معه أو يستضيفهم وكذلك خدمه وعماله والمستأجر من الباطن والمتنازل له عن الإيجار وكانت المادة 378 من القانون المدني القديم تنص على ذلك بقولها "يجب على المستأجر حين انتهاء عقد الإيجار أن يرد ما استأجره بالحالة التي هو عليها بغير تلف حاصل من فعله أو فعل مستخدميه أو من فعل من كان ساكناً معه أو من فعل المستأجر الثاني إلا إذا وجد شرط يخالف ذلك" ولئن لم يتضمن التقنين المدني الحالي نصاً مماثلاً إلا أن ذلك لم يقصد به حذف الحكم الوارد بالتقنين المدني القديم وإنما لأنه من القواعد العامة التي لا تحتاج إلى نص خاص ولا تنتفي هذه المسئولية إلا إذا أثبت السبب الأجنبي ولا يكفي أن يثبت أنه قد بذل العناية الواجبة في رقابة هؤلاء الأتباع فالتزامه هنا التزام بتحقيق غاية لا التزام ببذل عناية وهو التزام بضمان يكون المستأجر بموجبه مسئولاً بمجرد تحقق سبب الضمان.
4 - إذ كان المشرع قد أجاز للمؤجر بنص المادة 18/ د من القانون رقم 136 لسنة 1981 - المنطبق على واقعة النزاع - طلب إخلاء العين المؤجرة "إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى" مما يدل على أنه إعمالاً لهذا النص الخاص بتوافر سبب الإخلاء إذا كان المستأجر هو الذي يستعمل المكان المؤجر على هذا النحو، كما يثبت إذا سمح المستأجر باستعماله بالطريق سالفة الذكر سواء سمح بذلك لأهله أو أقاربه أو عماله أو تابعيه أو المستأجر من الباطن ويفترض في كل استعمال للمكان المؤجر بالطرق سالفة الذكر أن المستأجر قد سمح به ما لم يثبت المستأجر أنه صدر بغير رضا منه ومن شخص هو غير مسئول عن فعله ولم يكن لديه وسيلة للحيلولة بينه وبين هذا الاستعمال قبل حدوثه وهو ما تضمنته صراحة الفقرة (د) من نص المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بعبارة أو "سمح باستعماله" وهذا لا يتأتى إلا إذا ارتضى المستأجر وقوع الفعل من مرتكبه بسماحه له به أو علمه به قبل وقوعه أو أن تدل ظروف الحال بأنه لم يكن ليمانع أو يعترض على وقوعه ويتعين على محكمة الموضوع عند نظر دعوى الإخلاء أن تتحقق من سماح المستأجر لمرتكب الفعل الضار بالعين من إثبات ما ارتكبه وأن يكون ذلك بأسباب سائغة.
5 - إذ كان الثابت من الحكم رقم (....) مدني كلي طنطا واستئنافه رقم (....) طنطا أنه قد قضى لصالح مورث المطعون ضدهم العشرة الأول بإخلاء محل النزاع الذي يستأجره المطعون ضده الأخير من الباطن لإضراره بسلامة المبنى ولئن كان الحكم الابتدائي الصادر في دعوى النزاع الماثل قد قضى برفض دعوى الإخلاء المرفوعة ضد المستأجر الأصلي وورثته للإضرار بسلامة المبنى على سند من أنه لم يثبت أن المستأجر الأصلي سمح للمستأجر من الباطن أو صرح له بإجراء التغيير أو التعديل الذي أحدث الضرر بسلامة المبنى أو كان على علم بهذا التعديل بل ثبت قيامه برفع دعوى الإخلاء على المستأجر من الباطن ومن ثم انتفت مسئوليته إلا أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي برفض دعوى الإخلاء لانتهائه إلى نتيجة صحيحة في القانون ولم يؤيده لأسبابه وإنما أورد في مدوناته أن الحكم السابق الصادر بالإخلاء لم يثبت منه أن المستأجر الأصلي أو ورثته قد استعملوا المكان المؤجر أو سمحوا باستعماله بطريقة ضارة بسلامة المبنى وإنما ثبت منه فقط أن المستأجر من الباطن هو الذي استعمل ذلك البناء بتلك الطريقة فيكون الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه على الحكم السابق الذي قضى بإخلاء المستأجر من الباطن لاستعماله هو العين المؤجرة بطريقة ضارة بسلامة المبنى ولم يفطن الحكم إلى أن مسئولية المستأجر الأصلي مسئولية مفترضة على ما سبق بيانه ويقع عليه وحده نفي المسئولية عنه وأنه لم يسمح للمستأجر من الباطن من الإضرار بسلامة المبنى فيكون قد أقام قضاءه على مجرد أن الحكم السابق أثبت أن المستأجر من الباطن هو الذي أضر بالمبنى فنفى بذلك مسئولية المستأجر الأصلي تبعاً لذلك وهو ما لا يكفي لنفي مسئوليته ولا يجدي ما تمسك به المطعون ضدهم ورثة المستأجر الأصلي بأن الطاعنة هي التي سمحت للمستأجر من الباطن بإجراء هذه التعديلات التي أضرت بسلامة المبنى إذ قرر المطعون ضده الأخير - المستأجر من الباطن - عند استجوابه أمام محكمة الاستئناف بجلسة...... أن الطاعنة سمحت له فقط بإجراء ديكور بالعين المؤجرة ولم يتضمن إقرارها بذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 8952 لسنة 1981 مدني طنطا الابتدائية على مورث المطعون ضدهم من الأول إلى العاشرة وعلى المطعون ضدهما الحادي عشر والثاني عشر بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1972 وإخلاء العين المؤجرة المبينة بالصحيفة وهذا العقد وقالت في بيانها إنه بموجب العقد المشار إليه أجرت لمورث المطعون ضدهم من الأول حتى العاشر أربعة "دكاكين" يشغل منها "دكان ومخزن" وأجر الباقي إلى المطعون ضدهما الحادي عشر والثاني عشر بموجب تصريح له بتأجيرهما من الباطن وإذ أحدثا ضرراً بالعين المؤجرة وثبت ذلك بحكم قضائي نهائي في الدعوى 3263 لسنة 1977 مدني طنطا واستئنافها رقم 494 لسنة 29 ق، كما أن مورث المطعون ضدهم من الأول حتى العاشرة أجر المخزن الذي كان يشغله إلى المطعون ضده الثاني الذي غير استعماله إلى "استوديو آلة كاتبة" على خلاف الحظر الوارد في العقد والقانون فأقامت الدعوى. كما أقام المطعون ضدهم من الأول حتى العاشرة الدعوى رقم 3090 لسنة 1982 مدني طنطا على الطاعنة والمطعون ضده الأخير بطلب الحكم بندب خبير لتقدير قيمة تكاليف إزالة المباني التي أحدثها المطعون ضده الأخير وإلزامه بأداء قيمة هذه التكاليف، حكمت المحكمة برفض دعوى الطاعنة وبندب خبير في الدعوى الثانية، استأنفت الطاعنة الحكم الصادر برفض دعواها بالاستئناف رقم 217 لسنة 33 ق طنطا وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق قضت بتاريخ 17/ 12/ 1986 بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والخطأ في الإسناد وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب الإخلاء للتأجير من الباطن إذ اعتبر مزاولة تجارة البقالة مهنة أو حرفة غير مقلقة للراحة ورتب على ذلك استمرار عقد الإيجار لصالح المطعون ضده الثاني باعتباره أحد ورثة المستأجر أو باعتباره شريكاً له عملاً بالمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وأن من حق المستأجر الأصلي أن يؤجر جزءاً من المحل إلى من يمارس مهنة أو حرفة ولو كانت مغايرة لمهنته أو حرفته في حين أن تجارة البقالة ليست مهنة أو حرفة مما قصده المشرع بنص المادة 40 ق 49 لسنة 1977 وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقيم الحكم على دعامات متعددة وكانت إحدى هذه الدعامات كافية وحدها ليستقيم بها الحكم فإن تعييبه في باقي الدعامات أياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الإخلاء للتأجير من الباطن لعدم ثبوت تلك الواقعة بعد أن طرحت المحكمة أقوال شاهدي الطاعنة لعدم الاطمئنان إليها للأسباب التي أوردتها في حكمها وأضاف الحكم أن المستأجر الأصلي كان يزاول مهنة التجارة في محل النزاع ورتب على ذلك استمرار عقد الإيجار لصالح المطعون ضده الثاني باعتباره أحد ورثة المستأجر أو باعتباره شريكاً له عملاً بالمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 كما أن المستأجر الأصلي من حقه أن يؤجر جزءاً من المحل إلى من يمارس مهنة أو حرفة ولو كانت مغايرة لمهنته أو حرفته عملاً بالمادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وكانت الدعامة الأولى من الحكم مستندة إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ولم تتناولها الطاعنة بأي نعي من أسباب الطعن وإنما جاء تعييبها للحكم في باقي دعاماته باعتبار أن تجارة البقالة التي كان المستأجر الأصلي يزاولها ليست مهنة أو حرفة مما عناها المشرع من المادة 40 في القانون رقم 49 لسنة 1977 ومن ثم فإن النعي - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وتقول بياناً لذلك إنه إعمالاً لنص المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 والتي جعلت من استعمال المستأجر المكان المؤجر أو سماحه باستعماله بطريقة ضارة بالمبنى سبباً للإخلاء متى ثبت ذلك بحكم نهائي إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى الإخلاء على سند من عدم مسئولية المستأجر الأصلي عن الاستعمال الضار في حين أن الثابت من الحكم الصادر في الدعوى 3263 لسنة 1977 مدني طنطا الابتدائية واستئنافها رقم 494 لسنة 29 ق طنطا والمقامة من مورث المطعون ضدهم العشرة الأول أنه قضى بإخلاء المطعون ضده الأخير - بوصفه مستأجراً من الباطن - لإضراره بالمبنى فيكون المستأجر الأصلي مسئولاً عن أفعاله مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد ذلك أنه لما كانت أحكام القانون المدني هي الشريعة العامة التي تسود أحكامه سائر المعاملات النصوص المنظمة لعقد الإيجار به هي الواجبة التطبيق أصلاً ما لم يرد لها تنظيم مخالف في قوانين إيجار الأماكن، ولما كانت مسئولية المستأجر في المحافظة على العين وفي استعمالها الاستعمال المألوف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تقتصر على أعماله الشخصية بل تمتد أيضاً على أعمال تابعيه وكل شخص تكون له صلة بالمستأجر هي التي مكنت له من الإضرار بالعين المؤجرة فيكون من أتباع المستأجر أهل بيته من زوجه وأولاد وأقارب يسكنون معه أو يستضيفهم وكذلك خدمه وعماله والمستأجر من الباطن والمتنازل له عن الإيجار وكانت المادة 378 من القانون المدني القديم تنص على ذلك بقولها "يجب على المستأجر حين انتهاء عقد الإيجار أن يرد ما استأجره بالحالة التي هو عليها بغير تلف حاصل من فعله أو فعل مستخدميه أو من فعل من كان ساكناً معه أو من فعل المستأجر الثاني إلا إذا وجد شرط يخالف ذلك" ولئن لم يتضمن التقنين المدني الحالي نصاً مماثلاً إلا أن ذلك لم يقصد به حذف الحكم الوارد بالتقنين المدني القديم وإنما لأنه من القواعد العامة التي لا تحتاج إلى نص خاص ولا تنتفي هذه المسئولية إلا إذا أثبت السبب الأجنبي ولا يكفي أن يثبت أنه قد بذل العناية الواجبة في رقابة هؤلاء الأتباع فالتزامه هنا التزام بتحقيق غاية لا التزام ببذل عناية وهو التزام بضمان يكون المستأجر بموجبه مسئولاً بمجرد تحقق سبب الضمان - ولما كان المشرع قد أجاز للمؤجر بنص المادة 18/ د من القانون رقم 136 لسنة 1981 - المنطبق على واقعة النزاع - طلب إخلاء العين المؤجرة "إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى" مما يدل على أنه إعمالاً لهذا النص الخاص بتوافر سبب الإخلاء إذا كان المستأجر هو الذي يستعمل المكان المؤجر على هذا النحو، كما يثبت إذا سمح المستأجر باستعماله بالطرق سالفة الذكر سواء سمح بذلك لأهله أو أقاربه أو عماله أو تابعيه أو المستأجر من الباطن ويفترض في كل استعمال للمكان المؤجر بالطرق سالفة الذكر أن المستأجر قد سمح به ما لم يثبت المستأجر أنه صدر بغير رضا منه ومن شخص هو غير مسئول عن فعله ولم يكن لديه وسيلة للحيلولة بينه وبين هذا الاستعمال قبل حدوثه وهو ما تضمنته صراحة الفقرة (د) من نص المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بعبارة أو "سمح باستعماله" وهذا لا يتأتى إلا إذا ارتضى المستأجر وقوع الفعل من مرتكبه بسماحه له به أو علمه به قبل وقوعه أو أن تدل ظروف الحال بأن لم يكن ليمانع أو يعترض على وقوعه ويتعين على محكمة الموضوع عند نظر دعوى الإخلاء أن تتحقق من سماح المستأجر لمرتكب الفعل الضار بالعين من إثبات ما ارتكبه وأن يكون ذلك بأسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم رقم 3263 لسنة 1977 مدني كلي طنطا واستئنافه رقم 494 لسنة 29 ق طنطا أنه قد قضى لصالح مورث المطعون ضدهم العشرة الأول بإخلاء محل النزاع الذي يستأجره المطعون ضده الأخير من الباطن لإضراره بسلامة المبنى ولئن كان الحكم الابتدائي الصادر في دعوى النزاع الماثل قد قضى برفض دعوى الإخلاء المرفوعة ضد المستأجر الأصلي وورثته للإضرار بسلامة المبنى على سند من أنه لم يثبت أن المستأجر الأصلي سمح للمستأجر من الباطن أو صرح له بإجراء التغيير أو التعديل الذي أحدث الضرر بسلامة المبنى أو كان على علم بهذا التعديل بل ثبت قيامه برفع دعوى الإخلاء على المستأجر من الباطن ومن ثم انتفت مسئوليته إلا أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي برفض دعوى الإخلاء لانتهائه إلى نتيجة صحيحة في القانون ولم يؤيده لأسبابه وإنما أورد في مدوناته أن الحكم السابق الصادر بالإخلاء لم يثبت منه أن المستأجر الأصلي أو ورثته قد استعملوا المكان المؤجر أو سمحوا باستعماله بطريقة ضارة بسلامة المبنى وإنما ثبت منه فقط أن المستأجر من الباطن هو الذي استعمل ذلك البناء بتلك الطريقة فيكون الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه على الحكم السابق الذي قضى بإخلاء المستأجر من الباطن لاستعماله هو العين المؤجرة بطريقة ضارة بسلامة المبنى ولم يفطن الحكم إلى أن مسئولية المستأجر الأصلي مسئولية مفترضة على ما سبق بيانه ويقع عليه وحده نفي المسئولية عنه وأنه لم يسمح للمستأجر من الباطن من الإضرار بسلامة المبنى فيكون قد أقام قضاءه على مجرد أن الحكم السابق أثبت أن المستأجر من الباطن هو الذي أضر بالمبنى فنفى بذلك مسئولية المستأجر الأصلي تبعاً لذلك وهو ما لا يكفي لنفي مسئوليته ولا يجدي ما تمسك به المطعون ضدهم ورثة المستأجر الأصلي بأن الطاعنة هي التي سمحت للمستأجر من الباطن بإجراء هذه التعديلات التي أضرت بسلامة المبنى إذ قرر المطعون ضده الأخير - المستأجر من الباطن - عند استجوابه أمام محكمة الاستئناف بجلسة 23/ 10/ 1985 أن الطاعنة سمحت له فقط بإجراء ديكور بالعين المؤجرة ولم يتضمن إقرارها بذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به من رفض طلب الإخلاء للإضرار بسلامة المبنى ورفض الطعن فيما عدا ذلك.