أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 345

جلسة 22 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى زعزوع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت أمين صادق، كمال نافع، ويحيى عارف وكمال مراد.

(215)
الطعن رقم 20 لسنة 54 القضائية

(1،4) إثبات "إجراءات الإثبات". "الإحالة إلى التحقيق". "الاستجواب" محكمة الموضوع. إيجار "إيجار الأماكن" "التزامات المؤجر "التزامات المستأجر". محكمة الموضوع.
1 - الإثبات بمعناه القانوني. ماهيته.
2 - دعوى المستأجر بطلب استرداد الأجرة المدفوعة مقدماً لتخلف المؤجر عن تنفيذ التزامه بتمكينها من الانتفاع بالعين المؤجرة. التزامها بإقامة الدليل على سدادها الأجرة وإخلاء المؤجر بالتزامه الناشئ عن العقد. سكوت المؤجر وعدم جحده لتلك الواقعة. لا يعد قرينة على صحتها. علة ذلك.
3 - الإثبات. مسألة واقع. دخوله في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى. عدم خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النفض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. عدم التزامها بتكليف الخصوم بإقامة الدليل على دفاعهم أو لفت نظرهم إلى مقتضيات هذا الدفاع. إحالة الدعوى إلى التحقيق أو إصدار حكم الاستجواب. من الرخص المخولة لها.
4 - لا يجوز للشخص أن يتخذ من عمل نفسه دليلاً لصالحه.
1 - الإثبات بمعناه القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون فهو قوام الحق الذي يتجرد من قيمته ما لم يقوم الدليل عليه.
2 - إذا كانت الدعوى الراهنة قد أقيمت من الطاعنة – المستأجرة - بطلب استرداد ما دفعته مقدماً كأجره إزاء تخلف المؤجر - المطعون ضده بصفته - عن تنفيذ التزامه الناشئ عن عقد الإيجار بتمكينها من الانتفاع بالعين المؤجرة وكان ذلك يقتضي من الطاعن أن يقيم الدليل بداءه على سدادها تلك الأجرة فضلاً عن إثباتها لواقعة إخلاء المؤجر بالتزامه الناشئ عن العقد وذلك بالطرق التي حددها القانون وليس من بينها سكوت المدعى عليه أو عدم جحده لواقعة لم يقدم دليلها إذ أن ذلك لا يعد تسليماً منه بها ولا يقوم قرينة على صحتها باعتبار أن الأصل هو براءة الذمة وأن انشغالها أمر عارض فيتعين إقامة الدليل عليه وبالتالي فإن ما تثيره الطاعنة بشأن سكوت المطعون ضده - المؤجر - وعدم جحده لما أوردته بعريضة دعواها بشأن وفائها مقدماً بالأجرة التي تطالب باستردادها لا يجديها إلا أن تكون أقامت الدليل على هذا الوفاء.
3 - إذ كان الإثبات يتناول - في واقع الأمر - مسائل موضوعية فإنه يدخل في سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى ولا يخضع فيه لرقابة محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها من أوراق ومستندات وما يستخلصه منها من أدلة أو قرائن فلا التزام عليها بتكليفهم بإقامة الدليل على دفاعهم أو لفت نظرهم إلى مقتضيات هذا الدفاع ولا يعاب عليها عدم إحالتها الدعوى إلى التحقيق أو إصدار حكم الاستجواب من تلقاء نفسها إذ أن ذلك من الرخص المخولة لها والتي تخضع لمطلق تقديرها.
4 - لا يجوز للشخص أن يتخذ من عمل نفسه دليلاً لصالحه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مؤسسة الأهرام الطاعنة أقامت الدعوى رقم 172 لسنة 1982 شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يدفع لها مبلغ 4200 جنيه والفوائد القانونية وقالت بياناً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 20/ 6/ 1977 وملحقه المؤرخ 30/ 9/ 1979 اتفقت مع المطعون ضده على إقامة تركيبات إعلانية بمسطح العين الموضحة بالعقد في المدة من 1/ 7/ 1977 حتى 30/ 9/ 1980 وأنها أوفت بالأجرة المتفق عليها وقدرها 4200 جنيه بيد أن المطعون ضده لم يمكنها من ذلك، قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 855 سنة 100 ق القاهرة، وبتاريخ 7/ 11/ 1983 حكمت المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصلهما الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن محكمة الاستئناف تصدت من تلقاء نفسها لواقعة الوفاء بالقيمة الإيجارية رغم أنها واقعة غير منكورة أو مجحودة من المطعون ضده واستندت في قضائها بتأييد الحكم المستأنف القاضي برفض الدعوى إلى تخلف الوفاء بقيمة الأجرة محل المطالبة رغم أن المستندات المقدمة منها وخاصة الإنذار الموجه من المطعون ضده بصفته إلى الملاك يقطع بسدادها لتك القيمة، هذا أن الوفاء لا يعدو أن يكون واقعة مادية تعد ثابتة بعدم إنكار الخصم لها أو في القليل موافقته الضمنية على صحتها، كما أن مسلك الحكم هذا ومفاجئته لها والقول بعدم سدادها الأجرة حال بينها وبين إتاحة الفرصة أمامها لتقديم دفاعها في هذا الخصوص، هذا إلى أنه كان على المحكمة أن تأمر باستجواب الخصوم أو بإحالة الدعوى إلى التحقيق ولما كان الالتزام لم يتحقق سببه فإنه كان يتعين القضاء برد الأجرة أما وقد خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن الإثبات بمعناه القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون فهو قوام الحق الذي يتجرد من قيمته ما لم يقوم الدليل عليه ولما كانت الدعوى الراهنة قد أقيمت من الطاعنة - المستأجرة - بطلب استرداد ما دفعته مقدماً كأجرة إزاء تخلف المؤجر - المطعون ضده بصفته - عن تنفيذ التزامه الناشئ عن عقد الإيجار بتمكينها من الانتفاع بالعين المؤجرة، وكان ذلك يقتضي من الطاعنة أن تقيم الدليل بداءه على سدادها تلك الأجرة فضلاً عن إثباتها لواقعة إخلال المؤجر بالتزامه الناشئ عن العقد وذلك بالطرق التي حددها القانون وليس من بينها سكوت المدعى عليه أو عدم جحده لواقعة لم يقدم دليلها إذا ذلك لا يعد تسليماً منه بها ولا يقوم قرينة على صحتها باعتبار أن الأصل هو براءة الذمة وأن انشغالها أمر عارض فيتعين إقامة الدليل عليه وبالتالي فإن ما تثيره الطاعنة بشأن سكون المطعون ضده بصفته - المؤجر - وعدم جحده ما أوردته بعريضة دعواها بشأن وفائها مقدماً بالأجرة التي تطالب باستردادها، لا يجديها إلا أن تكون قد أقامت الدليل على هذا الوفاء، ولما كان الإثبات يتناول في واقع الأمر مسائل موضوعية فإنه يدخل في سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى ولا يخضع فيه لرقابة محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها، وذلك من واقع ما يقدمه الخصوم من أوراق ومستندات وما يستخلص منها من أدلة أو قرائن فلا التزام عليها بتكليفهم بإقامة الدليل على دفاعهم أولفت نظرهم إلى مقتضيات هذا الدفاع، ولا يعاب عليها عدم إحالتها الدعوى إلى التحقيق أو إصدار حكم الاستجواب من تلقاء نفسها إذ أن ذلك من الرخص المخولة لها وحتى تصح بمقتض تقديرها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الدعوى على سند مما أورده بمدوناته من واقع بحثه لأوراق الدعوى من أن الطاعنة لم تقدم الدليل على قيامها بالوفاء بالمبلغ المطالب برده مستنداتها ومنها عقد الاتفاق المؤرخ 20/ 6/ 1977 جاء خلواً مما يثبت ذلك إذ اقتصر على تحديد القيمة الإيجارية السنوية دون الوفاء بها وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها في الأوراق ولا تخالف الثابت بها وتكفي لحمل قضاء الحكم وكان لا ينال من ذلك أن الحكم لم يعن بالرد على كل ما قدمته الطاعنة من أوراق طالما أنها لا تغير من وجه النظر في الدعوى ذلك أن الإعلان المنسوب لمنطق صدوره إلى المطعون ضده بصفته جاء خلواً من توقيعه فلا يحاج به، كما أن الإنذارات المرسلة من الطاعنة هي في حقيقتها لا تعد دليلاً أو قرينة على وفائها بالأجرة باعتبار أنه لا يجوز للشخص أن يتخذ من عمل نفسه دليلاً لصالحه. لما كان ذلك، فإن ما تثيره الطاعنة بسببي الطعن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع سلطة تحصيله وتقديره بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة وهو ما لا يقبل التحدي به أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.