أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 825

جلسة 28 من مارس سنة 1983

برئاسة السيد المستشار الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح عبد العظيم نائب رئيس المحكمة والدكتور أحمد حسني ومحمد طموم وزكي المصري.

(171)
الطعن رقم 692 لسنة 49 القضائية

1 - نقض "ميعاد الطعن بالنقض - إضافة ميعاد مسافة".
إيداع صحيفة الطعن قلم كتاب محكمة النقض. وجوب إضافة ميعاد مسافة إلى الطعن بين موطن الطعن ومقر محكمة النقض.
2 - تحكيم. اختصاص.
اختصاص هيئات التحكيم. مناطه. أن يكون جميع أطراف النزاع ممن عددتهم المادة 60 قانون 61 لسنة 1971 المقابلة للمادة 66 قانون 32 لسنة 1966. وجوب أشخاص طبيعيين من بين أطراف النزاع وخلو الأوراق مما يدل على قبولهم إحالة النزاع بعد وقوعه إلى هيئات التحكيم. أثره. اختصاص المحاكم بنظره دون هيئات التحكيم.
3 - بنوك. أعمال تجارية.
أعمال البنوك. اعتبارها جميعاً أعمالاً تجارية ولو تمت بصفة منفردة أو لصالح شخص غير تاجر (قانون التجارة م 2 فقرة 4، 5).
4 - رهن "رهن حيازي". بنوك "فتح اعتماد". أعمال تجارية. إثبات.
الرهن الحيازي. عقد تابع. اعتباره عملاً تجارياً إذا كان الالتزام الأصلي تجارياً. مثال. الرهن الحيازي الذي يعقد ضماناً لرد المبالغ التي يسحبها العميل من الاعتماد المفتوح لصالحه. جواز إثبات ذلك الرهن بكافة طرق الإثبات المقبولة في المواد التجارية سواء بالنسبة للمتعاقدين أو الغير (م 76 من القانون التجاري معدلة بالقانون 655 سنة 54). نفاذه في حق الغير بانتقال حيازة الشيء المرهون إلى الدائن المرتهن أو من يعينه المتعاقدان (م 77 من القانون التجاري).
5 - رهن "رهن حيازي".
للدائن المرتهن حبس العين المرهونة التي انتقلت حيازتها إليه لحين استيفاء الدين. هلاك العين أو تلفها واستحقاق حق آخر بدلاً منها. أثره. انتقال الرهن إلى الحق تطبيقاً لنظرية الحلول العيني. (مادة 1049 من القانون المدني).
6 - وكالة "الوكيل بالعمولة".
الوكيل بالعمولة - فرداً كان أو شركة - يتعاقد مع الغير باسمه الشخصي أصيلاً لحساب موكله.
7 - بنوك. فتح اعتماد.
فتح الاعتماد. عقد بين البنك وعميل يتعهد فيه البنك بوضع مبلغ معين تحت تصرف العميل خلال مدة معينة مقابل التزامه بأداء العمولة المتفق عليها ولو لم يستخدم الاعتماد المفتوح لصالحه. التزامه برد المبلغ التي يسحبها من الاعتماد وفوائدها إذا اشترطت.
8 - عقد "تفسير العقد".
تفسير العقد. عدم الوقوف عند عبارة معينه فيه. وجوب الأخذ بما تفيده مجموع عباراته. عقد فتح الاعتماد الذي تَتَضَّمنُ بعض عباراته حصول البنك على عمولة لا يفيد أنه عقد وكالة بالعمولة.
9 - حكم "تسبيب الحكم".
إيراد الحكم ضمن أسبابه أن العلاقة بين البنك وعميله هي علاقة رهن حيازي تأميني. اعتباره رداً ضمنياً على إدعاء الطاعنة بأنها علاقة وكالة بالعمولة.
1 - للطاعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يضيف إلى الميعاد المحدد للطعن بالنقض ميعاد مسافة بين موطنه وبين مقر المحكمة التي يودع قلم كتابها صحيفة الطعن لما يقتضيه هذا الإيداع من حضور الطاعن في شخص محاميه إلى هذا القلم.
2 - النص في المادة 66 من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العامة الصادر بالقانون رقم 32 لسنة 1966 والذي كان قائماً وقت رفع الدعوى - وفي المادة 60 المقابلة لها في القانون الحالي رقم 61 لسنة 1971 - على أن تختص هيئات التحكيم دون غيرها بنظر المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين شركة منها وبين جهة حكومية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة، مؤداه أن يلزم لاختصاص تلك الهيئات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون جميع أطراف النزاع ممن عددتهم المادة سالفة الذكر. وإذا كان الشارع قد أجاز لهيئات التحكيم أن تنظر أيضاً في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية وطنيين كانوا أو أجانب إلا أنها اشترطت قبول هؤلاء الأشخاص - بعد وقوع النزاع - إحالته إلى التحكيم، وإذ كان الثابت في الدعوى أن من بين الخصوم فيها بعض الأشخاص الطبيعيين... وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن هؤلاء الأشخاص قد قبلواً بعد وقوع النزاع إحالته إلى التحكيم فإن الاختصاص بنظر النزاع يكون معقوداً للمحاكم دون هيئات التحكيم.
3 - من المقرر أن جميع أعمال البنوك تعتبر أعمالاً تجارية طبقاً لنص الفقرتين 4 و5 من المادة الثانية من قانون التجارة ولو تمت بصفة منفردة أو لصالح شخص غير تاجر.
4 - النص في المادة 1096 من التقنين المدني على أن "الرهن الحيازي عقد به يلتزم شخص، ضماناً لدين عليه، أو على غيره بأن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان شيئاً يرتب عليه للدائن حقاً عينياً يخوله حبس الشيء لحين استيفاء الدين، وأن يتقدم الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في اقتضاء حقه من ثمن هذا الشيء في أي يد يكون" يدل على أن الرهن الحيازي عقد تابع يستلزم وجود التزام أصلي يضمنه يتبعه في وجوده وانقضائه وأوصافه فإذا كان. الالتزام الأصلي تجارياً اعتبر الرهن عملاً تجارياً ولما كان من المقرر أن جميع أعمال البنوك تعتبر أعمالاً تجارية طبقاً لنص الفقرتين 4، 5 من المادة الثانية من قانون التجارية ولو تمت بصفة منفردة أو لصالح شخص غير تاجر، وكان فتح الاعتماد هون عقد يتم بين البنك وعميل يتعهد فيه البنك بوضع مبلغ معين تحت تصرف العميل خلال مدة معينه فيكون لهذا الأخير حق سحبه كله أو بعضه بالكيفية التي يراها فإذا كان الاعتماد مصحوباً برهن حيازي لضمان رد المبالغ التي يسحبها العميل من الاعتماد المفتوح لصالحه اعتبر الرهن في هذه الحالة عملاً تجارياً لا يسري عليه ما يتطلبه القانون المدني من إجراءات لنفاذه في حق الغير بل يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات سواء بالنسبة للمتعاقدين أو بالنسبة للغير ذلك أنه طبقاً لمادة 76 من القانون التجاري بعد تعديلها بالقانون رقم 655 لسنة 1954 يثبت الرهن الذي يعقد ضماناً لدين تجاري بكافة طرق الإثبات المقبولة في المواد التجارية سواء بالنسبة للمتعاقدين أو الغير, ومن ثم فإن القانون التجاري يكفي لنفاذ الرهن حق الغير بانتقال حيازة الشيء المرهون إلى الدائن المرتهن أو من يعينه المتعاقدان وفقاً لما تقضي به المادة 77 من قانون التجارة، ولا يستلزم ثبوت تاريخ عقد الرهن ولا تدوين هذا العقد في أيه ورقة.
5 - متى انتقلت حيازة العين المرهونة إلى الدائن المرتهن أمكنة حبسها إلى حين استيفاء حقه فإذا هلكت أو تلفت لأي سبب وترتب على الهلاك أو التلف أن استحق حق أخر انتقل الرهن إلى هذا الحق تطبيقاً لنظرية الحلول العيني التي نصت عليها المادة 1059 من القانون المدني، ولا محل لما تثيره الطاعنة من أن الحق في الحلول يقتضي تتبع الثمن الذي دفعته للمدين الراهن، لأن المقصود بالتتبع هو التتبع القانوني أي سلطة الدائن المرتهن في تعقب المال المرهون أينما استقرت ملكيته للتنفيذ عليه واستيفاء الدين.
6 - النص في المادة 81 من قانون التجارة على أن "الوكيل بالعمولة هو الذي يعمل عملاً باسم نفسه أو باسم شركة بأمر الموكل على ذمته في مقابل أجرة أو عمولة" يدل على أن الوكيل بالعمولة فرداً كان أو شركة يتعاقد مع الغير باسمه الشخصي أصيلاً لحساب موكله، فيكتسب الحقوق ويتعهد بالالتزامات إزاء الغير الذي يتعاقد معه ولكنه في حقيقة الأمر ليس بالأصيل وإنما هو يعمل لحساب الموكل الذي كلفه بالتعاقد.
7 - فتح الاعتماد هو عقد بين البنك وعميل يتعهد فيه البنك بوضع مبلغ معين تحت تصرف العميل خلال مدة معينه فيكون لهذا الأخير حق سحبه كله أو بعضه بالكيفية التي يراها وفي مقابل فتح الاعتماد يلتزم العميل بأداء العمولة المتفق عليها وهو ملزم بأدائها ولو لم يستخدم الاعتماد المفتوح لصالحة كما يلتزم برد المبالغ التي يسحبها من الاعتماد وفوائدها إذا اشترط فوائد.
8 - لما كانت بنود عقدي فتح الاعتماد المؤرخين.... و... قد جاءت خلوا مما يفيد أن البنك المطعون ضده يعمل وكيلاً بالعمولة لصالح مدينة وكانت بعض عباراتهما المتضمنة حصول البنك على عمولة أو أنه موكل من قبل العميل في بيع البضاعة والتي استندت إليها الشركة الطاعنة للتدليل على قيام علاقة وكالة بالعمولة لا تفيد بذاتها قيام هذه العلاقة ذلك أنه من المقرر أنه يجب عند تفسير العقود عدم الوقوف عند عبارة معينه فيها وإنما يتعين الأخذ بما تفيده مجموع عبارات العقد.
9 - إذا كان الثابت من الأوراق أن العلاقة التي تربط البنك المطعون ضده بمدينه ناشئة عن عقدي فتح الاعتماد سالفي الذكر وكان الحكم المطعون فيه قد التزم في تفسيره لها المعنى الظاهر لعباراتهما وضمن أسبابه أن العلاقة بين البنك وعميله هي علاقة رهن حيازي تأميني ما يعتب رداً ضمنياً على الادعاء بأنها علاقة وكالة بالعمولة ويسقط الحجج التي ساقتها الطاعنة تدليلاً على ذلك سواء من نصوص العقد أو من التصرفات التي عاصرت تنفيذه وهو ما يغني عن الرد على دفاع الطاعنة في هذا الشأن استقلالاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن البنك المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1716 لسنة 1971 تجاري كلي شمال القاهرة بطلب إلزام الشركة الطاعنة ووزارة التموين وآخرين بأن يؤدوا له متضامنين مبلغ 3096.619 جنيه والفوائد وقال بياناً لدعواه إنه بمقتضي عقد فتح اعتماد بتأمين بضائع مؤرخ 1 / 6/ 1961 لمدة تنتهي في 31/ 5/ 1962 وآخر مماثل مؤرخ 1/ 6/ 1962 ينتهي في 18/ 6/ 1963 فتح اعتماداً بحساب جاري لـ....... بضمان وتضامن الدكتور.... ونفاذاً لذلك أودع الأول في مخازن البنك 65.390 طناً من الصفيح تعتبر مرهونة رهناً حيازياً تأمينياً للوفاء برصيد الحساب المدين المفتوح له بمقتضى العقدين المشار إلهما. وبتاريخ 2/ 6/ 1962 استولت وزارة التموين على كميات الصفيح المرهونة بمقتضى القرار الوزاري رقم 138 لسنة 1962 وتم حصرها بموجب محضر وقام مندوب شركة مصر للتغليف الاقتصادي التي اندمجت في الشركة الطاعنة باستلام 24.573 طناً من الكمية المستولي عليها بموجب محضر تسليم مؤرخ 7/ 6/ 1962 أثبت فيه أن الصفيح مرهون للبنك المطعون ضده رهناً حيازياً وأن الشركة لم تدفع ثم الكمية المسلمة إليها وتعهد المندوب بالوفاء به للبنك المطعون ضده إلا أن الشركة الطاعنة صرفت ثمن هذه الكمية وقدره 3096.619 جنيه إلى المدين الراهن وضامنه رغم أن حسابهما كان مديناً في مبلغ 5831.63 جنيه استحقاق 8/ 1/ 1963 لذا أقام البنك دعواه بطلباته السالفة على الشركة الطاعنة بصفتها الدامجة لشركة مصر للتغليف الاقتصادي، وعلى وزارة التموين ومدينه وضامنه. ندبت محكمة أول درجة مكتب خبراء وزارة العدل لبيان رصيد الحساب الجاري الناتج عن عقدي فتح الاعتماد سالفي الذكر ومصير المتبقي من كمية الصفيح المرهونة بعد الكمية التي تسلمتها الشركة الطاعنة وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 23/ 2/ 1977 بإخراج وزارة التموين من الدعوى وإلزام الشركة الطاعنة وباقي ورثة المدين الأصلي والضامن المتضامن بأن يدفعوا للبنك المطعون ضده مبلغ 2462.449 جنيه والفوائد القانونية. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 162 لسنة 94 ق. وبتاريخ 28/ 1/ 1979 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض قدم وكيل البنك المطعون ضده مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه بعد الميعاد وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبني الدفع المبدى من البنك المطعون ضده بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 28/ 1/ 1979 بينما قامت الشركة الطاعنة بإيداع صحيفة الطعن بقلم كتاب محكمة النقض بتاريخ 1/ 4/ 1979 أي بعد انقضاء ميعاد الستين يوماً المقررة لرفع الطعن طبقاً للمادة 252 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن للطاعن - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يضيف إلى الميعاد المحدد للطعن بالنقض ميعاد مسافة بين موطنه وبين مقر المحكمة التي يودع قلم كتابها صحيفة الطعن لما يقتضيه هذا الإيداع من حضور الطاعن في شخص محامية إلى هذا القلم، ولما كان موطن الشركة الطاعنة - عل ما يبين من الحكم المطعون فيه - بمدينة الإسكندرية وكانت المسافة بينهما وبين مقر محكمة النقض بمدينة القاهرة التي أودعت صحيفة الطعن قلم كتابها، تزيد على مائتي كيلوا متر، وجب أن يزاد على ميعاد الطعن ميعاد مسافة قدره أربعة أيام وفقاً لنص المادة 16 من قانون المرافعات وإذا كان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 28/ 1/ 1979 - وكانت الشركة الطاعنة قد أودعت صحيفة الطعن في 1/ 4/ 1979 فإن الطعن يكون قد أقيم في حدود الميعاد القانوني بعد إضافة ميعاد المسافة ويكون الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول أن الحكم قضى برفض الدفع بعدم اختصاص محكمة أول درجة ولائياً بنظر النزاع في حين أن الشركة الطاعنة والبنك المطعون ضده من شركات القطاع العام ومن ثم تختص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع الناشب بينهما عملاً بالمادة 66 من القانون رقم 32 لسنة 1966 المقابلة للمادة 60 من القانون الحالي رقم 61 لسنة 1971، ولا محل للاعتداد بوجود خصوم آخرين في الدعوى طالماً أنه يوجد بين كل من طرفي النزاع شركة من شركات القطاع العام خصوصاً وأن التزام الشركة الطاعنة قبل البنك المطعون ضده يقوم على أساس مغاير الالتزام باقي الخصوم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 66 من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم 32 لسنة 1966 والذي كان قائماً وقت رفع الدعوى - وفي المادة 60 المقابلة لها في القانون الحالي رقم 61 لسنة 1971 - على أن تختص هيئات التحكيم دون غيرها بنظر المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين شركة منها وبين جهة حكومية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة مؤداه أن يلزم لاختصاص تلك الهيئات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يكون جميع أطراف النزاع ممن عددتهم المادة سالفة الذكر. وإذا كان الشارع قد أجاز لهيئات التحكيم أن تنظر أيضاً في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتباريين وطنيين كانوا أو أجانب إلا أنها اشترطت فبول هؤلاء الأشخاص - بعد وقوع النزاع - إحالته إلى التحكيم، وإذا كان الثابت في الدعوى أن من بين الخصوم فيها بعض الأشخاص الطبيعيين الذين طلب البنك المطعون ضده إلزامهم بالتضامن مع الشركة الطاعنة بأداء المبلغ المطلوب وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن هؤلاء الأشخاص قد قبلواً بعد وقوع النزاع إحالته إلى التحكيم فإن الاختصاص بنظر النزاع يكون معقوداً للمحاكم دون هيئات التحكيم ويكون النعي على الحكم بمخالفة القانون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالأسباب الثاني والثالث والرابع مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المستأنف الذي أيده الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه أن تأمينات العقد الأول لم تحل محل تأمينات العقد الثاني، ثم عاد وقرر أن حقيقة الأمر هو إضافة تأمينات دون تضمين العقد اللاحق أية بنود دالة على الوفاء بالتأمينات السابقة وهو ما يشوب أسباب الحكم بالغموض ذلك أنه إذا كانت تأمينات العقد السابقة الأول لم يوف بها ولم تحل محل تأمينات العقد الثاني فإنه لا يستساغ إضافتها إليه، كما أن عدم تضمين العقد الأخير بنداً يفيد الوفاء بالتأمينات الخاصة بالعقد الأول لا يستوجب قانوناً إضافتها إلى العقد الثاني لمخالفة ذلك لنصوص العقد الأول الصريحة في أنه أبرم بتأمين بضائع ترهن حيازياً لدى البنك، ولأن الرهن الخاص بهذا العقد يضمن فقط الرصيد النهائي له، كما أن مفهوم عدم الوفاء بالتأمينات السابقة الخاصة بالعقد الأول قد يعني أن حساباته الجارية كانت بدون ضمان في حين أن الثاني وجود هذه التأمينات حيث تم جردها في 2/ 6/ 1962 وتسلمت الشركة الطاعنة جزءاً منها وإذا جعل الحكم المعيار في شأن إضافة التأمينات إلى العقد الثاني هو عدم الوفاء بالتأمينات السابقة فإن ذلك يعد عدولاً عن نصوص العقد الأول ويستلزم بيان العناصر التي قام عليها الحكم وإذا جاءت أسبابه غفلا من بيان هذه العنصر فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلا عن فساد استدلاله حينما استند في قضائه بإلزام الشركة الطاعنة بثمن كمية الصفيح التي تسلمتها بموجب محضر التسليم المؤرخ 7/ 6/ 1962 إلى الإقرار المنسوب لمندوبها في ذلك المحضر بأن الاستلام كان مقابل تعهده بدفع الثمن إلى البنك في حين أن عبارات محضر التسليم والتسلم كانت مجرد تقريرات من البنك المطعون ضده الذي وقع على المحضر لا تنشئ رهناً حيازياً ولا تلزم الشركة الطاعنة. ولا تخول البنك اقتضاء دينه منها لعدم توقيع المدين الراهن على المحضر. وإذا كان العقد الثاني مضموناً برهن فهو ينصرف فقط إلى باقي كمية الصفيح التي جردتها وزارة التموين والتي كانت موجودة وقت إبرام ذلك العقد في 19/ 6/ 1962 ولا يجوز القول بأن الكمية المسلمة إلى الشركة الطاعنة مرهونة رهناً حيازياً لكونها كانت تحت يد المطعون ضده قبل العقد إذا لا دليل في الأوراق يقطع بأن المدين الراهن قام بتسليمها إلى البنك على سبيل الرهن وقت تسلم الشركة لها.
وإذا كان الثابت أن التعامل بين البنك المطعون ضده وعميله الراهن تم بموجب عقدين بفتح اعتماد الأول مؤرخ 1/ 6/ 1961 والثاني في 19/ 6/ 1962 لمدة سنة كاملة فكل منهما يعتبر عقداً مستقلاً بذاته في مصدره وفي تأميناته وعلية يكون الرصيد النهائي عند قفل حسابات العقد الأول مضموناً بالرهن التأميني المقدم عنه وقت إبرامه لأن التجديد ينصرم إلى الرصيد النهائي الناتج عن تقييد الالتزامات في الحساب بسبب العقد، وينتقل الرهن إلى ما يسفر عنه رصيد ذلك العقد بما لا يجوز معه نقل أو إضافة ذلك الرهن إلى ما يصفر عنه رصيد عقد آخر وذلك إعمالا لحكم المادة 355 من القانون المدني، ويكون الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف حكم هذه المادة حين أضف العقد الأول بكل ضماناته إلى العقد الثاني كما أنه إذ اعتبر مقابل الصفيح المرهون مرهوناً وأعطى للبنك المطعون ضده حق اقتضاء هذا الثمن من الشركة الطاعنة إعمالاً لما نصت عليه المادة 1049 من القانون المدني من انتقال الرهن إلى الحق الذي حل محل الشيء تطبيقاً لنظرية الحلول العيني فإنه يكون قد خلط بين ميزتي التقدم والتتبع وأهدر أحكام انقضاء الرهن سواء بإعادة الشيء المرهون إعمالاً للمادة 1100 من القانون المدني أو بالتخلية نزولاً على حكم المادة 1113 فقرة أولى من ذات القانون. وإذا كانت الشركة الطاعنة قد قامت بتسديد ثمن البضاعة المرهونة التي تسلمتها إلى المدين الراهن فإن تطبيق نظر الحلول العيني كان يقتضي من البنك المطعون ضده بما له من حق التتبع
استيداء الثمن من تحت يد المدين الراهن الذي انتقل إليه هذا الثمن.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب مردود ذلك أن النص في المادة 1096 من التقنين المدني على أن "الرهن الحيازي عقد به يلتزم شخص، ضماناً لدين عليه، أو علي غيره بأن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان شيئاً يرتب عليه للدائن حقاً عينياً يخوله حبس الشيء لحين استيفاء الدين، وأن يتقدم الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في اقتضاء حقه من ثمن هذا الشيء في أي يد يكون" يدل على أن الرهن الحيازي عقد تابع يستلزم وجود التزام أصلي يضمنه ويتبعه في وجوده وانقضائه وأوصافه فإذا كان. الالتزام الأصلي تجارياً اعتبر الرهن عملاً تجارياً. ولما كان من المقرر أن جميع أعمال البنوك تعتبر أعمالاً تجارية طبقاً لنص الفقرتين 4 و5 من المادة الثانية من قانون التجارة ولو تمت بصفة منفردة أو لصالح شخص غير تاجر، وكان فتح الاعتماد هو عقد يتم بين البنك وعميل يتعهد فيه البنك بوضع مبلغ معين تحت تصرف العميل خلال مدة معينه فيكون لهذا الأخير حق سحبه كله أو بعضه بالكيفية التي يراها فإذا كان الاعتماد مصحوباً برهن حيازي لضمان رد المبالغ التي يسحبها العميل من الاعتماد المفتوح لصالحه اعتبر الرهن في هذه الحالة عملاً تجارياً لا يسري عليه ما يتطلبه القانون المدني من إجراءات لنفاذه في حق الغير بل يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات سواء بالنسبة المتعاقدين أو بالنسبة للغير ذلك أنه طبقاً للمادة 76 من القانون التجاري بعد تعديلها بالقانون رقم 655 لسنة 1954 يثبت الرهن الذي يعقد ضماناً لدين تجاري بكافة طرق الإثبات المقبولة في المواد التجارية سواء بالنسبة للمتعاقدين أو للغير، ومن ثم فإن القانون التجاري يكتفي لنفاذ الرهن في حق الغير بانتقال حيازة الشيء المرهون إلى الدائن المرتهن أو من يعينه المتعاقدان وفقاً لما تقضي به المادة 77 من قانون التجارة، ولا يستلزم ثبوت تاريخ عقد الرهن ولا تدوين هذا العقد في أيه ورقة. لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الطعن أن البنك المطعون ضده فتح اعتماداً بحساب جار لمدينه في 1/ 6/ 1961 لمدة عام تنتهي في 31/ 5/ 1962 بضمان بضائع يقوم المدين بإيداعها لدى البنك بحيث تعتبر هذه البضائع مرهونة رهناً حيازياً للوفاء برصيد الحساب المدين، وقد أودع المدين مخازن البنك نفاذاً لهذا العقد 65.390 طناً من الصفيح وبعد قطع رصيد الحساب الجاري المترتب على هذا العقد أسفرت مديونية المدين الراهن عن مبلغ 6161.206 جنيه مصري أقر به في عقد فتح الاعتماد الجديد المؤرخ 19/ 6/ 1962 ولما كانت المادة 355 من القانون المدني تنص على أنه "لا يكون تجديداً مجرد تقييد الالتزام في حساب جار وإنما يتجدد الالتزام إذا قطع رصيد الحساب وتم إقراره على أنه إذا كان الالتزام مكفولاً بتأمين خاص فإن هذا التأمين يبقي ما لم يتفق على غير ذلك ومن ثم فقد أصبح رصيد الحساب الجاري المترتب على العقد الأول والذي أقر به المدين هو الالتزام الجديد الذي حل محل الالتزامات المقيدة وبالتالي ينتقل إليه التأمين الخاص الذي كان يكفل الالتزام المقيد بالرغم من انقضائه، ولما كان الثابت أن الشركة الطاعنة تسلمت من مخازن البنك المطعون ضده 25.573 طناً من كميات الصفيح التي تم الاستيلاء عليها بقرار وزارة التموين رقم 138 لسنة 1962، وكان استلامها لهذه الكمية بموجب محضر مؤرخ 7/ 6/ 62 أثبت فيه أن الصفيح مرهون للبنك وتعهد فيه مندوبها بسداد ثمن هذه الكمية للبنك فيه فإن مفاد ذلك توافر علم الشركة الطاعنة بأن هذا الصفيح مرهون رهناً حيازياً لدى البنك وهو ما يكفي لاعتبار هذا التأمين نافذا في حق الشركة الطاعنة دون حاجة إلى أي إجراء آخر فإذا ما استحق عن الكمية التي تسلمتها مبلغ يقدر بثمن ما استلمته انتقل حق البنك إلى هذا المقابل وتكون الشركة الطاعنة مسئولة عن سداده إليه ذلك أنه من المقرر أنه متى انتقلت حيازة العين المرهونة إلى الدائن المرتهن أمكنه حبسها إلى حين استيفاء حقه فإذا هلكت أو تلفت لأي سبب وترتب على الهلاك أو التلف أن استحق حق آخر انتقل الرهن إلى هذا الحق تطبيقاً لنظرية الحلول العيني التي نصت عليها المادة 1049 من القانون المدني، ولا محل لما تثيره الطاعنة من أن الحق في الحلول يقتضي تتبع الثمن الذي دفعته للمدين الراهن، لأن المقصود بالتتبع هو التتبع القانوني أي سلطة الدائن المرتهن في تعقب المال المرهون أينما استقرت ملكيته للتنفيذ عليه واستيفاء الدين. وإذا كان الحكم المطعون فيه التزم هذا النظر فإن النعي عليه بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف في مذكرتها المقدمة لجلسة 14/ 12/ 1978 بأن العلاقة بين البنك المطعون ضده وعميله علاقة وكالة بالعمولة في شأن الصفيح المدعى برهنه وليست علاقة عقد فتح اعتماد بتأمين رهن حيازي وركنت في ذلك إلى بنود العقد التي ترددت فيه عبارة العمولة وهي عمولة البنك عن بيع الصفيح إذ نص على احتساب 0.5% عمولة من قيمة البضاعة عند سحبها أو بيعها كما تضمن البند التاسع من العقد الثاني تقييد توكيل العميل للبنك المطعون ضده في بيع البضاعة المودعة ونص البند الثالث عشر على أن العمولة حق مكتسب للبنك يتقاضاها في حالة البيع أو الشراء أو سحب البضاعة كما ركنت الطاعنة في التدليل على قيام علاقة الوكالة بالعمولة إلى ما عاصر تنفيذ العقد من تصرفات منها أن البنك يطالبها بثمن الصفيح باعتباره بائعاً عن عميله ولو كان دائناً مرتهناً لطالب باستيفاء دينه الذي أسفر عنه الرصيد كما أنه يطالب بالثمن على أساس سعر الطن 126.017 جنيه مصري بينما الثابت من تقارير الخبرة أنه باع الكمية الباقية بسعر 130 جنيه للطن والفروق بين السعرين هو عمولة البيع وكان تصرفه في هذه الكمية خلال خمسة أشهر من تاريخ إبرام العقد الثاني أي قبل استخراج الرصيد المدين عند نهاية العقد بسبعة أشهر وهو ما يؤكد أن علاقته بالعميل علاقة وكالة بالعمولة وترتب الطاعنة على ذلك أنها بسدادها ثمن الصفيح إلى العميل تكون قد سددت إلى الأصيل لا إلى الوكيل. كما تقول الطاعنة أنه تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن تقارير الخبرة وردت خالية من بيان هامش الضمان الذي يجب أن يظل ثابتاً طوال فترة فتح الاعتماد وطبلت إعادة القضية إلى مكتب الخبراء للتحقق من شرط ثبات نسبة هامش الضمان ولكن محكمة الاستئناف التفتت عن هذا الطلب، كما لم ترد على دفاعها بشأن تكييف العلاقة بين البنك وعميله بأنه علاقة وكالة بالعمولة فجاء حكمها مشوباً بالإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 81 من قانون التجارة على أن "الوكيل بالعمولة هو الذي يعمل عملاً باسم نفسه أو باسم شركة بأمر الموكل على ذمته في مقابل أجرة أو عمولة" يدل على أن الوكيل بالعمولة فرداً كان أو شركة يتعاقد مع الغير باسمه الشخصي أصيلاً لحساب موكله، فيكتسب الحقوق ويتعهد بالالتزامات إزاء الغير الذي يتعاقد معه ولكنه في حقيقة الأمر ليس بالأصيل وإنما هو يعمل لحساب الموكل الذي كلَّفه بالتعاقد لما كان فتح الاعتماد على ما سلف بيانه - هو عقد بين البنك وعميل يتعهد فيه البنك بوضع مبلغ معين تحت تصرف العميل خلال مدة معينه فيكون لهذا الأخير حق سحبه كله أو بعضه بالكيفية التي يراها وفي مقابل فتح الاعتماد يلتزم العميل بأداء العمولة المتفق عليها وهو ملزم بأدائها ولو لم يستخدم الاعتماد المفتوح لصالحه كما يلتزم برد المبالغ التي يسحبها من الاعتماد وفوائدها إذا أشترطت فوائد لما كانت بنود عقدي فتح الاعتماد المؤرخين 1/ 6/ 1961 و19/ 6/ 1962 قد جاءت خلواً مما يفيد أن البنك المطعون ضده يعمل وكيلاً بالعمولة لصالح مدينه وكانت بعض عباراتهما المتضمنة حصول البنك على عمولة أو أنه موكل من قبل العميل في بيع البضاعة والتي استندت إليها الشركة الطاعنة للتدليل على قيام علاقة وكالة العمولة - لا تفيد بذاتها قيام هذه العلاقة ذلك أنه من المقرر أنه يجب عند تفسير العقود عدم الوقوف عند عبارة معينة فيها وإنما يتعين الأخذ بما تفيده مجموع عبارات العقد إذا كان الثابت من الأوراق أن العلاقة التي تربط البنك المطعون ضده بمدينه ناشئة عن عقدي فتح الاعتماد سالفي الذكر وكان الحكم المطعون فيه قد التزم في تفسيره لها المعنى الظاهر لعبارتهما وضمن أسبابه أن العلاقة بين البنك وعميله هو علاقة رهن حيازي تأميني ما يعتبر رداً ضمنياً على الادعاء بأنها علاقة وكالة بالعمولة ويسقط الحجج التي ساقتها الطاعنة تدليلاً على ذلك سواء من نصوص العقد أو من التصرفات التي عاصرت تنفيذه وهو ما يغني عن الرد على دفاع الطاعنة في هذا الشأن استقلالاً, ومتى كانت المحكمة قد رأت في حدود سلطتها التقديرية في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها وما يغني عن إعادة الدعوى إلى مكتب الخبراء لاستيفاء ما طلبته الشركة الطاعنة فلا معقب عليها فيما ارتأته. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم في هذا السبب بالإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.