أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 354

جلسة 22 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى زعزوع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت أمين صادق، كمال نافع، يحيى عارف والهام نوار.

(217)
الطعن رقم 1562 لسنة 52 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن". "حظر إبرام أكثر من عقد إيجار" بطلان. نظام عام. نقض "سلطة محكمة النقض".
1 - حظر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة. م 61 ق 52 لسنة 1969. مؤداه. بطلان العقود اللاحقة للعقد الأول بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام. علة ذلك.
2 - انتهاء الحكم المطعون فيه إلى إجابة المطعون ضدها الأولى إلى طلباتها تطبيقاً للمادة 573 مدني حال تخلف الاقتضاء لإعمالها. لا بطلان. لمحكمة النقض تصحيح ما اشتمل عليه الحكم من تقرير قانوني خاطئ دون أن تنتقضه.
(3) دعوى "تكييف الدعوى". "حيازة إيجار الأماكن". "محكمة الموضوع".
التزام قاضي الدعوى بأسباب الوصف القانوني عليها دون التقيد بتكييف الخصوم لها في حدود سبب الدعوى. العبرة بحقيقة المقصود من الطلبات فيها. مثال في إيجار.
(4) دعوى "مصاريف الدعوى". إيجار "إيجار الأماكن". حيازة.
مصاريف الدعوى على من خسرها الاستثناء. توافر إحدى الحالات المنصوص عليها بالمادة 185 مرافعات. القضاء بعدم قبول دعوى الحيازة المرفوعة من المطعون ضدها لإقامتها دعوى مستندة إلى أصل الحق. وجوب إلزامها بمصاريف تلك الدعوى. لا ينال من ذلك ضم الدعويين وصدور حكم واحد فيها. علة ذلك.
1 - مناط المفاضلة بين العقود - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون كلها صحيحة وكان المقرر بنص المادة 125 من القانون أنه "إذا كان محل الالتزام مخالف للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً وكان لا يجوز أن يتعارض محل الالتزام مع نصها في القانون لأن مخالفة النهي المقرر بنص القانون تندرج تحت مخالفة النظام العام أو الآداب بحسب الأحوال ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون 52 لسنة 1969 تنص على أنه "يحظر على المالك القيام بإبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه" ولئن كانت لم تنص صراحة على البطلان بلفظة جزاء مخالفتها إلا أن مقتضى الحظر الصريح الوارد فيها وتجريم مخالفته بحكم المادة 44 من هذا القانون يرتب الجزاء وهو بطلان العقود اللاحقة للعقد الأول وأن لم يصرح به.
2 - إذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى إجابة المطعون ضدها إلى طلباتها فلا يبطله لما قام عليه قضاءه من تطبيق للمادة 573 من القانون المدني حال تخلف الاقتضاء لأعمالها إذ لمحكمة النقض تصحيح لما اشتمل عليه الحكم من تقرير قانون خاطئ دون أن تنقضه.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن قاضي الدعوى ملزم في كل حال بإعطاء الدعوى وصفها الحق وسماع التكييف القانوني الصحيح عليها - دون التقيد بتكييف الخصوم لها في حدود سبب الدعوى وأن العبرة في التكييف هو بحقيقة المقصود من الطلبات فيها وكانت المطعون ضدها الأولى قد أقامت الدعوى (.....) شمال القاهرة الابتدائية على سند من أنها تستأجر شقة النزاع من المطعون ضده الثاني بموجب عقد مؤرخ (....) ثابت التاريخ في (......) وأن الطاعن استصدر حكماً في الدعوى رقم (.....) مستعجل القاهرة يقضي بوقف تنفيذ الحكم الصادر لصالحها ضد المؤجر في الدعوى (.....) شمال القاهرة الابتدائية واستئنافها رقم (......) ق القاهرة بتمكينها من شقة المدعي على سند من أنه استأجرها بعد أن كان المؤجر قد انتزع حيازتها لها بموجب حكم قضى بطردها في الدعوى رقم (.....) مستعجل القاهرة وأنها تطلب تمكينها من شقة النزاع لأنها تفضل الطاعن لأسبقيتها في وضع يدها استناداً إلى المادة 573/ 1 من القانون المدني التي تعالج حالة تزاحم المستأجرين لعين واحده - قبل العمل بالمادة 16 من القانون 52 لستة 1969 فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في تكييفه للدعوى على أنها دعوى موضوعية متصلة بأصل الحق وليست من دعاوى الحيازة فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
4 - مفاد نص المادتين 184/ 1، 185 من قانون المرافعات يدل على أنه يتعين إلزام من خسر الدعوى بمصاريفها إلا إذا توافرت إحدى الحالات الواردة بالمادة 185 - مرافعات ولما كان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول دعوى الحيازة رقم (....) شمال القاهرة المرفوعة من المطعون ضدها الأولى بعد أن أسقطت حصتها فيها بإقامتها الدعوى (......) شمال القاهرة المستندة إلى أصل الحق وذلك إعمالاً للمادة 44/1 من قانون المرافعات فإنه كان يتعين إلزامها بمصاريف تلك الدعوى طالما لم تتوافر إحدى حالات المادة 185 من قانون المرافعات ولا ينال من ذلك أن محكمة أول درجة أمرت بضم الدعويين وأصدرت فيهما حكم واحد وأن الطاعن أقام استئنافاً واحد إذ أن كل ذلك ليس من شأنه أن يفقد كل دعوى استقلالها ما كان يتعين معه الفصل في مصاريف كل منهما على حدى دون النظر في الاستئناف كخصومة واحدة بطلبات متعددة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزم الطاعن بمصاريف الدعوى رقم (......) شمال القاهرة رغم أنه لم يخفق فيها فإنه قد يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى 3561 لسنة 1981 شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بمنع تعرض الطاعن والمطعون ضده الثاني لها في الانتفاع بالشقة المؤجرة لها بالعقد المؤرخ 1/ 4/ 1973 والثابت في 6/ 5/ 1973، الصادر لها من المطعون ضده الثاني الذي استصدر حكماً بطردها منها في الدعوى 3553 سنة 1974 مستعجل القاهرة مما اضطرها إلى استصدار حكم قضى بتمكينها منها في الدعوى 3019 سنة 1975 شمال القاهرة الابتدائية والذي تأيد في الاستئناف 1493 سنة 17 ق القاهرة، وإذ استشكل الطاعن في تنفيذها هذا الحكم على سند من أنه استأجر ذات شقة التداعي بعقد مؤرخ 1/ 3/ 1976 وصدر لحكم لصالحه، فقد أقامت الدعوى 4342 لسنة 1981 شمال القاهرة الابتدائية بطلب إلغاء إجراءات بتنفيذ الحكم الصادر في الأشكال رقم 1907 سنة 1980 مستعجل مستأنف القاهرة وتمكينها من شقة التداعي أمرت المحكمة بضم الدعويين، وقضت بتمكين المطعون ضدها الأولى من شقة النزاع ومنع تعرض الطاعن والمطعون ضده الثاني لها فيها. استأنف الطاعن بالاستئناف 1477 سنة 99 ق القاهرة، وبتاريخ 24/ 4/ 1982 حكمت المحكمة بتعديل الحكم إلى الاكتفاء بتمكين المطعون ضدها الأولى من شقة النزاع. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن مناط المفاضلة بين العقود في حالة تزاحم المستأجرين وإعمالاً للمادة 573 من القانون المدني هي الأسبقية في وضع اليد دون غش وهو شرط متوافر فيه دون المطعون ضدها الأولى التي زالت عنها الحيازة بعد تنفيذ الحكم المستعجل القاضي بطردها من عين النزاع، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه تحديد الأسبقية في وضع اليد واستند في قضائه بتمكين المطعون ضدها إلى أن عقد إيجارها ثابت التاريخ في تاريخ سابق على عقد الإيجار الصادر له رغم أن المادة 573 من القانون المدني تستلزم تسجيل العقد دون الاكتفاء بثبوت تاريخه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن مناط المفاضلة بين العقود - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون كلها صحيحة وكان المقرر بنص المادة 135 من القانون المدني أنه "إذا كان محل الالتزام مخالفاً للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً" وكان لا يجوز أن يتعارض محل الالتزام مع نص ناه في القانون لأن مخالفة النهي المقرر بنص المادة تندرج تحت مخالفة النظام العام أو الآداب بحسب الأحوال ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون 52 لسنة 1969 تنص على أنه "يحظر على المالك القيام بإبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه" ولئن كانت لم تنص صراحة على البطلان بلفظه جزاء مخالفتها إلا أن مقتضى الحظر الصريح الوارد فيها وتجريم مخالفته بحكم المادة 44 من هذا القانون - يرتب الجزاء وهو بطلان العقود اللاحقة للعقد الأول وإن لم يصرح به، وكان مقتضى الحكم الصادر في الدعوى رقم 3019 لسنة 1975 شمال القاهرة واستئنافها رقم 1493 لسنة 97 ق القاهرة بتمكين المطعون ضدها الأولى من شقة النزاع بعد صدور حكم بطردها ومعاقبتها في المادة 3553 لسنة 1974 مستعجل القاهرة، إن عقد الإيجار الصادر لها من المطعون ضده الثاني لا زال قائماً. وكان هذا العقد المؤرخ 1/ 4/ 1973 والثابت التاريخ في 6/ 5/ 1973 سابق على العقد المؤرخ 1/ 3/ 1976 الصادر من ذات المؤجر لصالح الطاعن ومن ثم يكون هذا العقد الأخير عقد ثان باطل وهو ما ينطبق أيضاً على العقد الصادر لوالد الطاعن بتاريخ 15/ 11/ 1974. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى إجابة المطعون ضدها الأولى إلى طلباتها فلا يبطله ما أقام عليه قضاءه من تطبيق للمادة 573 من القانون المدني حال تخلف الاقتضاء لإعمالها إذ لمحكمة النفض تصحيح ما اشتمل عليه الحكم من تقرير قانوني خاطئ دون أن تنقضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ ذهب في تكييفه للدعوى 4342 لسنة 1981 شمال القاهرة إلى أنها دعوى موضوعية متصلة بأصل الحق، حال أنها دعوى حيازة لأن المطعون ضدها الأولى ركنت فيها إلى حيازتها بشقة النزاع دون عقد الإيجار.
حيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن قاضي الدعوى ملزم في كل حال بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها دون التقييد بتكييف الخصوم لها في حدود سبب الدعوى، وإن العبرة في التكييف هو بحقيقة المقصود من الطلبات فيها، وكانت المطعون ضدها الأولى قد أقامت الدعوى 4342 لسنة 1981 شمال القاهرة الابتدائية على سند من أنها تستأجر شقة النزاع من المطعون ضده الثاني بموجب عقد مؤرخ 1/ 4/ 1973 الثابت التاريخ في 6/ 5/ 1973 وأن الطاعن استصدر حكماً في الدعوى رقم 1907 لسنة 1980 مستعجل القاهرة يقضي بوقف تنفيذ الحكم الصادر لصالحها ضد المؤجر في الدعوى 3019 لسنة 1975 شمال القاهرة الابتدائية واستئنافها رقم 1493 لسنة 97 ق القاهرة بتمكينها من شقة التداعي، على سند من أنه استأجرها بعد أن كان المؤجر قد انتزع حيازتها لها بموجب حكم قضى بطردها في الدعوى رقم 3553 لسنة 1974 مستعجل القاهرة وأنها تطلب تمكينها من شقة النزاع لأنها تفضل الطاعن لأسبقيتها في وضع يدها استناداً إلى المادة 573/ 1 من القانون المدني التي تعالج حالة تزاحم المستأجرين لعين واحدة - قبل العمل بالمادة 16 من القانون 52 سنة 1969 فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في تكييفه للدعوى على أنها دعوى موضوعية متصلة بأصل الحق وليست من دعاوى الحيازة فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال إذ أنه رغم قضاءه بعدم قبول دعوى الحيازة رقم 3561 لسنة 1981 شمال القاهرة المقامة من المطعون ضدها الأولى لإقامتها دعوى تالية متصلة بأصل الحق فقد ألزم الطاعن بمصاريفها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة 184/ 1 من قانون المرافعات على أنه "يجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى ويحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها ويدخل في حساب المصاريف مقابل أتعاب المحاماة". والنص في المادة 185 من ذات القانون على أن "للمحكمة أن تحكم بإلزام الخصم الذي كسب الدعوى المصاريف كلها أو بعضها إذا كان الحق مسلماً به من المحكوم عليه أو إذا كان المحكوم له قد تسبب في إنفاق مصاريف لا فائدة منها أو كان قد ترك خصمه على جهل بما كان في يده من المستندات القاطعة في الدعوى أو بمضمون تلك المستندات" يدل على أنه يتعين إلزام من خسر الدعوى بمصاريفها إلا إذا توافرت إحدى الحالات الواردة بالمادة 185 آنفة الذكر ولما كان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول دعوى الحيازة رقم 3561 لسنة 1981 شمال القاهرة المرفوعة من المطعون ضدها الأولى بعد أن أسقطت حقها فيها بإقامتها الدعوى 4342 لسنة 1981 شمال القاهرة المستندة إلى أصل الحق وذلك إعمالاً للمادة 44/1 من قانون المرافعات فإنه كان يتعين إلزامها بمصاريف تلك الدعوى طالما لم تتوافر إحدى حالات المادة 185 من قانون المرافعات، ولا ينال من ذلك أن محكمة أول درجة أمرت بضم الدعويين وأصدرت فيهما حكم واحد وأن الطاعن أقام استئنافاً واحد، إذ أن كل ذلك ليس من شأنه أن يفقد كل دعوى استقلالها مما كان يتعين معه الفصل في مصاريف كل منهما على حدى دون النظر إلى الاستئناف كخصومة واحدة بطلبات متعددة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وإلزام الطاعن بمصاريف الدعوى رقم 3561 لسنة 1981 شمال القاهرة رغم أنه لم يتحقق فيها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه جزئياً في هذا الشق منه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم.
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه جزئياً فيما قضى به من إلزام الطاعن بمصاريف الدعوى رقم 3561 لسنة 1981 شمال القاهرة.