أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 362

جلسة 22 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى زعزوع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت أمين صادق، كمال نافع، يحيى عارف والهام نوار.

(218)
الطعن رقم 805 لسنة 52 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "بيع الجدك". محكمة الموضوع. حكم "عيوب التدليل". "ما يعد قصوراً".
(1) تقدير الضرورة التي تسوغ التنازل عن الإيجار رغم الشرط المانع. من سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة. عودة المستأجر البائع إلى ممارسة ذات النشاط. أثره. انقضاء حالة الضرورة الملجئة للبيع. ممارسة البائع ذات النشاط حال توافر حالة الضرورة من واقع آخر وظروف مغايرة بما ينتفي معه شبهة الكسب من وراء البيع. ليس من شأنه نفي حالة الضرورة.
(2) انتهاء الحكم المطعون فيه إلى انتفاء حالة الضرورة الملجئة للبيع لمزاولة أحد البائعين ذات النشاط في محل آخر دون الاعتداد بما أورده الطاعن يتوقف نشاط المتجر في الفترة السابقة على البيع للخلاف المستحكم بين الشريكين. قصور.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان تقدير الضرورة التي تسوغ التنازل عن الإيجار بالرغم من الشرط المانع متروك لقاضي الموضوع طبقاً لما يستخلصه من ظروف البيع مسترشداً في ذلك بالأسباب الباعثة إليه إلا أنه ينبغي أن يكون استخلاص الحكم سائغاً ومستنداً إلى دليل قائم في الدعوى يؤدي منطقاً وعقلاً إلى ما انتهى إليه، كما أنه وإن كانت عودة المستأجر البائع إلى ممارسة ذلك النشاط تنفي حالة الضرورة الملجئة للبيع باعتبار أن هذا المسلك يكشف أن البيع لم يكن إلا ابتغاء الكسب إلا أنه إذا ما توافرت حالة الضرورة من واقع آخر وظروف مغايرة وانتفت بذلك شبهة الكسب من وراء البيع فإن ممارسة البائع ذات النشاط أو ذات مهنته ليس من شأنه نفي حالة الضرورة.
2 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك بتوافر حالة الضرورة الملجئة لبيع المتجر في الفترة السابقة على البيع وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن مزاولة المطعون ضده الرابع ذات النشاط في محل آخر ورواج تجارة الطاعن فهي الحديد بعد شرائه المحل بالجدك ينفي القول بتدهور هذا النوع من التجارة وبالتالي الضرورة الملجئة للبيع دون أن يعتد بما أورده الطاعن بشأن الخلاف المستحكم بين الشريكين وتوقف نشاط المتجر بسبب هذا الخلاف فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولى والثانية أقامتا الدعوى رقم 7819 لسنة 1979 شمال القاهرة الابتدائية بطلب إخلاء المحل المؤجر للمطعون ضدهما الثالث والرابع بالعقد المؤرخ 1/ 3/ 1970 لتأجيره من الباطن للطاعن دون إذن من المؤجر خلافاً للحظر الوارد بالعقد والقانون. وجه الطاعن دعوى فرعية للمطعون ضدهما الأولى والثانية بطلب إلزامهما بتحرير عقد إيجار له عن المحل استناداً لعقد بيع الجدك الصادر له من مستأجريه. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت في الدعوى الأصلية برفضها وفي الدعوى الفرعية بنفاذ عقد بيع الجدك الصادر للطاعن وإبقاء الإيجار لصالحه. استأنفت المطعون ضدهما الأولى والثانية بالاستئناف رقم 957 لسنة 98 ق القاهرة وبتاريخ 19/ 1/ 1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وفي الدعوى الأصلية بالإخلاء والفرعية برفضها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بأسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بانتقاء الضرورة الملجئة لبيع المتجر استناداً إلى أن أحد البائعين للمحل بالجدك وهو المطعون ضده الرابع ما زال يزاول نشاطه في تجارة الحديد بمحل آخر خاص به وأن حجم معاملات الطاعن مشتري الجدك في هذه التجارة في السنوات 77 حتى 1979 زاد على مائتي ألف جنيه مما ينفي القول بتدهور هذا النوع من التجارة وأهدر الثابت بالأوراق من أن الضرورة الملجئة لبيع المحل التجاري هو الخلاف المستحكم بين الشريكين المطعون ضدهما الثالث والرابع قبل البيع مما أدى توقف نشاطهما في المتجر في السنوات السابقة على بيع الجدك والذي يعتبر سبباً قانونياً لحل الشركات. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان تقدير الضرورة التي تسوغ التنازل عن الإيجار بالرغم من الشرط المانع متروك لقاضي الموضوع طبقاً لما يستخلصه من ظروف البيع مسترشداً في ذلك للأسباب الباعثة إليه إلا أنه ينبغي أن يكون استخلاص الحكم سائغاً ومستنداً. إلى دليل قائم في الدعوى يؤدي منطقاً وعقلاً إلى ما انتهى إليه، كما أنه وإن كانت عودة المستأجر البائع إلى ممارسة ذات النشاط تنفي صلة الضرورة الملجئة للبيع باعتبار أن هذا المسلك يكشف أن البيع لم يكن إلا ابتغاء الكسب إلا أنه إذا ما توافرت حالة الضرورة من واقع آخر وظروف مغايرة وانتفت بذلك شبهة الكسب من وراء البيع فإن ممارسة البائع ذات النشاط أو ذات مهنته ليس من شأنه نفي حالة الضرورة. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك بتوافر حالة الضرورة الملجئة لبيع المتجر في استحكام الخلاف بين الشريكين مما أدى لتوقف نشاط المتجر في الفترة السابقة على البيع وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن مزاولة المطعون ضده الرابع ذات النشاط في محل آخر ورواج تجارة الطاعن في الحديد بعد شرائه المحل بالجدك ينفي القول بتدهور هذا النوع من التجارة وبالتالي الضرورة الملجئة للبيع دون أن يعتد بما أورده الطاعن بشأن
الخلاف المستحكم بين الشريكين وتوقف نشاط المتجر بسبب هذا الخلاف فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.