أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 434

جلسة 25 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد القادر سمير، محمد طيطه، ماهر البحيري وشكري جمعه.

(230)
الطعن رقم 152 لسنة 51 القضائية

(1) أموال "الأموال العامة".
الأموال العامة. ماهيتها. العقارات والمنقولات التي يتم تخصيصها للمنفعة العامة م 87 مدني.
(2، 3) اختصاص "الاختصاص الولائي". أموال "الأموال العامة" "الأسواق العامة".
الأسواق التي تخصصها الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى للنفع العام اعتبارها من الأموال العامة. تصرف السلطة الإدارية فيها لا يكون إلا على سبيل الترخيص المؤقت ومقابل رسم لا أجرة. أثره. اعتبارها من الأعمال الإدارية وخروجها عن ولاية المحاكم العادية. علة ذلك.
(3) تمسك الشركة الطاعنة........ بأنها استصدرت موافقة مجلس المحافظة باعتماد تقسيم منطقة المعمورة وتضمنت خريطة التقسيم سوق المعمورة التجاري الذي تحويه محل النزاع بهدف تقديم الخدمات لرواد الشاطئ والمصطافين بما يسبغ عليه صفة المال العام انتهاء الحكم المطعون فيه إلى تكييف العلاقة بين الشركة الطاعنة والمطعون ضدها بأنها علاقة إيجارية وإخضاعها مقابل الانتفاع بمحل النزاع لقواعد تحديد الأجرة وفقاً لقانون إيجار الأماكن سندين أن الشركة الطاعنة من أشخاص القانون الخاص، وأن محل النزاع يقع في وسط المنطقة السكنية بالمعمورة بعيداً عن الشاطئ. خطأ في القانون.
1 - النص في المادة 87 من التقنين المدني - يدل وعلى ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون المدني بأن المشرع لم يحدد الأشياء العامة بل جمعها كلها في عبارة مؤجرة واضحة وتجنب تعدادها بما وضعه من معيار التخصيص للمنفعة العامة وهو معيار يضع تعريفاً عاماً تتحدد بمقتضاه الأموال العامة دون حاجة لتعدادها كما كان هو الحال في القانون المدني القديم.
2 - الأسواق التي تقيمها الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى تعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأموال العامة بحكم تخصيصها للمنفعة العامة، وأن الترخيص بالانتفاع بها يكون مقابل رسم لا أجرة ويعتبر من الأعمال الإدارية ولا ولاية للمحاكم العادية عليها في الشأن ومن المقرر أيضاً أن الأصل في المرافق العامة أن يتولاها الدولة إلا أنه ليس هناك مانع من أن تعهد الدولة بإدارتها واستغلالها إلى فرد أو شركة ولا يخرج الملتزم في إدارتها أن يكون معاوناً للدولة ونائباً عنها وهذه الطريقة غير المباشرة لإدارة المرفق العام لا تعتبر منازلاً أو غلياً من الدولة عن المرفق العام بل تظل ضافية ومسئولة عن إدارته واستقلاله قبل الشعب ولها في سبيل القيام بهذا الواجب أن تتدخل في شئون المرافق العامة كلما اقتضت المصلحة العامة هذا التدخل ولو كان ذلك قبل انتهاء مدة الترخيص ويعتبر الترخيص الصادر من الملتزم لأحد الأشخاص لاستغلال هذا المرفق أو أي جزء منه يعتبر عقداً إدارياً.
3 - إن كانت الشركة الطاعنة - وهي إحدى شركات القطاع العام لا تعتبر من الأشخاص العامة إلا أن الثابت من أحكام القانون 565 لسنة 1954 والقانون رقم 60 لسنة 1962 وقرار رئيس الجمهورية رقم 2909 لسنة 1964 بإنشاء الشركة العامة للتعمير السياحي والتي تحول اسمها في سنة 1968 إلى اسم الشركة الطاعنة أن الدولة أناطت بها إقامة منطقة المعمورة ومرافقها وإدارتها واستقلالها بما لازمه أن تتولى الشركة الطاعنة تخطيط المنطقة واستصدار قرار المحافظة باعتماد هذا التقسيم إعمالاً لأحكام القانون 52 لسنة 1940 في شأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1952 وإذ تمسكت الشركة الطاعنة بأنها استصدرت بالفعل موافقة مجلس محافظة الإسكندرية باعتماد تقسم منطقة المعمورة وذلك بالقرار رقم 185 لسنة 1964 وقد وضع من منطقة التقسيم تحديد الشوارع والميادين والحدائق والمنتزهات العامة والأسواق ومنها سوق المعمورة التجاري الذي يقع به محل النزاع وتمسكت بأنها قصدت من إقامة تقديم الخدمات لرواد شاطئ المعمورة والمصطافين بتوفير احتياجاتهم ولوازمهم بما يسبغ عليه صفة المال العام وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب إلى أن العلاقة بين الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما هي علاقة إيجارية وأخضع مقابل الانتفاع محل النزاع لقواعد تحديد الأجرة وفقاً لقانون إيجار الأماكن على سند من أن الشركة الطاعنة من أشخاص القانون الخاص وأن محل النزاع يقع وفي وسط المنطقة السكنية بالمعمورة بعيداً عن الشاطئ في حين أن الدولة - وعلى ما سلف بيانه لها أن تعهد لأحد أشخاص القانون الخاص بإدارة المرفق العام استقلاله، وأن ميعاد التخصيص للمنفعة العامة جاء مطلقاً ولم يقصره المشرع على أرض الشواطئ وحدها، وأن هذا التخصيص قد يكون بالفعل أو بأداة تشريعية أو قرار وزاري فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وقد أدى به هذا المبدأ الخاطئ الذي اعتنقه إلى إغفال بحث دفاع الشركة الطاعنة سالف البيان وهو دفاع جوهري إن صح قد يتغير به في الرأي في الدعوى وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب لإخلاله بحق الدفاع فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى 1359 لسنة 1973 مدني كلي الإسكندرية على المطعون ضدهم طعناً على قرار لجنة تحديد الأجرة طالبة بإلغائه، وقالت بياناً لدعواها أنها رخصت للمطعون ضدها الأولى ثم للمطعون ضده الثاني في استغلال محل بالسوق التجاري العام بالمعمورة وقد فوجئت بإخطار مؤرخ 7/ 3/ 1973 يتضمن تحديد القيمة الإيجارية لهذا المحل وهو ما يخرج عن ولاية لجنة تحديد الأجرة فأقامت الدعوى حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه، استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف 966 لسنة 30 ق الإسكندرية وبعد أن ندبت خبيراً قضت بتاريخ 22/ 11/ 1980 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن محل النزاع يقع بسوق المعمورة التجاري والمخصص للمنفعة العامة، ومن ثم فيعتبر من الأموال العامة، وقدمت تأييداً لدفاعها قرار محافظ الإسكندرية رقم 180 لسنة 1964 وخريطة تقسيم منطقة المعمورة وبيان مرافقها وفقاً لأحكام القانون 52 لسنة 1940 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1952 وأنها باعتبارها نائبة عن الدولة في إدارة واستغلال مرافق منطقة المعمورة وشاطئها قد رخصت للمطعون ضدهما باستغلال محل النزاع بموجب ترخيص مؤقت مؤرخ 28/ 10/ 1969 مقابل رسم معين وتحكمه شروط محدده، فلا يخضع للقانون الخاص وقواعد تحديد الأجرة، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر العلاقة بينهما علاقة إيجارية وليست ترخيصاً إدارياً وأخضع مقابل الانتفاع بمحل النزاع لقواعد تحديد الأجرة إعمالاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، هذا إن الحكم لم يرد على دفاعها الجوهري الذي يتغير به وجه الرأي في الدعوى مما يعيبه أيضاً بالقصور في التسبيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 87 من التقنين المدني على أنه "يعتبر أموالاً عامة. العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص" يدل وعلى ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون المدني بأن المشرع لم يحدد الأشياء العامة بل جمعها كلها في عبارة موجزة واضحة وتجنب تعدادها بما وضعه من معيار التخصيص للمنفعة العامة وهو معيار يضع تعريفاً عاماً تتحدد بمقتضاه الأموال العامة دون حاجة لتعدادها كما كان هو الحال في القانون المدني القديم ومن ثم فإن الأسواق التي تقيمها الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى تعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأموال العامة بحكم تخصيصها للمنفعة العامة، وأن الترخيص بالانتفاع بها يكون مقابل رسم لا أجرة ويعتبر من الأعمال الإدارية ولا ولاية للمحاكم العادية عليها في هذا الشأن ومن المقرر أيضاً أن الأصل في المرافق العامة أن تتولاها الدولة إلا أنه ليس هناك مانع من أن تعهد الدولة بإدارتها واستغلالها إلى فرد أو شركة ولا يخرج الملتزم في إدارتها أن يكون معاوناً للدولة ونائباً عنها وهذه الطريقة غير المباشرة لإدارة المرفق العام لا تعتبر تنازلاً أو تخلياً من الدولة عن المرفق العام بل تظل ضامنة ومسئولة عن إدارته واستغلاله قبل الشعب ولها في سبيل القيام بهذا الواجب أن تتدخل في شئون المرفق العام كلما اقتضت المصلحة العامة هذا التدخل ولو كان ذلك قبل انتهاء مدة الترخيص ويعتبر الترخيص الصادر من الملتزم لأحد الأشخاص لاستغلال هذا المرفق أو أي جزء منه يعتبر عقداً إدارياً ولما كان ذلك ولئن كانت الشركة الطاعنة - وهي إحدى شركات القطاع العام لا تعتبر من الأشخاص العامة إلا أن الثابت من أحكام القانون 565 لسنة 1954 القانون رقم 60 لسنة 1962 وقرار رئيس الجمهورية رقم 2909 لسنة 1964 بإنشاء الشركة............. والتي تحول اسمها في سنة 1968 إلى اسم الشركة الطاعنة - أن الدولة أناطت بها إقامة منطقة المعمورة ومرافقها وإدارتها واستغلالها لها بما لازمه أن تتولى الشركة الطاعنة تخطيط المنطقة واستصدار قرار المحافظة باعتماد هذا التقسيم إعمالاً لأحكام القانون 52 لسنة 1940 في شأن تقسيم الأرض المعدة للبناء المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1952 وإذا تمسكت الشركة الطاعنة بأنها استصدرت بالفعل موافقة مجلس محافظة الإسكندرية باعتماد تقسيم منطقة المعمورة وذلك بالقرار رقم 185 لسنة 1964 وقد وضح من خريطة التقسيم تحديد الشوارع والميادين والحدائق والمنتزهات العامة والأسواق ومنها سوق المعمورة التجاري الذي يقع به محل النزاع، وتمسكت بأنها قصدت من إقامته تقدم الخدمات لرواد شاطئ المعمورة والمصطافين بتوفير احتياجاتهم ولوازمهم بما يسبغ عليه صفة المال العام، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب إلى أن العلاقة بين الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما هي علاقة إيجارية وأخضع مقابل الانتفاع بمحل النزاع لقواعد تحديد الأجرة وفقاً لقانون إيجار الأماكن على سند من أن الشركة الطاعنة من أشخاص القانون الخاص، وأن محل النزاع يقع في وسط المنطقة السكنية بالمعمورة بعيداً عن الشاطئ، في حين أن الدولة - وعلى ما سلف بيانه لها أن تعهد لأحد أشخاص القانون الخاص بإدارة المرفق العام واستغلاله، وأن معيار التخصيص للمنفعة العامة جاء مطلقاً ولم يقصره المشرع على أرض الشواطئ وحدها، وأن هذا التخصيص قد يكون بالفعل أو بأداة تشريعية أو بقرار وزاري، فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وقد أدى به هذا المبدأ الخاطئ الذي اعتنقه إلى إغفال بحث دفاع الشركة الطاعنة سالف البيان هو دفاع جوهري إن صح قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى وهو مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب لإخلاله بحق الدفاع فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.