أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 486

جلسة 31 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عبد الحميد سليمان وعزت عمران.

(240)
الطعن رقم 200 لسنة 53 القضائية

(1، 2) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
(1) اكتساب القضاء النهائي قوة الأمر المقضي. محله. ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل. ليس موضوعاً لحكم حاز قوة الأمر المقضي.
(2) حجية الحكم. ثبوتها لكل حكم قضائي صادر من جهة ذات ولاية رفع استئناف عن هذا الحكم. أثره. وقف الحجية بصفة مؤقتة. عدم تقيد الحكم به طالما لم تقض المحكمة الاستئنافية بتأييده.
(3 - 6) إيجار "إيجار الأماكن" "تحديد الأجرة" "أعباء الترميم والصيانة" "أسباب الإخلاء". بطلان. عقد. قانون "سريان القانون".
(3) القيمة الإيجارية المحددة بواسطة لجان التقدير طبقاً للأسس الواردة بالقانون 46 لسنة 1962 والقانون 52 لسنة 1969. شمولها مصروفات الإصلاحات والصيانة والإدارة لاحق للمؤجر في تقاضي مقابلاً إضافياً لهذه الخدمات.
(4) الاتفاق على أجرة تجاوز الحد الأقصى للأجرة القانونية للمكان المؤجر باطل بطلاناً مطلقاً. لا يغير من ذلك كون الاتفاق قد تم أثناء سريان العقد وانتفاع المستأجر بالعين.
(5) نص المادة التاسعة من القانون رقم 136 لسنة 1981 بخصوص توزيع أعباء الترميم والصيانة بين المالك وشاغلي المبنى. سريان حكمه اعتباراً من 31/ 7/ 1981. عدم سداد المستأجر لهذه التكاليف. لا يرتب الإخلاء علة ذلك.
(6) القضاء برفض دعوى الإخلاء لتخلف المستأجرين عن الوفاء بمصروفات إزالة مخلفات المصرف الصحي وتوصيله الإنارة. لا خطأ. علة ذلك.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن القضاء النهائي لا قوة له إلا فيما يكون قد فصل بين الخصوم أنفسهم بصفة صريحة أو بصفة حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، فما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي مانعاً من إعادة نظر النزاع.
2 - إن كان لكل حكم قضائي صادر من جهة ذات ولاية حجية الشيء المحكوم فيه وهذه الحجية تمنع الخصوم من رفع دعوى جديدة بإدعاء يتناقض مع ما قضى به هذا الحكم ولا يجوز معها للمحكمة التي أصدرته ولا لمحكمة غيرها أن تعيد النظر فيما قضى به إلا أن هذه الحجية مؤقتة تقف بمجرد رفع استئناف عن هذا الحكم وتظل موقوفة إلى أن يقضي في الاستئناف، فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجية وإذا ألغى زالت عنه هذه الحجية، ويترتب على وقف حجية الحكم نتيجة لرفع الاستئناف عنه أن المحكمة التي يرفع إليها ذات النزاع الذي فصل فيه هذا الحكم لا تتقيد بهذه الحجية طالما لم يقصد برفض الاستئناف قبل أن تصدر حكمها في الدعوى.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 46 لسنة 1962 - بتحديد إيجار الأماكن - والفقرة الأولى من القرار التفسيري رقم 1 لسنة 1964 والمادة 10 من قانون إيجار الأماكن السابق رقم 52 لسنة 1969 اللذين أقيم البناء محل النزاع في ظل العمل بأحكامها - على نحو ما خلص إليه خبير الدعوى في تقديره - أن القيمة الإيجارية للأماكن المحددة بواسطة لجان التقدير لا تقابل فقط صافي فائدة استثمار العقار أرضاً وبناء ومقابل استهلاك رأس المال وإنما تشمل أيضاً مصروفات الإصلاحات والصيانة والإدارة بما مؤداه أنه لا يحق للمؤجر بعد تقدير القيمة الإيجارية وفق أحكامه أن يتقاضى من المستأجر مقابلاً لهذه الخدمات الإضافية إذ يفترض أنه تقاضى مقابلها ضمن الأجرة المحددة. بواسطة لجان التقدير.
4 - المقرر أن تحديد أجرة الأماكن - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها وأن الاتفاق على أجرة تجاوز الحد الأقصى للأجرة يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً يستوي في ذلك أن يكون الاتفاق على هذه الزيادة قد ورد في عقد الإيجار أو أثناء سريانه وانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة.
5 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص التشريعي ولو كان متعلقاً بالنظام العام لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع وما تم في ظله من آثار ولو كانت نتيجة لعلاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاده، إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون الجديد تغليباً لاعتبارات النظام العام التي دعت إلى إصداره لما كان ذلك فإن ما تقضي به المادة التاسعة من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن إيجار الأماكن بخصوص توزيع أعباء الترميم والصيانة الدورية والعامة للمباني بين المالك وشاغلي المبنى بالنسب المحددة حسب تاريخ إنشاء المبنى وهو نص مستحدث لم يكن له مثيل في قوانين إيجار الأماكن السابقة عليه لا تسري أحكامه إلا اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون المذكور في 31 / 7/ 1981 ولما كانت التكاليف التي يلتزم بها المستأجر وفقاً لهذا النص اعتباراً من هذا التاريخ لا تدخل ضمن القيمة الإيجارية المحددة للعين المؤجرة بل عد التزاماً مستقلاً عن التزام المستأجر بالوفاء بالأجرة في المواعيد المقررة قانوناً، فلا يترتب على التأخير في سدادها ما يترتب على التأخير في سداد الأجرة من آثار ذلك أن المشرع لو أراد أن يسوي بين أثر تخلف المستأجر عن الوفاء بكل من هذين الالتزامين لما أعوزه النص على ذلك نحو ما نص عليه صراحة في المادتين 14، 37 من قانون إيجار الأماكن القائم رقم 49 لسنة 1977 من أنه يترتب على عدم وفاء المستأجر بالضرائب العقارية والرسوم المستحقة وقيمة استهلاك المياه ما يترتب على التأخر في سداد الأجرة من آثار.
6 - إذ كان لا يجوز للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر إلا لأحد الأسباب المبينة بالمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وليس من بين هذه الأسباب تخلف المستأجر عن سداد حصته في تكاليف الترميم والصيانة الدورية وكان الطاعن قد أقام دعواه في سنة 1981 بطلب إخلاء الأعيان المؤجرة للمطعون ضدهم استناداً إلى تخلفهم عن الوفاء بمصروفات إزالة مخلفات الصرف الصحي وتوصيله الإنارة فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض إخلاء تلك الأعيان على سند من أنه لم يدع تخلف المطعون ضدهم عن سداد القيمة الإيجارية التي حددتها اللجنة المختصة بتقدير الأجرة فإنه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعن الدعوى رقم 2142 لسنة 1979 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتحديد القيمة الإيجارية الشهرية للشقة المؤجرة للأول بمبلغ 3.800 جنيه، والشقة المؤجرة للثاني بمبلغ 2.250 جنيه وللشقة المؤجرة للثالث بمبلغ 3.800 جنيه، وقالوا بياناً لدعواهم أن كلاً منهم يستأجر شقة من الطاعن بالعقار المبين بالصحيفة وقد تم تقدير القيمة الإيجارية بمعرفة اللجنة المختصة على النحو المبين بطلباتهم إلا أن الطاعن استصدر أمر أداء بإلزام الأول بمبلغ 36 جنيه والثاني بمبلغ 65 جنيه والثالث بمبلغ 41 جنيه وذلك مقابل إزالة مخلفات الصرف الصحي الخاص بالعقار رغم أن القرار الصادر بتحديد الأجرة يشمل مقابل هذه المصروفات، فتظلموا من هذا الأمر في الدعوى رقم 1146 سنة 1977 أمام محكمة عابدين الجزئية، وإذ قضى بوقف الدعوى للمنازعة في القيمة الإيجارية، فقد أقاموا الدعوى، وبتاريخ 19/ 6/ 80 ندبت المحكمة خبيراً لبيان ما إذا كان مقابل كسح خزان الصرف الصحي يدخل ضمن القيمة الإيجارية لأعيان النزاع من عدمه، ثم أقام الطاعن على المطعون ضدهم الدعوى رقم 1598 سنة 1981 أمام ذات المحكمة طالباً الحكم بإخلاء الشقق محل النزاع وتسليمها له خالية لامتناعهم عن سداد مصروفات إزالة مخلفات الصرف الصحي وتوصيلة الإنارة رغم إنذارهم بذلك، وبعد أن قدم الخبير تقريره قررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط وقضت بتاريخ 16/ 3/ 1982 بتحديد القيمة الإيجارية لأعيان النزاع بمبلغ 3.800، 2.250، 3.800 جنيه شهرياً على التوالي دون زيادة وبرفض دعوى الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3419 سنة 99 ق القاهرة، وبتاريخ 12/ 12/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى رقم 2142 سنة 1979 المقامة من المطعون ضدهم، هذا رغم أن الثابت بالأوراق سبق صدور حكم في الدعوى رقم 1146 سنة 1977 مدني عابدين الجزئية بإلزامهم بأداء مصروفات إزالة مخلفات الصرف الصحي، وإذ أصبح هذا الحكم نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي لصدوره في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الجزئية بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثالث، ولعدم تقديم المطعون ضده الثاني ما يعد إلغاء ذلك الحكم في الاستئناف المرفوع منه، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد حجية الحكم المذكور يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن القضاء النهائي لا قوة له إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم أنفسهم بصفة صريحة أو صفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، فما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي مانعاً من إعادة نظر النزاع، وإنه وإن كان لكل حكم قضائي صادر من جهة ذات ولاية حجية الشيء المحكوم فيه وهذه الحجية تمنع الخصوم من رفع دعوى جديدة بإدعاء يناقض ما قضي به هذا الحكم، ولا يجوز معها للمحكمة التي أصدرته ولا لمحكمة غيرها أن تعيد النظر فيما قضى به، إلا أن هذه الحجية مؤقتة تقف بمجرد رفع استئناف عن هذا الحكم وتظل موقوفة إلى أن يقضي في الاستئناف، فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته وإذا ألغي زالت عنه هذه الحجية، ويترتب على وقف حجية الحكم نتيجة لرفع الاستئناف عنه أن المحكمة التي يرفع إليها ذات النزاع الذي فصل فيه هذا الحكم لا تتقيد بهذه الحجية طالما لم يقض برفض الاستئناف قبل أن تصدر حكمها في الدعوى، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن استصدر أمر أداء بإلزام المطعون ضدهم بمصروفات إزالة مخلفات الصرف الصحي فأقاموا التظلم رقم 1146 سنة 1977 مدني عابدين الجزئية قضى فيه بالوقف حتى يتم تحديد القيمة الإيجارية لأعيان النزاع من قبل المحكمة المختصة لبيان ما إذا كانت تشمل مصاريف إزالة المخلفات من عدمه، فاستأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 60 سنة 1978 مدني مستأنف جنوب القاهرة قضى فيه بعدم جواز الاستئناف بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثالث وبإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمطعون ضده الثاني وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها، ولما قضت المحكمة برفض تظلمه أقام الاستئناف رقم 91 سنة 1979 مدني مستأنف جنوب القاهرة الابتدائية، وإذ خلت الأوراق مما يفيد فصل المحكمة في موضوع هذا الاستئناف وإلزام المطعون ضده الثاني بمصروفات إزالة المخلفات وتوصيلة الإنارة المطالبة بها، وكان الحكم النهائي الصادر بوقف التظلم بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثالث لم يفصل في شأن مدى إلزامها بأداء المصروفات محل النزاع بالإضافة للأجرة القانونية فإنه لا يكون صحيحاً ما يدعيه الطاعن من سبق صدور حكم نهائي بشأن المنازعة المطروحة في الدعوى الراهنة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أن اتفاقه مع المطعون ضدهم على إلزامهم بدفع مبلغ جنيه واحد شهرياً مقابل إزالة مخلفات الصرف الصحي هو أمر جائز قانوناً لأن مقابل انتفاعهم بهذه الميزة أمر مستقل عن انتفاعهم بالعين المؤجرة لكل منهم هذا إلى أن الثابت بتقرير الخبير أن العقار محل النزاع قد تم بناءه في سنة 1969 وسنة 1973 ووفقاً لأحكام القانون رقم 136 سنة 1981 بشأن إيجار الأماكن - ولائحته التنفيذية توزيع أعباء الترميم والصيانة الدورية والعامة للمباني بما في ذلك نزح الآبار والبيارات مناصفة بين المالك وشاغلي المبنى وإذ لم يعمل الحكم المطعون فيه أحكام القانون المذكور فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 46 لسنة 1962 - بتحديد إيجار الأماكن - والفقرة الأولى من القرار التفسيري رقم 1 لسنة 1964 والمادة 10 من قانون إيجار الأماكن السابق رقم 52 لسنة 1969 - اللذين أقيم البناء محل النزاع في ظل العمل بأحكامهما - على نحو ما خلص إليه خبير الدعوى في تقريره - أن القيمة الإيجارية للأماكن المحددة بواسطة لجان التقدير لا تقابل فقط صافي فائدة استثمار العقار أرضاً وبناء ومقابل استهلاك رأس المال وإنما تشمل أيضاً مصروفات الإصلاحات والصيانة الإدارية بما مؤداه أنه لا يحق للمؤجر بعد تقدير القيمة الإيجارية وفق أحكامه أن يتقاضى من المستأجر مقابلاً لهذه الخدمات الإضافية إذ يفترض أنه تقاضي مقابلها ضمن الأجرة المحددة بواسطة لجان التقدير، كما أنه من المقرر أن تحديد أجرة الأماكن - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها، وأن الاتفاق على أجرة تجاوز الحد الأقصى للأجرة يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً يستوي في ذلك أن يكون الاتفاق على هذه الزيادة قد ورد في عقد الإيجار أو أثناء سريانه وانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق - على ما هو ثابت بتقرير الخبير - أن الشقق المؤجرة محل النزاع قد أقيمت أحداها في سنة 1969 والأخريان تمت إقامتهما في سنة 1973، وقدرت اللجنة المختصة القيمة الإيجارية لكل منها وفقاً لأحكام القانونين رقمي 46 سنة 1962، 52 سنة 1969 ومن ثم فإن مصروفات الإصلاحات والصيانة والإدارة اللازمة لانتفاع المستأجرين بالعين المؤجرة ومرافقها تكون قد تم احتسابها ضمن القيمة الإيجارية التي قدرتها اللجنة المختصة ولا يجوز للطاعن (المؤجر) تقاضى مقابل هذه التكاليف ولو اتفق مع المطعون ضدهم على التزامهم بها لما في ذلك من مخالفة للحد الأقصى للقيمة الإيجارية المقررة قانوناً، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وحدد أجرة الأماكن المؤجرة للمطعون ضدهم وفقاً لقرار اللجنة المختصة دون إضافة مصروفات إزالة مخلفات الصرف الصحي إلى الأجرة التي حددتها اللجنة، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، والنعي مردود في شقه الثاني بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص التشريعي ولو كان متعلقاً بالنظام العام لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع وما تم في ظله من أثار ولو كانت نتيجة لعلاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاذه، إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون الجديد تغليباً لاعتبارات النظام العام التي دعت إلى إصداره، لما كان ذلك فإن ما تقضي به المادة التاسعة من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن إيجار الأماكن بخصوص توزيع أعباء الترميم والصيانة الدورية والعامة للمباني بين المالك وشاغلي المبنى بالنسب المحددة بها - حسب تاريخ إنشاء المبنى - وهو نص مستحدث لم يكن له مثيل في قوانين إيجار الأماكن السابقة عليه، لا تسري أحكامه إلا اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون المذكور في 31 / 7/ 1981، ولما كانت التكاليف التي يلتزم بها المستأجر وفقاً لهذا النص اعتباراً من هذا التاريخ لا تدخل ضمن القيمة الإيجارية المحددة للعين المؤجرة، بل تعد التزاماً مستقلاً عن التزام المستأجر بالوفاء بالأجرة في المواعيد المقررة قانوناً، فلا يترتب على التأخر في سدادها ما يترتب على التأخير في سداد الأجرة من آثار ذلك أن المشرع لو أراد أن يسوي بين أثر تخلف المستأجر عن الوفاء بكل من هذين الالتزامين لما أعوزه النص على ذلك على نحو ما نص عليه صراحة في المادتين 14، 37 من قانون إيجار الأماكن القائم رقم 49 لسنة 1977 من أنه يترتب على عدم وفاء المستأجر بالضرائب العقارية والرسوم المستحقة وقيمة استهلاك المياه ما يترتب على التأخر في سداد الأجرة من آثار، لما كان ذلك وكان لا يجوز للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر إلا لأحد الأسباب المبينة بالمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وليس من بين هذه الأسباب تخلف المستأجر عن سداد حصته في تكاليف الترميم والصيانة الدورية، وكان الطاعن قد أقام دعواه في سنة 1981 بطلب إخلاء الأعيان المؤجرة للمطعون ضدهم استناداً إلى تخلفهم عن الوفاء بمصروفات إزالة مخلفات الصرف الصحي وتوصيلة الإنارة، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض إخلاء تلك الأعيان على سند من أنه لم يدع تخلف المطعون ضدهم عن سداد القيمة الإيجارية التي حددتها اللجنة المختصة بتقدير الأجرة، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.