أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 545

جلسة 7 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد لطفي السيد، طه الشريف نائبي رئيس المحكمة، وأحمد أبو الحجاج وعبد الصمد عبد العزيز.

(251)
الطعن رقم 39 لسنة 57 القضائية

(1) إثبات.
مناقشة موضوع المحرر - مؤداه - التسليم بصحة نسبة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمن يشهد عليه المحرر. م 14/ 3 إثبات.
(2) دعوى "الطلبات فيها" "تقدير قيمتها". اختصاص "اختصاص قيمي".
اشتمال الدعوى على طلبات متعددة ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة. تقدير قيمتها باعتبار قيمة كل منها على حده. اختصاص المحكمة الابتدائية بالحكم في الطلب الأصلي. أثره. امتداد اختصاصها بالحكم في الطلبات المرتبطة به مهما تكن قيمتها أو نوعها. م 38، 47 مرافعات.
(3) نقض "السبب المتعلق بالنظام العام".
جواز التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بسبب متعلق بالنظام العام. شرطه. مهمة محكمة النقض. بيانها.
(4) نقض "السبب المختلط بالواقع".
دفاع يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5) دعوى "الطلبات العارضة".
الطلب العارض شرط قبوله. م 123 مرافعات.
1 - مؤدى النص في المادة 14/ 3 من قانون الإثبات أن مناقشة موضوع المحرر تفيد التسليم بصحة نسبة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمن يشهد عليه المحرر.
2 - الدعوى إذا اشتملت على طلبات متعددة وكانت ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة كان التقدير باعتبار قيمة كل منها على حدة (م 38 مرافعات) إلا أنه متى كانت المحكمة الابتدائية مختصة بالحكم في الطلب الأصلي فإنها تختص كذلك بالحكم في الطلبات المرتبطة به مهما تكن قيمتها أو نوعها (م 47 مرافعات).
3 - يشترط لجواز التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بسبب من الأسباب المتعلقة بالنظام العام أن يكون تحت نظر محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى جميع العناصر التي تتمكن بها من الإلمام بهذا السبب والحكم في الدعوى على موجبه فإذا تبين أن هذه العناصر كانت تنقصها فلا سبيل للتمسك بهذا السبب، ذلك أن مهمة محكمة النقض مقصورة على القضاء في صحة الأحكام فيما يكون قد عرض على محكمة الموضوع من الطلبات وأوجه الدفاع.
4 - إذ كان سبب النعي ينطوي على دفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع مما لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب غير مقبول.
5 - المقرر في قضاء النقض أنه يشترط لقبول الطلب العارض وفقاً للمادة 123 من قانون المرافعات أن يقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة وفي حضور الخصم ويثبت في محضرها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 2100 لسنة 1980 مدني كلي قنا على الطاعن والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 23/ 2/ 1966 المتضمن بيع المطعون ضده الثاني للطاعن أطياناً زراعية مساحتها 12 ط 13 س (2) بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 9/ 1/ 1968 والمتضمن بيع الطاعن للمطعون ضده الثاني مساحة 3 س 18 ط (3) بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 8/ 4/ 1980 المتضمن بيع المطعون ضده الثاني للمطعون ضدها الأولى مساحة 3 س 18 ط والتسليم. دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام البائع للبائع وبعدم قبول الطلبات المعدلة لمغايرتها لأصل الحق. قضت المحكمة. بصحة ونفاذ عقود البيع المؤرخة 23/ 2/ 66، 9/ 1/ 68، 8/ 4/ 1980 والتسليم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 155 لسنة 3 ق قنا وبتاريخ 6/ 11/ 1985 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص القيمي وبعدم قبول الطعن بالإنكار على عقد البيع المؤرخ 9/ 1/ 1968. ثم قضت بتاريخ 5/ 11/ 1986 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، إذ عرض الطعن في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأولى على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم قبول الطعن بالإنكار على عقد البيع المؤرخ 9/ 1/ 1968 على أن الطاعن ناقش موضوع هذا العقد بجلستي 18/ 12/ 1982، 5/ 3/ 1983 أمام محكمة أول درجة وإذ كان ما قرره وكيل الطاعن بالجلستين سالفتي الذكر لا يعد مناقشة لموضوع العقد فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أن النص في المادة 14/ 3 من قانون الإثبات على أن "من احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه، لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصحة الإصبع" مؤداه أن مناقشة موضوع المحرر تفيد التسليم بصحة نسبة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمن يشهد عليه المحرر، وكان الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بجلسة 6/ 11/ 1985 قد قضى بعدم قبول الطعن بالإنكار على عقد البيع المؤرخ 9/ 1/ 1968 على سند من أن المحرر المذكور قدم من المطعون ضدها الأولى بملف الدعوى وناقشه وكيل الطاعن بجلستي 18/ 2/ 1982، 5/ 3/ 1983 أمام محكمة أول درجة حين قرر بأن مصدر الملكية الوارد في العقد المؤرخ 9/ 1/ 1968 - محل الطاعن بالإنكار - عقود عرفية لم تتخذ في شأنها دعاوى صحة التعاقد وأن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى بطلب صحة ونفاذ هذا العقد وكان هذا الذي قرره وكيل الطاعن يعد مناقشة لموضوع المحرر يفيد التسليم بصحة الخط أو الإمضاء الثابت به لمن يشهد عليه هذا المحرر فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الطعن بالإنكار لا يكون معيباً بالفساد في الاستدلال ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول بأنه تمسك بالدفع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية قيمياً بنظر دعوى صحة العقد المؤرخ 9/ 1/ 1968 باعتبار أن قيمته 500 جنيه مما يدخل في الاختصاص القيمي للمحكمة الجزئية باعتبار أن الطلبات في هذه الدعوى تقدر باعتبار كل طلب على حده لأنها ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع تأسيساً على أن المحكمة الابتدائية تختص بالطلبات المرتبطة بالطلب الأصلي مهما كانت قيمتها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الدعوى إذا اشتملت على طلبات متعددة وكانت ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة وكان التقدير باعتبار قيمة كل منهما على حدة (مادة 38 من قانون مرافعات) إلا أنه متى كانت المحكمة الابتدائية مختصة بالحكم في الطلب الأصلي فإنها تختص كذلك بالحكم في الطلبات المرتبطة به مهما تكن قيمتها أو نوعها (مادة 47 من قانون المرافعات) لما كان ذلك وكانت المطعون ضدها الأولى أقامت دعواها بطلب صحة ونفاذ عقد البيع الصادر من المطعون ضده الثاني وكان هذا الطلب يدخل في اختصاصها قيمياً. كما طلبت الحكم بصحة التعاقد عن العقود الأخرى عن ذات القدر الصادر للبائع لها حتى يتسنى لها تسجيل الحكم الصادر بصحة ونفاذ هذه العقود وانتقال الملكية إليها فإن طلبات المطعون ضدها الأولى التي ضمنتها دعواها بصحة التعاقد عن عقود البيع الصادر للبائعين لها تعتبر بهذه المثابة مرتبطة بطلبها الأصلي بصحة التعاقد عن عقدها وتختص المحكمة الابتدائية بالنظر فيها تبعاً وامتداداً لاختصاصها بالنظر فيها عملاً بنص الفقرة الثالثة من المادة 47 مرافعات وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية فيه بنظر صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 9/ 1/ 68 فإن يكون قد طبق صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول بأنه يدفع بعدم اختصاص للمحكمة الابتدائية قيمياً بنظر الدعوى لأن دعوى صحة التعاقد تقدر بقيمة العين موضوع العقد وأنه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 37 مرافعات فإنها تقدر باعتبار سبعين مثلاً لقيمة الضريبة الأصلية إن كان من الأراضي ولما كان العقار محل العقدين المؤرخين 9/ 1/ 68، 8/ 4/ 1980 يبلغ مساحته 3 س 18 ط فإن قيمتها طبقاً للكشوف الرسمية وللضريبة المربوطة على الحوض تقل عن 500 جنيه وأنه لما كان هذا السبب قانوني ومتعلق بالنظام العام وكانت عناصره مطروحة على محكمة الموضوع ومن ثم فإنه يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد في تقدير الدعوى بقيمة الثمن الوارد بالعقد فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه يشترط لجواز التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بسبب من الأسباب المتعلقة بالنظام العام أن يكون تحت نظر محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى جميع العناصر التي تتمكن بها من الإلمام بهذا السبب والحكم في الدعوى على موجبه فإذا تبين أن هذه العناصر كانت تنقصها فلا سبيل للتمسك بهذا السبب وذلك أن مهمة محكمة النقض مقصورة على القضاء في صحة الأحكام فيما يكون قد عرض على محكمة الموضوع من الطلبات وأوجه الدفاع. لما كان ذلك، وكان البين من أوراق الدعوى أن الطاعن لم يقدم لمحكمة الموضوع الكشوف الرسمية بالضريبة العقارية المربوطة على أعيان النزاع حتى تتمكن من الإحاطة بها فإن سبب النعي ينطوي على دفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع مما لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه ببطلان صحيفة تعديل الطلبات لعدم تقديمها بالطريق الذي رسمه قانون المرافعات إذ أن المطعون ضدها الأولى عدلت طلباتها دون إيداع صحيفتها قلم الكتاب ولما كان هذا السبب متعلق بالنظام العام - وكانت عناصر الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع وكان يتعين عليها التعرض من تلقاء نفسها مما يجوز للطاعن التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن المقرر في قضاء النقض أنه يشترط لقبول الطلب العارض وفقاً للمادة 123 من قانون المرافعات أن يقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة وفي حضور الخصم ويثبت في محضرها ولما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المطعون ضدها عدلت طلباتها أمام محكمة أول درجة باتخاذ الإجراءات المعتادة لرفع الدعوى إذ قدمت صحيفة تعديل الطلبات إلى قلم الكتاب وأعلنتها للطاعن ومن ثم تكون قد التزمت صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام البائع للبائع وأن مصدر الملكية في العقد المؤرخ 9/ 1/ 1968 عقود عرفية لم يتخذ بشأنها إجراءات صحة التعاقد وإذ أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي الذي قضى برفض الدفع دون التعرض لهذا الدفاع فإنه يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام البائع للبائع على ما ثبت من أن المطعون ضدها الأولى قدمت عقد البيع العرفي المؤرخ 9/ 1/ 1968 وثابت به أن الملكية آلت للبائع الطاعن للقدر المباع مساحة منه بطريق الشراء من المطعون ضده الثاني بموجب العقد المؤرخ 23/ 2/ 1966 والمطلوب صحته ونفاذه أما المساحة الأخرى فقد صدر عنها حكم بالصحة والنفاذ في الدعوى رقم 1656 لسنة 1952 مدني جزئي قنا عن العقد المؤرخ 12/ 4/ 1952 والجزء الباقي عن طريق الميراث فإنه يكون قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها مما يضحى معه النعي بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.