أحكام النقض ـ المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 959

جلسة 13 من أبريل سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمد إبراهيم الدسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين جهدان حسين عبد الله، محمد رأفت خفاجي، حسين علي حسين والحسيني الكناني.

(194)
الطعن رقم 271 لسنة 52 القضائية

1، 2 - تأميم. ملكية "ملكية خاصة". قانون. اختصاص "اختصاص ولائي".
1 - تأميم المشروع الخاص. أثره. نقل ملكيته من الأفراد أو الشركات إلى الملكية الجماعية مقابل تعويض عن الحقوق والأموال المملوكة للمنشأة وقت التأميم. تعيين المشروع وتحديد عناصره، مرجعه القانون.
2 - تأميم المنشأة التموينية. ق 51/ 1963. مؤداه. عدم انقضاء المشروع المؤمم والإبقاء على شكله القانوني مع إخضاعه للجهات الإدارية التي يلحق بها. إشراف الجهة الإدارية على المشروع مفهومه.
1 - لئن كان التأميم يترتب عليه نقل ملكية المشروع الخاص من ملكية الأفراد أو الشركات إلى الملكية الجماعية ممثله في الدولة تحقيقاً لظروف اجتماعية واقتصادية وذلك مقابل تعويض أصحاب هذه المشروعات عن الحقوق المؤممة إلا أن هذا التأميم ينصب على الحقوق والأموال المملوكة للمنشأة وقت التأميم التي يقدر رأس مالها بمعرفة لجان التقييم على أساس العناصر المكونة لها. تعيين المشروع المؤمم وتحديد عناصره يرجع فيه إلى القانون مباشرة سواء كان هذا التأميم كاملاً أو ساهمت الدولة أو أحدى الهيئات في ماله بنصيب.
2 - مؤدي القانون رقم 51 لسنة 1963 بتأميم المنشآت التموينية. ومنها المطاحن - ومذكرته الإيضاحية أن المشرع لم يشأ انقضاء المشرع المؤمم بل ارتأى الإبقاء على شكله القانوني واستمراره في ممارسة نشاطه مع إخضاعه للجهات الإدارية التي يلحقه بها، وكان هذا الأشراف لا يعني زوال شخصية المشروع المؤمم بل تظل به شخصيته المعنوية التي كانت له قبل التأميم، وذمته المالية المستقلة بما يكون عالقاً بها التزامات فيسأل المشروع مسئولية كاملة عن جميع التزاماته السابقة على التأميم كنتيجة حتمية لاستمرار شخصيته المعنوية، وإذ كانت قوانين التأميم قد جاءت خلواً من أي تنظيم لهذه الالتزامات، ومن ثم تبقى على أصلها خاضعة لأحكام القانون المدني وبالتالي فإن القانونين 117، 118 لسنة 1961 ليس من شأنها التأثير على عقود الإيجار المبرمة قبل التأميم، والتي تكون قائمة عند حصوله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 6144 سنة 76 شمال القاهرة الابتدائية ضد الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإخلاء عين النزاع وقالوا شرحاً لها أن هذه العين وهي أرص فضاء آلت إليهم بمقتضي العقد المشهر رقم 4817 لسنة 75 الصادر إليهم من البنك العقاري المصري وأنها كانت مملوكة في الأصل لصندوق الرهونات العقارية المصرية التي أجرها لكل من..... و..... اللذين أقاما عليها مطحناً تم تأميمه وأصبح بعد التأميم تابعاً للشركة الطاعنة باعتبارها خلفاً للمستأجرين الأصليين لهذه الأرض وإذ آلت ملكية هذه الأرض للمطعون ضدهم فقد أخطروا الشركة الطاعنة بحوالة عقد الإيجار وإنذارها برغبتهم في عدم تجديد العقد، لما لم تمتثل أقاموا هذه الدعوى، بتاريخ 25/ 10/ 77 قضت المحكمة برفض الدعوى استأنف المطعون ضدهم الاستئناف رقم 4212 سنة 94 قضائية القاهرة، وبتاريخ 26/ 12/ 81 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإخلاء الشركة الطاعنة من عين النزاع وتسليمها خالية المطعون ضدهم. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث أن حاصل ما تنعاه الشركة الطاعنة بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون بإهداره أحكام القانون الصادرة بشأن التأميم التي تعتبر من أعمال السيادة ولا تخضع للرقابة القضائية ذلك وقد أمم المطحن الكائن مبناه وآلاته فوق أرض النزاع فإن قضاء الحكم بإخلاء الشركة الطاعنة من عين النزاع على سند من القول بأنها أجرت أرض فضاء فيخضع إنهاء عقد الإيجار للقواعد العامة على الرغم من خلو الأوراق مما يفيد ذلك من شأنه إنهاء هذا الموضوع المؤمم على خلاف أحكام قوانين التأمين التي صدرت مقيدة لنطاق تطبيق أحكام القانون المدني. فضلاً عن أحكام القانون 11 لسنة 40 هو الواجب التطبيق.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه ولئن كان التأميم يترتب عليه نقل ملكية المشروع الخاص من ملكية الأفراد أو الشركات إلى الملكية الجماعية ممثلة في الدولة تحقيقاً لضرورات اجتماعية واقتصادية وذلك مقابل تعويض هذه المشروعات عن الحقوق المؤممة إلا أن هذا التأميم ينصب على الحقوق والأموال المملوكة للمنشأة وقت التأميم التي يقدر رأس مالها بمعرفة لجان التقييم على أساس العناصر المكونة لها وتعيين المشروع المؤمم، وتحديد عناصره يرجع فيه إلى القانون مباشرة سواء كان هذا التأميم كاملاً أو ساهمت الدولة أو إحدى الهيئات في ماله بنصيب، وكان مؤدى القانون 51 لسنة 1963 بتأميم المنشأة التموينية ومذكرته الإيضاحية أن المشرع لم يشأ انقضاء المشروع المؤمم بل ارتأى الإبقاء على شكله القانوني واستمراره في ممارسة نشاطه مع إخضاعه للجهات الإدارية التي يلحقه بها وكان هذا الإشراف لا يعني زوال شخصية المشروع المؤمم بل تظل له شخصيته المعنوية التي كانت له قبل التأميم وذمته المالية المستقلة بما يكون عالقاً بها من التزامات فيسأل المشروع مسئولية كاملة عن جميع التزاماته السابقة على التأميم كنتيجة حتمية لاستمرار شخصيته المعنوية وإذ كانت قوانين التأميم قد جاء خلواً من أي تنظيم لهذه الالتزامات ومن ثم تبقى على أصلها خاضعة لأحكام القانون المدني وبالتالي فإن القانونين 117، 118 لسنة 61 ليس من شأنهما التأثير على عقود الإيجار المبرمة قبل التأميم والتي تكون قائمة عند حصوله ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص بما له من سلطة تقدير الدليل فيا الدعوى إلى أن أرض النزاع كانت مؤجرة إلى أصحاب المطحن المؤمم في تاريخ سابق على التأميم مستدلاً على ذلك بالاتفاق المؤرخ 21/ 9/ 1959 فيما بين صندوق الرهنيات المالك السابق لهذه الأرض وأصحاب المطحن المؤمم حيث حسم الطرفان الأمر عن طبيعة العلاقة فيما بينهما على أنها علاقة إيجاريه وقدر الأجرة التي تستحق شهرياً لهذه الأرض وتنفيذ هذا الاتفاق من الطرفين حين أقام المالك السابق الدعوى 6378 لسنة 1964 القاهرة الابتدائية ضد شركة المطاحن التي خلفت المستأجرين لهذه الأرض - بالمطالبة بالأجرة المتأخرة لها والمستحقة بناء على هذا الاتفاق وقد قضت المحكمة له بذلك استناداً إلى قيام هذه العلاقة الإيجارية التي لم تكن محل نزاع وقت التأميم فلم يلحق التأميم الأرض الوارد عليها الإيجار بما تبين للمحكمة من تقرير الخبير أن التقييم الذي تم للمطحن لم يرد عليها أن ملكية المشروع المؤمم منفصلة تماماً عن الأرض القائم عليها وهو ما تعزز لدى المحكمة بما ورد بعقد شراء المطعون ضدهم من قصر حماية البائع بالنسبة للأرض فقط دون المباني، وكان هذا الذي أورده الحكم له أصله الثابت بالأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى ما خلص إليه فإن المجادلة في ذلك لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استقام قضاءه على أن أرض النزاع منفصلة عن المشروع المؤمم مما لا محل معه للقول بانطباق قوانين التأميم أو القانون رقم 11 لسنة 40 بشأن بيع المحال التجارية ورهنها بما يضحى معه النعي على الحكم بمخالفة القانون غير سديد.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الثاني وبالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق وشابة القصور في التسبيب ذلك أن الحكم نقل عبء إثبات عدم استئجار عين النزاع كأرض فضاء إلى الشركة الطاعنة حالة أن عبء ذلك يقع على عاتق المطعون ضدهم، كما تمسكت الطاعنة بأن أرض النزاع لم تؤجر فضاء وساقت عدة قرائن على ذلك بما ورد بعقد شراء المطحن المؤرخ 15/ 11/ 1956 الذي تضمن شراء أصحاب المطحن المؤمم المباني المقامة على أرض النزاع وما تضمنه الحكم 3713 لسنة 55 القاهرة الابتدائية من طب صندوق الرهنيات التي آلت إليها ملكية الأرض تقدير إيجار هذه الأرض دون المباني ومن أن تسلم العقار بموجب محضر مؤرخ 18/ 7/ 1954 متضمناً مباني المطحن إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث هذا الدفاع والرد عليه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير مقبول لأن قواعد لإثبات غير متعلقة بالنظام العام وخلت الأوراق من دليل على تمسك الطاعنة بأن الحكم نقل عبء الإثبات أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة، وفي شقة الثاني مردود ذلك أن كون أرض النزاع أجرت فضاء أم بما عليها من مباني هو أمر موضوعي تستقل به محكمة الموضوع ولا سبيل لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة وكان الحكم قد خلص على ما يبين من الرد على السبب الأول إلى أن أرض النزاع قد أجرت فضاء من ملاكها السابقين إلى أصحاب المطحن المؤمم وكانت هذه الحقيقة التي أوردها الحكم وأقام عليها قضاءه بأدلة سائغة فيها الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها فإن منازعه الطاعنة فيما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن واستقام عليه قضاءه لا يعدو أن يكون جدلاً لمحكمة الموضوع سلطة تحصيله وتقديره.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.