أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 45 - صـ 1013

جلسة 15 من يونيه سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري نواب رئيس المحكمة ود/ سعيد فهيم.

(193)
الطعن رقم 92 لسنة 63 القضائية

(1) مسئولية "المسئولية الشيئية".
المسئولية الشيئية. قيامها على أساس خطأ مفترض من جانب حارس الشيء. المقصود بحارس الشيء الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يكون له السيطرة الفعلية لحساب نفسه قصداً واستقلالاً. نفي المسئولية لا يكون إلا بإثبات الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه.
(2) مسئولية "المسئولية الشيئية" "خطأ المضرور".
خطأ المضرور الذي يقطع رابطة السببية بين فعل الشيء والضرر في المسئولية الشيئية. شرطه. صدور فعل عن المضرور من شأنه أن يحدث الضرر به ويكون السبب المباشر لهذا الضرر. علة ذلك.
1 - مناط المسئولية الشيئية قبل حارس الشيء سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً له السيطرة الفعلية عليه لحساب نفسه قصداً واستقلالاً وفقاً لنص المادة 178 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو ثبوت فعل الشيء وأحداث الضرر فإذا ثبت ذلك أضحى الخطأ مفترضاً في حقه بحيث لا يدرؤه عنه إلا أن يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه كقوة قاهرة أو حادث مفاجئ أو خطأ الغير أو خطأ المضرور.
2 - يشترط في خطأ المضرور إذا كان هو الدعامة التي يستند إليها الحارس للقول بانقطاع رابطة السببية بين فعل الشيء والضرر الذي وقع أن يصدر عن المضرور أي فعل من شأنه أن يحدث الضرر به وأن يكون هو السبب المباشر له وهو ما يعني انقطاع رابطة السببية إذا كان تدخل الشيء في حدوث الضرر سلبياً محضاً حتى ولو كان خطأ المضرور ممكن التوقيع أو ممكن تجنب أثاره.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 18497 لسنة 1990 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعن بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ خمسون ألفاً من الجنيهات على سبيل التعويض وقالوا بياناً لذلك إنه بتاريخ 29/ 11/ 1982 تعطل الحفار الذي يعمل عليه مورثهم بمشروع 6 أكتوبر دائرة قسم الأهرام وعثر على جسم طلب بمكان عمله فالتقطه لاستخدامه في إصلاحه وما أن طرق به على الجزء العاطب فانفجر وأحدث إصاباته التي أودت بحياته وقد تبين أن هذا الجسم ما هو إلا قذيفة مدفع خلفتها إحدى وحدات الدفاع الجوي التابعة للطاعن والتي كانت تشغل نقطة الحادث وإذ نالتهم من جراء ذلك أضرار مادية وأدبية يستحقون تعويض عنها فضلاً عن التعويض الموروث تقوم مسئوليته عنها فقد أقاموا الدعوى حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضدهم مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار الأدبية والتعويض الموروث تقسم بينهم على النحو الوارد بأسباب الحكم استأنف المطعون ضدهم والطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئنافين رقمي 592، 1521 لسنة 109 ق ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط وبتاريخ 8/ 11/ 1992 قضت في موضوع الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من زيادة التعويض الأدبي للمطعون ضدهم إلى مبلغ سبعة آلاف وخمسمائة جنيه وبرفض الاستئناف الثاني. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الأول - على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق وبياناً لذلك يقول أن مسئولية حارس الشيء تتطلب لقيامها توافر علاقة سببية بين فعل الشيء ذاته والضرر المترتب على تدخله بما لازمه أن يكون الشيء قد تدخل تدخلاً إيجابياً في إحداث الضرر فضلاً عن استمرار حيازته له حيازة فعلية بحيث إذا انتفى هذان الأمران على نحو يقطع رابطة السببية بينه وبين الضرر الواقع عليه انتفت مسئولية حارس الشيء وكان الثابت من تحقيقات المحضر رقم 529 لسنة 1982 عوارض الأهرام أن مورث المطعون ضدهم كان يحتفظ بالجسم الصلب الذي انفجر وأودى بحياته بحقيبة الأدوات التي قد يقتضيها عمله على الحفار وإنه استخدمه كمطرقة الأمر الذي مفاده حيازته له وسيطرته عليه وخروجه بالتالي من حيازة الطاعن - فضلاًً عن أن الجسم المذكور لم يتدخل تدخلاً إيجابياً في إحداث الضرر الذي أصابه وإنما كان مرد ذلك لتدخله المخالف للمجرى العادي للأمور بما ينتفي معه مسئوليته في التعويض فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن مناط المسئولية الشيئية قبل حارس الشيء سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً له السيطرة الفعلية عليه لحساب نفسه قصداً واستقلالاً وفقاً لنص المادة 178 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو ثبوت فعل الشيء وإحداث الضرر فإذا ثبت ذلك أضحى الخطأ مفترضاً في حقه بحيث لا يدرؤه عنه إلا أن يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه كقوة قاهرة أو حادث مفاجئ أو خطأ الغير أو خطأ المضرور ويشترط في خطأ المضرور إذا كان هو الدعامة التي يستند إليها الحارس للقول بانقطاع رابطة السببية بين فعل الشيء والضرر الذي وقع أن يصدر عن المضرور أي فعل من شأنه أن يحدث الضرر به وأن يكون هو السبب المباشر به وهو ما يعني انقطاع رابطة السببية إذا كان تدخل الشيء في حدوث الضرر سلبياً محضاً حتى ولو كان خطأ المضرور ممكن التوقيع أو ممكن تجنب أثاره. لما كان ذلك وكان الثابت من تحقيقات المحضر رقم 529 لسنة 1982 عوارض الأهرام أن مورث المطعون ضدهم قد عثر على قذيفة المدفع سبب الحادث واحتفظ بها واستخدمها بالطرق بها لإصلاح الآلة التي يعمل عليها ومن ثم تكون قد انتقلت إليه السيطرة الفعلية عليها دون أن تتسبب بذاتها وبالحالة التي تم بها عثوره عليها في إيقاع الضرر به وكان هذا السلوك من مورث المطعون ضدهم هو سبب الحادث بما تنتفي معه مسئولية الطاعن بصفته حارساً الأشياء وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.