أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 633

جلسة 20 يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة، أحمد مكي، محمد وليد الجارحي وأحمد الحديدي.

(268)
الطعن رقم 2246 لسنة 57 القضائية

قضاء "عدم صلاحية القاضي". حكم. بطلان. بيع.
منع القاضي من سماع الدعوى وعدم صلاحيته للفصل فيها متى سبق له نظرها قاضياً. مناطه. المادتان 146/ 5، 147/ 1 مرافعات اشتراكه في إصدار حكم سابق قضى بعدم ثبوت ملكية الطاعنة لعقار النزاع. أثره. بطلان الحكم الذي اشترك في إصداره في دعوى تالية يقوم دفاع الطاعنة فيها على ملكيتها لذات العقار متى كان الحكم السابق تحت نظر المحكمة ولم يتم الفصل في الاستئناف المرفوع عنه. عله ذلك.
لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - تطبيقاً لأحكام المادتين 146/ 5، 147/ 1 من قانون المرافعات - أن مناط منع القاضي من سماع الدعوى وعدم صلاحيته للفصل فيها متى سبق له نظرها قاضياً وبطلان حكمه في هذه الحالة - أن يكون قد قام في النزاع بعمل يجعل له - رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، مخافة أن يتشبث برأيه الذي يشف عن عمله المتقدم حتى ولو خالف مجرى العدالة، وأخذاً بأن إظهار الرأي قد يدعو إلى التزامه - ولو في نتيجته مما يتنافى مع ما ينبغي أن يتوافر له من حرية العدول عنه، وذلك ضنا بأحكام القضاء من أن تعلق بها استرابة من جهة شخص القاضي لدواع يذعن لها عادة أغلب الخلق، فإذا استوجب الفصل في الدعوى الإدلاء بالرأي في مسائل أو حجج أو أسانيد عرض لها القاضي لدى فصله في خصومة سابقة وأبدى رأياً فيها فإنه يكون غير صالح لنظر الدعوى وممنوعاً من سماعها وإلا كان حكمه باطلاً، وكان البين من الحكم الصادر في الدعويين 3663، 3757 لسنة 1977 مدني الإسكندرية الابتدائي الذي كان تحت نظر محكمة الموضوع واستأنفته الطاعنة ولم يفصل في استئنافها حتى صدور الحكم المطعون فيه - أن السيد رئيس الدائرة التي قضت فيها بعدم ثبوت ملكية الطاعنة لعقار النزاع هو نفسه عضو يمين الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وكانت ملكية الطاعنة لهذا العقار هي التي يقوم عليها دفاعها في الدعاوى الثلاث فإنه يكون ممنوعاً من سماع الدعوى الأخيرة ويستتبع اشتراكه في إصدار لحكم فيها بطلان هذا الحكم عملاً بنص المادة 147 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى 6234 لسنة 1980 مدني الإسكندرية الابتدائية على الطاعنة والمطعون ضده الثاني وطلبت فيها الحكم بإلزامها بأن يدفعا إليها متضامنين عشرين ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بعقارها المبين بالصحيفة إبان غصبهما حيازته في المدة من 30/ 7/ 1977 حتى استردته منهما بتاريخ 24/ 6/ 1978، ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 27/ 1/ 1985 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدها الأولى تعويضاً مقداره 9220 جنيهاً استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف 469 لسنة 41 ق الإسكندرية. بتاريخ 8/ 4/ 1987 قضت المحكمة بسقوط الحق في الاستئناف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه البطلان، ذلك أن عضو يمين الدائرة التي أصدرت ذلك الحكم كان رئيس الهيئة التي قضت بتاريخ 27/ 2/ 1979 برفض الدعويين اللتين رفعتهما على المطعون ضدها الأولى وآخرين برقمي 3663، 3757 لسنة 1977 مدني الإسكندرية الابتدائية وطلبت فيهما الحكم بثبوت ملكيتها للعقار موضوع النزاع - وهو ما يجعله غير صالح للاشتراك في إصدار الحكم المطعون فيه لأن مسألة الملكية هي بذاتها مدار النزاع فيه ولم يفصل بعد في الاستئناف 299 لسنة 35 ق الإسكندرية المرفوع عن الحكم المشار إليه.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة تطبيقاً لأحكام المادتين 146/ 5، 147/ 1 من قانون المرافعات - أن مناط منع القاضي من سماع الدعوى وعدم صلاحيته للفصل فيها متى سبق له نظرها قاضياً - وبطلان حكمه في هذه الحالة - أن يكون قد أقام في النزاع بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً مخافة أن يتشبث برأيه الذي يشف عن عمله المتقدم حتى ولو خالف مجرى العدالة وأخذاً بأن إظهار الرأي قد يدعو إلى التزامه - ولو في نتيجته - مما يتنافى مع ما ينبغي أن يتوافر له من حرية العدول عنه، وذلك ضمناً بأحكام القضاء من أن تعلق به استرابة من جهة شخص القاضي لدواع يذعن لها عادة أغلب الخلق، فإذا استوجب الفصل في الدعوى الإدلاء بالرأي في مسائل أو حجج أو أسانيد عرض لها القاضي لدى فصله في خصومة سابقة وأبدى رأياً فيها فإنه يكون غير صالح لنظر الدعوى وممنوعاً من سماعها وإلا كان حكمه باطلاً، لما كان ذلك وكان البين من الحكم الصادر في الدعويين 3663، 3757 لسنة 1977 مدني الإسكندرية الابتدائية - الذي كان تحت نظر محكمة الموضوع واستأنفته الطاعنة ولم يفصل في استئنافها حتى صدور الحكم المطعون فيه - أن السيد رئيس الدائرة التي قضت فيهما بعدم ثبوت ملكية الطاعنة لعقار النزاع هو نفسه عضو يمين الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وكانت ملكيته الطاعنة لهذا العقار هي التي يقوم عليها دفاعها في الدعاوى الثلاث، فإنه يكون ممنوعاً من سماع الدعوى الأخيرة ويستتبع اشتراكه في إصدار الحكم فيها بطلان هذا الحكم عملاً بنص المادة 147 من قانون المرافعات وهو ما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.