أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 34 - صـ 1026

جلسة 20 من أبريل سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد صبري أسعد، محمود إبراهيم خليل، أحمد شلبي ومحمد عبد الحميد سند.

(205)
الطعن رقم 1956 لسنة 49 القضائية

1 - حكم "حجية الحكم". إيجار. ريع. قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم. ماهيتها. القضاء بالأجرة المستحقة عن فترة. لا حجية له بالنسبة للمطالبة بالريع للغصب عن فترة تالية.
2 - عقد محكمة الموضوع.
استخلاص التنازل عن التمسك بالعقد أو نفيه. اختصاص محكمة الموضوع به ما دام استخلاصها سائغاً.
1 - حجية الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تكون إلا فيما فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، وما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الصادر في الدعوى رقم.... أن المحكمة ندبت خبيراً فيها خلص في تقريره إلى أن المطعون عليه يضع يده على العين محل النزاع منذ 1/ 8/ 1967 نفاذاً لعقود إيجار صادرة له من إخوته وقدر الخبير الريع المستحق مستنداً في ذلك إلى عقود الإيجار، وأخذت المحكمة بتقرير الخبير وقضت للطاعن بالريع المطالب به ولم يفصل الحكم في واقعة غصب المطعون عليه للعين موضوع النزاع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون التزم صحيح القانون.
2 - استخلاص التنازل عن التمسك بالعقد أو نفيه من مسائل الواقع التي تختص بها محكمة الموضوع وحسبها أن يكون استخلاصها سائغاً وأن تقيم قضاءها على ما يكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 80 سنة 1974 مدني طنطا الابتدائية ضد المطعون عليه بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 15600 جنيهاً، وقال بياناً للدعوى أنه يمتلك مصنعاً للنسيج اشتراه بموجب عقد مؤرخ 19/ 1/ 1967 قضي بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 204 سنة 1967 مدني طنطا الابتدائية وأصبح الحكم نهائياً، وقد اغتصب المطعون عليه هذا المصنع ووضع يده عليه بما فيه من آلات وظل يستغله منذ 1/ 8/ 1967 إلى أن قام الحارس القضائي باستلامه بتاريخ 11/ 8/ 1973 بموجب حكم صدر في الدعوى رقم 86 سنة 1971 مدني مستأنف طنطا، وإذ يقدر الريع المستحق عن استغلال مبنى المصنع بمبلغ 50 جنيهاً شهرياً وعن آلاته بمبلغ 2000 جنيهاً سنوياً فقد أقام الطاعن الدعوى بطلبه سالف البيان. وبتاريخ 12/ 2/ 1975 حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم 1265 سنة 1970 مدني المحلة الكبرى بالنسبة للمدة من 1/ 8/ 1967 حتى 31/ 1/ 1968 وبندب خبير لمعاينة آلات المصنع وبيان ملكها وما يستحقه الطاعن من ريع عن الفترة المطالب بالريع عنها. وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي تضمن تنازل الطاعن عن طلب الريع المستحق عن آلات المصنع حكمت المحكمة بتاريخ 31/ 1/ 1978 بإلزام المطعون عليه بأن يؤدي للطاعن مبلغ 927 مليماً 3171 جنيهاً. استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 188 سنة 28 ق مدني. وبتاريخ 28/ 4/ 1979 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه سبق أن أقام الدعوى رقم 1265 سنة 1970 مدني المحلة الكبرى ضد المطعون عليه بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له قيمة الريع المستحق عن استغلال مبنى المصنع خلال المدة من 1/ 8/ 1967 حتى 31/ 1/ 1968 وقضى بالريع المطلوب استناداً إلى التزام المطعون عليه بضمان التعرض وهو سبب مرتبط بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً فيحوز الحجية في أي نزاع تال يتعلق بالريع المستحق عن المصنع وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه بهذه الحجية على سند من القول بأنها مقصورة على المدة المطالب بالريع عنها في الدعوى آنفة الذكر فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن حجية الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تكون إلا فيما فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، وما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الصادر في الدعوى رقم 1265 سنة 1970 مدني المحلة الكبرى أن المحكمة ندبت خبيراً في تلك الدعوى خلص في تقريره إلى أن المطعون عليه يضع يده على العين محل النزاع منذ 1/ 8/ 1967 نفاذاً لعقود إيجار صادرة له من إخوته وقدر الخبير الريع المستحق مستنداً في ذلك إلى عقود الإيجار، وأخذت المحكمة بتقرير الخبير وقضت للطاعن بالريع المطالب به ولم يفصل الحكم في واقعة غصب المطعون عليه للعين موضوع النزاع، لما كان ذلك وكان لا محل للتحدي بما استطرد إليه ذلك الحكم في شأن ضمان التعرض إذ أنه وقد بني قضاءه على ما يكفي لحمله فإن ما استطرد إليه في هذه الحالة لا يحوز حجية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون التزم صحيح القانون ويكون هذا النعي في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن المطعون عليه دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على سند من القول بأن الطاعن لم يسجل عقد شرائه للعين المطالب بريعها ولم يتسلمها فلا حق له في ثمارها مما مفاده أن المطعون عليه قد تخلى عن التمسك بعقد الإيجار ومن ثم فقد تلاقت إرادة الخصوم على التخلي عن هذا العقد إذ لم يؤسس الطاعن دعواه عليه، هذا إلى أن الطاعن دفع بصورية عقد الإيجار سالف الذكر وعدم نفاذه في حقه لأنه حرر بعد شرائه العين موضوع النزاع ولصدوره من البائعين بطريق التواطؤ مع المطعون عليه غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع وأقام قضاءه على أن المطعون عليه يضع يده على العين محل النزاع بموجب عقد الإيجار آنف الذكر فيكون الحكم المطعون فيه فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن استخلاص التنازل عن التمسك بالعقد أو نفيه من مسائل الواقع التي تختص بها محكمة الموضوع وحسبها أن يكون استخلاصها سائغاً وأن تقيم قضاءها على ما يكفي لحمله، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أطرح دفاع الطاعن سالف البيان وأقام قضاءه على ما خلصت إليه محكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها وما اطمأنت إليه من تقرير الخبير المنتدب من أن المطعون عليه يضع يده على العين محل النزاع بصفته مستأجراً لها بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 8/ 1967 وتمت حوالة الحق الناشئ عنه إلى الطاعن المشتري للعين المذكورة، وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على ما يكفي لحمله، والنعي لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض ومن ثم يكون هذا النعي برمته على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.